من مطار سانت لويس بولاية ميسوري، يمر الطريق البري رقم (70) بضاحية فيرغسون. (شهدت، قبل عامين، مظاهرات واشتباكات عنصرية بين بيض وسود)، ثم يتجه الطريق نحو قلب سانت لويس، ثم يتفرع منه الطريق رقم 64، وبعد شارع جيفرسون، ثم شارع أوليف، يوجد شارع لوكست (الجراد).
هنا، في المنزل رقم 2635، وُلد توماس ستيرن إليوت، الذي عرف فيما بعد باسم "ت.إس إليوت"، الكاتب والشاعر الأميركي-البريطاني، الذي فاز بجائزة نوبل في الأدب، ومؤلف قصائد تاريخية، مثل: "أغنية حب ألفريد بروفروك" و"الأرض اليباب" و"الرجل الفارغ" و"أربعاء الرماد".
**
أين المنزل؟
في الحقيقة، لا يوجد منزل في 2635 بشارع لوكست، دُمر قبل أكثر من 50 عاماً، وهو الآن موقف سيارات. (لا يبدو أن أحداً يعرف لماذا حدث ذلك، وربما لأن أحداً لم ينتبه إلى أهمية البيت في ذلك الوقت).
توجد لافتة تقول: "مكان ميلاد وطفولة ت.إس إليوت، وُلد عام 1888، وتوفي عام 1965. شاعر، فيلسوف، ناقد أدبي، فائز بجائزة نوبل في الأدب".
ليس هذا الحي من أرقى أحياء سانت لويس، ولا كان كذلك في عهد إليوت، كان يسمى "حي السيارات"؛ بسبب وجود كثير من محلات بيع وإصلاح السيارات.. كانت عائلة إليوت غنية، لكنها، رغم ذلك، سكنت في الحي فترة طويلة.
في وقت لاحق، بعد أن ذهب إليوت إلى جامعة هارفارد (عام 1909)، انتقلت العائلة إلى منزل آخر في حي راقٍ (4446 شارع ويستمنستر). يظل هذا المنزل في مكانه حتى اليوم. لكن، طبعاً، ليست له الأهمية التاريخية للمنزل الذي وُلد، وتربَّى فيه إليوت.
عندما كان إليوت في هارفارد، عاد كثيراً إلى منزل العائلة. وكتب عن ذكرياته عن المنزل، وعن سانت لويس، وعن نهر مسيسبي (يقع على مسافة نصف ميل تقريباً من البيت). كتب أنه كان يمشي إلى النهر مع أصدقائه، خاصة عندما يهيج النهر، ويكاد يبتلع سانت لويس.
في ذلك المنزل، صار واضحاً ولع إليوت الشاب بالأدب الغربي، وخاصة الأدب الأميركي، ولم يمنعه ذلك من الاطلاع على آداب أخرى، مثل الأدب العربي.
في ذلك المنزل، كتب عن كتاب "رباعيات عمر الخيام" (ترجمها من الفارسية، قبل 10 أعوام من ميلاد إليوت، الشاعر والأديب البريطاني إدوارد فتزجيرالد).
كان عمر إليوت 14 عاماً (قبل أن يذهب إلى جامعة هارفارد)، عندما اشترى له والده الرباعيات. قرأها في المنزل الذي وُلد فيه، وهناك كتب أولى قصائده، من وحى الرباعيات (لم تعجبه، ومزقها). قال، في وقت لاحق، عن الرباعيات: "كانت بالنسبة لي مثل أن أتحول من دين إلى دين، فجأة. ظهر لي العالم جديداً، ملوناً بألوان زاهية، ولذيذة، ومؤلمة".
**
إلى بريطانيا:
في عام 1914، ترك إليوت جامعة هارفارد، وذهب إلى جامعة أكسفورد. وبعد أن تخرج في إكسفورد، بقي في بريطانيا، وتزوج البريطانية فيفيان وود، وحصل على الجنسية البريطانية (عام 1927).
عاد، لأول وآخر مرة، إلى سانت لويس قبل 10 أعوام من وفاته (عام 1953). عاد لحضور حفل مرور 100 عام على تأسيس جامعة واشنطن (التي أسهم جده في تأسيسها). كان قد صار مشهوراً، بعد أن نال جائزة نوبل في الأدب (عام 1948)، وألقى خطابا قال فيه: "أحس بسعادة قوية أنني وُلدت هنا في سانت لويس. أحس بذلك أكثر مما لو كنت وُلدت في نيويورك، لأول لندن".
ليس مؤكداً ما إذا كان قد زار، في ذلك الوقت، المنزل (أو مكان المنزل) الذي وُلد فيه.
لكن، يقال إنه زار مطعم وبار "شلافي" القريب من المكان. يظل "شلافي" في مكانه القديم حتى اليوم.
ويشاهد الذي يزوره صور إليوت، ومعلومات عنه، منها أنه كتب واحدة من قصائده هنا. قال، في وقت لاحق: "كتبتها في ثلاثة أرباع ساعة، صباح يوم أحد، بعد أن ذهبت إلى الكنيسة، وقبل الغداء، بمساعدة نصف زجاجة من جين (بوث)".
ويقال إنه زار "فاونتين شارع لوكست" (محل لبيع الآيس كريم)، ويظل في مكانه حتى اليوم. ويشاهد الذي يزوره معلومات عن إليوت، ويشاهد في قائمة أنواع الآيس كريم: "آيس كريم إليوت" (مخلوط بجين "بوث"، شرابه المفضل).
**
"الأرض اليباب":
يلاحظ الذي يزور جامعة واشنطن (في سانت لويس) وجود "مؤسسة خريجي نوبل" (22 خريجاً نالوا جوائز نوبل، وأكثرهم في العلوم والطب). لم يتخرج إليوت من هنا. لكن، تفتخر به الجامعة.. كانت قصائد إليوت موضوع النقاش في واحدة من الندوات.
أشهرها قصيدتان:
أولاً: "أغنية حب العريف جوزيف ألفريد بروفروك". وفيها: "بعد الكؤوس، والشاي، ومربى المارماليد. بعد غروب الشمس، وإغلاق الأبواب. بعد الموائد، والفساتين التي تلامس الأرض. بعد هذا، وبعد أكثر من هذا، لا أقدر أن أقول ما أقصد.. ليس هذا هو. ليس هذا ما أقصد".
يوجد فيها، مع الحيرة، التشاؤم: "صرت أقيس حياتي بملعقة القهوة"، و"عندما ينتشر الظلام في السماء، مثل مريض مخدر على سرير الجراحة"، و"مطاعم مغبَّرة، وفنادق رخيصة"، و"حورية البحر تمشط شعري الأبيض"، و"أنا مثل حيوان بحر من دون أنياب، راقداً في قاع محيط صامت".
ثانياً: قصيدة "ويستد لاند" (الأرض اليباب)، تتكون من 400 سطر. وإذا كانت القصيدة الأولى، "بروفروك"، قصيدة إحباط، من دون إجابات شافية، في هذه إحباط، ولكن مع "عودة إلى الله" فيها أبيات كثيرة عن عيسى المسيح، و"لاست صابار" (العشاء الأخير)، و"هولي غريل" (الصحن المقدس الذي يقال إن فيه دم المسيح).
تنقسم القصيدة إلى 5 أقسام: "دفن الموتى"، و"الحياة لعبة شطرنج"، و"موعظة النار (فلسفات شرقية)"، و"الموت بالماء"، و"صوت الرعد (يوم القيامة)".
رابط قصيدة "الأرض اليباب"
https://www.poetryfoundation.org/poems/47311/the-waste-land-56d227a99ddeb
رابط قصيدة "العريف بوروفروك"
هنا، في المنزل رقم 2635، وُلد توماس ستيرن إليوت، الذي عرف فيما بعد باسم "ت.إس إليوت"، الكاتب والشاعر الأميركي-البريطاني، الذي فاز بجائزة نوبل في الأدب، ومؤلف قصائد تاريخية، مثل: "أغنية حب ألفريد بروفروك" و"الأرض اليباب" و"الرجل الفارغ" و"أربعاء الرماد".
**
أين المنزل؟
في الحقيقة، لا يوجد منزل في 2635 بشارع لوكست، دُمر قبل أكثر من 50 عاماً، وهو الآن موقف سيارات. (لا يبدو أن أحداً يعرف لماذا حدث ذلك، وربما لأن أحداً لم ينتبه إلى أهمية البيت في ذلك الوقت).
توجد لافتة تقول: "مكان ميلاد وطفولة ت.إس إليوت، وُلد عام 1888، وتوفي عام 1965. شاعر، فيلسوف، ناقد أدبي، فائز بجائزة نوبل في الأدب".
ليس هذا الحي من أرقى أحياء سانت لويس، ولا كان كذلك في عهد إليوت، كان يسمى "حي السيارات"؛ بسبب وجود كثير من محلات بيع وإصلاح السيارات.. كانت عائلة إليوت غنية، لكنها، رغم ذلك، سكنت في الحي فترة طويلة.
في وقت لاحق، بعد أن ذهب إليوت إلى جامعة هارفارد (عام 1909)، انتقلت العائلة إلى منزل آخر في حي راقٍ (4446 شارع ويستمنستر). يظل هذا المنزل في مكانه حتى اليوم. لكن، طبعاً، ليست له الأهمية التاريخية للمنزل الذي وُلد، وتربَّى فيه إليوت.
عندما كان إليوت في هارفارد، عاد كثيراً إلى منزل العائلة. وكتب عن ذكرياته عن المنزل، وعن سانت لويس، وعن نهر مسيسبي (يقع على مسافة نصف ميل تقريباً من البيت). كتب أنه كان يمشي إلى النهر مع أصدقائه، خاصة عندما يهيج النهر، ويكاد يبتلع سانت لويس.
في ذلك المنزل، صار واضحاً ولع إليوت الشاب بالأدب الغربي، وخاصة الأدب الأميركي، ولم يمنعه ذلك من الاطلاع على آداب أخرى، مثل الأدب العربي.
في ذلك المنزل، كتب عن كتاب "رباعيات عمر الخيام" (ترجمها من الفارسية، قبل 10 أعوام من ميلاد إليوت، الشاعر والأديب البريطاني إدوارد فتزجيرالد).
كان عمر إليوت 14 عاماً (قبل أن يذهب إلى جامعة هارفارد)، عندما اشترى له والده الرباعيات. قرأها في المنزل الذي وُلد فيه، وهناك كتب أولى قصائده، من وحى الرباعيات (لم تعجبه، ومزقها). قال، في وقت لاحق، عن الرباعيات: "كانت بالنسبة لي مثل أن أتحول من دين إلى دين، فجأة. ظهر لي العالم جديداً، ملوناً بألوان زاهية، ولذيذة، ومؤلمة".
**
إلى بريطانيا:
في عام 1914، ترك إليوت جامعة هارفارد، وذهب إلى جامعة أكسفورد. وبعد أن تخرج في إكسفورد، بقي في بريطانيا، وتزوج البريطانية فيفيان وود، وحصل على الجنسية البريطانية (عام 1927).
عاد، لأول وآخر مرة، إلى سانت لويس قبل 10 أعوام من وفاته (عام 1953). عاد لحضور حفل مرور 100 عام على تأسيس جامعة واشنطن (التي أسهم جده في تأسيسها). كان قد صار مشهوراً، بعد أن نال جائزة نوبل في الأدب (عام 1948)، وألقى خطابا قال فيه: "أحس بسعادة قوية أنني وُلدت هنا في سانت لويس. أحس بذلك أكثر مما لو كنت وُلدت في نيويورك، لأول لندن".
ليس مؤكداً ما إذا كان قد زار، في ذلك الوقت، المنزل (أو مكان المنزل) الذي وُلد فيه.
لكن، يقال إنه زار مطعم وبار "شلافي" القريب من المكان. يظل "شلافي" في مكانه القديم حتى اليوم.
ويشاهد الذي يزوره صور إليوت، ومعلومات عنه، منها أنه كتب واحدة من قصائده هنا. قال، في وقت لاحق: "كتبتها في ثلاثة أرباع ساعة، صباح يوم أحد، بعد أن ذهبت إلى الكنيسة، وقبل الغداء، بمساعدة نصف زجاجة من جين (بوث)".
ويقال إنه زار "فاونتين شارع لوكست" (محل لبيع الآيس كريم)، ويظل في مكانه حتى اليوم. ويشاهد الذي يزوره معلومات عن إليوت، ويشاهد في قائمة أنواع الآيس كريم: "آيس كريم إليوت" (مخلوط بجين "بوث"، شرابه المفضل).
**
"الأرض اليباب":
يلاحظ الذي يزور جامعة واشنطن (في سانت لويس) وجود "مؤسسة خريجي نوبل" (22 خريجاً نالوا جوائز نوبل، وأكثرهم في العلوم والطب). لم يتخرج إليوت من هنا. لكن، تفتخر به الجامعة.. كانت قصائد إليوت موضوع النقاش في واحدة من الندوات.
أشهرها قصيدتان:
أولاً: "أغنية حب العريف جوزيف ألفريد بروفروك". وفيها: "بعد الكؤوس، والشاي، ومربى المارماليد. بعد غروب الشمس، وإغلاق الأبواب. بعد الموائد، والفساتين التي تلامس الأرض. بعد هذا، وبعد أكثر من هذا، لا أقدر أن أقول ما أقصد.. ليس هذا هو. ليس هذا ما أقصد".
يوجد فيها، مع الحيرة، التشاؤم: "صرت أقيس حياتي بملعقة القهوة"، و"عندما ينتشر الظلام في السماء، مثل مريض مخدر على سرير الجراحة"، و"مطاعم مغبَّرة، وفنادق رخيصة"، و"حورية البحر تمشط شعري الأبيض"، و"أنا مثل حيوان بحر من دون أنياب، راقداً في قاع محيط صامت".
ثانياً: قصيدة "ويستد لاند" (الأرض اليباب)، تتكون من 400 سطر. وإذا كانت القصيدة الأولى، "بروفروك"، قصيدة إحباط، من دون إجابات شافية، في هذه إحباط، ولكن مع "عودة إلى الله" فيها أبيات كثيرة عن عيسى المسيح، و"لاست صابار" (العشاء الأخير)، و"هولي غريل" (الصحن المقدس الذي يقال إن فيه دم المسيح).
تنقسم القصيدة إلى 5 أقسام: "دفن الموتى"، و"الحياة لعبة شطرنج"، و"موعظة النار (فلسفات شرقية)"، و"الموت بالماء"، و"صوت الرعد (يوم القيامة)".
رابط قصيدة "الأرض اليباب"
https://www.poetryfoundation.org/poems/47311/the-waste-land-56d227a99ddeb
رابط قصيدة "العريف بوروفروك"
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/mohammed-ali-saleh/-_13039_b_17791522.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات