الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

هل أصبح الإلحاد حقاً من أجل الجنس والشهرة؟

هل أصبح الإلحاد حقاً من أجل الجنس والشهرة؟

تعقيباً على مقال "من أجل الشهرة والمال والجنس هم ملحدون" لمهدي مجيد عبد الله.

في محاولة للتهرب من نقاش القضايا الفلسفية والجوهرية وراء ظاهرة الإلحاد في العالم العربي نشر الكاتب مهدي مجيد عبدالله مقالاً في الهاف بوست عربي بعنوان "من أجل الشهرة والمال والجنس هم ملحدون" عرض فيه الملحدين العرب كجماعة ضحلة التفكير، شبقة تبحث عن الجنس والشهرة.

والكاتب حسب ما ذكر، بنى نتيجته على بعض من محادثاته الشخصية، وكان الأجدر به أن يكلف نفسه قليلاً للاطلاع على المسائل الفكرية للإلحاد في المنتديات الثقافية للملحدين العرب على الشبكة العنكبوتية.غاية هذا المقال هي لمراجعة الخطاب الذي ينظر من عدسة احتكار المسلم لقيم التجرد والفضيلة.

إن المتابع لكتابات الملحدين العرب سيجدهم على صنوف شتى، غير أن قضيتهم فكرية بالأساس في نقد ما يرونه غير عقلاني وربما متعارض مع الحقائق العلمية والقيم الإنسانية.

الصدام بين الإلحاد والإيمان يقوم على أن الأول يُقيم حُججه على العقل، في حين يُقيم الآخر أساسه على التصديق ليتبرّر بعده كل ما ليس بعقلاني. فإذا كان العقل يفترض الإيمان جدلاً فعلى أي من الأديان؟ وما معايير تقييمها؟ موقف الأديان المتردد من قضايا حقوق الإنسان، هذه بعض من نقاشات الملحدين التي يُخشى محاورتها.

إن الدعوى بأن الملحدين هم باحثون عن الشهرة والمال، قول يكذبه واقع أن لبوس الإيمان هو واحد من أفضل مداخل الشهرة والترؤس في مجتمعاتنا؛ حيث الدين بضاعة رائجة للعديد من الباحثين عن المال والجاه. في مقابل ذلك، فإن آخر ما يجنيه المجاهر بإلحاده هو النفع المادي؛ حيث تتعرض شبكة علاقاته الاجتماعية والتجارية للخطر، ويصبح عرضة للتناول بالتشهير والتشكيك بأهليته وثقته.

إن جرد حساب صغير للمخاطر التي يجنيها المجاهر بإلحاده يفند هذه الدعوة، إن افتراضية أن الملحدين العرب طلاب شهرة هو نتاج عقلية ترى كل خروج عن المألوف هو بحث عن الشهرة.

إن استثارة الحمية ضد الإلحاد من بوابة الدفاع عن الفضيلة، الفضيلة من وجهة نظر الكاتب، يعكس حالة الخفة والتبسيط والعجز كذلك في مواجهة الإلحاد كقضية فكرية.

أما عن وجود ملحدين باحثين عن الجنس فشأنهم لا يزيد عن غيرهم من مؤمنين باحثين عن الجنس في نسخته الدينية من زواج المسيار والفرند والسياحي والمتعة وغيرها.

لم يلجأ المسلمون في ممارسة المجون عبر التاريخ الإسلامي للتنصل من الإسلام لتبرير ذلك، كما أن الدعارة مهنة مرخص لها في بعض العواصم العربية والإسلامية وهي لا تشترط الكفر في زبائنها، أما عن المسلمين المقيمين في الخارج، فالناس لا تكترث ولا تبحث عن تبريراتك لسلوكياتك.

الإلحاد كان ولا يزال تساؤلاً فكرياً، وهو في المجتمعات المسلمة ليس بالضرورة ردة فعل لحالة الانتكاسة التي تعيشها.

إن المسلم الذي يقرر مغادرة الإسلام إلى الإلحاد لا يستيقظ في الصباح ليجد نفسه ملحداً، بل هو عادة رحلة بحث طويلة أوصلته لذلك.

يمكن تفنيد الإلحاد ونقده دون الحاجة إلى لتقديم الملحدين من أصول إسلامية على أنهم باحثون عن الشهرة والمال والجنس، فذلك تسطيح للظاهرة.

نعم قد يكون الإلحاد للأسباب التي ذكرها الكاتب، غير أن تعميمها فيه تجنّ يهدف إلى عزلهم اجتماعياً.

هل وجود من أسلم عبر التاريخ بحثاً عن المال والجاه أو ذهب للجهاد طمعاً في الإماء مبرر للقول بأن الناس إنما أسلمت طمعاً في ذلك وجاهدت رغبةً في الجنس؟




ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/-mohammed-a-alshuwaiter/post_15943_b_18042900.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات