الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

الفاعل والمنفعل في المشهد المصري

الفاعل والمنفعل في المشهد المصري

من مكونات المشهد المصري الآن، نحن كمعارضين للنظام، هل نحن فاعلون أم منفعلون؟ سؤال لا بد أن نجيب عليه، ونتدارسه بمنتهى الصراحة.. الفاعل: الذي يمتلك أدوات على الأرض، وله تأثير لا يمكن تجاوزه، وله من مؤسسات الدولة الصلبة والرخوة نصيب مؤثر. مؤسسات الدولة الصلبة من جيش وشرطة وإعلام وقضاء، والجهاز الإداري للدولة، ودعم دولي وإقليمي، ومؤسسات الدولة الرخوة من نقابات مهنية وعمالية وجمعيات وهيئات ومؤسسات المجتمع المدني ونوادي هيئات تدريس وشرائح طلابية وخلافه.

والمنفعل: هو من كان فاعلاً، ويمتلك الأدوات، ولكنه لم يحسن استخدامها، ففات أوانها ولم يتبق له من أدوات التأثير إلا انفعالاته.. إن أي حراك لا يستميل أو يحيد جزءاً من مؤسسات الدولة محكوم عليه بالفشل.. إننا لا بد أن نعيد تشخيص المشهد بأدواته الحالية؛ لكي نحدد أين نحن.. ومن عندها يبدأ الانطلاق الصحيح الذي يعتمد على قراءة صحيحة للواقع فيضع أهدافاً حقيقية وواقعية وقابلة للقياس والتطبيق، وليس أهدافاً ذات طابع نظري.. حتى وإن كان حسن النوايا. ومن هنا لا بد أن نحدد أين مزاج الرأي العام من الفاعل والمنفعل؟ بعض الحركات تعتقد أن الخطاب الحاد الأيديولوجي كافٍ لحشد الجماهير حولها، وتحملها لتكلفة التغيير وهذا لا يكفي.. وإنما هو أحد العوامل المساعدة للحشد، فالشعوب تخضع لثلاثة عناصر مفصلية على أساسها تتخذ قرارها الجمعي:

1. القيمة: التي ستحصل عليها إذا تحركت.

2. الكلفة: التي لا بد أن تدفعها من تضحيات.

3. الإمكانية: إمكانية الانتصار وتحقيق الأهداف المطلوبة من التحرك.


وبمنتهى الوضوح الآن: هل الرأي العام أدرك القيمة ووافق على دفع الكلفة وتأكد من الإمكانية؟ والسؤال التالي: لإنجاح أي حراك لا بد من شرائح ثلاث، وهي شريحة البدء وشريحة التغيير وشريحة البناء.. فهل شريحة البدء الآن جاهزة ومتماسكة ولها تصور واضح ومحدد دون نزاع أو خلاف أو شقاق وانطلقت لتتسع من توافق رأي عام حولها أوجد شريحة للتغيير؟ أم أننا اكتفينا بالسير في سيناريو حالي وهو سيناريو التثوير للشعب، وعيوننا على سيناريو آخر وهو سيناريو الأقدار؟ وهل سيناريو التثوير استجاب له الشعب؟ وكم درجة الاستجابة؟ أم أننا ننتظر سيناريو الأقدار الذي يعتمد على اختفاء رأس النظام بالموت كما حدث لعبد الناصر والسادات أو الانقلاب عليه، كما حدث لمبارك. ثم بعد ذلك ننتظر ماذا سيفعل معنا النظام الجديد.. أم أن لدينا القدرة على خلق سيناريو آخر خارج الصندوق.. ولكنه ليس خارج التاريخ كسيناريو حل أزمة الجزائر، وتجربة جنوب إفريقيا في حل النزاع وغيرها من التجارب. هذه أسئلة هامة.. دفعني للكتابة عنها أن الرايات كثيرة، ولكن التأثير ضعيف. فإما أن يراجع أصحاب الرايات تقييم الموقف... وإما أن نستمر في الانفعال... وسنن الكون الغلابة أن الانفعال بلا أفعال لا يمكن أن يحقق الآمال وفي النهاية تبقى كلمة: إن من يخون أي فكرة غير فكرته ويعتبر من يخالف قناعاته بأنه خائن وبائع للثورة والثوار ودم الشهيد، وعليه أن يركن على جنب ويبحث لنفسه عن حل فردي ويترك للثوار الساحة.. إن من يفعل ذلك ويفترض في نفسه الصمود والبطولة ومن يخالفه متآمر.. هؤلاء نقول لهم إن من يخون من يخالفه الرأي كيف يقنعنا بقدرته على مشاركة الآخر واستيعابه إذا أردنا أن تنصلح الأمور.. فلا بد أن تتسع الصدور.


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/aly-mohamed-dora/story_b_18045826.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات