الثلاثاء، 18 يوليو 2017

جريمة غلق المسجد الأقصى

جريمة غلق المسجد الأقصى

أغلق الاحتلال الإسرائيلي أبوابَ المسجد الأقصى، في سابقة نوعية، عازياً -كعادته- أسباب ذلك إلى ما يسوقه عن نفسه من فرية إعلامية مصنوعة -وهو المجرم السافك لدماء الأطفال والنساء ممارسة وواقعاً- إلى اشتباك.

وهل يستوي الجيش المدجج المسند بأميركا وغيرها بقوم ما معهم من قوة اليوم إلا "لعب" صبيان، لا اقتصاد ولا أسلحة إلا إعانات، اغتنى منها فلان، وما زال في الفقر المدقع يغرق الشعب المحاصر في غزة سنوات، يلتاع من كهرباء ساعتين، والنخبة فصائل يقاتل بعضها بعضاً خلافاً، يبرزون بين الفينة والأخرى، يناوشون!

بلغة حقوق الإنسان، يعد الإغلاق انتهاكاً صارخاً لحرية التعبد، كما تواضعت عليه المواثيق الدولية، وهو جزء من خطة مدروسة ومستمرة في الزمان والمكان للاستيلاء والسيطرة على المسجد الأقصى، بعدما اقتحمه متطرفون مرات، بحراسة أمنية إسرائيلية رسمية.

فمن يجرؤ أن يحرك بنود الأمم المتحدة لإدانة الإجرام الصهيوني اليوم، أمام الفيتو الذي يرفع في كل مرة، ونحن نرى التقارير الدولية المدينة الفاضحة لجرائم الحرب التي تجمد وتخمد؟

ولعل الاحتلال لا يشتغل بالعبث، وإلا لما وضع "المسجد" في سلم الأولويات من الاستهداف، دوناً عن باقي الأراضي المحتلة، وللأمر أكثر من مغزى ومعنى، إن كنا نزعم أن لكل خطوة دلالتها وهدفها، مع كيان وهمي يلم بتفاصيل هذه الأمة أكثر ربما من أهلها، ولعل ظاهرة "أفيخاي" عبر إطلالاته الافتراضية، يختصر علينا كيف أن القوم يضبطون عن المسلمين كل شيء، يبارك لهم مناسباتهم، ويسوق إسرائيل، ذلك الحمل الوديع المسالم.
حذاقة تواصلية خبيثة، واحترافية ثعالب!

وقِس على هذا؛ حيث تقبع بيوت الله في عالمنا العربي تحت رزح إسلام رسمي، تنوم الناس بالوعظ الباهت اللاهث للاستفادة، أو الصامت الخافت تحت سياط الخوف.

المسجد كما خبره ويذكرنا به "الأكابر"، محراب العابدين والواجدين، ومدرسة الزاهدين والمرابطين، واجتماع المجاهدين، وقبلة الولهين العاشقين، والذواقين التواقين، ومكان العهد مع القرآن، وطلب الإحسان، وصفاء الإنسان.

ومنه تستمد البواطن والأرواح قُوّتها، وقُوتها، وفي رحابه تستجمع الأمة اليوم وغداً نفسها، إن هي ألمت بأسراره ودرره، وعفرت الجباه بجنباته، وفطنت لمكانته اللامعة الجامعة، ووضعت يدها على مفتاح "الصحبة" فيه، وكان لها رياضاً وحياضاً، وكان لها مدارس للرجال وصناعة الأمثال، وتطوير الفنون والعلوم والفهوم، وجعلته مدار حياتها ووجهتها؛ حيث تنتفي الاختلافات وتخلص النيات، وتزول الأيديولوجيات، وترص الصفوف، وترتفع الهمم إلى الطلب الأسمى وينجلي بصر الأعمى، ويستوي فيه العامل بالدكتور، بالمهندس، فتنتفي الطبقات، وتكثر الخفقات، وتزداد المحبات، وترتبط الصلات، والكل سواسية أمام الكريم الوهاب.

وإلا فمن يمزق الأمة اليوم سوى أنها في سبات وشتات وموات؟

المسجد كما يقول أهل الاختصاص، هو التأسيس ومنبت الخلاص الفردي والجماعي، ومهد الهداية الإلهية وعداً حقاً: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ"، منه تنطلق الشورى، بتوفيق الكريم، واهب المحبة والسلام، عظيم المنة والنوال، والفائض على خاصة الخلق بالكمال.

ولربما في كل ما استحضرته، يتحرك الكيان الصهيوني، ويلصق كل تهم الإرهاب بالمسلمين. وأصبح المسلم البسيط اليوم، خجلاً من ذكره المسجد في خاصة نفسه أو في الملأ من الناس، وأصبح التدين في ركن مهمل، شأناً خاصاً، نخجل منه في المنتديات العامة، فما شأن العبادة وما علاقتها بالتنمية والتطور والديمقراطية؟

المسجد اليوم، مؤسسة تستغلها اليد الرسمية لتمرر خطاباتها، بعد أن حولته إلى سجن تفتحه وتغلقه، كما يقع اليوم بالمسجد الأقصى، وكأنها يد واحدة تفعل.

قبل النهاية، أهي مقالة إعلامي وكاتب رأي أم فقيه، لائكية أخرى اخترقتنا!
فلا بد من تحرير الأقصى، وكل مسجد.




ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/hafeez-zarzan/-_12542_b_17507134.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات