توشِك شبه الدولة التي نصَّبها تنظيم (داعش) على الانهزام. ففي خلال بضعة أيامٍ ستخسر التجربة الداعشية مدينة الموصل التي كانت عاصمتها بشمالي العراق، حيث فجَّر المئات القليلة من المقاتلين المتبقّين فيها لتوهم جامع النوري الكبير العائد للقرن الثاني عشر، والذي نَصَّبَ أبو بكر البغدادي نفسه خليفةً من على منبره منذ ثلاثة أعوام.
الأسابيع المقبلة وفق صحيفة The Financial Times سيخسر الجهاديون الرقّة أيضاً، وهي التي تُعد معقلاً لهم في وادي الفرات شمال شرقي سوريا.
لكن التحالف الدولي قال الخميس 29 يونيو/حزيران 2017، إن معركة الموصل قاربت على الانتهاء، لكن المعركة "النهائية" ضد التنظيم لا يزال أمامها الكثير.
وفي موجز صحفي، عقده من بغداد، عبر دائرة تلفزيونية خاصة، مع صحفيين في واشنطن، قال المتحدث باسم التحالف، العقيد، رايان ديلون، إن "(داعش) ما زال يحافظ على معاقل أخرى له في العراق".
وأضاف أن تحديد الهدف الثاني في الحرب ضد تنظيم داعش "قرار عائد للحكومة العراقية، سواء كان ذلك تلعفر (نينوى) أو الحويجة (كركوك) أو القائم (الأنبار)".
كان الجامع الذي فجَّرته الجماعة المتطرّفة الأسبوع الفائت معلماً أثرياً يُخلِّد ذكر نور الدين زنكي، البطل المسلم الذي تصدَّى لمدِّ الصليبيين، ومهَّد الطريق ليستعيد صلاح الدين الأيوبيّ مدينة القدس عام 1187. أصبح الجامع دُرَّةً أخرى من دُرَرِ العصور الوسطى التي تحوَّلت لأنقاض، أكثر ما تبقى فيها مُعبِّراً عن إفلاس داعش السياسي.
وُلِد داعش في دولٍ اجتاحها غزوٌ أميركي عام 2003 (العراق)، وفوضى أحدثتها حربٌ شاملة شنَّها بشار الأسد ضد الأغلبية عام 2011 (سوريا) التي ملّت حكم الفرد، ومن هنا استطاع داعش المتاجرة بالهوية الدينية واليأس المتطرِّف لملء ذلك الفراغ. ومن المُتوقَّع أن يتسبَّب إخلاء مشروعهم الشيطانيّ عن الأراضي السورية والعراقية في خلقِ فراغاتٍ جديدة.
وفق صحيفة The Financial Times تتنافس الأطراف الرئيسية الضالعة في الحرب السورية -روسيا، وإيران، والولايات المتحدة، وتركيا- على المكانة في الأراضي حيث كان داعش، يشتبكون فيما بينهم في نقاط التقاطع على أرض المعركة المزدحمة. لكن نقاشاتٍ مبدئية قد بدأت بالفعل حول الشكل المستقبلي الذي قد تتخذه سوريا والعراق. وفي منتدى أوسلو المُقام الشهر الجاري، يونيو/حزيران، وهو مؤتمرٌ سنوي لـ"صنَّاع السلام"، دار الكثير من الحديث عن سوريا والعراق ما بعد داعش، بدءاً بمفاوضات الهُدنة على مستوى أرض المعركة، مروراً بالمقاتلين، وانتهاءً بكبار الدبلوماسيين والوسطاء.
بعد الإطاحة بصدام حسين تبنَّى العراق تحت الاحتلال نموذجاً فيدرالياً لتقاسم السلطة بين الشيعة والسنة والكرد. اجتمعت الحرب الأهلية، التي بدأها تمرُّدٌ من الجانب السني، إلى جانب الطائفية من طرف الشيعة، واستياء الأكراد، جميعاً لضمان فشل الفيدرالية. وفي سوريا، فشلت أيضاً المركزية الحديدية تلك النسخة من السياسة البعثية التي اتبعتها جماعة الأسد.
يرفض النظام السوري، الذي أنقذه إلى الآن التدخل العسكري من جانب روسيا وإيران، الاعتراف بهذا رسمياً. وقال متحدثٌ باسم النظام السوري لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إنَّ خيار اللامركزية في سوريا بعد النزاع ليس مطروحاً للنقاش، متسائلاً لِمَ تتنازل دمشق طالما كانت هيَ الطرف الرابح.
حسناً، لكنَّ نظام الأقليّة في سوريا، والذي يفتقر بشكلٍ مزمن للقوات الكافية لاستعادة السيطرة، ناهيك عن إقامة حامياتٍ عسكرية في جميع مناطق سوريا، يتقدَّم الآن فقط بفضل القوات الجوية الروسية، والحرس الثوري الإيراني وقواتهم شبه العسكرية، بدءاً بحزب الله اللبناني وحتى تحالف الحشد الشعبي وميليشياته الشيعية في العراق.
قدمت روسيا مسودة لمشروع دستور جديد لسوريا إلى فصائل المعارضة السورية خلال مفاوضات أستانا التي عُقدت يومي 23 و24 يناير/كانون الثاني الجاري.
وبدأ الكشف عن تفاصيل الدستور الذي يتألف من 85 مادة، أهم ما فيها تحديد شكل الحكم في سوريا، وتوسعة الصلاحيات الممنوحة لمجلس الشعب.
وحصل "هاف بوست عربي"، الجمعة 27 يناير/كانون الثاني 2017، على نسخة من المشروع الروسي، وينص على إزالة العبارات التي تشير إلى عربية سوريا، بحيث يتحول اسمها إلى "الجمهورية السورية" بدلاً من "الجمهورية العربية السورية"، على أن يكون نظام الحكم فيها جمهورياً.
وتنص المادة الثانية على أن "يكون في سوريا شعبها المتعدد القوميات والطوائف مصدراً وحيداً لسلطة الدولة". فيما تشير المادة الثالثة إلى أن "يتم في سوريا احترام الأديان والمنظمات الدينية كافة، وتأمين حرية تأدية المناسك الدينية كافة التي لا تخل بالنظام العام، وأن المنظمات الدينية متساوية أمام القانون".
كما تقترح المسودة الروسية جعل تغيير حدود الدولة السورية ممكناً في حال عقد استفتاء عام، وينص البند الثاني من المادة التاسعة على أن "أراضي سوريا غير قابلة للتفريط، ولا يجوز تغيير حدود الدولة إلا عن طريق الاستفتاء العام الذي يتم تنظيمه بين مواطني سوريا كافة وعلى أساس إرادة الشعب السوري".
وتشير المادة الرابعة إلى أن تكون اللغة العربية لغة رسمية يحددها القانون، كما و"تستخدم أجهزة الحكم الذاتي الثقافي الكردي ومنظماته اللغتين العربية والكردية كلغتين متساويتين".
استغل أكراد سوريا، وفق The Financial Times الذين مكَّنهم قرار الولايات المتحدة بالاستعانة بميليشيات وحدات حماية الشعب لتكون القوة الضاربة الرئيسية ضد داعش، النزاع لتشكيل منطقة حُكمٍ ذاتي تُلقَّب بـ"روج آفا" في شمال سوريا. وغالباً ما سيحتاج أيُ نظامٍ مستقبلي في سوريا التوصُّل لمعادلةٍ لتقاسم السلطة. ومن جانبهم، فإنَّ الخطر الأكبر الذي يهدِّد الأكراد السوريين هو الصلات التي تربطهم بحزب العمال الكردستاني، الذي يريدهم أدواتٍ يستخدمها في تمرد مستمر لأكثر من 30 عاماً ضد أنقرة.
لهذا السبب اندفعت القوات التركية إلى شمال سوريا لمنع وحدات حماية الشعب من ربط مناطقها الشرقية بمقاطعة الأكراد غرب نهر الفرات. وبهذا خلقت تركيا مقاطعة أخرى، وهي إحدى أربع مقاطعات تتقدَّم روسيا باقتراح تحويلها لـ"مناطق تهدئة"، التي قد تخضع بدورها لنوعٍ من التحكّم المحليّ أوالتقسيم.
وفي اجتماع أوسلو، تحدَّث المفاوضون كثيراً عن الحاجة لعقد اتفاقيات بين الأطراف المتجاورة في الأزمة السورية، والتي يفصل أحدها عن الآخر نقطة تفتيشٍ أو حاجز أمنيّ. وهي اتفاقيّات تُعقَد بالأساس لضمان البقاء للجميع.
الأسابيع المقبلة وفق صحيفة The Financial Times سيخسر الجهاديون الرقّة أيضاً، وهي التي تُعد معقلاً لهم في وادي الفرات شمال شرقي سوريا.
لكن التحالف الدولي قال الخميس 29 يونيو/حزيران 2017، إن معركة الموصل قاربت على الانتهاء، لكن المعركة "النهائية" ضد التنظيم لا يزال أمامها الكثير.
وفي موجز صحفي، عقده من بغداد، عبر دائرة تلفزيونية خاصة، مع صحفيين في واشنطن، قال المتحدث باسم التحالف، العقيد، رايان ديلون، إن "(داعش) ما زال يحافظ على معاقل أخرى له في العراق".
وأضاف أن تحديد الهدف الثاني في الحرب ضد تنظيم داعش "قرار عائد للحكومة العراقية، سواء كان ذلك تلعفر (نينوى) أو الحويجة (كركوك) أو القائم (الأنبار)".
الجامع الذي يخلد ذكر نور الدين زنكي
كان الجامع الذي فجَّرته الجماعة المتطرّفة الأسبوع الفائت معلماً أثرياً يُخلِّد ذكر نور الدين زنكي، البطل المسلم الذي تصدَّى لمدِّ الصليبيين، ومهَّد الطريق ليستعيد صلاح الدين الأيوبيّ مدينة القدس عام 1187. أصبح الجامع دُرَّةً أخرى من دُرَرِ العصور الوسطى التي تحوَّلت لأنقاض، أكثر ما تبقى فيها مُعبِّراً عن إفلاس داعش السياسي.
وُلِد داعش في دولٍ اجتاحها غزوٌ أميركي عام 2003 (العراق)، وفوضى أحدثتها حربٌ شاملة شنَّها بشار الأسد ضد الأغلبية عام 2011 (سوريا) التي ملّت حكم الفرد، ومن هنا استطاع داعش المتاجرة بالهوية الدينية واليأس المتطرِّف لملء ذلك الفراغ. ومن المُتوقَّع أن يتسبَّب إخلاء مشروعهم الشيطانيّ عن الأراضي السورية والعراقية في خلقِ فراغاتٍ جديدة.
من يسيطر بعد داعش؟
وفق صحيفة The Financial Times تتنافس الأطراف الرئيسية الضالعة في الحرب السورية -روسيا، وإيران، والولايات المتحدة، وتركيا- على المكانة في الأراضي حيث كان داعش، يشتبكون فيما بينهم في نقاط التقاطع على أرض المعركة المزدحمة. لكن نقاشاتٍ مبدئية قد بدأت بالفعل حول الشكل المستقبلي الذي قد تتخذه سوريا والعراق. وفي منتدى أوسلو المُقام الشهر الجاري، يونيو/حزيران، وهو مؤتمرٌ سنوي لـ"صنَّاع السلام"، دار الكثير من الحديث عن سوريا والعراق ما بعد داعش، بدءاً بمفاوضات الهُدنة على مستوى أرض المعركة، مروراً بالمقاتلين، وانتهاءً بكبار الدبلوماسيين والوسطاء.
بعد الإطاحة بصدام حسين تبنَّى العراق تحت الاحتلال نموذجاً فيدرالياً لتقاسم السلطة بين الشيعة والسنة والكرد. اجتمعت الحرب الأهلية، التي بدأها تمرُّدٌ من الجانب السني، إلى جانب الطائفية من طرف الشيعة، واستياء الأكراد، جميعاً لضمان فشل الفيدرالية. وفي سوريا، فشلت أيضاً المركزية الحديدية تلك النسخة من السياسة البعثية التي اتبعتها جماعة الأسد.
يرفض النظام السوري، الذي أنقذه إلى الآن التدخل العسكري من جانب روسيا وإيران، الاعتراف بهذا رسمياً. وقال متحدثٌ باسم النظام السوري لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إنَّ خيار اللامركزية في سوريا بعد النزاع ليس مطروحاً للنقاش، متسائلاً لِمَ تتنازل دمشق طالما كانت هيَ الطرف الرابح.
حسناً، لكنَّ نظام الأقليّة في سوريا، والذي يفتقر بشكلٍ مزمن للقوات الكافية لاستعادة السيطرة، ناهيك عن إقامة حامياتٍ عسكرية في جميع مناطق سوريا، يتقدَّم الآن فقط بفضل القوات الجوية الروسية، والحرس الثوري الإيراني وقواتهم شبه العسكرية، بدءاً بحزب الله اللبناني وحتى تحالف الحشد الشعبي وميليشياته الشيعية في العراق.
خطة روسيا الدستورية
قدمت روسيا مسودة لمشروع دستور جديد لسوريا إلى فصائل المعارضة السورية خلال مفاوضات أستانا التي عُقدت يومي 23 و24 يناير/كانون الثاني الجاري.
وبدأ الكشف عن تفاصيل الدستور الذي يتألف من 85 مادة، أهم ما فيها تحديد شكل الحكم في سوريا، وتوسعة الصلاحيات الممنوحة لمجلس الشعب.
الدولة السورية ولغتها
وحصل "هاف بوست عربي"، الجمعة 27 يناير/كانون الثاني 2017، على نسخة من المشروع الروسي، وينص على إزالة العبارات التي تشير إلى عربية سوريا، بحيث يتحول اسمها إلى "الجمهورية السورية" بدلاً من "الجمهورية العربية السورية"، على أن يكون نظام الحكم فيها جمهورياً.
وتنص المادة الثانية على أن "يكون في سوريا شعبها المتعدد القوميات والطوائف مصدراً وحيداً لسلطة الدولة". فيما تشير المادة الثالثة إلى أن "يتم في سوريا احترام الأديان والمنظمات الدينية كافة، وتأمين حرية تأدية المناسك الدينية كافة التي لا تخل بالنظام العام، وأن المنظمات الدينية متساوية أمام القانون".
كما تقترح المسودة الروسية جعل تغيير حدود الدولة السورية ممكناً في حال عقد استفتاء عام، وينص البند الثاني من المادة التاسعة على أن "أراضي سوريا غير قابلة للتفريط، ولا يجوز تغيير حدود الدولة إلا عن طريق الاستفتاء العام الذي يتم تنظيمه بين مواطني سوريا كافة وعلى أساس إرادة الشعب السوري".
وتشير المادة الرابعة إلى أن تكون اللغة العربية لغة رسمية يحددها القانون، كما و"تستخدم أجهزة الحكم الذاتي الثقافي الكردي ومنظماته اللغتين العربية والكردية كلغتين متساويتين".
الأكراد والتدخل التركي السريع
استغل أكراد سوريا، وفق The Financial Times الذين مكَّنهم قرار الولايات المتحدة بالاستعانة بميليشيات وحدات حماية الشعب لتكون القوة الضاربة الرئيسية ضد داعش، النزاع لتشكيل منطقة حُكمٍ ذاتي تُلقَّب بـ"روج آفا" في شمال سوريا. وغالباً ما سيحتاج أيُ نظامٍ مستقبلي في سوريا التوصُّل لمعادلةٍ لتقاسم السلطة. ومن جانبهم، فإنَّ الخطر الأكبر الذي يهدِّد الأكراد السوريين هو الصلات التي تربطهم بحزب العمال الكردستاني، الذي يريدهم أدواتٍ يستخدمها في تمرد مستمر لأكثر من 30 عاماً ضد أنقرة.
لهذا السبب اندفعت القوات التركية إلى شمال سوريا لمنع وحدات حماية الشعب من ربط مناطقها الشرقية بمقاطعة الأكراد غرب نهر الفرات. وبهذا خلقت تركيا مقاطعة أخرى، وهي إحدى أربع مقاطعات تتقدَّم روسيا باقتراح تحويلها لـ"مناطق تهدئة"، التي قد تخضع بدورها لنوعٍ من التحكّم المحليّ أوالتقسيم.
وفي اجتماع أوسلو، تحدَّث المفاوضون كثيراً عن الحاجة لعقد اتفاقيات بين الأطراف المتجاورة في الأزمة السورية، والتي يفصل أحدها عن الآخر نقطة تفتيشٍ أو حاجز أمنيّ. وهي اتفاقيّات تُعقَد بالأساس لضمان البقاء للجميع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/06/30/story_n_17346754.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات