انتهت الأعوام التي كنت أرى فيها العالم باللون الوردي الجميل حين أتممت الرابعة عشرة من عمري، أصبح صوتي أكثر رقة بعد أن كان حاداً، ويدوي بين صفوف المدرسة من غناء وتمثيل وإلقاء ومشاجرات.
انتقلت من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة بشكلي الجديد وبالنظرة الجديدة لي من الجنس الآخر، عائلتي والمجتمع..حينها، وفي لحظة معينة تغير كل شيء ولم يعد كالسابق.
لم أضع الحجاب يوماً رغماً عني، لكنّ عائلتي كانت تقنعني باللُين دون أن يكون لي القرار أن أرفض.
لم يستخدموا القوة يوماً في هذا الموضوع خاصة.. لكنني عرفت أخيراً حينها أن لا خيار أمامي سوى ارتدائه!
كنت أمقته كثيراً وأشعر أنه يقيدني، ويجعل مني شخصاً آخر لا يشبه تلك الطفلة بتاتاً.
صحيح أن شكلي قد تغير، إلا أنني كنت أملك حينها رغبات واهتمامات طفلة تشغلها الرسوم المتحركة والطعام وتدبير عذر للتغيب عن المدرسة، كان الحجاب كالأغلال في يدي ورقبتي وأقدامي.. لا رغبة لي في ارتدائه دون أن أخفي في نيتي شيئاً.
أخبروني دائماً أن الدين يدعو لأن تغطي المرأة رأسها، وأن البالغة الراشدة إن لم تطع ما أمرها الله به فسوف تمسك من شعرها بسلاسل من نار.. كنت أرتعب من الله حرفياً، لا سيما حينما تهديني إحدى المتدينات شرائط عن عواقب من تخلع حجابها، وأنها في النار أبداً..
طغت علي صِبغة المجتمع، وأصبحت أشبههم حرفياً، وبت أخاف الدنيا وأخاف الموت وأرتدي الطويل من الملابس ولا أقرب من حاجبي.. حتى إنني فكرت مرة وأنا في تلك المرحلة أن أرتدي الخمار، لكن والدي رفض رفضاً قاطعاً!
كبرت بعدها، وزاد اطلاعي على الأديان الأخرى والثقافات المختلفة، وقرأت في تاريخ العرب السياسي وتاريخ الإسلام، وعرفت تماماً أن الحجاب ما هو إلا عادة وقالب سياسي تم فرضه بالقوة حتى أصبح اليوم مفتاحاً؛ ليفتح لك باب جنة ويغلق عنك باب نار مشتعلة حطبها الناس والحجارة!
قطعة قماش تكبل حريتي..وتجعل منّي عبداً طائعاً لسياسة كتبها البشر، ويا ليت من كتبها الله! قطعة قماش كُتب على كل من يرتدينه العفاف والشرف..وعلى كل من تخلعه الفسق والفجور.. وعلى كل من تتكلم في أمره -مثلي أنا- بحمل النوايا السيئة.
الحجاب لا يكبل حريتي؛ لأنني أضعه وحسب، على العكس تماماً أنا لا أفكر بخلعه طالما أنني أعيش وسط هذا العالم الشرقي الذي يهيج على خصلات شعر الفتيات، والتزم به نزولاً عند رغبة والديَ اللذين يعرفان جيداً أن حبهما أغلى من كل حدود الحرية!
كل ما في الأمر أن الحجاب مجرد قطعة قماش لا أقل ولا أكثر.. أصنف به تحت اسم الدين ويحكم عليّ من خلاله.. قطعة قماش كانت وما زالت صراعاً يتمركز حوله مجتمعنا العربي والمتدين، متناسياً تماماً جميع القضايا التي جعلت منا شعوباً متخلفة!
الحجاب يمس كرامتي كإنسان؛ لأنني لم أختره يوماً لا أنا ولا أجدادي ولا من قبلهم.. نحن مجموعة قطيع تجري وتنفذ ما يملى عليها.. وكل من حاول أن يستنكر أو يفكر حكم عليه بالعربدة وقطع اللسان، مع أنه أمر قضي من البشر على بشر آخرين؛ ليجعلوا منهم عبيداً ليس إلا.
من هنا وفي نهاية مقالتي أعلم حجم الهجوم الذي ربما سوف ألقاه، والهمز واللمز والبغض والتكفير والكره والاتهام في السمعة والحكم على نيتي، كل هذا لم يعد يهمني بتاتاً، فأنا كما قال جون ستيوارت: "أرفض مراقبة أفكاري من أجل أن تتناسب مع جهلك".
انتقلت من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة بشكلي الجديد وبالنظرة الجديدة لي من الجنس الآخر، عائلتي والمجتمع..حينها، وفي لحظة معينة تغير كل شيء ولم يعد كالسابق.
لم أضع الحجاب يوماً رغماً عني، لكنّ عائلتي كانت تقنعني باللُين دون أن يكون لي القرار أن أرفض.
لم يستخدموا القوة يوماً في هذا الموضوع خاصة.. لكنني عرفت أخيراً حينها أن لا خيار أمامي سوى ارتدائه!
كنت أمقته كثيراً وأشعر أنه يقيدني، ويجعل مني شخصاً آخر لا يشبه تلك الطفلة بتاتاً.
صحيح أن شكلي قد تغير، إلا أنني كنت أملك حينها رغبات واهتمامات طفلة تشغلها الرسوم المتحركة والطعام وتدبير عذر للتغيب عن المدرسة، كان الحجاب كالأغلال في يدي ورقبتي وأقدامي.. لا رغبة لي في ارتدائه دون أن أخفي في نيتي شيئاً.
أخبروني دائماً أن الدين يدعو لأن تغطي المرأة رأسها، وأن البالغة الراشدة إن لم تطع ما أمرها الله به فسوف تمسك من شعرها بسلاسل من نار.. كنت أرتعب من الله حرفياً، لا سيما حينما تهديني إحدى المتدينات شرائط عن عواقب من تخلع حجابها، وأنها في النار أبداً..
طغت علي صِبغة المجتمع، وأصبحت أشبههم حرفياً، وبت أخاف الدنيا وأخاف الموت وأرتدي الطويل من الملابس ولا أقرب من حاجبي.. حتى إنني فكرت مرة وأنا في تلك المرحلة أن أرتدي الخمار، لكن والدي رفض رفضاً قاطعاً!
كبرت بعدها، وزاد اطلاعي على الأديان الأخرى والثقافات المختلفة، وقرأت في تاريخ العرب السياسي وتاريخ الإسلام، وعرفت تماماً أن الحجاب ما هو إلا عادة وقالب سياسي تم فرضه بالقوة حتى أصبح اليوم مفتاحاً؛ ليفتح لك باب جنة ويغلق عنك باب نار مشتعلة حطبها الناس والحجارة!
قطعة قماش تكبل حريتي..وتجعل منّي عبداً طائعاً لسياسة كتبها البشر، ويا ليت من كتبها الله! قطعة قماش كُتب على كل من يرتدينه العفاف والشرف..وعلى كل من تخلعه الفسق والفجور.. وعلى كل من تتكلم في أمره -مثلي أنا- بحمل النوايا السيئة.
الحجاب لا يكبل حريتي؛ لأنني أضعه وحسب، على العكس تماماً أنا لا أفكر بخلعه طالما أنني أعيش وسط هذا العالم الشرقي الذي يهيج على خصلات شعر الفتيات، والتزم به نزولاً عند رغبة والديَ اللذين يعرفان جيداً أن حبهما أغلى من كل حدود الحرية!
كل ما في الأمر أن الحجاب مجرد قطعة قماش لا أقل ولا أكثر.. أصنف به تحت اسم الدين ويحكم عليّ من خلاله.. قطعة قماش كانت وما زالت صراعاً يتمركز حوله مجتمعنا العربي والمتدين، متناسياً تماماً جميع القضايا التي جعلت منا شعوباً متخلفة!
الحجاب يمس كرامتي كإنسان؛ لأنني لم أختره يوماً لا أنا ولا أجدادي ولا من قبلهم.. نحن مجموعة قطيع تجري وتنفذ ما يملى عليها.. وكل من حاول أن يستنكر أو يفكر حكم عليه بالعربدة وقطع اللسان، مع أنه أمر قضي من البشر على بشر آخرين؛ ليجعلوا منهم عبيداً ليس إلا.
من هنا وفي نهاية مقالتي أعلم حجم الهجوم الذي ربما سوف ألقاه، والهمز واللمز والبغض والتكفير والكره والاتهام في السمعة والحكم على نيتي، كل هذا لم يعد يهمني بتاتاً، فأنا كما قال جون ستيوارت: "أرفض مراقبة أفكاري من أجل أن تتناسب مع جهلك".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/esraa-esmaeel-alahmad/-_13122_b_17843010.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات