بصوت جهوري، يروج الأربعيني بيومي يوسف، لسلعته بأهم سوق شعبي للملابس، وسط العاصمة المصرية القاهرة، مردداً عبارة "كله بـ 25 (أقل من 1.5 دولار)"، في إشارة إلى رخص ثمنها.
تلك السلعة التي هي عبارة عن أنواع مختلفة من الملابس المستوردة من الخارج ذات الماركات العالمية، تباع في متاجر أخرى على بعد مئات الأمتار بأسعار باهظة، ولكن هنا في سوق "وكالة البلح" الأمر مختلف تماماً.
فمعظم الملابس الموجودة بالوكالة، وفق يوسف، هي "ملابس مستعملة معروفة باسم (البالة)، يتم استيرادها من أوروبا والخليج، ويتم استخلاصها جمركياً من ميناء بورسعيد البحري (شمال شرق) ليتم بيعها لتجار الوكالة بالكيلو".
ويصل سعر الكيلو من الملابس المستعملة، بحسب البائع "مائة جنيه (نحو 6 دولارات تقريباً)، ويزن عشرات القطع".
كانت قبلة الباحثين عن حياة راقية
والوكالة التي تقع على مساحة نحو 3 كيلومترات مربعة، بقلب القاهرة، كانت قديماً قبلة الفقراء الطامحين لعيش حياة راقية، غير أنه، مع التحولات الاقتصادية التي شهدتها البلاد مؤخراً، باتت ملاذ بعض الأغنياء أيضاً، بحسب حديث يوسف.
ففي هذا السوق، وفق المتحدث ذاته، يمكن لأسرة مكونة من 4 أفراد الحصول على كسوة كاملة بنحو 200 جنيه فقط (11 دولاراً تقريباً)، وهو مبلغ يكاد يغطي وجبة واحدة يتناولونها في أحد المطاعم متوسطة الحال القريبة من السوق ذاته، الذي "يعد الأرخص سعراً في مصر".
وتقع "وكالة البلح"، بحي بولاق أبو العلا الشعبي، على بعد عشرات الأمتار من مبان سيادية هامة بينها وزارة الخارجية ومبنى التلفزيون الرسمي، ومقر مؤسسة الأهرام للطباعة والنشر، ويقابلها في الضفة الأخرى من نهر النيل حي الزمالك الراقي.
تاريخياً، تعود نشأة "وكالة البلح" إلى عام 1880، وكانت تسمى وقتها سوق "الكانتو (كلمة إيطالية تعني التجارة في المستعمل)"، بعدها أصبحت مكاناً مخصصاً لتجارة البلح، الذي كان يأتي من صعيد مصر (جنوب)، ولهذا سميت بوكالة البلح.
وخلال العقود الأخيرة، عادت "وكالة البلح" لسابق عهدها في تجارة الملابس خاصة المستعملة، بحسب أحاديث منفصلة مع قاطني السوق.
وتنقسم وكالة البلح، إلى شارعين رئيسين، يكتظان بمحال تجارية، ويضع فيهما التجار حاملات حديدية لملابس معظمها مستعملة وبعضها جديدة تناسب جميع الأعمار والفئات.
أسعار الملابس بسوق وكالة البلح تبدأ من 5 جنيهات (أقل من ثلث دولار أميركي) وتصل إلى 200 جنيه (نحو 11 دولاراً تقريباً)، ومن بينها ماركات عالمية، وفق عدد من التجار.
وغالبية الملابس المستعملة المعروضة للبيع بالوكالة، استخدامها خفيف، فيما توجد ملابس جديدة ولكن بها عيوب بسيطة في الصناعة، كما يقول البائع بيومي.
وعلى بعد خطوات من محل بيومي، يؤكد الخمسيني ناصر حسين، صاحب محل، أن الملابس المعروضة في السوق في حالة جيدة.
ويضيف: "يوجد في الوكالة ملابس تباع من المصنع مباشرة غير مستعملة، لكنها تأتي من تصفيات المحال التجارية الكبرى، ويتم بيعها بأسعار منخفضة كونها موضة أعوام سابقة".
الأغنياء أيضاً يقصدون السوق
وبحسرة تعلو وجهه يقول البائع الخمسيني إن "الغلاء يدفع أيضاً الأغنياء إلى سوق وكالة البلح"، فالفقر لم يترك أحداً.
حديث البائع المصري، غير بعيد من تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) صادر أواخر العام الماضي، والذي أعلن أن 27.8% من السكان تحت خط الفقر.
ومؤخراً أقدمت الحكومة على إجراءات اقتصادية تسببت في ارتفاع الأسعار، كان أهمها تحرير سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ليصل معدل التضخم بعدها لـ31% في النصف الأول من العام الجاري بحسب الجهاز المركزي للإحصاء(حكومي).
ضجيج وسط القاهرة، لم يمنع الطالبة العشرينية، ريهام سالم، من التسوق بـ"وكالة البلح".
وبينما تفاضل بين قطعتي ملابس اختارتهما بعناء وعناية من بين عشرات القطع الأخرى، تقول ريهام من داخل أحد محال السوق، إن "الماركات العالمية للملابس سعرها هنا مناسب وعلى قد اليد (رخيصة الثمن)".
ويستمر البيع طوال أيام الأسبوع ما عدا الأحد بالنسبة لبعض التجار، بوكالة البلح، ما يتيح للطالبة الجامعية وصديقاتها فرصة للتسوق بين المحلات المتراصة على امتداد شارعيها.
تشتري ريهام، 5 قطع ملابس بالوكالة بنحو 1000 جنيه (نحو 55 دولاراً) بسعر قطعة واحدة من المعروض في المحال التجارية خارج "وكالة البلح"، وفق قولها.
وتتفق ابتسام جاد، ربة منزل، مع الطالبة الجامعية، في جودة الملابس وسعرها الرخيص في الوكالة مقارنة ببقية المحال التجارية بالقاهرة.
وتؤكد بعد أن تسوقت من عدة محال بعدة قطع من الملابس المصفوفة على عمودين حديدين بوكالة البلح، أن الغلاء يدفع كثير من الأسر للتسوق من الوكالة.
استيراد مستعمل
ويشير تقرير حكومي صادر أواخر العام الماضي، عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى أن مصر استوردت في العشرة أشهر الأولى من عام 2016، ملابس مستعملة بقيمة تزيد عن 50 مليون جنيهاً (2.7 مليون دولار تقريباً).
بدوره، يقول ممدوح زكي رئيس شعبة المستوردين والمصدرين بالغرفة التجارية،، إن "الملابس المستعملة المستوردة من الخارج لم تؤثر كثيراً على سوق الملابس الجاهزة الجديدة بمصر".
ويؤكد أن "الإنتاج المحلي يتميز بالجودة وانخفاض السعر"، مشيراً إلى أن مصر تصدر حالياً ملابس جاهزة لعدة دول أوروبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة ودول جنوب إفريقيا.
في المقابل، تحذر وفاء علم الدين، الأخصائية في الأمراض الجلدية، من ارتداء ملابس مستعملة.
وتقول علم الدين إن "استخدام الملابس المستعملة يتسبب في أمراض جلدية تنقل عبر الملابس منها الأكزيما التلامسية والتينة الملونة، والجرب".
وتطالب في حالة الحاجة الماسة لتلك الملابس بـ"ضرورة غسلها جيداً وكيها؛ لقتل الفطريات والبكتيريا المتواجدة بها".
تلك السلعة التي هي عبارة عن أنواع مختلفة من الملابس المستوردة من الخارج ذات الماركات العالمية، تباع في متاجر أخرى على بعد مئات الأمتار بأسعار باهظة، ولكن هنا في سوق "وكالة البلح" الأمر مختلف تماماً.
فمعظم الملابس الموجودة بالوكالة، وفق يوسف، هي "ملابس مستعملة معروفة باسم (البالة)، يتم استيرادها من أوروبا والخليج، ويتم استخلاصها جمركياً من ميناء بورسعيد البحري (شمال شرق) ليتم بيعها لتجار الوكالة بالكيلو".
ويصل سعر الكيلو من الملابس المستعملة، بحسب البائع "مائة جنيه (نحو 6 دولارات تقريباً)، ويزن عشرات القطع".
كانت قبلة الباحثين عن حياة راقية
والوكالة التي تقع على مساحة نحو 3 كيلومترات مربعة، بقلب القاهرة، كانت قديماً قبلة الفقراء الطامحين لعيش حياة راقية، غير أنه، مع التحولات الاقتصادية التي شهدتها البلاد مؤخراً، باتت ملاذ بعض الأغنياء أيضاً، بحسب حديث يوسف.
ففي هذا السوق، وفق المتحدث ذاته، يمكن لأسرة مكونة من 4 أفراد الحصول على كسوة كاملة بنحو 200 جنيه فقط (11 دولاراً تقريباً)، وهو مبلغ يكاد يغطي وجبة واحدة يتناولونها في أحد المطاعم متوسطة الحال القريبة من السوق ذاته، الذي "يعد الأرخص سعراً في مصر".
وتقع "وكالة البلح"، بحي بولاق أبو العلا الشعبي، على بعد عشرات الأمتار من مبان سيادية هامة بينها وزارة الخارجية ومبنى التلفزيون الرسمي، ومقر مؤسسة الأهرام للطباعة والنشر، ويقابلها في الضفة الأخرى من نهر النيل حي الزمالك الراقي.
تاريخياً، تعود نشأة "وكالة البلح" إلى عام 1880، وكانت تسمى وقتها سوق "الكانتو (كلمة إيطالية تعني التجارة في المستعمل)"، بعدها أصبحت مكاناً مخصصاً لتجارة البلح، الذي كان يأتي من صعيد مصر (جنوب)، ولهذا سميت بوكالة البلح.
وخلال العقود الأخيرة، عادت "وكالة البلح" لسابق عهدها في تجارة الملابس خاصة المستعملة، بحسب أحاديث منفصلة مع قاطني السوق.
وتنقسم وكالة البلح، إلى شارعين رئيسين، يكتظان بمحال تجارية، ويضع فيهما التجار حاملات حديدية لملابس معظمها مستعملة وبعضها جديدة تناسب جميع الأعمار والفئات.
أسعار الملابس بسوق وكالة البلح تبدأ من 5 جنيهات (أقل من ثلث دولار أميركي) وتصل إلى 200 جنيه (نحو 11 دولاراً تقريباً)، ومن بينها ماركات عالمية، وفق عدد من التجار.
وغالبية الملابس المستعملة المعروضة للبيع بالوكالة، استخدامها خفيف، فيما توجد ملابس جديدة ولكن بها عيوب بسيطة في الصناعة، كما يقول البائع بيومي.
وعلى بعد خطوات من محل بيومي، يؤكد الخمسيني ناصر حسين، صاحب محل، أن الملابس المعروضة في السوق في حالة جيدة.
ويضيف: "يوجد في الوكالة ملابس تباع من المصنع مباشرة غير مستعملة، لكنها تأتي من تصفيات المحال التجارية الكبرى، ويتم بيعها بأسعار منخفضة كونها موضة أعوام سابقة".
الأغنياء أيضاً يقصدون السوق
وبحسرة تعلو وجهه يقول البائع الخمسيني إن "الغلاء يدفع أيضاً الأغنياء إلى سوق وكالة البلح"، فالفقر لم يترك أحداً.
حديث البائع المصري، غير بعيد من تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) صادر أواخر العام الماضي، والذي أعلن أن 27.8% من السكان تحت خط الفقر.
ومؤخراً أقدمت الحكومة على إجراءات اقتصادية تسببت في ارتفاع الأسعار، كان أهمها تحرير سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ليصل معدل التضخم بعدها لـ31% في النصف الأول من العام الجاري بحسب الجهاز المركزي للإحصاء(حكومي).
ضجيج وسط القاهرة، لم يمنع الطالبة العشرينية، ريهام سالم، من التسوق بـ"وكالة البلح".
وبينما تفاضل بين قطعتي ملابس اختارتهما بعناء وعناية من بين عشرات القطع الأخرى، تقول ريهام من داخل أحد محال السوق، إن "الماركات العالمية للملابس سعرها هنا مناسب وعلى قد اليد (رخيصة الثمن)".
ويستمر البيع طوال أيام الأسبوع ما عدا الأحد بالنسبة لبعض التجار، بوكالة البلح، ما يتيح للطالبة الجامعية وصديقاتها فرصة للتسوق بين المحلات المتراصة على امتداد شارعيها.
تشتري ريهام، 5 قطع ملابس بالوكالة بنحو 1000 جنيه (نحو 55 دولاراً) بسعر قطعة واحدة من المعروض في المحال التجارية خارج "وكالة البلح"، وفق قولها.
وتتفق ابتسام جاد، ربة منزل، مع الطالبة الجامعية، في جودة الملابس وسعرها الرخيص في الوكالة مقارنة ببقية المحال التجارية بالقاهرة.
وتؤكد بعد أن تسوقت من عدة محال بعدة قطع من الملابس المصفوفة على عمودين حديدين بوكالة البلح، أن الغلاء يدفع كثير من الأسر للتسوق من الوكالة.
استيراد مستعمل
ويشير تقرير حكومي صادر أواخر العام الماضي، عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى أن مصر استوردت في العشرة أشهر الأولى من عام 2016، ملابس مستعملة بقيمة تزيد عن 50 مليون جنيهاً (2.7 مليون دولار تقريباً).
بدوره، يقول ممدوح زكي رئيس شعبة المستوردين والمصدرين بالغرفة التجارية،، إن "الملابس المستعملة المستوردة من الخارج لم تؤثر كثيراً على سوق الملابس الجاهزة الجديدة بمصر".
ويؤكد أن "الإنتاج المحلي يتميز بالجودة وانخفاض السعر"، مشيراً إلى أن مصر تصدر حالياً ملابس جاهزة لعدة دول أوروبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة ودول جنوب إفريقيا.
في المقابل، تحذر وفاء علم الدين، الأخصائية في الأمراض الجلدية، من ارتداء ملابس مستعملة.
وتقول علم الدين إن "استخدام الملابس المستعملة يتسبب في أمراض جلدية تنقل عبر الملابس منها الأكزيما التلامسية والتينة الملونة، والجرب".
وتطالب في حالة الحاجة الماسة لتلك الملابس بـ"ضرورة غسلها جيداً وكيها؛ لقتل الفطريات والبكتيريا المتواجدة بها".
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/09/30/story_n_18146114.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات