الأربعاء، 14 يونيو 2017

هل نحزم حقائبنا للأبد؟.. خليجيون يدفعون ثمن حصار قطر مع اقتراب موعد رحيلهم.. تعرَّف على معاناتهم

هل نحزم حقائبنا للأبد؟.. خليجيون يدفعون ثمن حصار قطر مع اقتراب موعد رحيلهم.. تعرَّف على معاناتهم


بعد ولادة الابن الرابع لعبد الله في مايو/أيار 2017، تطلَّع الأكاديمي السعودي الذي يعيش بقطر إلى أن يزوره أقاربه من المملكة العربية السعودية ويأتون إلى قطر لكي يروا ابنه حديث الولادة.

انتقل الأكاديمي السعودي إلى الدوحة منذ ثلاث سنوات للعمل في إحدى جامعات الدولة الغنية بالغاز الطبيعي. وكان أحد الأمور التي اجتذبته للعمل هناك هو سهولة الانتقال بين السعودية وقطر، حيث تربط بين البلدين حدود برية، كما أن رحلات الطيران بين الدوحة والرياض منخفضة التكلفة وكثيرة. ونظراً لعضوية كلتا الدولتين في التكتل الإقليمي لمجلس التعاون الخليجي، فقد تمكن مواطنو كل دولة من السفر والعمل بحرية مطلقة بالدولة الأخرى دون قيود.

تقرير لصحيفة فايننشيال تايمز البريطانية رصد الكارثة التي حلت بحياة عبد الله، بعد فرض السعودية وحلفاؤها الحصار على قطر.

فبمجرد قيام أقارب عبد الله بشراء تذاكر الطيران للسفر إلى الدوحة، تحولت حياته إلى فوضى عارمة حينما قطعت السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية وكافة وسائل النقل فيما بينها وبين دولة قطر. وفي خطوة لم يسبق لها مثيل، أمرت بلدان الخليج الثلاثة أيضاً مواطنيها بمغادرة قطر خلال أسبوعين. وتم منح القطريين المقيمين بتلك البلدان نفس المهلة للعودة إلى وطنهم.



الأسر مهددة بالتشتت





ومع اقتراب الموعد النهائي المقرر في 18 يونيو/حزيران 2017، فإن ذلك القرار يهدد بتشتيت الأسر والكشف عن الجوهر الحقيقي لمجلس التعاون الخليجي -وهو التكتل الاقتصادي والتجاري الوحيد الناجح في الشرق الأوسط- حيث يجد الآلاف أنفسهم مضطرين إلى إنهاء أعمالهم التي نجحوا في تشييدها عبر الحدود.

ويقول عبد الله، الذي طلب عدم ذكر اسمه الحقيقي خشية التعرض لأي أذى من قبل الحكومة السعودية: "لديك أطفال بالمدارس. الأمر ليس بهذه السهولة. ولا يمكنك تدمير حياة أبنائك ومغادرة البلاد بهذه السرعة، وكل شيء متوقف حالياً، قام بعض أقاربي بشراء تذاكر طيران للدوحة وهم ينتظرون الآن على أمل فك الحصار".

ولم يقرر عبد الله بعد ما إذا كان سيظل في قطر أو يعود إلى أرض الوطن. ويقول: "ما زلت متحيراً". وليس وحده هو الذي يفكر في ذلك، حيث يحصي مواطنو الخليج التكلفة البشرية لهذا الحظر الإقليمي الغريب.

وحذرت منظمة العفو الدولية الجمعة من أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السعودية والبحرين والإمارات بشأن قطع علاقاتها مع قطر أدت إلى "تفريق العائلات وتدمير حياة الأشخاص وتعليمهم".

ونقل موقع قناة الحرة عن جيمس لينش، نائب مدير برنامج الشؤون الدولية في المنظمة، إن العديد من الأطفال انفصلوا عن آبائهم، وكذلك انفصل أزواج عن زوجاتهم.

وأضاف أن العديد من الأشخاص في قطر، بل وفي الدول التي اتخذت قرار المقاطعة، مهددون بفقدان وظائفهم وانقطاعهم عن دراستهم.

وأشارت العفو الدولية إلى أن قرار الدول المعنية بإعادة مواطنيها من قطر وإجبار القطريين على مغادرة أراضيها يطال آلاف الأشخاص.

وذكرت قصة مواطن قطري يعيش في الإمارات منذ 10 سنوات، رفضت السلطات في دبي السماح له بالعودة من الدوحة بعد تطبيق القرارات الجديدة في 5 حزيران/يونيو الماضي. وقال الرجل إن زوجته الإماراتية لم يعد مسموحاً لها بالسفر إلى قطر، وإن أولاده القطريين أصبحوا مطالبين بمغادرة الإمارات.

واستطلعت العفو الدولية آراء العديد من الطلاب القطريين الذين أصبحوا عاجزين عن مواصلة تعليمهم في الإمارات والبحرين.

وقالت طالبة قطرية للمنظمة، إن كل فصولها الدراسية التي كان يفترض أن تحضرها حتى نهاية العام في الإمارات ألغيت على الفور.

ودعت المنظمة الدول الخليجية التي اتخذت إجراءات ضد الدوحة إلى حماية العمالة المهاجرة التي تعمل في قطر، ولها مصالح في الدول الثلاث، والسماح لهؤلاء العمال بالعودة إلى بلادهم أو العودة إلى الأراضي القطرية.



ما مصير 17 ألف سعودي في قطر؟





وأشارت فايننشيال تايمز نقلاً عن صحيفة الحياة اللندنية، أن السفير السعودي قال، في ديسمبر/كانون الأول، إن أكثر من 17 ألف مواطن سعودي يقيمون في قطر.

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن الوظائف ذات الرواتب الكبيرة اجتذبت العديد منهم، نظراً لأن الدوحة تنفق عشرات المليارات من الدولارات في تطوير القطاعات الإعلامية والأكاديمية والثقافية، وتستعد لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022.

ويذكر مصرفيون أن مواطني البحرين قد وجدوا الوظائف المناسبة أيضاً بالقطاع المالي بقطر، بينما كانت مجموعة الجامعات العالمية القائمة في قطر تجتذب الكثيرين.

ومع ذلك، فقد تأثر السعوديون بصورة أكبر من الجنسيات الأخرى جراء ذلك القرار. ويواجه هؤلاء حالياً أزمة كبيرة. فهل يحزمون أمتعتهم ويرحلون للأبد، أم يتركون مقتنياتهم على أمل العودة يوماً ما.

ويذكر أستاذ سعودي آخر يعمل بإحدى الجامعات القطرية: "الأمر لا يتعلق بترك المنزل فقط. فأنت تترك وظيفتك أيضاً. وإذا عدت إلى الوطن ستصبح بلا عمل، فكيف تضمن لي ألا انضم إلى قائمة البطالة بالسعودية؟"



هل يتم توظيف المهجرين؟





قامت الرياض وحلفاؤها من بلدان الخليج بتخفيف حدة موقفها يوم الأحد، 11 يونيو/حزيران 2017، حيث ذكرت أنها ستخصص خطوطاً هاتفية "لوضع الظروف الإنسانية للقطريين ذوي الصلة بمواطنيها في الاعتبار".

وجاء ذلك في أعقاب تدخل وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الذي دعا إلى تخفيف حدة الحصار. ومع ذلك، فمن المتوقع أن تؤدي خطوة يوم الأحد إلى التساهل مع المواطنين المتزوجين من قطر. بينما سوف تظل الموانئ الجوية والبرية والبحرية مغلقة أمام قطر، التي تواجه اتهاماً برعاية الإرهاب، وهو ما تنكره الدوحة تماماً.

وعرضت وزارة الثقافة السعودية في الأسبوع الماضي توظيف الصحفيين العاملين بشبكة قنوات الجزيرة الفضائية وغيرها من الوكالات الإخبارية التي تتخذ من قطر مقراً لها. ومع ذلك، لم يمتد ذلك العرض ليشمل القطاعات الأخرى.



هل يبيعون منازلهم بأثمان بخسة؟





ويمتلك العديد من المواطنين السعوديين مشروعات وشركات داخل قطر، وينتقلون بصفة منتظمة بين البلدين، ومن بينهم رجال القبائل البدوية الذين قطنوا المناطق الصحراوية التي تمتد على الحدود بين البلدين، واحتفظوا بقطعان جمالهم بالإقليم.

وعلاوة على مشاعر القلق التي تثيرها تلك التدابير، إلا أن هناك أيضاً العديد من التحديات اللوجيستية الأساسية. ويخشى بعض السعوديين عدم العثور على مشترين لمنازلهم في قطر قبل انتهاء المهلة المقررة، أو الاضطرار إلى قبول سعر يقل عن القيمة السوقية الفعلية.

وقد تم قمع حالة الاستياء العامة إلى حد كبير، حيث يواجه المعارضون لسياسة الرياض تجاه قطر عقوبة السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات، بحسب ما أوردته وسائل الإعلام السعودية. وحذرت دولة الإمارات والبحرين أيضاً في الأسبوع الماضي من أن التعاطف مع قطر يمثل جريمة تصل عقوبتها إلى السجن والغرامة.

وقال موقع الخليج أون لاين، إن دراسة نشرتها صحيفة "القبس" الكويتية، أظهرت تأييد أكثر من 50% من تغريدات الخليجيين للتضامن الشعبي، والأخوة بين دول الخليج للخروج من الأزمة الراهنة.

ولفتت فايننشيال تايمز إلى أن ذلك الشقاق يثير المخاوف بين مواطني الخليج بشأن فقدان الحقوق الممنوحة خلال 35 عاماً منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي. مشيرة إلى أنه وقع أكثر من 500 شخص على التماس عبر شبكة الإنترنت صدر يوم الجمعة، يدعو إلى الوحدة، ويحثُّ الحكومات على تسوية الأزمة من خلال الحوار. ومع ذلك، لا يبدو أن هناك أي علامات لحدوث أي تقدم على المستوى الدبلوماسي.

وتنقسم أسرة عبد الله بين كل من السعودية وقطر، بينما يرتبط أقاربه أيضاً بعلاقات مصاهرة مع أشخاص بالبحرين والإمارات العربية المتحدة. ولا يزال عبد الله يحاول البقاء هادئاً، بينما يدرس الخطوة التالية التي يعتزم اتخاذها.

ويقول: "أريد أن أكون متفائلاً، لأنه لا يمكن تصور عدم وجود علاقات بين البحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة. لا أبالي بمجال السياسة، ولكنه أمر كارثي من الناحية الاجتماعية".


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/06/14/story_n_17091120.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات