الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

متعة الاستغناء

متعة الاستغناء

ملحوظة: التدوينة بالعامية المصرية


إحنا بنتعلق.. بنتعلق بالأماكن زي البيت وأماكن الذكريات الحلوة..
وبنتعلق بالأشياء زي موبايلنا وعربيتنا وممكن فيه ناس تتعلق بالقلم بتاعها مثلاً أو البراية..
وبنتعلق بالحاجات اللي إحنا مقتنعين إنها هتخلينا مبسوطين زي ما بنتعلق بعاداتنا المتكررة حتى لو غلط..
بنتعلق بالروايح والأحلام والأحاسيس والمواقف.

بس أخطر أنواع التعلق هو التعلق بالناس.. أو بحد معين من الناس على وجه التحديد..
الطفل أول ما يتولد بيتعلق بأمه غريزياً لأن وجوده متعلق بوجودها.. علاقة عجيبة زرع مقوماتها رب الكون جوّه جينات هذا الوليد الأعجم اللي مش فاهم أي حاجة غير إن الحضن اللي محتويه ده هو الدنيا وهو الحياة.

بس الوضع مش بيستمر كده علطول.. بعد شوية لازم الطفل يتطور وينفصل بالتدريج ويتعلم يمسك مقومات وجوده لوحده من غير أمه.

بس نظراً لعوامل كتير مش مكانها دلوقتي، بيحصل أحياناً أن الطفل ما ينفصلش انفصال كامل عن أمه.. ويفضل جواه بقايا اعتمادية تخليه يفضل طول حياته بيدور على الحضن اللي هيقفش ويتعلق بيه..

والتعلق هنا مش بيكون بس معنوي.. ده بيكون معنوي وجسدي كمان.. الطفل الناقص الانفصال بيكون محتاج علاقات شديدة القرب والاعتمادية عشان يعرف يعيش.. ولو العلاقات دي اتكسرت لأي سبب، ينهار ويتطرف في رد الفعل..
- فيه منهم بيتطرف جداً وبيقتل الطرف اللي سابه..
- فيه منهم ممكن ينتحر أو يحاول ينتحر، أو يدمن مخدرات لتخفيف الإحساس المميت غير المحتمل بالوحدة والضياع، أو يلجأ إلى أنه يؤذي نفسه جسدياً عشان يتغلب على الألم بتاع الانفصال (زي الشخصيات الحدية).

- فيه منهم بيعيط ويكتئب ويحزن وينعزل وتبقى دي أرماجيدون حياته وسيناريو النهاية بالنسبة له.

التعلق الطبيعي موجود طبعاً ومطلوب.. والبنات في العموم أكتر تعلقاً من الرجالة.. والبنات ذوات الشخصيات العاطفية (اللي بتميل في طريقة تفكيرها وقراراتها للاعتبارات العاطفية أكتر من الاعتبارات المنطقية) أكتر البنات تعلقاً.

المشكلة في التعلق اللي مش طبيعي..
في علاقات الارتباط (أياً كان نوعه: عاطفي - صداقة - أبوة - أمومة.. الخ) لو فيه طرف غير معتدل في التعلق، العلاقة دي بتبقى عاملة زي القنبلة الموقوتة.. عند أول علامة للانفصال، بينفجر الطرف المتعلق ويبدأ في تنفيذ سيناريو النهاية..
واحد مصحصح يسألني، فيه علامات للتعلق غير الطبيعي ده؟
أيوة فيه علامات..
١- لو انت في علاقة مع حد من الناس اللي بيجيلها هرش وأرتكاريا وتشويش على خلايا التفكير المنطقي لو شريكهم دخل الحمام ونسي الموبايل في الصالة مثلاً فاتأخر في الرد على مكالمة.. أو اختفى كام ساعة في الشغل.. أو الجريمة الكبرى بقى أنه عمل seen وماردش،، يبقى التعلق ده مش طبيعي.

٢- لما تصحى من النوم تلاقي 95 اتصال ع الموبايل و456 رسالة على واتساب وزيهم على فيسبوك عشان حضرتك قليل الأصل وكنت نايم.

٣- لما "باستمرار" وطول الوقت وكل شوية بمناسبة ومن غير مناسبة تكون مطالب (أو تكوني مطالبة) إنك تثبت ولاءك وحبك للطرف التاني..
٤- لما تكون مطالب بكمية وعود خرافية (وهي مالهاش قيمة الصراحة) إنك مش هتمشي.. إنك مش هتسيب..

٥- لما تلاقي ردود فعل درامية هيستيرية غريبة في أي خلاف أو حتى اشتباه في خلاف..

طب والحل يا هندسة؟
الحل مبدئياً إنك ما تتورطش (أو انتي ما تتورطيش) نفسك في علاقة مع حد مريض تعلق..
ولو خدك النبل ووجعتك الشهامة، ممكن تنصحه بأخصائي شاطر أو إخصائية شاطرة..

طيب لو انت (أو انتي) اللي مريض تعلق؟
اجري على أقرب حد متخصص (متخصص ها؟) واطلب منه المساعدة..
بإذن الله المتخصص هيقدر يوصل لأصل مشكلة التعلق عندك.. وهيعلمك إنك تقدر تكون لوحدك عادي ومش هتموت ولا هيحصل لك حاجة.. هيعلمك متعة الاستغناء..
الاستغناء بقى برنس البرانيس ورمانة الميزان فعلاً.
الاستغناء بيحميك من مشاعر سلبية ومؤذية كتير.
الاستغناء بيخليك تقدر تمشي بسهولة لما الوضع يبقى مضر بالنسبة لك.
الاستغناء يخليك تقدر ترمي حاجة انت مش محتاجها وتتخلص من كراكيبك الفعلية والنفسية بسهولة.

الاستغناء ما يخليش حد يلوي دراعك أو يبتزك عاطفياً.

الاستغناء يخليك حرفياً رئيس جمهورية نفسك كما يقول الشعراء.

وأجمل وأرقى أنواع الاستغناء، هو الاستغناء بالله فعلاً.

منطقي جداً إنك تستغنى بالله (إذا كنت مؤمن بالله يعني)..
ليه منطقي؟
لأنك بتستغنى بمن لا يموت ولا يفنى ولا ينام ولا يفتر ولا تشوبه الأغيار ولا متبدل الأحوال.. خزائن لا تنفد ورحمة لا تنتهي..

وأخيراً.. خليك حنين وونيس بس مش متعلق.. خليك مستغني ومستكفي بس مش متبلد.. شكراً.


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/uoeuoe-uoeuu-uoeuoe/story_b_18046128.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات