أثارت إقالة رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون بعد 3 أشهر فقط من توليه المنصب الكثير من التساؤلات عن أسباب إبعاده عن السلطة، لا سيما وأنها جاءت في وقت تعيش فيه الجزائر جواً سياسياً متوتراً، وسباقاً لخلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خاصة بعدما أصبح غائباً تماماً عن المشهد السياسي في البلاد.
صحيفة Mondafrique الفرنسية قدمت تفسيرات حول هذه الإقالة، وذكرت الخميس 17 أغسطس/آب 2017، أن من أبرز الأسباب تعريض رئيس الوزراء المعزول نفسه للخطر عندما حاول لعب دور "الفارس الأبيض".
ونقلت عن أحد المقربين من الوزير الأول السابق قوله إن "تبون ارتكب خطأ فادحاً عندما تعامل بجرأة كبيرة مع رجال الأعمال"، الذين سارعوا بتحييده عن المنصب الذي يضطلع به في أعلى هرم السلطة الجزائرية.
وأوضح أن "تبون حاول عندما تم تعيينه، أن يثبت أنه رئيس وزراء حقيقي، بيد أنه تسرع عندما قام بعداء المنتمين لحكم الأقلية الأكثر نفوذاً في الجزائر. فهو لم يقم بالاتفاق مع البعض منهم وعادى البعض الآخر، بل أعلن ببساطة الحرب على الجميع".
وكما ظهر تبون على الساحة السياسية في الجزائر بسرعة اختفى أيضاً بسرعة، فبعد أن شعر تبون بتنامي شعبيته على خلفية الحملة التي أطلقها ضد الفساد، تسارعت وتيرة هجماته ضد حكم الأقلية، الذين يتدخلون علناً في شؤون الحكومة.
وتشير الصحيفة الفرنسية إلى أن تبون في البداية حاول عرقلة سير أعمال علي حداد، أحد أقوى رجال الأعمال في البلاد. بعد ذلك، اجتاح "إرث" عبد السلام بوشارب في وزارة الصناعة، وعرْقل سير عمل العديد من مصانع تجميع السيارات. ومؤخراً، شن هجمات على قطاع الأغذية من خلال استهداف عائلة بنمور الغنية.
وفي تموز/يوليو الماضي، أصدرت الحكومة سلسلة إشعارات رسمية لعدد من الشركات الجزائرية والأجنبية الكبرى التي تعمل في البنى التحتية العامة المهمة، معتبرة أن مشاريعها متأخرة وهددت بإنهاء عقودها.
وبين هذه الشركات خصوصاً مؤسسة إشغال الطرق الهيدروليكية والمباني التي يملكها علي حداد، الرئيس القوي لمنتدى أرباب العمل في الجزائر، وصديق سعيد بوتفليقة الذي يحظى بنفوذ واسع كونه شقيق الرئيس، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
واعتبر مراقبون أن تبون يدفع ثمن نيته المعلنة بمهاجمة هذا الارتباط بين بعض رجال الأعمال وكبار السياسيين. وكان وعد أثناء تقديم برنامجه بـ"الفصل بين المال والسلطة"، قائلاً إن "الدولة هي الدولة والمال هو المال".
وقال رشيد تلمساني أستاذ العلوم السياسية في الجزائر لوكالة الأنباء الفرنسية أن "الوزراء الذين كانوا طبقوا إجراءات مثل تقليص الواردات على أنواعها ومنها المتصلة بقطاع السيارات (...) تمت إقالتهم".
وأشار إلى أن تبون "حاول المساس بمصالح بعض المنتمين إلى "الطبقة الأوليغارشية المحيطة بالرئيس مثل علي حداد". وتابع: "في سياق الصراع بين مراكز القوى، فإن المجموعة الرئاسية التي تضم سعيد بوتفليقة ورئيس الاتحاد العام للعمال (نقابة رسمية) عبد المجيد سيدي سعيد، أظهرت تضامنها مع حداد متحدية رئيس الوزراء. لقد كسبوا للتو معركة أخرى".
وكشف عضو المكتب السياسي لأحد الأحزاب المؤثرة للغاية في الجزائر، والذي رفض الكشف عن هويته للصحيفة الفرنسية أنه "توجد خلف حكم الأقلية في الجزائر عشيرة سياسية، حيث يعيد رجال الأعمال الأثرياء توزيع "الكعكة" على أصدقائهم السياسيين الذين يحمونهم ويدعمونهم. ولذلك، حاول تبون التخلص من هذه العلاقات الاقتصادية والسياسية وبدأ في زعزعة استقرار جهاز كامل متجذر داخل الدولة".
وعلى خلفية هذه الأحداث، أعرب سعيد بوتفليقة عن عدم تأييده "للفارس الأبيض". وخلال حديث أجراه مع أحد المقربين، أفاد سعيد أنه "صُدم بشكل خاص من الشعبوية الاقتصادية التي يتمتع بها عبد المجيد تبون".
وأكد أحد الأصدقاء ورجل الأعمال الذي يذهب لنفس الأماكن التي يرتادها أفراد من العشيرة الرئاسية أنه "تم حظر مرور العديد من البضائع في الموانئ وذلك بعد اتخاذ تدابير جذرية دون التشاور مع بقية العشيرة الرئاسية. فضلاً عن ذلك، لم تعد البنوك تعرف ما يجب فعله. وأصبح الشركاء الأجانب خائفين، ما دفع السفارات إلى طلب مدّهم بتوضيح من الرئاسة".
وفي نهاية المطاف، أقنع الأفراد المنتمون إلى حكم الأقلية في الجزائر سعيد بوتفليقة بالتدخل في هذه اللعبة.
وتشير صحيفة Mondafrique إلى أن تبون "ارتكب خطأ فادحاً عندما تجاهل سعيد بوتفليقة. والأسوأ من ذلك، كان تبون يطلب من حاشيته عدم الرجوع إليه بالنظر عند اتخاذ القرارات".
وعلاوة على ذلك، لم يقتنع الدبلوماسيون الفرنسيون باختيار بوتفليقة لعبد المجيد تبون رئيساً للوزراء، في حين بدا سلفه سلال، الذي كان صديقاً للشعب الفرنسي، شخصاً موثوقاً فيه، بالنسبة لهم.
وعلى خلفية شعور تبون بالخطر المحدق به، قام بمحاولة نهائية بهدف تهدئة الأوضاع من خلال اللقاء الذي أجراه مع رئيس وزراء فرنسا، إدوارد فيليب يوم 7 أغسطس/آب. وقد سعى، في ذلك اللقاء، إلى طمأنة الفرنسيين ووعدهم ببناء آفاق تعاون جديدة.
وقال مصدر كبير لوكالة رويترز طالباً عدم نشر اسمه إن تبون اعتبر أيضاً مخالفاً للسياسة الخارجية التي تعد حكراً على الرئاسة بعد أن عقد اجتماعاً مع رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب في وقت سابق هذا الشهر.
ولكن، لم يكن هذا الاجتماع كافياً لتهدئة مخاوف الشركاء الفرنسيين. فقد خرج الصينيون أيضاً عن صمتهم واجتمعوا مع الوزراء الجزائريين ومستشاري الرئاسة للحصول على شرح لمسار السياسة الاقتصادية الجديدة التي تتبعها الجزائر.
وفي الخارج، بذل تبون جهوداً من أجل التقليص من حدة مخاطر تنحيته من خلال التقرب من بعض الأطراف الخارجية. أما في الداخل، يعتقد تبون أن المؤسسة العسكرية التي يقودها اللواء أحمد قايد صالح سوف تحميه من المناورات السرية التي تحاك من قبل أعدائه، وذلك وفقاً لما أفاد به مسؤول في جبهة التحرير الوطني.
وتجدر الإشارة إلى أن قايد صالح لا يفضل كلاً من علي حداد، والمنتمين لحكم الأقلية.
عموماً، يختلف قائد الجيش الجزائري بشكل كبير مع مؤيدي سعيد بوتفليقة، نظراً لأن الجنرال القديم لا يرغب في وجود خلافة ملكية، يلعب فيها شقيق الرئيس أحد الأدوار الرئيسية.
وقال عمار سعيداني، الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني، أن تقاربه مع أحمد قايد صالح سيمكّنه من مقاومة هجمات خصمه. وفي نهاية المطاف، "أعدم" سعيد بوتفليقة وحلفاؤه تبون بهدف درء المخاطر التي من الممكن أن تتأتى منه.
وللحفاظ على جزء من التسلسل الهرمي العسكري، عينت الرئاسة الجزائرية أحمد أويحيى، أحد المقربين من دائرة الاستعلام والأمن والذي يملك ميولاً مسالمة وغير عدائية. وفي الوقت الحالي، تم غلق مسألة تبون، بيد أن مسألة خلافة عبد العزيز بوتفليقة ما زالت لم تحل بعد.
وتولى أويحيى رئاسة الوزراء ثلاث مرات من قبل وكان أحدث منصب تولاه هو منصب رئيس ديوان رئيس الجمهورية. وهو أيضاً زعيم حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وهو حزب مقرب من الرئاسة زاد عدد مقاعده في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو/أيار، بحسب وكالة رويترز.
لماذا تمت تنحية تبون بهذه السرعة؟
صحيفة Mondafrique الفرنسية قدمت تفسيرات حول هذه الإقالة، وذكرت الخميس 17 أغسطس/آب 2017، أن من أبرز الأسباب تعريض رئيس الوزراء المعزول نفسه للخطر عندما حاول لعب دور "الفارس الأبيض".
ونقلت عن أحد المقربين من الوزير الأول السابق قوله إن "تبون ارتكب خطأ فادحاً عندما تعامل بجرأة كبيرة مع رجال الأعمال"، الذين سارعوا بتحييده عن المنصب الذي يضطلع به في أعلى هرم السلطة الجزائرية.
وأوضح أن "تبون حاول عندما تم تعيينه، أن يثبت أنه رئيس وزراء حقيقي، بيد أنه تسرع عندما قام بعداء المنتمين لحكم الأقلية الأكثر نفوذاً في الجزائر. فهو لم يقم بالاتفاق مع البعض منهم وعادى البعض الآخر، بل أعلن ببساطة الحرب على الجميع".
وكما ظهر تبون على الساحة السياسية في الجزائر بسرعة اختفى أيضاً بسرعة، فبعد أن شعر تبون بتنامي شعبيته على خلفية الحملة التي أطلقها ضد الفساد، تسارعت وتيرة هجماته ضد حكم الأقلية، الذين يتدخلون علناً في شؤون الحكومة.
وتشير الصحيفة الفرنسية إلى أن تبون في البداية حاول عرقلة سير أعمال علي حداد، أحد أقوى رجال الأعمال في البلاد. بعد ذلك، اجتاح "إرث" عبد السلام بوشارب في وزارة الصناعة، وعرْقل سير عمل العديد من مصانع تجميع السيارات. ومؤخراً، شن هجمات على قطاع الأغذية من خلال استهداف عائلة بنمور الغنية.
وفي تموز/يوليو الماضي، أصدرت الحكومة سلسلة إشعارات رسمية لعدد من الشركات الجزائرية والأجنبية الكبرى التي تعمل في البنى التحتية العامة المهمة، معتبرة أن مشاريعها متأخرة وهددت بإنهاء عقودها.
وبين هذه الشركات خصوصاً مؤسسة إشغال الطرق الهيدروليكية والمباني التي يملكها علي حداد، الرئيس القوي لمنتدى أرباب العمل في الجزائر، وصديق سعيد بوتفليقة الذي يحظى بنفوذ واسع كونه شقيق الرئيس، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
واعتبر مراقبون أن تبون يدفع ثمن نيته المعلنة بمهاجمة هذا الارتباط بين بعض رجال الأعمال وكبار السياسيين. وكان وعد أثناء تقديم برنامجه بـ"الفصل بين المال والسلطة"، قائلاً إن "الدولة هي الدولة والمال هو المال".
وقال رشيد تلمساني أستاذ العلوم السياسية في الجزائر لوكالة الأنباء الفرنسية أن "الوزراء الذين كانوا طبقوا إجراءات مثل تقليص الواردات على أنواعها ومنها المتصلة بقطاع السيارات (...) تمت إقالتهم".
المواجهة مع حداد
وأشار إلى أن تبون "حاول المساس بمصالح بعض المنتمين إلى "الطبقة الأوليغارشية المحيطة بالرئيس مثل علي حداد". وتابع: "في سياق الصراع بين مراكز القوى، فإن المجموعة الرئاسية التي تضم سعيد بوتفليقة ورئيس الاتحاد العام للعمال (نقابة رسمية) عبد المجيد سيدي سعيد، أظهرت تضامنها مع حداد متحدية رئيس الوزراء. لقد كسبوا للتو معركة أخرى".
وكشف عضو المكتب السياسي لأحد الأحزاب المؤثرة للغاية في الجزائر، والذي رفض الكشف عن هويته للصحيفة الفرنسية أنه "توجد خلف حكم الأقلية في الجزائر عشيرة سياسية، حيث يعيد رجال الأعمال الأثرياء توزيع "الكعكة" على أصدقائهم السياسيين الذين يحمونهم ويدعمونهم. ولذلك، حاول تبون التخلص من هذه العلاقات الاقتصادية والسياسية وبدأ في زعزعة استقرار جهاز كامل متجذر داخل الدولة".
وعلى خلفية هذه الأحداث، أعرب سعيد بوتفليقة عن عدم تأييده "للفارس الأبيض". وخلال حديث أجراه مع أحد المقربين، أفاد سعيد أنه "صُدم بشكل خاص من الشعبوية الاقتصادية التي يتمتع بها عبد المجيد تبون".
وأكد أحد الأصدقاء ورجل الأعمال الذي يذهب لنفس الأماكن التي يرتادها أفراد من العشيرة الرئاسية أنه "تم حظر مرور العديد من البضائع في الموانئ وذلك بعد اتخاذ تدابير جذرية دون التشاور مع بقية العشيرة الرئاسية. فضلاً عن ذلك، لم تعد البنوك تعرف ما يجب فعله. وأصبح الشركاء الأجانب خائفين، ما دفع السفارات إلى طلب مدّهم بتوضيح من الرئاسة".
سخط عام
وفي نهاية المطاف، أقنع الأفراد المنتمون إلى حكم الأقلية في الجزائر سعيد بوتفليقة بالتدخل في هذه اللعبة.
وتشير صحيفة Mondafrique إلى أن تبون "ارتكب خطأ فادحاً عندما تجاهل سعيد بوتفليقة. والأسوأ من ذلك، كان تبون يطلب من حاشيته عدم الرجوع إليه بالنظر عند اتخاذ القرارات".
وعلاوة على ذلك، لم يقتنع الدبلوماسيون الفرنسيون باختيار بوتفليقة لعبد المجيد تبون رئيساً للوزراء، في حين بدا سلفه سلال، الذي كان صديقاً للشعب الفرنسي، شخصاً موثوقاً فيه، بالنسبة لهم.
وعلى خلفية شعور تبون بالخطر المحدق به، قام بمحاولة نهائية بهدف تهدئة الأوضاع من خلال اللقاء الذي أجراه مع رئيس وزراء فرنسا، إدوارد فيليب يوم 7 أغسطس/آب. وقد سعى، في ذلك اللقاء، إلى طمأنة الفرنسيين ووعدهم ببناء آفاق تعاون جديدة.
وقال مصدر كبير لوكالة رويترز طالباً عدم نشر اسمه إن تبون اعتبر أيضاً مخالفاً للسياسة الخارجية التي تعد حكراً على الرئاسة بعد أن عقد اجتماعاً مع رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب في وقت سابق هذا الشهر.
ولكن، لم يكن هذا الاجتماع كافياً لتهدئة مخاوف الشركاء الفرنسيين. فقد خرج الصينيون أيضاً عن صمتهم واجتمعوا مع الوزراء الجزائريين ومستشاري الرئاسة للحصول على شرح لمسار السياسة الاقتصادية الجديدة التي تتبعها الجزائر.
وفي الخارج، بذل تبون جهوداً من أجل التقليص من حدة مخاطر تنحيته من خلال التقرب من بعض الأطراف الخارجية. أما في الداخل، يعتقد تبون أن المؤسسة العسكرية التي يقودها اللواء أحمد قايد صالح سوف تحميه من المناورات السرية التي تحاك من قبل أعدائه، وذلك وفقاً لما أفاد به مسؤول في جبهة التحرير الوطني.
وتجدر الإشارة إلى أن قايد صالح لا يفضل كلاً من علي حداد، والمنتمين لحكم الأقلية.
حرب الخلافة
عموماً، يختلف قائد الجيش الجزائري بشكل كبير مع مؤيدي سعيد بوتفليقة، نظراً لأن الجنرال القديم لا يرغب في وجود خلافة ملكية، يلعب فيها شقيق الرئيس أحد الأدوار الرئيسية.
وقال عمار سعيداني، الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني، أن تقاربه مع أحمد قايد صالح سيمكّنه من مقاومة هجمات خصمه. وفي نهاية المطاف، "أعدم" سعيد بوتفليقة وحلفاؤه تبون بهدف درء المخاطر التي من الممكن أن تتأتى منه.
وللحفاظ على جزء من التسلسل الهرمي العسكري، عينت الرئاسة الجزائرية أحمد أويحيى، أحد المقربين من دائرة الاستعلام والأمن والذي يملك ميولاً مسالمة وغير عدائية. وفي الوقت الحالي، تم غلق مسألة تبون، بيد أن مسألة خلافة عبد العزيز بوتفليقة ما زالت لم تحل بعد.
وتولى أويحيى رئاسة الوزراء ثلاث مرات من قبل وكان أحدث منصب تولاه هو منصب رئيس ديوان رئيس الجمهورية. وهو أيضاً زعيم حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وهو حزب مقرب من الرئاسة زاد عدد مقاعده في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو/أيار، بحسب وكالة رويترز.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/08/19/story_n_17787784.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات