قامت الدنيا ولم تقعد، وانهالت التعليقات، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي على مستوى جميع الدول العربية، بمجرد اقتراح النائب التونسي "مهدي بن غربية" قانوناً يرمي إلى تسهيل المساواة في الميراث بين الذكر والأنثى، مما أثار الجدل حوله، خاصة بسبب تأييد الكثيرين لهذا المقترح، وعلى رأسهم الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، الذي أكد ضرورة أن تشمل المساواة التي أقرّها الدستور التونسى جميع المجالات، بما فيها المساواة في الميراث، والسماح للتونسيات بالزواج من أجانب غير مسلمين.
هذا غير ديوان الإفتاء التونسي الذي أصدر بياناً ساند فيه مقترحات رئيس الجمهورية.
أما مؤسسة الأزهر الشريف في مصر، فكان لها رأي مخالف في ذلك، حيث صرح الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، بأن دعوات التسوية بين الرجل والمرأة في الميراث تظلم المرأة ولا تنصفها وتتصادم مع أحكام شريعة الإسلام، مشيراً إلى أن المواريث مقسمة بآيات قطعية الدلالة لا تحتمل الاجتهاد ولا تتغير بتغيير الأحوال والزمان.
والحقيقة أن مثل هذه القوانين والتصريحات التي تطل علينا بين الحين والآخر من دولة تونس الشقيقة، ليست فقط لإثارة الجدل وتسليط مزيد من الضوء على مقترحيها، لكن أيضاً يأخذنا لما هو أهمّ، وهو أن هناك خللاً في التربية.
نعم التربية التي تبدأ من الأسرة ودور الأم الأعظم في تنشئة جيل قادر على تحمل المسؤولية، يعرف معنى الأخوة، مدرك لمفهوم الرجولة الحقيقية، واعٍ لدور الأخ في حياة شقيقته ومسؤولياته تجاهها في وجود الأب والأم من (سؤال لا ينقطع عن أحوالها، على قدر كافٍ بطبيعتها الفسيولوجية والتغيرات التي تحدث لها، ملزم بتفريج همها وإدخال السرور عليها، و..)، لكن للأسف معظم أمهات وطننا العربي لا يكترسن في موضوع التربية لتنمية مثل هذه الجوانب المعنوية في نفوس أطفالهن (العاطفة، الاحتواء، الحنية، كيفية التعبير عن المشاعر، والحب المتبادل بالكلام والأفعال معاً..)، ويركز معظمهن للأسف على أشياء مادية تجعل من أطفالهن شباباً أنانيين غير قادرين على تحمل المسؤولية من خلال تلبية الأم لجميع متطلباته بحجة أنه الولد، هذا بجانب المعتقدات الخاطئة بأن الولد (لا يبكي، لا يغسل المواعين، لا يساعد في أعمال المنزل، لا يدخل المطبخ، له حق الخروج والفسح لأي مكان وفي أي وقت، و..)، وشقيقته سواء كانت أكبر أو أصغر منه أو حتى في نفس عمره، عليها السمع والطاعة، أو على الأقل ليس لديها نفس حقوقه.
وهنا تدخل التربية في تشكيل وعي الأطفال، الولد يكبر على أنه الآمِر الناهي، والبنت تكبر وتكبر معها أحلامها التي ربما لم تستطِع تحقيقها بسبب طريقة تربيتها الفاشلة التي هي بالفعل نتاج عادات وتقاليد مجتمعات مريضة كل ما يشغلها كلام الناس و"اللي يصح واللي ما يصحش" حتى لو كان مخالفاً لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي حفظ للمرأة حقوقها، وكان أحرص ما يكون عليها، ولم أتطرق إلى هذا الموضوع؛ لأنه كبير وعميق ويحتاج لمقالات عديدة لنشر أهمية وعظمة دور المرأة في الإسلام التي حافظ عليها ومنحها جميع حقوقها وأعطاها حريتها التي سلبتها منها أسرتها ومن ثَم مجتمعها.
لكن ما قصدت في هذا المقال هو الإشارة إلى عاداتنا وتقاليدنا الخاطئة في التربية التي بدورها أخرجت لنا أشباه رجال غير قادرين على تحمل المسؤولية وأشباه إناث لا يستحققن أن حمل لقب أم، كل ما يشغلهن تحقيق ذواتهن وليس ذواتهم فقط، ولكن لتثبت المرأة للرجل أنها تستطيع أن تفعل كل ما يفعله بل وتفوقه إذا لزم الأمر، حتى لو تطلب ذلك منها بعض التنازلات التي قد تجبرها في بعض الأوقات على مخالفة الشرع وتعاليم الدين، فترهق نفسها وتعادي طبيعتها الأنثوية التي خلقها الله وميزها بهذا التكوين الجسماني الذي يختلف كلياً عن الرجل.
لذلك لا تلُم مقترحي مثل هذا العبث، فدولة تونس الشقيقة دائماً ما تفاجئنا بمثل هذه القوانين، فالقانون التونسي يمنع منعاً باتاً تعدّد الزوجات بموجب الفصل 18 من مجلة الأحوال الشخصية عدد 70 لسنة 1958، والذي ينص على منع تعدد الزوجات، كما يترتب على مخالفة هذا القانون عقوبات جسدية ومالية حسب الفقرة الثانية منه.
وفي اعتقادي أن الأيام القادمة ستكون شاهدة أيضاً على مزيد من القوانين والتصريحات الأكثر إثارةً للجدل والأكثر تحدياً للشريعة الإسلامية، فالعيب يا سادة ليس من المقترحين إنما في التربية والتنشئة التي هي مسؤولية الجميع، وعلى رأسهم الأم والأب، ثم المجتمع بعاداته وتقاليده الخاطئة التي أنتجت لنا هذه الإحصائيات، فلقد أظهرت أكثر من دراسة أن وضعية المرأة في تونس لا تختلف عن باقي الدول العربية، حيث تقدر نسبة النساء اللواتي تعرضن للعنف في تونس بحوالي 50% شاملاً عنفاً جسدياً ونفسياً وجنسياً واقتصادياً، فيما أشارت وزيرة المرأة والعائلة والطفولة "نزيهة العبيدي" إلى أن أكثر من نصف نساء تونس يتعرضن للعنف في الوسط الأسري، الذي من المفروض أن يكون مصدر الأمان، وحوالي 90% من النساء يتعرضن للعنف في الحياة العامة، مثل الشوارع ووسائل النقل ومواقع العمل.
وأكدت نتائج المسح الوطني حول العنف ضد المرأة في تونس الذي شمل قرابة 4000 امرأة من كافة الأوساط والجهات، أن نسبة النّساء ضحايا العنف الجسدي تقدّر بـ45% وأن المحيط الأسري الذي يفترض أن يكون آمناً، هو أكثر الأماكن التي تتعرض فيها المرأة للعنف بشتّى أنواعه لدى النساء في الفئة العمرية من 16 إلى 44 عاماً.
فيما بلغت نسبة النساء المسرّحات من العمل في قطاع النسيج والملابس الجاهزة وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين 2011 و2014، 78 %.
في حين بلغت نسبة النساء المسرحات من العمل في مختلف القطاعات 50,19% خلال النصف الأول من سنة 2015.
ومع أن قانون الشغل في تونس يكفل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة وخاصة حقّ المرأة في الشغل وحقّ المساواة في الأجر والمعاملة وظروف العمل، فإن العديد من القطاعات كقطاع المعينات المنزليات يشهد انتهاكات غير مسبوقة، بل إن بعض حالات هذه الانتهاكات تقترب من العبودية بالنظر لظروف عيش هؤلاء العاملات.
لذلك اتركوا هؤلاء المقترحين بمقترحاتهم وقوانينهم، واهتموا بتربية أطفالكم تربية سليمة نفسياً وجسمانياً واجتماعياً، وعلى أساس عقائدي وديني صحيح؛ لأنهم هم شباب وأمل ومستقبل الأمة العربية.
هذا غير ديوان الإفتاء التونسي الذي أصدر بياناً ساند فيه مقترحات رئيس الجمهورية.
أما مؤسسة الأزهر الشريف في مصر، فكان لها رأي مخالف في ذلك، حيث صرح الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، بأن دعوات التسوية بين الرجل والمرأة في الميراث تظلم المرأة ولا تنصفها وتتصادم مع أحكام شريعة الإسلام، مشيراً إلى أن المواريث مقسمة بآيات قطعية الدلالة لا تحتمل الاجتهاد ولا تتغير بتغيير الأحوال والزمان.
والحقيقة أن مثل هذه القوانين والتصريحات التي تطل علينا بين الحين والآخر من دولة تونس الشقيقة، ليست فقط لإثارة الجدل وتسليط مزيد من الضوء على مقترحيها، لكن أيضاً يأخذنا لما هو أهمّ، وهو أن هناك خللاً في التربية.
نعم التربية التي تبدأ من الأسرة ودور الأم الأعظم في تنشئة جيل قادر على تحمل المسؤولية، يعرف معنى الأخوة، مدرك لمفهوم الرجولة الحقيقية، واعٍ لدور الأخ في حياة شقيقته ومسؤولياته تجاهها في وجود الأب والأم من (سؤال لا ينقطع عن أحوالها، على قدر كافٍ بطبيعتها الفسيولوجية والتغيرات التي تحدث لها، ملزم بتفريج همها وإدخال السرور عليها، و..)، لكن للأسف معظم أمهات وطننا العربي لا يكترسن في موضوع التربية لتنمية مثل هذه الجوانب المعنوية في نفوس أطفالهن (العاطفة، الاحتواء، الحنية، كيفية التعبير عن المشاعر، والحب المتبادل بالكلام والأفعال معاً..)، ويركز معظمهن للأسف على أشياء مادية تجعل من أطفالهن شباباً أنانيين غير قادرين على تحمل المسؤولية من خلال تلبية الأم لجميع متطلباته بحجة أنه الولد، هذا بجانب المعتقدات الخاطئة بأن الولد (لا يبكي، لا يغسل المواعين، لا يساعد في أعمال المنزل، لا يدخل المطبخ، له حق الخروج والفسح لأي مكان وفي أي وقت، و..)، وشقيقته سواء كانت أكبر أو أصغر منه أو حتى في نفس عمره، عليها السمع والطاعة، أو على الأقل ليس لديها نفس حقوقه.
وهنا تدخل التربية في تشكيل وعي الأطفال، الولد يكبر على أنه الآمِر الناهي، والبنت تكبر وتكبر معها أحلامها التي ربما لم تستطِع تحقيقها بسبب طريقة تربيتها الفاشلة التي هي بالفعل نتاج عادات وتقاليد مجتمعات مريضة كل ما يشغلها كلام الناس و"اللي يصح واللي ما يصحش" حتى لو كان مخالفاً لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي حفظ للمرأة حقوقها، وكان أحرص ما يكون عليها، ولم أتطرق إلى هذا الموضوع؛ لأنه كبير وعميق ويحتاج لمقالات عديدة لنشر أهمية وعظمة دور المرأة في الإسلام التي حافظ عليها ومنحها جميع حقوقها وأعطاها حريتها التي سلبتها منها أسرتها ومن ثَم مجتمعها.
لكن ما قصدت في هذا المقال هو الإشارة إلى عاداتنا وتقاليدنا الخاطئة في التربية التي بدورها أخرجت لنا أشباه رجال غير قادرين على تحمل المسؤولية وأشباه إناث لا يستحققن أن حمل لقب أم، كل ما يشغلهن تحقيق ذواتهن وليس ذواتهم فقط، ولكن لتثبت المرأة للرجل أنها تستطيع أن تفعل كل ما يفعله بل وتفوقه إذا لزم الأمر، حتى لو تطلب ذلك منها بعض التنازلات التي قد تجبرها في بعض الأوقات على مخالفة الشرع وتعاليم الدين، فترهق نفسها وتعادي طبيعتها الأنثوية التي خلقها الله وميزها بهذا التكوين الجسماني الذي يختلف كلياً عن الرجل.
لذلك لا تلُم مقترحي مثل هذا العبث، فدولة تونس الشقيقة دائماً ما تفاجئنا بمثل هذه القوانين، فالقانون التونسي يمنع منعاً باتاً تعدّد الزوجات بموجب الفصل 18 من مجلة الأحوال الشخصية عدد 70 لسنة 1958، والذي ينص على منع تعدد الزوجات، كما يترتب على مخالفة هذا القانون عقوبات جسدية ومالية حسب الفقرة الثانية منه.
وفي اعتقادي أن الأيام القادمة ستكون شاهدة أيضاً على مزيد من القوانين والتصريحات الأكثر إثارةً للجدل والأكثر تحدياً للشريعة الإسلامية، فالعيب يا سادة ليس من المقترحين إنما في التربية والتنشئة التي هي مسؤولية الجميع، وعلى رأسهم الأم والأب، ثم المجتمع بعاداته وتقاليده الخاطئة التي أنتجت لنا هذه الإحصائيات، فلقد أظهرت أكثر من دراسة أن وضعية المرأة في تونس لا تختلف عن باقي الدول العربية، حيث تقدر نسبة النساء اللواتي تعرضن للعنف في تونس بحوالي 50% شاملاً عنفاً جسدياً ونفسياً وجنسياً واقتصادياً، فيما أشارت وزيرة المرأة والعائلة والطفولة "نزيهة العبيدي" إلى أن أكثر من نصف نساء تونس يتعرضن للعنف في الوسط الأسري، الذي من المفروض أن يكون مصدر الأمان، وحوالي 90% من النساء يتعرضن للعنف في الحياة العامة، مثل الشوارع ووسائل النقل ومواقع العمل.
وأكدت نتائج المسح الوطني حول العنف ضد المرأة في تونس الذي شمل قرابة 4000 امرأة من كافة الأوساط والجهات، أن نسبة النّساء ضحايا العنف الجسدي تقدّر بـ45% وأن المحيط الأسري الذي يفترض أن يكون آمناً، هو أكثر الأماكن التي تتعرض فيها المرأة للعنف بشتّى أنواعه لدى النساء في الفئة العمرية من 16 إلى 44 عاماً.
فيما بلغت نسبة النساء المسرّحات من العمل في قطاع النسيج والملابس الجاهزة وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين 2011 و2014، 78 %.
في حين بلغت نسبة النساء المسرحات من العمل في مختلف القطاعات 50,19% خلال النصف الأول من سنة 2015.
ومع أن قانون الشغل في تونس يكفل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة وخاصة حقّ المرأة في الشغل وحقّ المساواة في الأجر والمعاملة وظروف العمل، فإن العديد من القطاعات كقطاع المعينات المنزليات يشهد انتهاكات غير مسبوقة، بل إن بعض حالات هذه الانتهاكات تقترب من العبودية بالنظر لظروف عيش هؤلاء العاملات.
لذلك اتركوا هؤلاء المقترحين بمقترحاتهم وقوانينهم، واهتموا بتربية أطفالكم تربية سليمة نفسياً وجسمانياً واجتماعياً، وعلى أساس عقائدي وديني صحيح؛ لأنهم هم شباب وأمل ومستقبل الأمة العربية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/asmaa-alshnwany/-_13106_b_17833146.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات