الثلاثاء، 19 سبتمبر 2017

ما بين الحفاظ على الهوية والتطور

ما بين الحفاظ على الهوية والتطور

ملحوظة: التدوينة بالعامية المصرية


الحقيقة إن جيل الشباب الحالي في مجتمعاتنا العربية عنده مشكلة هوية تتجذر وتزيد يوماً عن يوم، في حالة غياب تام لمناخ إنساني فكري وثقافي يندمج فيه الشباب، واللي في مراحل أصغر، مع التطور الكبير في وسائل الاتصال اللي أدى لانفتاح على ثقافات مختلفة أكثر منا حداثة وحرية، و بدون أي وعي مسبق عن أصول ثقافتنا.

اللي مش شايف إنه فيه مشكلة بالحجم ده، وبيحاول يبسط الأمور، ويقول لك ما هو كل الناس عايشة وزي الفل والحياة ماشية أهي، هو فعلاً الحياة ماشية ومستحيل الحياة هتقف عشان فيه حاجة ناقصة أو حاجة غلط، أساس فكرة الحياة نفسها أصلاً إنها تفضل ماشية تحت أي ظروف، المفروض إحنا اتخلقنا عشان نحاول على قد ما نقدر نمشيها صح، مش نعيشها زي ما هي وخلاص، طريقة تبسيط الأمور هي محاولة للإنكار.

المشكلة دي طبعاً على الكل، سواء اللي عايشين في البلاد العربية، أو اللي سافروا واستقروا في دول أوروبا أو أميركا، الفرق بينهم اختلاف واحد بس، إن اللي جوا شايفين نفسهم ضحية لما يحدث حولهم، وبالتالي ضميرهم مستريح شوية، وكمان قليل لما تلاقي حد فيهم عنده فرصة أصلاً إنه يفوق ويفكر في حاجة زي كده من اللي هما فيه كل يوم.

اللي برة الوضع مختلف بالنسبة ليهم شوية، الدنيا مفتوحة أكتر، وكل شيء ممكن، بس غالباً بيلاقي نفسه قدام اختيارين كلاهما صعب، أولاً إنه يتخلص تماماً من ثقافته اللي عرفها على مدى حياته، ويحاول يخلق تركيبة جديدة من جو الحرية اللي موجود، ويستحضر أساسيات الثقافة الأصلية الصحيحة (اللي هي في معظم الحالات الإسلام)، وده طبعاً تحدي، لأنه لا يملك بناء فكري قوي يقدر يطوره، وكمان محاولته للاحتفاظ بثقافته بتخليه يقابل بعض مشاكل في حياته، الاختيار التاني إنه بردو يتخلص تماماً من ثقافته اللي عرفها على مدى حياته (كده كده لازم يتخلص منها)، بس المرة دي عشان يندمج بالكامل في الثقافة الجديدة، وده طبعاً بتخليه يفقد روحه أصلاً.

الثقافة العربية عموماً ليس لها محل من الإعراب في العالم كله الآن، يعني لما تكون من بلد عربي وتقابل ناس جديدة أول انطباع إنك بتمثل ثقافة
متخلفة، والطبيعي إنهم عايزين يعرفوا أكتر عن الثقافة دي، بس غالباً لا يوجد شيء مبهر تحكيه غير إن بلادنا مافيهاش حرية ولا ديمقراطية، والفساد
منتشر أكتر من الهوا، وبتنصحهم يبقوا حذرين جداً في حالة إنهم حبوا يزوروا أي بلد عربي.

الحفاظ على الهوية له أهمية خاصة في بناء الأمم وتطورها، يعني لك أن تتخيل أمة تم عمل محو تام لثقافتها الأصلية، واستبدالها بنموذج مسخ من ثقافات مختلفة جمع ما بين أسوأ ما يوجد في هذه الثقافات، تعليم متدن لدرجة إن الشباب مش عارفين هما بيتعلموا ليه أصلاً.

أمة بالملايين ليس لها أي دور فعلي في التطور الإنساني والعالمي مستحيل يكون ليها مكانة في المستقبل.

أنا معنديش مشكلة إنه فيه ناس تافهة تبقى مشهورة ومعروفة في المجتمع، أو إنه يبقى فيه فن سيئ وله مشاهدين، أنا مشكلتي الأساسية إنه دول الأساس وعددهم أكتر، وإن العكس مش موجود، يعني كام مفكر، عالم، أو مثقف موجودين ومعروفين ولهم تأثير؟ وكام منهم حقيقي وكام منهم مضروب؟ كام ممثل ومغني بيحاولوا يوصلوا محتوى هادف للمجتمع؟ كام فيلم أو أغنية بتوجه الناس للأفضل في حياتهم؟ تقريباً مفيش، مش موجود أي شيء مما سبق، وهي دي المشكلة الحقيقية.

العرب واقعين في دوامة، لا هما قادرين يعيشوا ثقافتهم الأصلية ويطوروها، ولا هما عارفين يندمجوا في ثقافات أخرى ويتطوروا على أساسها.


ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/mohamed-elsaeed-dagher/story_b_17978402.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات