الأحد، 8 أكتوبر 2017

انقلابات وأنصاف ثورات وضاحي خلفان

انقلابات وأنصاف ثورات وضاحي خلفان

"رجل الانقلابات في الشرق الأوسط"، هكذا وصفت صحيفة "الزمان" التركية ضاحي خلفان "رئيس شرطة دبي السابق"، متهمةً إياه بالمشاركة في الانقلاب الفاشل بتركيا والانقلابين العسكريَّين في مصر وليبيا.

خلفان، ليس مجرد شخص مثير للجدل في نظر أغلب المحللين والسياسيين العرب، فهو شغلَ منصباً ليس بالصغير في دولة الإمارات، وفي كثير من الأوقات يُنظر إلى تصريحاته بكونها تعبر عن وجهة نظر السلطة الحاكمة في الإمارات، والتي هي بالتأكيد على علم تام بتصريحاته المثيرة للجدل التي يطلقها هنا وهناك، ورغم ذلك لا تحرك أي ساكن تجاهه، فكثيرون يرون أن خلفان هو الوجه الحقيقي للسلطة في الإمارات ولكن بشكل متخفٍّ.

فلم يصل الأمر فقط إلى اتهام خلفان بالتدخل في سياسات بعض الدول العربية؛ بل وصل الأمر إلى اتهامه من كثيرين بالمشاركة في العديد من التدابير داخل بعض الدول، كالانقلاب الفاشل في تركيا والانقلاب العسكري في مصر والذي يعتقد كثيرون أن خلفان كان له يد فيه، سواء كان بدعم مادي أو بدعم سياسي، من خلال علاقته الوطيدة بالسلطة في الإمارات بكونه كان رئيس شرطة دبي آنذاك، بالإضافة إلى كثير من المناوءات وتصريحات الكراهية ضد أحزاب تيار الإسلام السياسي في مصر وتونس والمغرب، كل هذا بغطاء دبلوماسي إماراتي!

2017-06-15-1497506893-2681692-120149211958.jpg


خلفان والربيع العربي

بداية الجدل حول ضاحي خلفان كانت مع ثورات الربيع العربي في مصر وتونس؛ حيث غرد في صفحته الشخصية علي تويتر وقال: "إن ثورات الربيع العربي أنجبت مجرمين"، وغرَّد أيضاً بعد فوز مرسي والمرزوقي في انتخابات الرئاسة المصرية والتونسية، حيث قال: "ربيع أتى بالمرزوقي ومرسي، الله لا يبارك فيه من ربيع".

ولم يكتفِ بهذا؛ بل خرج في أثناء حكم الرئيس السابق لمصر محمد مرسي وهاجمه في بدايات حكمه ووصفه بالمسكين الذي يُحرك من المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر، ولم يكتفِ بذلك؛ بل سخِر من الرئيس السابق لتونس المنصف المرزوقي، بقوله: "المرزوقي للتصوير فقط وليس للحكم والإدارة، فعندما أراه أريد أن أعطف عليه"، مع العلم أنه حينها كان رئيساً لشرطة دبي!

كل هذا أثار غموضاً أمام أغلب المحللين السياسيين في الوطن العربي حول موقف الإمارات بقيادة خلفان فيما حدث في مصر والانقلاب العسكري على مرسي؛ فمنهم من رأى أن الإمارات كان لها دور كبير في دعم المعارضة المدنية بمصر وحركة تمرد التي خرج مؤسسها، محمود بدر، عقب الانقلاب على مرسي في الثالث من يوليو/تموز عام 2013 وقدم الشكر لدولة الإمارات، وقال صراحة في أحد اللقاءات التلفزيونية إن الحركة تلقت دعماً كبيراً من الإمارات!

خلفان وتيار الإسلام السياسي

أعتقد أن ضاحي خلفان لا يكره شيئاً في هذا العالم أكثر من تيار الإسلام السياسي، فعلى سبيل المثال تصريحه في لقاء تلفزيوني عام 2013 وقوله: "الإسلاميون يريدون تخريب العرب لصالح إسرائيل"، بالإضافة إلى تصريحه عام 2012 وهجومه على الإسلاميين بقوله: "إنهم يشكلون خطراً على أمن دول الخليج العربي؛ لأنهم يخططون لقلب أنظمة الحكم"، كما وصف كل من يتعامل معهم بـ"العميل".

2017-04-28-1493378564-1897035-625x340.jpg


حركة النهضة في تونس

عندما حصد ائتلاف الترويكا "بزعامة حركة النهضة" الأغلبية في الانتخابات البرلمانية بعد الثورة التونسية؛ ومن ثم حقها في تشكيل الحكومة، خرج ضاحي خلفان بتصريح مفاجئ؛ إذ قال: "سنة ونصف وستنهار (النهضة)" وبالفعل هذا ما حدث! وتصريحه الآخر: "مصير إخوان تونس كمصير إخوان مصر، فالشعوب العربية سئمت الإسلام السياسي".


في حوار سابق لمنصف المرزوقي مع "فرانس24"، بعد نهاية فترته الانتقالية كرئيس لتونس، وفيه وصف الإمارات بـ"عدو الثورات الأول وممولة الانقلابات في المنطقة العربية"، وأضاف بقوله: "قطر وقفت إلى جانب الثورة التونسية، وكل الأموال التي دفعتها قطر ذهبت إلى الدولة التونسية وليس إلى جيوب التونسيين، بينما الإمارات العربية كل أموالها تذهب إلى جيوب هذا وذاك"، بحسب تعبيره!


وفي نهاية الحوار، صرح بأنه كانت تصل له معلومات استخباراتية في أثناء حكمه بتدخل الإمارات في الشأن الداخلي التونسي بتمويلات ضخمة لأشخاص بعينهم، وأضاف أنه يتوقع أن الإمارات كانت سبباً من أسباب الانقلاب العسكري في مصر.

2017-04-28-1493378530-9532858-1000x563_306131.jpg

جماعة الإخوان المسلمين في مصر

بعد وصول جماعة الإخوان المسلمين، بقيادة محمد مرسي، إلى الحكم في مصر بطريقة ديمقراطية عن طريق صناديق الانتخاب، على الفور خرج خلفان ليهاجم جماعة الإخوان وأطلق عدة تغريدات عبر تويتر، مثل:

  • "الإخوان أسقطوا مبارك وأنا سأُسقطهم".


  • "ما حلّت جماعة الإخوان في بلد إلا وآذته، إن الإخوان المسلمين -وليسوا مسلمين- هم صعاليك العرب في القرن الحادي والعشرين".

  • "كأن الحمار الذي يحمل أسفار الصهيونية لتفتيت مصر هو تنظيم الإخوان".


  • وفي عام 2016، غرد وقال: "عام 2017 تسقط آخر قلاع الإخوان".


أليس هذا غريباً بعض الشيء؟ فمعظم تنبؤات خلفان تنقلب إلى واقع نعيشه من سقوط حركة النهضة سريعاً كما تنبأ بسقوطهم بعد عام ونصف العام، إلى الانقلاب على الإخوان المسلمين في مصر، إلى تنبُّؤه بسقوط آخر قلاع الإخوان عام 2017 "ربما يقصد حزب العدالة والتنمية بالمغرب".

ولكن السؤال هنا: أهي صدفة؟ أم سذاجة مفرطة من تيار الإسلام السياسي في الحكم؟ أم تدابير كما يرى معظم المحللين في الوطن العربي أن خلفان هو المهندس الخفي للإمارات في إفشال ثورات الربيع العربي؟!

2017-04-28-1493378147-9181560-benkirane.jpg

حزب العدالة والتنمية في المغرب

غرَّد خلفان عام 2015 على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي تويتر، وقال: "خلال عام أو يزيد، سيسقط إخوان المغرب سقوطاً مدوياً"، وبعد فوز "العدالة والتنمية" بالأغلبية البرلمانية عام 2016، خرج خلفان بعد أيام معدودة من إعلان نتيجة الانتخابات وقال: "لا عدالة ولا تنمية لديه".

هل كل هذا الحقد والكراهية لمجرد كون "العدالة والتنمية" حزباً يُحسب على تيار الإسلام السياسي الذي يعد كابوساً دائماً لخلفان في أحلامه وللسلطة في الإمارات؟!

لا يستطيع شخص عاقل أبداً أن يرى كل هذا مجرد اختلافات سياسية أو رؤى من ضاحي خلفان مع أحزاب وجماعات تمثل تيار الإسلام السياسي في العالم العربي، ولكن كل ما نستطيع أن نراه هو كمّ الحقد والكراهية تجاه تيار بعينه، جاء في زمن معين بإرادة الأغلبية، وبطرق ديمقراطية بعد ثورات أسقطت ديكتاتوريات، ولكن قابلها كل هذه الكراهية بدعم ورعاية دولة عربية، بذلت كل ما في وسعها من أجل المساعدة -ولو بجزء صغير- في إسقاط وإفشال ثورات الربيع العربي بمصر وتونس.







ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/mohammed-aldemeiri/story_b_15541380.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات