الأربعاء، 12 يوليو 2017

كيف خدع الروس ترامب في سوريا وخرجت إيران بأكبر المكاسب؟.. خبير أميركي: لقد أصبحنا أتباعا لبوتين

كيف خدع الروس ترامب في سوريا وخرجت إيران بأكبر المكاسب؟.. خبير أميركي: لقد أصبحنا أتباعا لبوتين

"لقد ولت أيام (القيادة من الخلف)، واليوم نحن نتبع الآخرين من الخلف".. بهذه الكلمات، انتقد مدير مشروع مكافحة الإرهاب في معهد دراسات الشرق الأوسط بواشنطن، تشارلز ليستر، سياسة الولايات المتحدة إزاء الصراع في سوريا، ولا سيما الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار بجنوب البلاد.

وفي مقاله بموقع الديلي بيست الأميركي، اعتبر ليستر السياسات الأميركية تعد اعترافاً من الولايات المتحدة الأميركية فعلياً بهزيمتها أمام روسيا وإيران، ويعكس كيف "تخدع" روسيا الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لتخرج إيران بالنصيب الأكبر من المكاسب في سوريا.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والأردن، قد أعلنت الجمعة 7 يوليو/تموز 2017، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار جنوب غربي سوريا بداية من 9 يوليو/تموز، وذلك بعد أول اجتماع بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة مجموعة الدول العشرين في مدينة هامبورغ الألمانية.

وكان موقع ديلي بيست قد كشف في تقرير سابق -نشره "هاف بوست عربي"- خطة ترامب بشأن سوريا قائلاً: "إنه بعد مرحلة محيرة من تحولات السياسة الأميركية تجاه سوريا، أخبرت مصادر مطلعة من الإدارة والكونغرس فريق (ديلي بيست) بأن ترامب يقدم بداية استراتيجية جديدة في سوريا وهي استراتيجية تقوم على المدى القصير على:


- إبقاء الأسد في السلطة.

- الإذعان لفكرة المناطق الآمنة التي اقترحتها موسكو وحلفاؤها.

- الاعتماد على التعاون مع موسكو والقوات الروسية في تمشيط أجزاء من البلاد.



منً هو المستفيد الأول من سياسات ترامب؟


واعتبر مدير مشروع مكافحة الإرهاب في معهد دراسات الشرق الأوسط بواشنطن، إن سياسات ترامب سوف تؤدي إلى تفاقم الاٍرهاب؛ لأنها ستبقي على سببه الأصلي.

وقال إنه يمكن التعبير عن فكر إدارة ترامب الجديد في سوريا بالآتي: القوات الأميركية موجودةٌ في سوريا فقط لقتال ما يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وهي ليست في موقفٍ يسمح لها بتحدي شرعية نظام بشار الأسد، رغم جرائمه المُتعدِّدة. كما ترى إدارة ترامب أنه لا بد من الاعتراف بحقيقةِ أن روسيا قد استثمرت الكثير في سوريا، وعرضها لإعادة إنشاء المناطق المنكوبة هو طريقها الأمثل لترسيخ الاستقرار.

واعتبر أن الولايات المتحدة بذلك تمنح غطاءً دبلوماسياً لما يعدّ بكل المقاييس آلية روسيا الاستراتيجية الأولى لتوفير ضمانةٍ منهجيةٍ لانتصار الأسد، عبر تجميد الجبهات انتقائياً؛ من أجل تحرير قواتٍ مواليةٍ للنظام للقتال في مناطق أخرى.





استراتيجية معيبة لهذه الأسباب









ورأى أن هناك 4 مشكلات أساسية في الاستراتيجية الأميركية بسوريا كما هي الآن.

الأولى: فالولايات المتحدة تستمر بشكلٍ منافٍ للمنطق في معالجة أعراض المشكلة، فيما تسمح لسببها الجذريِّ (نظام بشار الأسد) بالنجاة. فلم يكن المتطرفون أبداً السبب الرئيس في عدم الاستقرار؛ بل إن التطرُّف يتغذَّى على الظروف الموجودة مسبقاً، والتي تمنح مصداقيةً لخطابه المُتشدِّد.

وتُعد وحشيةُ الأسد معروفةً للجميع؛ إذ قضى 500 ألف شخص نحْبهم بمنتهى القسوة منذ رفض الأسد مطالب المعارضة السلمية بإصلاحاتٍ سياسيةٍ في 2011. وقد صدمت شبهات استخدام الأسد أسلحة كيماويةً العالم، لكن تلك الأسلحة كانت مسؤولةً عن 1% من الضحايا المدنيين. وتُظهِر وثائقٌ جديدةٌ أن 13029 سوريّاً قد قضوا نحْبهم جرَّاء التعذيب منذ مارس/آذار 2011، وقتل نظام الأسد 99.2% منهم (12290). بالمثل، فقد سُجِلَ مقتل 24799 طفلاً خلال النزاع، 85.2% منهم (21123) قُتِلوا بأسلحة نظام الأسد.

هذه الحقائق وغيرها الكثير هي المحركات الحقيقية للتطرُّف. وأياً كان الشكل الذي ستتخذه داعش لاحقاً، فإنه سيكون -بلا شكٍ- مستفيداً وحريصاً على استغلال عدم الاستقرار المستمر في سوريا.

كيف تستفيد القاعدة من الاستراتيجية الأميركية؟
يرى ليستر أن تنظيم القاعدة هو الأكثر استفادةً منً هذا الوضع، فقد زرع تنظيم القاعدة نفسه عميقاً في صفوف معارضي الأسد، رابطاً مصيره بمصير الثوار السوريين. ووفقاً لهذا المعيار، فإن قبول الولايات المتحدة ببقاء الأسد، وبانتصار روسيا وإيران، لن يصب على الأرجح في مصلحة أحد أكثر من تنظيم القاعدة.

ما هي نتيجة العلاقة مع الأكراد؟


المشكلة الثانية: هي ترك القرارات الداخلية في المناطق التي كان داعش يحتلها لقوات سوريا الديمقراطية، وقيادتها المتمثلة في وحدات حماية الشعب الكردية. وكلاهما يحافظ على علاقاتٍ غامضةٍ مع نظام الأسد، فيتشاركون السيطرة على بعض المناطق، ويتعاونون عسكرياً في مناطق أخرى، فيما يلتزمون بتخفيفٍ متبادلٍ لحدة التوتر بمناطق أخرى.

وقد اقترح مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية -علناً ومن وراء الكواليس- أن نتوقَّع من نظام الأسد أن يعيد مد نفوذه في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، وأن ذلك لن يُمثِّل مشكلةً لسياسة الولايات المتحدة.

وبالاضافة للاعتداءات المُوثَّقة لوحدات حماية الشعب على حقوق الإنسان، ورفضها السماح بتعدُّد الأحزاب السياسية، فإن عودة نظام الأسد في نهاية المطاف للمدن التي حرَّرها الأميركيون من سيطرة تنظيم داعش لن يفعل شيئاً غير تعزيز الدوافع نفسها التي غذَّت تنظيماتٍ كتنظيم داعش في المقام الأول.

لا عودة للنازحين


المشكلة الثالثة التي ستخلفها الاستراتيجية الأميركية: أن الولايات المتحدة تمنح دعمها -سراً أو علناً- للمبادرة الروسية لمناطق وقف التصعيد في سوريا، بينما تنسى كيف أخفقت روسيا في تأمين وقف إطلاق نارٍ واحدٍ منصفٍ ومثمرٍ وقويٍّ منذ تدخلها في سوريا قبل عامين.

واعتبر ان رهان الولايات المتحدة، على نجاح مبادرة وقف التصعيد الروسية، يرسخ النظام مما سيعيق احتمالية عودة 6 ملايين لاجئٍ إلى سوريا، وستعزِّز في المقابل دوافع النزاع، والتطرف، والانقسام الحاصل منذ عام 2011.

مئات الآلف من المقاتلين الشيعة


اما المشكلة الرابعة فهي: إن استراتيجيةً محدودةً لمكافحة الإرهاب مقرونةً بقبولٍ ضمني لانتصار الأسد- تعني أن إيران أحرزت نصراً استراتيجياً هائلاً.
فعلى مدار السنوات الماضية، استغلَّ الحرسُ الثوري الإيراني حالة عدم الاستقرار؛ من أجل إنشاءِ شبكةٍ واسعةٍ ومُعقَّدةٍ من الميليشيات الشيعية عبر الشرق الأوسط. واليوم، في عام 2017، ربما تحظى إيران بنفوذٍ ساحق، إن لم تكن سيطرةً فعليةً، على أكثر من 230 ألفاً من رجال الميليشيات في روسيا والعراق ولبنان مجتمعة، وهذا العدد يتضمَّن 150 ألفاً في سوريا وحدها.

ومع أن الاتفاقَ الأخير لوقفِ التصعيدِ في الجنوب الغربي السوري يتضمَّن بنداً يُلزِم الميليشيات المرتبطة بإيران بالانسحاب من المنطقة المحاذية لإسرائيل- فإن لطهران تاريخاً من سحب أصولها من المنطقة بسبب الضغط الخارجي ثم بعد ذلك تعود لتتسلَّل إليها مُجدَّداً حين تسمح الظروف. وما مِن سببٍ يدعونا لاعتقاد أن هذه المرة مختلفة بأي قدر.

واعتبر الكاتب أنه يمكن للسيطرةِ الأميركية على منطقةٍ وإرساء الاستقرار فيها، وحمايتها وحماية سُكَّانها من التطرُّفِ وغيره من مظاهر العدوان، وكذلك تعزيزِ بيئةٍ تتخذ فيها إعادة الإعمار والحكم المحلي شكلاً مُحدَّداً- أن يصب كل ذلك في إطارِ خلقِ واقعٍ بديلٍ عن نظام الأسد.

وقال يتعيَّن على الولايات المتحدة أن تعتمد رؤيةً أطول أجلاً، استناداً إلى التزامٍ متواصلٍ وحقيقي بفكرة التسوية التفاوضية التي تتضمَّن أكبر عددٍ من فصائل المعارضة كلَّما أمكن.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/07/12/story_n_17464918.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات