الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

في الثلاثين من عمري.. لم أعُد "الصغيرة"

في الثلاثين من عمري.. لم أعُد "الصغيرة"

تعودت منذ صغري أنني الصغيرة!
أصغر فرد في الأسرة.. بل والعائلة.

أصغر طالبة في الفصل.. أصغر معلمة في المسجد.. أصغر عروسة.. أصغر أُم!

فالتصقت بي تلك الصفة التصاقاً وثيقاً، حتى صارت جزءاً مما يميزني في هذه الحياة!
وصارت نظرات الإعجاب من البعض مرتبطة بالعمر!
الله.. كم أنتِ صغيرة!

لست أدري تماماً لماذا نقع في غرام (الصغر) خاصة كسيدات؟ ولماذا نخاف من أن نكبر؟
ولماذا لا تحب المرأة فوق الثلاثين أن تذكر عمرها الحقيقي؟
هل هو خوف من المسؤولية؟
أم هو فهمٌ ما قد وصل إلى عقولنا، بأن الصغيرة (أغلى) وكأنها سلعة تباع وتشترى وتقدر برقم! يقل كما تقدمت في السن مثلاً.
أم هو سباق مع الزمن ومع ما يسمى الإنجاز.. ماذا أنجزت؟ ومتى أنجزته؟ و(راحت عليا خلاص)؟!

ربما تلك الأسباب، وربما أحدها، وربما غيرها.. لست أدري!

لكن ما أعرفه تماماً هو أنني قررتُ في يومٍ ما أن لا أخجل من عمري أبداً، وأن أعتبر كل عامٍ يمرُّ عليّ هو رزق أكرمني الله به، وخبرة أضافت لي، وذكريات صنعتها بنفسي أو صُنعت من أجلي، وآلام أنضجتني.. وأفراح أحيت قلبي، وأشخاص جدد تعرفت عليهم، فصاروا جزءاً منّي.. فزدتُ بهم ومعهم..

ربما ما يشغلني كثيراً هو "الإنجاز".. ماذا أنجزتُ فيما مضى؟ وماذا حققت؟ ويا ليتني وصلت إلى كذا قبل سن كذا؟! ولا أعلم لماذا أيضاً؟

لماذا أعيش وكأني في سباق؟ ما فائدة الإنجاز إذا لم أحيَ اللحظة بكلها وأستشعرها وأسعد بها.. وما هو الإنجاز أصلاً؟ وما هي معاييره؟
وهل مفهوم السباق بين الإنجاز والسن يفيده أم يضره؟

إن تحقيق شيء ما في هذه الحياة لا يمكن أبدا أن يرتبط بسن معينة، أو بوقت معين، أو بكم معين، بل بالكيف، والكيف فقط.. بالروح الذي سمحتُ لنفسي أن أودعها من روحي في هذا الشيء الذي حققته، ولن يحدث ذلك إلا إذا تصالحت مع نفسي، ومع عمري الذي هو جزء أصيل منّي.. هو خبرتي.. وذكرياتي.. وعلاقاتي.. هو أنا.

حينما أفكر بتلك الطريقة، يملؤني إحساس بالرضا والامتنان لهذا الرقم (ثلاثون عاماً).

نعم، لن أعود من بعده أبداً.. "الصغيرة"..
ولكن.. لأبدأ رحلتي من بعده دون أوصاف معينة تلتصق بي، فلا داعي لإعجاب مزيف بسنّي لا بشخصي، بل لأكون أنا.. نفسي الحقيقية التي أنا عليها..
أحبها من أحبها.. لذاتها، لا لكونها: (الصغيرة)..

لأبدأ رحلتي من بعده مع النجاح والإنجاز من أجل النجاح والإنجاز، ومن أجل ما أتمنى تحقيقه فيهم.. لا من أجل السباق مع الزمن والعمر!
فأستمتع بهم، وبكل لحظاتي معاهم.. بما فيها لحظات الإخفاق والفشل والخطأ، دون استعجال لا معنى له.. ولا طائل من الاستغراق فيه.

سألتقط نفساً عميقاً، وأقول: لقد أتممت الثلاثين من عمري.. ثلاثين عاماً من الأحداث.. والأفراح.. والآلام.. والمشاعر.. والأفكار.. والعلاقات.. ثلاثين عاماً من البناء لنفسي وذاتي.. ثلاثين عاماً من الحياة..

هي ليست رقماً، بل هي ثلاثون عاماً، لكل لحظة فيها "قصة"، وكلما زادت صرتُ بالقصص أغنى.

فاللهم تقبّل ما كان منها في طاعتك.. خالصاً لك، واغفر لي ما كان منها في معصيتك وفيما لا يرضيك، وبارك لي في ما تبقى من عمري، واجعله في رضاك ومحبتك وقربك، واكتبني من أهل الجنة، واجعل كل لحظة في عمري هي خطوة في طريقي إليك.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/arwa-elzoghby/post_15959_b_18046970.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات