السبت، 17 يونيو 2017

فتاة أحلامي

فتاة أحلامي


هي شريكتي في النجاح وفتاة أحلامي، فهي ملكة جمال العالم، أيوب الصبر، ففي النجاح، رئيسة جمهورية نفسها، أعشقها بلا حدود، تشرب فتروى عطشي، تأكل فينتهي شعوري بالجوع.

بدأت علاقتنا منذ سنوات، وإن كانت معجبة بي قبل ذلك بعدة شهور، قررت الزواج منها، فهي الفتاة المثالية، ولكني لست بذلك، فمؤهلاتي العلمية شهادة تخرّج لولا ترشيد المياه لشربتها، والمادية فحدّث ولا حرج، فجيبي ما زال مقطوعاً، أما عن أملاكي حساب ببنك G-mail ومزرعة ما زالت سعيدة.

أتحرمون روميو من جولييت؟
لكن أعداء النجاح يرفضون استكمال قصة حبنا بالزواج لسببين؛ الأول أنها أكبر منّي بأكثر من عشرين عاماً فقط، والثاني أنها أمي.

تعشق العمل طوال اليوم بلا راحة، ليس لديها أي عطلات رسمية أو غير رسمية، بل يزداد ضغط العمل عليها بالأعياد والمناسبات، راتبها ابتسامتي.

هي المُخرج والمؤلف لتجعل منّي البطل ثم الجمهور لتحفيزي وتشجيعي، وبعد انتهاء العرض تصعد لتكافئني.

لكن أعتقد أنهم كانوا على حق، فهي لم تعُد فتاة أحلامي، أصبحت أبطأ مما كان، كثيرة الطلب، اشترِ لي هذا، اصنع لي هذا، تعاني كثيراً من الأمراض حتى وإن لم تشتكِ.

أعيش الآن حالة من الانعزال مع أصدقائي وحاسوبي الشخصي، شاشتي الزرقاء المفضلة، منها أعرف أخبار الأصدقاء وصور الجميلات ونتائج المباريات.

أصبحت والحاسوب كقطعتي الحلوى في كيس واحد، إخوة نأكل معاً نشرب معاً لا يفرقنا إلا انقطاع التيار أو النوم.

سأرتاح من الهم قليللاً ورحلة نيلية إلى أسوان الجميلة، تذكرت أن أبي وأمي ما زالا على قيد الحياة، فطلبتُ منهما بعض المصاريف الشخصية لقضاء رحلة جهنمية.
وكأن الهمّ يلاحقني والنكد يلازمني تم إلغاء الرحلة لظروف الطقس غير المستقرة.

ماذا أفعل؟

بالتأكيد سأذهب لحاسوبي العزيز وموقع التواصل اللذيذ، وأكتب أنني أشعر بالإحباط الشديد، وأنتظر الإعجاب والتعليقات حتى أنام.

أمي تعود من جديد وتطلب منّي النوم بجانبها، تظن أنني ما زلت ابن الخامسة ونسيت أنني في العشرين من عمري، بالطبع تجاهلت طلبها، وأكملت سهرتي.

نادت بعد منتصف الليل، سماعات الأذن منعتني من سماعها أو كنت أريد ألا أسمعها.

مع ضجيج الأغانى وإجهاد النظر والشعور بالصداع النصفي؛ إذ ينقطع التيار الكهربائي فجاةً، وأول ما يخطر ببالي: "الله يخرب بيتك يا مرسي".

الظلام شديد كأني مصاب بالعمى، لا أسمع سوى عقرب الساعة يمارس عمله، أبحث عن هاتفي ليس بجانبي، ولا حتى شموع.. ما هذا منذ زمن لم أشعر بمثل هذا.. كأني وحيد مع عقرب وأربع حوائط.

بدأت أشعر وكأني ابن الخامسة أنادي أمي فلا أسمع منها إجابة، تحسست الأماكن لغرفتها فيعود التيار.

أجدها كالعادة تبتسم لي، لكنها تبتسم والعين مغلقة، هاتفي بجانبها إذاً كانت تناديني لذلك!
عاودت النداء فلا إجابة كأنها لا تراني ولا تسمعني.. جلست جانبها وما زالت تبتسم.

دقات قلبي تزداد ولا دقات لها، أتنفس بصعوبة ولا تتنفس، بدأت أنهار العرق مني كأن الشمس فوقي وهي ساكنة متجمدة من شدة البرودة.
أمي.. أرجوكِ.. سأذهب للسوق ماذا أشتري لكِ؟
سأدفع فواتير الكهرباء والمياه، سأشتري لإخوتي الملابس كما طلبتِ.
أمي.. لنشرب الشاي معاً، اشتقت لورق الجرائد والطعام عليه، ولن أنسى الخبز لأني سأحضره معي.

أمي.. أرجوكِ أخي يحتاجك، وأبي في انتظارك، وأنا يا أمي، لا نقدر على العيش من دونك.

رفعت إحدى ذراعيها فغصت في أحضانها، بدأت أشعر براحة البال، أصابعها تداعبني من جديد، أسمع دقات قلبها، نتنفس معاً، تضحك والعينان مفتوحتان.

سجدت لله شكراً.. قبّلتُ يدها وقدميها، تمسح دموعي وتبكي، توصيني بإخوتي خيراً، وأن أتقي الله في زوجتي.
وقالت إنها في انتظاري هناك.. أين هناك؟
استيقظت من نومي وجدتني بأحضان أمي كما طلبت.

الجميع يبكي، وكأنهم اتفقوا على زي ولون موحد "أسود"، على موعدنا يا شريكة النجاح.





ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/mohamed-hamoda-allam-hamoda/story_b_16993826.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات