الأحد، 13 أغسطس 2017

أهلي وترجي وفيصلي

أهلي وترجي وفيصلي

عن بطولةٍ ضمَّت أبرز الفرق العربية لكرة القدم، اجتمعوا جميعهم للمنافسة على كأس البطولة وجائزة مالية قدرها 2.5 مليون دولار وعلى أن يحصل الوصيف على 600 ألف دولار.

ولكن في الواقع، لم تكن الجوائز المادية قط هي السبب الرئيس لإقامة هذه البطولة؛ فالسبب الرئيس الذي أعلنته اللجنة المنظمة هو تقريب الشعوب وتوطيد العلاقات بين الدول والشعوب العربية عن طريق كرة القدم.

بداية موفقة لأقصى درجة، ممزوجة بكاميرات وإخراج رائع لأقصى درجة، على أفضل ملاعب القاهرة والإسكندرية.

خرج من خرج في دور المجموعات وتبقى الأربعة الكبار (الترجي التونسي- الأهلي المصري- الفيصلي الأردني- الفتح المغربي).

جلست أمام التلفاز لأشاهد مباراة الأهلي والفيصلي في دور نصف النهائي، ولكنها في الواقع لم تكن مباراة كرة قدم عادية، فقد كانت أقرب إلى حرب استنزاف رهيبة، أطرافها أشد الأعداء؛ جماهير ولاعبين وإداريين، كلا الطرفين كارهٌ للآخر؛ فالأهلي يريد الثأر والفيصلي يريد إثبات جدارته بالفوز الأول على الأهلي في دور المجموعات.

2017-08-07-1502115014-5493457-626.jpg

ليلة المباراة، قام الإعلام الرياضي المصري بعملية شحن وابتزاز غير طبيعية تجاه الفيصلي وإقناع الرأي العام بأن فوزهم الأول على الأهلي في دور المجموعات كان محض صدفة، وأنه لا يساوي شيئاً أمام الأهلي المصري، أكبر نادٍ في إفريقيا والعالم العربي!

وعلى الجانب الآخر، دخل الفيصلي بدافع إثبات جدارته، وهذا ما حدث فعلاً بهزيمته للأهلي بأداء رائع لأقصى درجة لا ينكره أحد، وبإدارة عبقرية من مدربه نيبوشا.

طوال المباراة، لم يكن يمضي 3 دقائق من دون خطأ من كلا الفريقين أو تدخلات مباشرة من اللاعبين واندفاعات بالأيادي والألفاظ، إلى أن انتهت المباراة بكمية شحن غير طبيعية وتراشق بالألفاظ بين الجمهورين الأردني والمصري، وانطلقت حرب التصريحات المستفزة من كلا الفريقين مرة أخرى.

الفيصلي أشعرني بأنه حرَّر المسجد الأقصي حينها من شدة المبالغة في الفرح! والأهلي والإعلام المصري أشعراني بأن مصر تم احتلالها من قِبل الإنكليز مرة أخرى!


2017-08-07-1502116204-3568989-BeFunkyCollage.jpg


مضت الأيام ووصلنا للمباراة النهائية بين الفيصلي والترجي، وكانت من أجمل المباريات التي شاهدتها في حياتي؛ أداء رائع من كلا الفريقين، ومستوى فني رائع من فوزَي البنزرتي ونيبوشا والنتيجة 2- 2، حدث ما حدث وأفسد الحَكم المباراة بهدف تسلل واضح يراه الصغير قبل الكبير، ومن قبلها لاعب ساقط على أرضية الملعب من فريق الفيصلي، وانتهى اللقاء بتتويج الترجي بالبطولة.

أظهرت البطولة العربية كمية جهل وقلة وعي غير طبيعية منتشرة في العالم العربي، فتحولت إلى معركة تراشُق ألفاظ، أطرافها مصر والأردن وتونس، متمثلين في الترجي والفيصلي والحَكم المصري، صفحات تتعدى الـ43 مليون متابع على فيسبوك، تقوم على مدار الساعة بسب ولعن الفيصلي وشعب الأردن! وعلى الجانب الآخر، تعليقات جماهير الفيصلي تسب المصريين والتونسيين ووصفهم بأولاد فيفي عبده وأولاد الراقصات!

يبدأ الأمر بالهجوم على الحَكم المصري أو جماهير الفيصلي وجماهير الأهلي، وينتهي الأمر بسبّ ولعن مصر والأردن وتونس، فأصبح شيئاً طبيعياً أن أرى تعليقاً حاصلاً على 1000 "لايك" لشاب أردني يهدد فيه 250 ألف مغترب مصري في الأردن! وأصبح من الطبيعي أن تجد الآلاف من جماهير الأهلي تسب الأردن وشعبها!

المثير للاندهاش حقاً هو أن الوطنية عند المواطن العربي تُختزل في كرة القدم! وكأن الشعوب والدول مسؤولة عن مجموعة من السُّذج والأطفال في التشجيع أو عن حكم مباراة أخطأ في تقدير كرة ما!

السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل المطلوب من الشعوب العربية، مع كل تلك الكميات من قلة الوعي والجهل الذي لا يستهان به، أن تحرر المسجد الأقصى وتنصر فلسطين؟! أخي، نحن نسب ويلعن بعضنا بعضاً بسبب مباراة كرة قدم!

البطولة العربية كان هدفها توحيد الشعوب العربية، ولكن أعتقد أنها قامت بالعكس وأظهرت مدى الحقد والكراهية المبطنة داخل الشعوب العربية بعضهم تجاه بعض! وأظهرت لنا نظريات عبقرية لفلاسفة عرب؛ ككراهية شعوب المغرب العربي وشمال إفريقيا لمصر، وكوصف الشعب المصري بأبناء الراقصات، وكرجعية شعوب شبه الجزيرة العربية!

شكراً للبطولة العربية..


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/mohammed-aldemeiri/story_b_17696384.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات