كان الطالب الأردني محمد الجواودة، ذو الـ17 ربيعاً، مقبلاً على تقديم الثانوية العامة. أنهى عامه الدراسي، فما وجد سبيلاً إلا أن يعمل إلى جانب أبيه في محل الأثات الذي يملكه بمجمع للمفروشات في منطقة المصدار، قرب منطقة النظيف، أحياء عمان الشرقية. لكنه لم يتمكن من أن يتجاوز تلك المرحلة من حياته قط، حيث أردته رصاصات خرجت من حارس إسرائيلي الأرض حتى فارق الحياة.
قصة محمد بدأت يوم الأحد 23 يوليو/تموز 2017، وفي اليوم نفسه ضجت الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام العالمية بأخبار عن تشديدات أمنية في العاصمة الأردنية عقب إطلاق النار داخل مجمع السفارة الإسرائيلية، في وقت تشتد الأحداث بفلسطين وتتسارع يومياً بسبب الحرم القدسي. وجاء في العناوين الأولى أن أردنياً قُتل فيما أصيب إسرائيلي.. الأول لم يكن سوى محمد.
لكن الحادثة ما تزال مجهولة التفاصيل لذوي محمد، ويروي ابن خاله، محمود الدوايمة، والذي يعمل بذات مجال عمل والد القتيل، بعض تفاصيل يوم الحادث.
وقال لـ "هاف بوست عربي" إن محمد قد خرج رفقة السائق لتوصيل أثات غرفة نوم لأحد الزبائن، وتركيبها ثم تسلُّم ثمنه والذي يتجاوز الـ1500 دولار.
وتابع: " غادروا المكان عصراً، أي نحو الساعة الثالثة والنصف والرابعة، وتوقعنا أن يستغرق الأمر نحو ساعة إلى ساعتين، لتركيب غرفة نوم في طابق أول من البناية السكنية".
ويضيف: "شعرنا بتأخُّرهم بعد مرور أكثر من الوقت المتوقع، لكنهم لم يكونوا يردوّن في أجهزة الاتصال التي كانوا يحملونها، وبعد وقت أُغلقت هواتفهم، فتواصلنا مع حارس العمارة مصري الجنسية؛ الذي أبلغنا أن (جماعتكم انطخوا)، (ضربوا بالنار)".
ويذكر محمود أن صاحب الشقة الذي اشترى الأثاث كان طبيباً، "وقد وصل لمكان الحادث وحاول إسعاف محمد، لكننا علمنا أنه أصيب هو الآخر وتوفي لاحقاً".
انشغل الجميع بالشاب الذي قُتل، ولم يتطرق الحديث إلى هوية السائق، وأين مصيره؛ إذ لا يعلم الدوايمة أين هو الآن، رغم أنه كان صحبة محمد، وليست لديه أي معلومة إن كان حياً أو حتى ميتاً؛ بل حتى إنهم لم يتوصلوا حتى الآن لمعلومات حول الشاحنة التي كانوا ينقلون بها الأثات.
وأضاف: "حتى جثمان محمد، في بداية الحادثة لم نكن نعلم أين هو؛ إذ زرنا أكثر من مستشفى حكومي للتأكد من وجوده، وتمكنا اليوم (الإثنين) من معرفة أن جثمانه في مستشفى البشير الحكومي".
وأكد المتحدث أن "لا أحد ذهب للسفارة، ونحن لا نرضى أن نتعامل معها أصلاً. نحن أتانا مواطن أردني اشترى غرفة نوم، وكل ما في الأمر أن بنايته كانت جنب السفارة الإسرائيلية".
ويشير الدوايمة إلى أن الطبيب صاحب البناية الذي ابتاع الأثاث، أبلغهم أنه يسكن في منطقة بحرم السفارة الإسرائيلية، ويحتاج الأمر لموافقة من أجل الدخول من منطقة القاطع الأمني.
في حديثه لـ"هاف بوست عربي"، يذكر والد محمد أن التفاصيل متشعبة أكثر من التوقعات؛ ما جعله لوقتٍ يرفض تسلّم جثة ولده حتى تنجلي الرواية الحقيقية لما حدث.
وروى الوالد زكريا الجواودة أن ابنه والسائق، بعدما انتهيا من تركيب أثاث الغرفة، كانا يحملان بأيديهما صندوق العدة، "ويبدو أن حارس السفارة اشتبه في الصندوق، وتسبب في حدوث اشتباك معهما، وإطلاق رصاصتين على كتف وصدر محمد".
وأضاف: "في الوقت ذاته، حضر الطبيب بعد أن سمع صوت إطلاق الرصاص، فأطلق الحارس عليه رصاصة في القلب مباشرة".
وعن مصير السائق، أجاب الوالد على عجل: "إنه بالمخابرات".
ويقول إنه كان غير موافق على تسلُّم جثة ابنه "إلا لما أعرف كيف قُتل"، لكنه رضخ لعشيرته بعد أن اجتمع أفراد منها مع رجال الأمن، فقرروا دفنه، مشيراً إلى أن ذلك سيتم غداً، فيما لا تزال التحقيقات مستمرة.
وفي السياق ذاته، بدت الروايات الرسمية التي أُعلنت من قِبل مديرية الأمن العام غير واضحة، ومرتبكة في تشخيص الواقعة؛ إذ خلصت إحدى الروايات إلى "وفاة أردني داخل مبنى السفارة الإسرائيلية بالعاصمة عُمان، إثر طعنه موظفاً بالسفارة".
ثم جاءت رواية رسمية أخرى بعدها لتوضيح الرواية السابقة، ذكرت أن الأردنيَّين يعملان بشركة أثاث، ودخلا مجمع السفارة للقيام بعمليات إصلاح.
وتتالت البيانات لاحقاً؛ لتزيل اللبس في أن يكون الحادث قد وقع داخل مبنى السفارة، حيث قيل إن التحقيقات الأولية غير النهائية خلصت إلى أن المواطنَين الأردنيَّين دخلا إلى المبنى السكني مكان وقوع الحادثة، "بحكم عملهما بمهنة النجارة".
في حين أن رواية الجانب الإسرائيلي جاءت مبرِّرة فعل حارسها؛ إذ أعلنت وزارة الخارجية أن "حارساً أمنياً بسفارتها في عَمّان قتل أردنياً بالرصاص بعد أن حاول مهاجمته، وآخر عن طريق الخطأ"، مشددة على أن حارسها لديه حصانة من الاستجواب والمحاكمة.
وأوضح المتحدث باسم الوزارة في بيان، أن عاملاً أردنياً كان ينقل أثاثاً إلى شقة الحارس المقيم بمبنى تابع للسفارة في عُمان، حاول طعنه بمفكٍّ للبراغي في ظهره إثر خلاف بينهما.
وأوضح البيان أن الحارس ردَّ بإطلاق النار فقتل العامل وأصاب أردنياً آخر عن طريق الخطأ هو مالك الشقة الذي كان في المكان. وتوفي الأخير لاحقاً متأثراً بإصابته.
وقال بيان وزارة الخارجية إن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي يشغل أيضاً منصب وزير الخارجية، تحدث إلى حارس الأمن وإلى السفيرة عينات شلاين، وشدد على أن الحارس لديه حصانة من الاستجواب والمحاكمة.
وفيما تجد الرواية الرسمية من الجانب الإسرائيلي امتعاضاً لدى الأردنيين، فإن الرواية الرسمية للجانب الأردني لم تكن مقبولة أيضاً؛ بفعل ضبابيتها وارتباكها، حيث ذكرت مثلاً أن الشخص المقتول يعمل نجاراً، قبل أن تعلن لاحقاً أنه طبيب.
قصة محمد بدأت يوم الأحد 23 يوليو/تموز 2017، وفي اليوم نفسه ضجت الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام العالمية بأخبار عن تشديدات أمنية في العاصمة الأردنية عقب إطلاق النار داخل مجمع السفارة الإسرائيلية، في وقت تشتد الأحداث بفلسطين وتتسارع يومياً بسبب الحرم القدسي. وجاء في العناوين الأولى أن أردنياً قُتل فيما أصيب إسرائيلي.. الأول لم يكن سوى محمد.
لا تفاصيل واضحة
لكن الحادثة ما تزال مجهولة التفاصيل لذوي محمد، ويروي ابن خاله، محمود الدوايمة، والذي يعمل بذات مجال عمل والد القتيل، بعض تفاصيل يوم الحادث.
وقال لـ "هاف بوست عربي" إن محمد قد خرج رفقة السائق لتوصيل أثات غرفة نوم لأحد الزبائن، وتركيبها ثم تسلُّم ثمنه والذي يتجاوز الـ1500 دولار.
وتابع: " غادروا المكان عصراً، أي نحو الساعة الثالثة والنصف والرابعة، وتوقعنا أن يستغرق الأمر نحو ساعة إلى ساعتين، لتركيب غرفة نوم في طابق أول من البناية السكنية".
ويضيف: "شعرنا بتأخُّرهم بعد مرور أكثر من الوقت المتوقع، لكنهم لم يكونوا يردوّن في أجهزة الاتصال التي كانوا يحملونها، وبعد وقت أُغلقت هواتفهم، فتواصلنا مع حارس العمارة مصري الجنسية؛ الذي أبلغنا أن (جماعتكم انطخوا)، (ضربوا بالنار)".
ويذكر محمود أن صاحب الشقة الذي اشترى الأثاث كان طبيباً، "وقد وصل لمكان الحادث وحاول إسعاف محمد، لكننا علمنا أنه أصيب هو الآخر وتوفي لاحقاً".
أين السائق؟
انشغل الجميع بالشاب الذي قُتل، ولم يتطرق الحديث إلى هوية السائق، وأين مصيره؛ إذ لا يعلم الدوايمة أين هو الآن، رغم أنه كان صحبة محمد، وليست لديه أي معلومة إن كان حياً أو حتى ميتاً؛ بل حتى إنهم لم يتوصلوا حتى الآن لمعلومات حول الشاحنة التي كانوا ينقلون بها الأثات.
وأضاف: "حتى جثمان محمد، في بداية الحادثة لم نكن نعلم أين هو؛ إذ زرنا أكثر من مستشفى حكومي للتأكد من وجوده، وتمكنا اليوم (الإثنين) من معرفة أن جثمانه في مستشفى البشير الحكومي".
وأكد المتحدث أن "لا أحد ذهب للسفارة، ونحن لا نرضى أن نتعامل معها أصلاً. نحن أتانا مواطن أردني اشترى غرفة نوم، وكل ما في الأمر أن بنايته كانت جنب السفارة الإسرائيلية".
ويشير الدوايمة إلى أن الطبيب صاحب البناية الذي ابتاع الأثاث، أبلغهم أنه يسكن في منطقة بحرم السفارة الإسرائيلية، ويحتاج الأمر لموافقة من أجل الدخول من منطقة القاطع الأمني.
والد الجواودة
في حديثه لـ"هاف بوست عربي"، يذكر والد محمد أن التفاصيل متشعبة أكثر من التوقعات؛ ما جعله لوقتٍ يرفض تسلّم جثة ولده حتى تنجلي الرواية الحقيقية لما حدث.
وروى الوالد زكريا الجواودة أن ابنه والسائق، بعدما انتهيا من تركيب أثاث الغرفة، كانا يحملان بأيديهما صندوق العدة، "ويبدو أن حارس السفارة اشتبه في الصندوق، وتسبب في حدوث اشتباك معهما، وإطلاق رصاصتين على كتف وصدر محمد".
وأضاف: "في الوقت ذاته، حضر الطبيب بعد أن سمع صوت إطلاق الرصاص، فأطلق الحارس عليه رصاصة في القلب مباشرة".
وعن مصير السائق، أجاب الوالد على عجل: "إنه بالمخابرات".
ويقول إنه كان غير موافق على تسلُّم جثة ابنه "إلا لما أعرف كيف قُتل"، لكنه رضخ لعشيرته بعد أن اجتمع أفراد منها مع رجال الأمن، فقرروا دفنه، مشيراً إلى أن ذلك سيتم غداً، فيما لا تزال التحقيقات مستمرة.
رواية مرتبكة
وفي السياق ذاته، بدت الروايات الرسمية التي أُعلنت من قِبل مديرية الأمن العام غير واضحة، ومرتبكة في تشخيص الواقعة؛ إذ خلصت إحدى الروايات إلى "وفاة أردني داخل مبنى السفارة الإسرائيلية بالعاصمة عُمان، إثر طعنه موظفاً بالسفارة".
ثم جاءت رواية رسمية أخرى بعدها لتوضيح الرواية السابقة، ذكرت أن الأردنيَّين يعملان بشركة أثاث، ودخلا مجمع السفارة للقيام بعمليات إصلاح.
بيانات متتالية
وتتالت البيانات لاحقاً؛ لتزيل اللبس في أن يكون الحادث قد وقع داخل مبنى السفارة، حيث قيل إن التحقيقات الأولية غير النهائية خلصت إلى أن المواطنَين الأردنيَّين دخلا إلى المبنى السكني مكان وقوع الحادثة، "بحكم عملهما بمهنة النجارة".
في حين أن رواية الجانب الإسرائيلي جاءت مبرِّرة فعل حارسها؛ إذ أعلنت وزارة الخارجية أن "حارساً أمنياً بسفارتها في عَمّان قتل أردنياً بالرصاص بعد أن حاول مهاجمته، وآخر عن طريق الخطأ"، مشددة على أن حارسها لديه حصانة من الاستجواب والمحاكمة.
وأوضح المتحدث باسم الوزارة في بيان، أن عاملاً أردنياً كان ينقل أثاثاً إلى شقة الحارس المقيم بمبنى تابع للسفارة في عُمان، حاول طعنه بمفكٍّ للبراغي في ظهره إثر خلاف بينهما.
وأوضح البيان أن الحارس ردَّ بإطلاق النار فقتل العامل وأصاب أردنياً آخر عن طريق الخطأ هو مالك الشقة الذي كان في المكان. وتوفي الأخير لاحقاً متأثراً بإصابته.
وقال بيان وزارة الخارجية إن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي يشغل أيضاً منصب وزير الخارجية، تحدث إلى حارس الأمن وإلى السفيرة عينات شلاين، وشدد على أن الحارس لديه حصانة من الاستجواب والمحاكمة.
وفيما تجد الرواية الرسمية من الجانب الإسرائيلي امتعاضاً لدى الأردنيين، فإن الرواية الرسمية للجانب الأردني لم تكن مقبولة أيضاً؛ بفعل ضبابيتها وارتباكها، حيث ذكرت مثلاً أن الشخص المقتول يعمل نجاراً، قبل أن تعلن لاحقاً أنه طبيب.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/07/24/story_n_17573238.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات