نساء مصر ينتفضن ضد التحرش الرمضاني في هاشتاغ "رمضانكم مش كريم"
أثار هاشتاغ " #رمضانكم_مش_كريم" زوبعة من الآراء المتناقضة جداً على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر؛ حيث دوّن عليه عدد من النساء والفتيات المصريات ما يلاقينه في نهار رمضان من تحرش لفظي وجنسي مختلف بعض الشيء عن التحرشات التي يلاقونها طوال العام!
نعم، تعاني نساء مصر كل عام من التحرش في رمضان، لكن الجميع يصم آذانه ويغمض عيونه عن الحقيقة؛ لذلك كان هذا الهاشتاغ صادماً للكثيرين في حكاياته، بقدر ما كان موجعاً لآخرين.
يختلف التحرش الرمضاني عن التحرش باقي العام حيث يضفي عليه المتحرشون في رمضان مسحة دينية، والدين منهم براء في هذا بالطبع، لكنهم يحشرونه في أفعالهم التي تتناقض تماماً وفحوى الصيام وطبيعته، مبررين تحرشهم بالصيام نفسه؛ حيث يعلقون على أجساد الفتيات في تأفف وقرف واشمئزاز من ملابسهن، معللين ذلك بصيامهم؛ حيث تحدثت أغلب الفتيات عن متحرشين من نوعية "إيه اللي انت لابساه ده.. اللهم إني صائم" أو "احترمي نفسك والبسي عدل ما تفطريناش"، أو "اقعدوا في بيوتكم أنا تعبان هتفطروني" وغيرها من الشتائم البذيئة المتعلقة بالجسد وبالملابس، ومع أن الفتيات يقسمن أن ملابسهن طبيعية جداً، فإنهن من وجهة نظر المتحرشين في رمضان سبب في إبطال صيامهم، الذي من الأولى أن يحافظوا عليه هم بكبح الشهوات وغض البصر ومحاربة النفس!
وقد اتهم الكثيرون النساء والفتيات اللاتي دوّنّ على الهاشتاغ بانعدام الحياء والانحلال، ذلك لأنهن ربطن بين الشهر الكريم وبين المتحرشين في الهاشتاغ، مع أن العديد منهن صرحت بأنه لا علاقة لرمضان نفسه بالأمر، وإنما رغبن أن يقُلن إن رمضان المتحرشين ليس بكريم على الإطلاق؛ لأنه لا كرم لمن يستبيح مساحات الناس الشخصية ويتدخل فيها بالتحرش الجنسي واللفظي، ولأن رمضان في الأساس قائم على التعبد والتقوى واحترام الغير، والكف عن أي أذى بالقول أو بالفعل، فكيف إذاً يكون رمضان للمتحرشين كريماً؟!
وبالطبع، وكعادة وقائع التحرش في بلادنا، تم لوم الضحية بشدة، بسبب وجود الكثيرات من غير المحجبات ممن دوّن على الهاشتاغ، باعتبار أن شعرهن مصدراً لإثارة الشهوات وتحريك المشاعر، وبالتالي يتوجب عليهن احترام أنفسهن واحترام الصائمين، وكأننا أمام أطفال لا يستطيعون التحكم في أنفسهم بسبب بعض السنتيمترات من الشعر المعقوص في شكل كحكة أو ذيل حصان، هذا بالطبع إذا ما فرضنا أن غير المحجبات فقط هن من يتم التحرش بهن، مع أنني كمحجبة ألاقي أشد الويلات في رمضان، والتي لا تقف عند حد التحرش من بعض المارة الصائمين الذين أفتنهم بشدة رغم ارتدائي لملابس واسعة وطويلة، وإنما تصل إلى حد اعتذار سائق ميكروباص عن ركوبي بجانبه؛ لأنه "ما بيركبش حريم جنبه في رمضان"، وكأنني رجس مثلاً أو نجس! مع أن هذا الكرسي كان الوحيد المتبقي، وتركني واقفة في الشمس الحارقة بانتظار ميكروباص آخر لمدة لا تقل عن ١٥ دقيقة، أبتعسيره عليّ هكذا قد ربح آخرته وفرح بصومه مثلاً؟ أم أن حجابي وملابسي الواسعة مثيرة للشهوات أيضاً؟ وإن كان جلوس النساء بالأمام بجانب السائق شيئاً يغضب الله ويبطل الصوم، لماذا يحرص السائقون في غير أيام رمضان أن يركب بجانبهم فتيات حسناوات تحديداً، بل ويحجزون المقاعد لهن؟! أم أن رب رمضان لا يرى ما يفعلونه في باقي العام؟!
لقد أصبح رمضان في مصر شهراً للنفاق الديني، يعتري فيه بعض الناس حمى أو سُعار جنسي غريب، يجعلهم ينظرون إلى النساء نظرة أكثر شهوة غير باقي العام، مع أن الأحوال لا تتغير، إلا أن النفوس تزداد ميلاً للمعصية، وإلى إلصاق معاصيها في الآخرين، وتعليق شماعتها على أجساد النساء، فما بال الصائمين من المسلمين في أوروبا إذاً، هل يمشون في الشوارع بغمامات سوداء؟ هل يتعدون على نساء أوروبا المكشوفات جداً لأنهم لا يستطيعون كبح شهواتهم في نهار رمضان، أو حتى في ليله، فكثير من الفتيات قد صرّحن بتعرضهن للتحرش أثناء ذهابهن لصلاة التراويح! أي منطق هذا؟! بل إن الأمر يتعدى التحرش إلى حد فرض العبادات على الناس، سواء أكانوا من المسلمين الذين لديهم عذر شرعي أو من غير المسلمين، فكم من حادثة تقع في الشارع لأن مسيحياً يأكل أو يشرب أو يدخن، ما بين رجل كبير في السن يدخن فينهره شاب ويدفعه ليسقط على الأرض، حتى يعلم نهايةً بأنه في طريقه لأخذ جرعة الكيماوي، أو رجل مسيحي وزوجته يرغبان في شراء زجاجة مياه لأنهما عطشانان، فينهرهما صاحب المحل قائلاً إنه يجب مراعاة مشاعر الصائمين، أي مشاعر هذه؟ ولماذا يدور الكون كله حولك؟ لماذا يجب أن يراعيك الجميع، مَن على سفر ومَن هي حامل ومَن هي حائض ومَن هو مريض ومَن هو مسيحي، أين إيمانك وجهاد نفسك أمام بعض الطعام والشراب؟ لماذا يُضطر كل هؤلاء إلى الإفطار سراً فقط لأن مشاعرك حساسة إلى هذا الحد؟!
إن الصوم تقوى، تهذيب للنفس من دنس الشهوات، تعويد لها على القدرة على الاستغناء عن أي شيء في سبيل طاعة الله، رقي بها وبالإنسان، وقد كنت أظن أن هذا سهل في ظل مساعدة الله تعالى لنا بتصفييده الشياطين، لكن بعد ما أراه وأعايشه في كل رمضان في وطني، أظن أن جهاد النفس أشد وطأة من جهاد الشيطان، وأن الإنسان ضعيف إلى الحد الذي إن رأى معه امرأة مهما كان شكل ملابسها فسد صومه، أو إن وجد أحدهم يأكل أو يشرب قامت القيامة ولم تقعد! ثم يلومون من تجرّأن على كتابك جملة "رمضانكم مش كريم" باعتبارها تجرؤاً على الإسلام وإهانة للدين وللشهر الفضيل!
إن الإهانة الحقيقية تأتي مما يفعله هؤلاء، وتأتي في تبريرهم لأفعالهم بالصيام، وفي إلصاق الآخرين لتهمهم في ملابس النساء، إن إهانة رمضان الحقيقية هي في التعذّر به لارتكاب الفواحش، باعتبار أن من يفعل هذا لا يستطيع أن يتحمل ولو شهراً واحداً ليصرف نفسه عن انتهاك حرمات الآخرين، وبالطبع ليس ثمة ملاحقة أمنية لهؤلاء، نظراً لأن الدولة في حد ذاتها تمارس الأبوية على الناس، وتقبض على المفطرين جهاراً، مع أن هذه علاقة بين العبد وربه لا يجوز التدخل فيها، ومع أن أغلب المفطرين يكون لهم عذر شرعي أصلاً، أو يعلق بعض أفراد الأمن على ملابس الفتيات وأشكالهن باعتبارهن سبباً في إبطال صيامهم، هذه هي الإهانة الحقيقية فعلاً لرمضان، لا في هاشتاغ يعبر عن الواقع ويصدمكم بما يحدث فيه، وما لا ترغبون في معرفته خوفاً من شعوركم بالعجز عن فعل أي شيء، والذي لن يحله نكرانكم له!
نعم، تعاني نساء مصر كل عام من التحرش في رمضان، لكن الجميع يصم آذانه ويغمض عيونه عن الحقيقة؛ لذلك كان هذا الهاشتاغ صادماً للكثيرين في حكاياته، بقدر ما كان موجعاً لآخرين.
يختلف التحرش الرمضاني عن التحرش باقي العام حيث يضفي عليه المتحرشون في رمضان مسحة دينية، والدين منهم براء في هذا بالطبع، لكنهم يحشرونه في أفعالهم التي تتناقض تماماً وفحوى الصيام وطبيعته، مبررين تحرشهم بالصيام نفسه؛ حيث يعلقون على أجساد الفتيات في تأفف وقرف واشمئزاز من ملابسهن، معللين ذلك بصيامهم؛ حيث تحدثت أغلب الفتيات عن متحرشين من نوعية "إيه اللي انت لابساه ده.. اللهم إني صائم" أو "احترمي نفسك والبسي عدل ما تفطريناش"، أو "اقعدوا في بيوتكم أنا تعبان هتفطروني" وغيرها من الشتائم البذيئة المتعلقة بالجسد وبالملابس، ومع أن الفتيات يقسمن أن ملابسهن طبيعية جداً، فإنهن من وجهة نظر المتحرشين في رمضان سبب في إبطال صيامهم، الذي من الأولى أن يحافظوا عليه هم بكبح الشهوات وغض البصر ومحاربة النفس!
وقد اتهم الكثيرون النساء والفتيات اللاتي دوّنّ على الهاشتاغ بانعدام الحياء والانحلال، ذلك لأنهن ربطن بين الشهر الكريم وبين المتحرشين في الهاشتاغ، مع أن العديد منهن صرحت بأنه لا علاقة لرمضان نفسه بالأمر، وإنما رغبن أن يقُلن إن رمضان المتحرشين ليس بكريم على الإطلاق؛ لأنه لا كرم لمن يستبيح مساحات الناس الشخصية ويتدخل فيها بالتحرش الجنسي واللفظي، ولأن رمضان في الأساس قائم على التعبد والتقوى واحترام الغير، والكف عن أي أذى بالقول أو بالفعل، فكيف إذاً يكون رمضان للمتحرشين كريماً؟!
وبالطبع، وكعادة وقائع التحرش في بلادنا، تم لوم الضحية بشدة، بسبب وجود الكثيرات من غير المحجبات ممن دوّن على الهاشتاغ، باعتبار أن شعرهن مصدراً لإثارة الشهوات وتحريك المشاعر، وبالتالي يتوجب عليهن احترام أنفسهن واحترام الصائمين، وكأننا أمام أطفال لا يستطيعون التحكم في أنفسهم بسبب بعض السنتيمترات من الشعر المعقوص في شكل كحكة أو ذيل حصان، هذا بالطبع إذا ما فرضنا أن غير المحجبات فقط هن من يتم التحرش بهن، مع أنني كمحجبة ألاقي أشد الويلات في رمضان، والتي لا تقف عند حد التحرش من بعض المارة الصائمين الذين أفتنهم بشدة رغم ارتدائي لملابس واسعة وطويلة، وإنما تصل إلى حد اعتذار سائق ميكروباص عن ركوبي بجانبه؛ لأنه "ما بيركبش حريم جنبه في رمضان"، وكأنني رجس مثلاً أو نجس! مع أن هذا الكرسي كان الوحيد المتبقي، وتركني واقفة في الشمس الحارقة بانتظار ميكروباص آخر لمدة لا تقل عن ١٥ دقيقة، أبتعسيره عليّ هكذا قد ربح آخرته وفرح بصومه مثلاً؟ أم أن حجابي وملابسي الواسعة مثيرة للشهوات أيضاً؟ وإن كان جلوس النساء بالأمام بجانب السائق شيئاً يغضب الله ويبطل الصوم، لماذا يحرص السائقون في غير أيام رمضان أن يركب بجانبهم فتيات حسناوات تحديداً، بل ويحجزون المقاعد لهن؟! أم أن رب رمضان لا يرى ما يفعلونه في باقي العام؟!
لقد أصبح رمضان في مصر شهراً للنفاق الديني، يعتري فيه بعض الناس حمى أو سُعار جنسي غريب، يجعلهم ينظرون إلى النساء نظرة أكثر شهوة غير باقي العام، مع أن الأحوال لا تتغير، إلا أن النفوس تزداد ميلاً للمعصية، وإلى إلصاق معاصيها في الآخرين، وتعليق شماعتها على أجساد النساء، فما بال الصائمين من المسلمين في أوروبا إذاً، هل يمشون في الشوارع بغمامات سوداء؟ هل يتعدون على نساء أوروبا المكشوفات جداً لأنهم لا يستطيعون كبح شهواتهم في نهار رمضان، أو حتى في ليله، فكثير من الفتيات قد صرّحن بتعرضهن للتحرش أثناء ذهابهن لصلاة التراويح! أي منطق هذا؟! بل إن الأمر يتعدى التحرش إلى حد فرض العبادات على الناس، سواء أكانوا من المسلمين الذين لديهم عذر شرعي أو من غير المسلمين، فكم من حادثة تقع في الشارع لأن مسيحياً يأكل أو يشرب أو يدخن، ما بين رجل كبير في السن يدخن فينهره شاب ويدفعه ليسقط على الأرض، حتى يعلم نهايةً بأنه في طريقه لأخذ جرعة الكيماوي، أو رجل مسيحي وزوجته يرغبان في شراء زجاجة مياه لأنهما عطشانان، فينهرهما صاحب المحل قائلاً إنه يجب مراعاة مشاعر الصائمين، أي مشاعر هذه؟ ولماذا يدور الكون كله حولك؟ لماذا يجب أن يراعيك الجميع، مَن على سفر ومَن هي حامل ومَن هي حائض ومَن هو مريض ومَن هو مسيحي، أين إيمانك وجهاد نفسك أمام بعض الطعام والشراب؟ لماذا يُضطر كل هؤلاء إلى الإفطار سراً فقط لأن مشاعرك حساسة إلى هذا الحد؟!
إن الصوم تقوى، تهذيب للنفس من دنس الشهوات، تعويد لها على القدرة على الاستغناء عن أي شيء في سبيل طاعة الله، رقي بها وبالإنسان، وقد كنت أظن أن هذا سهل في ظل مساعدة الله تعالى لنا بتصفييده الشياطين، لكن بعد ما أراه وأعايشه في كل رمضان في وطني، أظن أن جهاد النفس أشد وطأة من جهاد الشيطان، وأن الإنسان ضعيف إلى الحد الذي إن رأى معه امرأة مهما كان شكل ملابسها فسد صومه، أو إن وجد أحدهم يأكل أو يشرب قامت القيامة ولم تقعد! ثم يلومون من تجرّأن على كتابك جملة "رمضانكم مش كريم" باعتبارها تجرؤاً على الإسلام وإهانة للدين وللشهر الفضيل!
إن الإهانة الحقيقية تأتي مما يفعله هؤلاء، وتأتي في تبريرهم لأفعالهم بالصيام، وفي إلصاق الآخرين لتهمهم في ملابس النساء، إن إهانة رمضان الحقيقية هي في التعذّر به لارتكاب الفواحش، باعتبار أن من يفعل هذا لا يستطيع أن يتحمل ولو شهراً واحداً ليصرف نفسه عن انتهاك حرمات الآخرين، وبالطبع ليس ثمة ملاحقة أمنية لهؤلاء، نظراً لأن الدولة في حد ذاتها تمارس الأبوية على الناس، وتقبض على المفطرين جهاراً، مع أن هذه علاقة بين العبد وربه لا يجوز التدخل فيها، ومع أن أغلب المفطرين يكون لهم عذر شرعي أصلاً، أو يعلق بعض أفراد الأمن على ملابس الفتيات وأشكالهن باعتبارهن سبباً في إبطال صيامهم، هذه هي الإهانة الحقيقية فعلاً لرمضان، لا في هاشتاغ يعبر عن الواقع ويصدمكم بما يحدث فيه، وما لا ترغبون في معرفته خوفاً من شعوركم بالعجز عن فعل أي شيء، والذي لن يحله نكرانكم له!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/alaa-el-kasabany/post_15115_b_16892130.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات