يبدو أن حلفاء الولايات المتحدة في سوريا غير واثقين بأنها ستدعمهم في أي مواجهة مع قوات الأسد بعد انتهاء المعركة المرتقبة بدحر داعش.
تقرير لصحيفة لوس أنجلوس الأميركية عرض المشهد المعقد بسوريا في ظل الحرب التي يشنها الجميع ضد داعش مع توجسات من مرحلة ما بعد انحدار التنظيم؛ خوفاً من انقضاض النظام على كل خصومه بعد التخلص من داعش.
وأشار التقرير إلى أن مقاتلي المعارضة السورية، المدعومة من الولايات المتحدة، كانوا يحرسون مواقعهم ضد مقاتلي داعش من فوق برج مياه في وقت سابق من شهر يوليو/تموز 2017 عندما فوجئوا بوابل من قذائف الهاون، ليس من المسلحين التابعين لتنظيم "الدولة الإسلامية"؛ بل من جيش النظام السوري.
وقال رعد عبد الله حمود (17 عاماً)، وهو يقف أسفل البرج الصحراوي النائي: "نحن نقاتل داعش وهم يقاتلون داعش. لماذا يقاتلوننا إذاً؟! هذا ما يفعلونه الآن. فكِّر فيما سيقومون به بعد اندحار داعش".
حاول مقاتلو المعارضة السورية وحلفاؤهم الأميركيون الحفاظ على هدوء حذر مع قوات رئيس النظام السوري بشار الأسد المدعومة من روسيا، مع تحول المعركة ضد داعش هذا الشهر عبر الحدود من شمال العراق إلى شرق سوريا.
لكن هناك صراع جوهري: العديد من المقاتلين المدعومين من الولايات المتحدة يريدون أيضاً إسقاط الأسد، الذي لا يزال يتمسك بالسلطة بعناد بعد مرور 6 سنوات من الحرب الأهلية التي ولَّدت عدداً كبيراً من الجماعات المسلحة المتنافسة واستقطبت قوات من روسيا، والولايات المتحدة، وإيران، والعراق، وتركيا، ولبنان.
وبينما تكتسب قوات الأسد أرضاً في دير الزور، مفترق الطرق الاستراتيجي ما بين طهران وبيروت، قال مقاتلو المعارضة المدرَّبون من قِبل الولايات المتحدة، إنهم يأملون اتخاذ موقف بدعم أميركي؛ مما قد يدفع الولايات المتحدة إلى صراع طويل ومكلف، حسب تقرير لوس أنجلوس تايمز.
في الأسابيع الأخيرة، كان امتداد نهر الفرات، الذي يبلغ طوله 80 ميلاً، بمثابة منطقة عازلة -وهو ما يسمى خط منع الاشتباك- بين مقاتلي المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة والحكومة السورية.
على الضفة الغربية من النهر، تقاتل قوات الأسد، البالغ عددها 40 ألف جندي، بدعم من الميليشيات المتحالفة وروسيا وإيران. وفى الشرق، تقاتل قوات المعارضة التي قوامها 55 ألف شخص بمساعدة من القوات الأميركية. وقال التحالف الذي تدعمه الولايات المتحدة، إن لديه نحو 500 جندي في سوريا، لكن الخبراء يقدرون أن هذا العدد ارتفع إلى 1500 جندي من قوات المارينز وقوات الجيش والقوات الخاصة، بالإضافة إلى 1000 متعاقد.
ركزت القوات المدعومة من الولايات المتحدة، إلى حد كبير، على استعادة عاصمة "الدولة الإسلامية"، الرقة، بينما تقدمت قوات الأسد وحلفاؤه إلى معقل داعش في دير الزور إلى الجنوب الشرقي.
وقال التحالف: "إن مهمة التحالف هي هزيمة داعش. ليس لدينا معركة مع القوات السورية أو الموالية للنظام ما دامت جميع القوات تلتزم بخط منع الاشتباك المتفق عليه".
لكن الحكومة السورية ومؤيدوها قاموا بالفعل بعدة غارات عبر المنطقة العازلة. في الشهر الماضي، اشتبكت طائرة مقاتلة سورية مع القوات المدعومة من الولايات المتحدة جنوب الرقة.
وفي الجنوب، بالقرب من الحدود مع الأردن والعراق، هاجمت طائرة بلا طيار إيرانية الصنع مستشارين أميركيين لتدريب قوات المعارضة السورية على قاعدة أميركية في التنف.
جاء هذا الاشتباك بعد وقت قصير من قيام الطائرات الحربية الأميركية بضرب الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، والتي اقتربت من القاعدة للمرة الثالثة منذ عدة أسابيع.
ورفض متحدث باسم التحالف الأميركي، الأسبوع الماضي، أن يقول ما إذا كان سيدعم مقاتلي المعارضة السورية في حال واجهوا قوات الأسد.
وقال البيان: "إن العمليات المستقبلية تعتمد على عوامل مختلفة كثيرة ولن نتكهن بما يمكن أن يقوم به التحالف أو القوى الشريكة فى المستقبل".
ما يعقد الأمور هو عدم استقرار تحالف المعارضة السورية للميليشيات متعددة الأعراق التي تضم القوات الآشورية والعربية والكردية وغيرها. معظمهم يقاتلون تحت لواء قوات سوريا الديمقراطية، وهي مظلة جامعة تم إنشاؤها بمساعدة من البنتاغون، ولكن لكل منها أجندة خاصة بها لما ستفعله بمجرد سقوط "خلافة" داعش.
كبرى ميليشيات المعارضة، هي وحدات حماية الشعب الكردية، أو وحدات حماية الشعب، التي تضم نحو 25 ألف جندي، وضمن ذلك وحدة حمود عند برج المياه. الجناح السياسي لهذه الميليشيات كان يحكم شمال شرقي سوريا منذ انسحاب حكومة الأسد قبل نحو 4 سنوات، واعتمد فلسفة عبد الله أوجلان المستوحاة من الماركسية، وتزين صورته ليس فقط مواقع قيادة وحدات حماية الشعب؛ بل اللوحات الإعلانية والساحات المحلية.
قد تكون قيادة أوجلان مشكلة بالنسبة للولايات المتحدة، لا سيما في علاقاتها مع تركيا. فقد أُدين بالخيانة وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة، ويعتبر حزبه، حزب العمال الكردستاني، جماعة إرهابية من قِبل كل من تركيا والولايات المتحدة.
في وقت سابق من هذا الشهر، قال قادة وحدات حماية الشعب على خطوط الجبهة إن شرق سوريا يجب أن يتمتع بالحكم الذاتي وفقاً لمبادئ أوجلان، وألا يكون تابعاً لا لتركيا ولا للأسد.
وقال قائد وحدات حماية الشعب، دمان فرات، من موقعه شمال دير الزور: "يحاول حلفاء النظام أن يتمددوا، ويسيطروا قدر المستطاع. نحن بحاجة إلى التنسيق مع الائتلاف من أجل تحقيق تقدم قبل أن يأتي النظام".
وقد قارن الوضع خارج دير الزور بمنطقة عفرين الحدودية الشمالية الغربية المحاصرة في سوريا، حيث نشرت تركيا قوات إضافية هذا الشهر وقصفت المقاتلين الأكراد مع تزايد التوترات. وقال رئيس وحدات حماية الشعب السورية إن التصعيد كان بمثابة "إعلان حرب" وحذر من وقوع اشتباكات قادمة.
وقال فرات: "إذا لم يساعدنا الائتلاف الآن، فإن الشيء نفسه سيحدث هنا"، مع القوات السورية وليس التركية.
خارج المجمع، مرت قافلة من القوات الأميركية، متوجهةً جنوباً نحو خط المواجهة. وكانت قوافل البحرية الأميركية ظاهرة إلى الشمال، كما كانت المخيمات وراء السدود الترابية التي حددها مسؤولو وحدات حماية الشعب على أنها قواعد أميركية.
ذكرت وكالة الأناضول التركية للأنباء الأسبوع الماضي، أن الولايات المتحدة لديها 10 قواعد على الأقل في شمال سوريا.
ورفض مسؤولون أميركيون طلبات لمرافقة أو مقابلة تلك القوات.
أحد القادة الأكراد، وهو أوركيش سيردام، متفائل لرؤية الولايات المتحدة توسع قواعدها المؤقتة في شرق سوريا، لكنه قال إن ذلك لا يعني أن أميركا مستعدة لمواجهة قوات الأسد.
وأضاف: "الآن عندما نقاتل، لا نضع كل آمالنا على الأميركيين. ونحن نقول دائماً: فقط، تخيل أنك لا تملك ضربات جوية".
وقال قادة الميليشيات العربية في قوات سوريا الديمقراطية إنهم يريدون أيضاً استعادة دير الزور، لكنهم غير واثقون بدعم الولايات المتحدة لهم.
وقد سافر أعضاء من مجموعة تابعة لميليشيا الثوار المكونة من 10 آلاف جندي شرقاً- قادمين من محافظة إدلب هذا الشهر، حيث تم إعلان وقف لإطلاق النار من قِبل روسيا والولايات المتحدة- وجاءوا للقتال في الرقة، وكانوا يأملون أن يقاتلوا لاستعادة دير الزور أيضاً. واشتكوا من أن التحالف الأميركي رفض تزويدهم بالمعدات اللازمة، وضمنها السيارات المدرعة ونظارات الرؤية الليلية.
وتساءل المقاتلون عن سبب دعم الولايات المتحدة لقوات الحشد الشعبي، التابعة لإيران، عبر الحدود في الموصل بالعراق، وعما إذا كانت تلك الميليشيات ستساعد الأسد، الموالي لإيران، على استعادة دير الزور؟
قال أحد المقاتلين، ويدعى أبو غياث، (45 عاماً: "نحن نعلم جميعاً أن الحشد الشعبي ميليشيات إيرانية، فهي تحت سيطرة إيران. والولايات المتحدة تدربهم".
وقال أبو عماد، المتحدث باسم الجيش السوري الحر (ميليشيا معارضة أخرى لديها نحو 2500 جندي شمال دير الزور)، إنه يقود قرابة 1000 مقاتل في الرقة. وهم ينتظرون لمعرفة ما إذا كانت المعركة ستصبح حرباً بالوكالة.
وقال وهو يجلس محاطاً بعشرات المقاتلين المسلحين بالبنادق والأسلحة الآلية في موقعهم بمنزل مهجور شرق المدينة المحاصرة، في وقت سابق هذا الشهر، إن "مستقبل سوريا في أيدي أميركا وروسيا مثل لعب الورق".
وقال أبو عماد، (30 عاما)، إن من العلامات المشجعة وصف الرئيس ترامب لبشار الأسد بـ"الحيوان" في مقابلة في شهر أبريل/نيسان 2017 مع فوكس نيوز. فعندما استخدمت القوات السورية أسلحة كيماوية ضد المدنيين في مدينة خان شيخون، أمر ترامب بالقصاص السريع في شكل ضربات صاروخية. وقد قامت القوات الأميركية بتدريب بعض مقاتلي ميليشيا أبو عماد، ووعدت بتدريب 500 آخرين.
وكان مقاتلون سوريون معارضون قد حذروا من أن قرار الولايات المتحدة وقف برنامج للمساعدات العسكرية -تديره وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)- سيسدد ضربة قوية للمعارضة السورية ويجازف بأن يصب ذلك في مصلحة المتشددين.
ونقلت صحيفة الشرق الأوسط السعودية عن المقاتلين الذين كانوا يتلقون المساعدات في إطار برنامج الـ"سي آي إيه"، إنهم لم يتلقوا إخطاراً بعدُ بالقرار الأميركي الذي كانت صحيفة واشنطن بوست أول من نشر خبراً عنه الأربعاء الماضي، وأكده مسؤولان أميركيان لـ"رويترز".
وقال قيادي في "الجيش السوري الحر" إن قرار الولايات المتحدة يهدد بالتسبب في انهيار المعارضة المعتدلة، وهو ما سيصب في مصلحة الرئيس بشار الأسد والمتطرفين المرتبطين بتنظيم القاعدة الذين سعوا فترةً طويلةً للقضاء على الجماعات الأكثر اعتدالاً.
وحدث قتال داخلي بين الميليشيات. في وقت سابق من هذا الشهر (يوليو/تموز 2017)، حسب "لوس أنجلوس تايمز"؛ فقد تشاجر قائد الجيش السوري الحر مع نظيره الكردي بعد سحب بعض الجنود من الرقة تحت النار. واتهمهم القائد الكردي بالفرار، وأصر أبو عماد على أنهم انسحبوا جزئياً فقط.
وقال زعيم الميليشيات المسلمة السنية: "إذا استولى النظام على دير الزور، فإنه لن يتوقف عند هذا الحد؛ بل سيذهب إلى الرقة والحسكة." وأضاف: "أريد أن تساعدنا أميركا في القتال بدير الزور".
وفي المقابل، قال زينار كوباني، قائد محلي بوحدات حماية الشعب في غرب الرصافة، البلدة الصحراوية التي بُنيت حول قلعة عتيقة، إنه يأمل أن يتمكن من الاعتماد على الدعم الأميركي إذا استمرت قواته في مسار تصادمه مع جيش الأسد.
وأضاف: "مهاجمة النظام ليست جزءاً من خطتنا. ولكن إذا جاء شخصٌ ما لقتالنا، فسوف نقاتله".
في الوقت الحالي، خطهم الأحمر هو برج المياه شمال الرصافة. إذا حاولت قوات الأسد عبوره والاقتراب من المنطقة العازلة، فسترد قوات وحدات حماية الشعب بإطلاق النار.
فقد سمعوا مؤخراً حواراً، عبر موجات الراديو، يشير إلى هجوم القوات السورية في الأيام المقبلة. بعد فترة وجيزة، ضيقت القوات السورية الفجوة، ولكنهم لم يحاولوا اجتياز البرج حتى الآن.
تقرير لصحيفة لوس أنجلوس الأميركية عرض المشهد المعقد بسوريا في ظل الحرب التي يشنها الجميع ضد داعش مع توجسات من مرحلة ما بعد انحدار التنظيم؛ خوفاً من انقضاض النظام على كل خصومه بعد التخلص من داعش.
وأشار التقرير إلى أن مقاتلي المعارضة السورية، المدعومة من الولايات المتحدة، كانوا يحرسون مواقعهم ضد مقاتلي داعش من فوق برج مياه في وقت سابق من شهر يوليو/تموز 2017 عندما فوجئوا بوابل من قذائف الهاون، ليس من المسلحين التابعين لتنظيم "الدولة الإسلامية"؛ بل من جيش النظام السوري.
وقال رعد عبد الله حمود (17 عاماً)، وهو يقف أسفل البرج الصحراوي النائي: "نحن نقاتل داعش وهم يقاتلون داعش. لماذا يقاتلوننا إذاً؟! هذا ما يفعلونه الآن. فكِّر فيما سيقومون به بعد اندحار داعش".
حاول مقاتلو المعارضة السورية وحلفاؤهم الأميركيون الحفاظ على هدوء حذر مع قوات رئيس النظام السوري بشار الأسد المدعومة من روسيا، مع تحول المعركة ضد داعش هذا الشهر عبر الحدود من شمال العراق إلى شرق سوريا.
لكن هناك صراع جوهري: العديد من المقاتلين المدعومين من الولايات المتحدة يريدون أيضاً إسقاط الأسد، الذي لا يزال يتمسك بالسلطة بعناد بعد مرور 6 سنوات من الحرب الأهلية التي ولَّدت عدداً كبيراً من الجماعات المسلحة المتنافسة واستقطبت قوات من روسيا، والولايات المتحدة، وإيران، والعراق، وتركيا، ولبنان.
وبينما تكتسب قوات الأسد أرضاً في دير الزور، مفترق الطرق الاستراتيجي ما بين طهران وبيروت، قال مقاتلو المعارضة المدرَّبون من قِبل الولايات المتحدة، إنهم يأملون اتخاذ موقف بدعم أميركي؛ مما قد يدفع الولايات المتحدة إلى صراع طويل ومكلف، حسب تقرير لوس أنجلوس تايمز.
حجم القوات
في الأسابيع الأخيرة، كان امتداد نهر الفرات، الذي يبلغ طوله 80 ميلاً، بمثابة منطقة عازلة -وهو ما يسمى خط منع الاشتباك- بين مقاتلي المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة والحكومة السورية.
على الضفة الغربية من النهر، تقاتل قوات الأسد، البالغ عددها 40 ألف جندي، بدعم من الميليشيات المتحالفة وروسيا وإيران. وفى الشرق، تقاتل قوات المعارضة التي قوامها 55 ألف شخص بمساعدة من القوات الأميركية. وقال التحالف الذي تدعمه الولايات المتحدة، إن لديه نحو 500 جندي في سوريا، لكن الخبراء يقدرون أن هذا العدد ارتفع إلى 1500 جندي من قوات المارينز وقوات الجيش والقوات الخاصة، بالإضافة إلى 1000 متعاقد.
ركزت القوات المدعومة من الولايات المتحدة، إلى حد كبير، على استعادة عاصمة "الدولة الإسلامية"، الرقة، بينما تقدمت قوات الأسد وحلفاؤه إلى معقل داعش في دير الزور إلى الجنوب الشرقي.
وقال التحالف: "إن مهمة التحالف هي هزيمة داعش. ليس لدينا معركة مع القوات السورية أو الموالية للنظام ما دامت جميع القوات تلتزم بخط منع الاشتباك المتفق عليه".
لكن الحكومة السورية ومؤيدوها قاموا بالفعل بعدة غارات عبر المنطقة العازلة. في الشهر الماضي، اشتبكت طائرة مقاتلة سورية مع القوات المدعومة من الولايات المتحدة جنوب الرقة.
وفي الجنوب، بالقرب من الحدود مع الأردن والعراق، هاجمت طائرة بلا طيار إيرانية الصنع مستشارين أميركيين لتدريب قوات المعارضة السورية على قاعدة أميركية في التنف.
جاء هذا الاشتباك بعد وقت قصير من قيام الطائرات الحربية الأميركية بضرب الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، والتي اقتربت من القاعدة للمرة الثالثة منذ عدة أسابيع.
ورفض متحدث باسم التحالف الأميركي، الأسبوع الماضي، أن يقول ما إذا كان سيدعم مقاتلي المعارضة السورية في حال واجهوا قوات الأسد.
وقال البيان: "إن العمليات المستقبلية تعتمد على عوامل مختلفة كثيرة ولن نتكهن بما يمكن أن يقوم به التحالف أو القوى الشريكة فى المستقبل".
ما يعقد الأمور هو عدم استقرار تحالف المعارضة السورية للميليشيات متعددة الأعراق التي تضم القوات الآشورية والعربية والكردية وغيرها. معظمهم يقاتلون تحت لواء قوات سوريا الديمقراطية، وهي مظلة جامعة تم إنشاؤها بمساعدة من البنتاغون، ولكن لكل منها أجندة خاصة بها لما ستفعله بمجرد سقوط "خلافة" داعش.
كبرى ميليشيات المعارضة، هي وحدات حماية الشعب الكردية، أو وحدات حماية الشعب، التي تضم نحو 25 ألف جندي، وضمن ذلك وحدة حمود عند برج المياه. الجناح السياسي لهذه الميليشيات كان يحكم شمال شرقي سوريا منذ انسحاب حكومة الأسد قبل نحو 4 سنوات، واعتمد فلسفة عبد الله أوجلان المستوحاة من الماركسية، وتزين صورته ليس فقط مواقع قيادة وحدات حماية الشعب؛ بل اللوحات الإعلانية والساحات المحلية.
قد تكون قيادة أوجلان مشكلة بالنسبة للولايات المتحدة، لا سيما في علاقاتها مع تركيا. فقد أُدين بالخيانة وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة، ويعتبر حزبه، حزب العمال الكردستاني، جماعة إرهابية من قِبل كل من تركيا والولايات المتحدة.
في وقت سابق من هذا الشهر، قال قادة وحدات حماية الشعب على خطوط الجبهة إن شرق سوريا يجب أن يتمتع بالحكم الذاتي وفقاً لمبادئ أوجلان، وألا يكون تابعاً لا لتركيا ولا للأسد.
وقال قائد وحدات حماية الشعب، دمان فرات، من موقعه شمال دير الزور: "يحاول حلفاء النظام أن يتمددوا، ويسيطروا قدر المستطاع. نحن بحاجة إلى التنسيق مع الائتلاف من أجل تحقيق تقدم قبل أن يأتي النظام".
تركيا
وقد قارن الوضع خارج دير الزور بمنطقة عفرين الحدودية الشمالية الغربية المحاصرة في سوريا، حيث نشرت تركيا قوات إضافية هذا الشهر وقصفت المقاتلين الأكراد مع تزايد التوترات. وقال رئيس وحدات حماية الشعب السورية إن التصعيد كان بمثابة "إعلان حرب" وحذر من وقوع اشتباكات قادمة.
وقال فرات: "إذا لم يساعدنا الائتلاف الآن، فإن الشيء نفسه سيحدث هنا"، مع القوات السورية وليس التركية.
خارج المجمع، مرت قافلة من القوات الأميركية، متوجهةً جنوباً نحو خط المواجهة. وكانت قوافل البحرية الأميركية ظاهرة إلى الشمال، كما كانت المخيمات وراء السدود الترابية التي حددها مسؤولو وحدات حماية الشعب على أنها قواعد أميركية.
ذكرت وكالة الأناضول التركية للأنباء الأسبوع الماضي، أن الولايات المتحدة لديها 10 قواعد على الأقل في شمال سوريا.
ورفض مسؤولون أميركيون طلبات لمرافقة أو مقابلة تلك القوات.
أحد القادة الأكراد، وهو أوركيش سيردام، متفائل لرؤية الولايات المتحدة توسع قواعدها المؤقتة في شرق سوريا، لكنه قال إن ذلك لا يعني أن أميركا مستعدة لمواجهة قوات الأسد.
وأضاف: "الآن عندما نقاتل، لا نضع كل آمالنا على الأميركيين. ونحن نقول دائماً: فقط، تخيل أنك لا تملك ضربات جوية".
وقال قادة الميليشيات العربية في قوات سوريا الديمقراطية إنهم يريدون أيضاً استعادة دير الزور، لكنهم غير واثقون بدعم الولايات المتحدة لهم.
وقد سافر أعضاء من مجموعة تابعة لميليشيا الثوار المكونة من 10 آلاف جندي شرقاً- قادمين من محافظة إدلب هذا الشهر، حيث تم إعلان وقف لإطلاق النار من قِبل روسيا والولايات المتحدة- وجاءوا للقتال في الرقة، وكانوا يأملون أن يقاتلوا لاستعادة دير الزور أيضاً. واشتكوا من أن التحالف الأميركي رفض تزويدهم بالمعدات اللازمة، وضمنها السيارات المدرعة ونظارات الرؤية الليلية.
هل تدعم أميركا الحشد الشعبي؟
وتساءل المقاتلون عن سبب دعم الولايات المتحدة لقوات الحشد الشعبي، التابعة لإيران، عبر الحدود في الموصل بالعراق، وعما إذا كانت تلك الميليشيات ستساعد الأسد، الموالي لإيران، على استعادة دير الزور؟
قال أحد المقاتلين، ويدعى أبو غياث، (45 عاماً: "نحن نعلم جميعاً أن الحشد الشعبي ميليشيات إيرانية، فهي تحت سيطرة إيران. والولايات المتحدة تدربهم".
وقال أبو عماد، المتحدث باسم الجيش السوري الحر (ميليشيا معارضة أخرى لديها نحو 2500 جندي شمال دير الزور)، إنه يقود قرابة 1000 مقاتل في الرقة. وهم ينتظرون لمعرفة ما إذا كانت المعركة ستصبح حرباً بالوكالة.
وقال وهو يجلس محاطاً بعشرات المقاتلين المسلحين بالبنادق والأسلحة الآلية في موقعهم بمنزل مهجور شرق المدينة المحاصرة، في وقت سابق هذا الشهر، إن "مستقبل سوريا في أيدي أميركا وروسيا مثل لعب الورق".
وقال أبو عماد، (30 عاما)، إن من العلامات المشجعة وصف الرئيس ترامب لبشار الأسد بـ"الحيوان" في مقابلة في شهر أبريل/نيسان 2017 مع فوكس نيوز. فعندما استخدمت القوات السورية أسلحة كيماوية ضد المدنيين في مدينة خان شيخون، أمر ترامب بالقصاص السريع في شكل ضربات صاروخية. وقد قامت القوات الأميركية بتدريب بعض مقاتلي ميليشيا أبو عماد، ووعدت بتدريب 500 آخرين.
وقف المساعدات
وكان مقاتلون سوريون معارضون قد حذروا من أن قرار الولايات المتحدة وقف برنامج للمساعدات العسكرية -تديره وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)- سيسدد ضربة قوية للمعارضة السورية ويجازف بأن يصب ذلك في مصلحة المتشددين.
ونقلت صحيفة الشرق الأوسط السعودية عن المقاتلين الذين كانوا يتلقون المساعدات في إطار برنامج الـ"سي آي إيه"، إنهم لم يتلقوا إخطاراً بعدُ بالقرار الأميركي الذي كانت صحيفة واشنطن بوست أول من نشر خبراً عنه الأربعاء الماضي، وأكده مسؤولان أميركيان لـ"رويترز".
وقال قيادي في "الجيش السوري الحر" إن قرار الولايات المتحدة يهدد بالتسبب في انهيار المعارضة المعتدلة، وهو ما سيصب في مصلحة الرئيس بشار الأسد والمتطرفين المرتبطين بتنظيم القاعدة الذين سعوا فترةً طويلةً للقضاء على الجماعات الأكثر اعتدالاً.
اقتتال داخلي
وحدث قتال داخلي بين الميليشيات. في وقت سابق من هذا الشهر (يوليو/تموز 2017)، حسب "لوس أنجلوس تايمز"؛ فقد تشاجر قائد الجيش السوري الحر مع نظيره الكردي بعد سحب بعض الجنود من الرقة تحت النار. واتهمهم القائد الكردي بالفرار، وأصر أبو عماد على أنهم انسحبوا جزئياً فقط.
وقال زعيم الميليشيات المسلمة السنية: "إذا استولى النظام على دير الزور، فإنه لن يتوقف عند هذا الحد؛ بل سيذهب إلى الرقة والحسكة." وأضاف: "أريد أن تساعدنا أميركا في القتال بدير الزور".
وفي المقابل، قال زينار كوباني، قائد محلي بوحدات حماية الشعب في غرب الرصافة، البلدة الصحراوية التي بُنيت حول قلعة عتيقة، إنه يأمل أن يتمكن من الاعتماد على الدعم الأميركي إذا استمرت قواته في مسار تصادمه مع جيش الأسد.
وأضاف: "مهاجمة النظام ليست جزءاً من خطتنا. ولكن إذا جاء شخصٌ ما لقتالنا، فسوف نقاتله".
في الوقت الحالي، خطهم الأحمر هو برج المياه شمال الرصافة. إذا حاولت قوات الأسد عبوره والاقتراب من المنطقة العازلة، فسترد قوات وحدات حماية الشعب بإطلاق النار.
فقد سمعوا مؤخراً حواراً، عبر موجات الراديو، يشير إلى هجوم القوات السورية في الأيام المقبلة. بعد فترة وجيزة، ضيقت القوات السورية الفجوة، ولكنهم لم يحاولوا اجتياز البرج حتى الآن.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/07/24/story_n_17570970.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات