أقامت السلطات الأميركية، قبل أيام، معرضاً في نيويورك لعرض الأعمال الفنية للمعتقلين في خليج غوانتانامو في كوبا، والتي خرج خيالهم فيها من أسوار السجن شديد الحراسة إلى العالم الخارجي، رغم أنهم صمموها بينما كانوا مقيدين بأرضيات زنزاناتهم.
وبحسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية الإثنين 2 أكتوبرتشرين الأول 2017، كانت الأعمال الفنية التي ظهرت في معرض "Ode to the Sea" أو "قصيدة إلى البحر"، بكلية جون جاي للعدالة الجنائية في نيويورك، تتكون من 36 عملاً، منها مُجسَّمٌ عملاق لسفينة مُكوَّنة من 4 صواري، مُجهزة بزخارف أنيقة، ومنافذ تُفتح نوافذها للكشف عن مدن القدس، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة. يعيش مُبتكر هذه السفينة، معاذ العلوي، على مرمى المحيط، لكن ليس بمقدوره رؤية الأمواج، ولا حتى النزول إلى الماء.
ومن بين المعتقلين الذي عرضوا أعمالهم معاذ العلوي، وكانت عبارة عن سفينة مصنوعة من الكرتون المقوَّى، وأغطية الزجاجات البلاستيكية، وخيوط سجادة الصلاة، وحبّات السبحة خاصته، في نيويورك، خلال هذا الأسبوع، في معرضٍ فني يعرض لوحاتٍ صنعها سُجناء المعتقل الشهير السابقون والحاليون، بحسب الصحيفة البريطانية.
وقال عبد المالك عبود عبر محادثةٍ بالفيديو مع "الغارديان": "في غوانتانامو، نحن على مقربةٍ من البحر، لكنَّنا لا نستطيع الذهاب إليه".
ووصل عبود إلى معسكر السجن في اليوم الذي فُتِحَت فيه أبوابه، أُفرِجَ عنه دون توجيه تهمةٍ إليه في الصيف الماضي، وأُرسلَ إلى دولة الجبل الأسود في البلقان. ووصف معاناته قائلاً: "بالنسبة لي، البحر يعني الهدوء. وتعني السفينة، في بعض الأحيان، أنَّك ستصل إلى الشاطئ. أحياناً أقوم بوضع نفسي في البحر (من خلال الرسم). تأخذك الأمواج هناك، وهناك، وهناك، ولكنَّك في النهاية ستصل إلى اليابسة. نفكر دائماً في أنَّ قارباً سيأخذنا بعيداً... وفي النهاية، جاء القارب وأخذني إلى الجبل الأسود"، بحسب "الغارديان".
وفي عام 2014، أُزيل القماش المشمَّع لمدة 4 أيام بسبب الإعصار؛ ما تسبب في ظهور فيضانٍ من الأعمال الفنية المُستلهمة من البحر. وكتب السجين السابق منصور الضيفي، في مقالةٍ ضمن دليل المعرض: "كل من استطاع الرسم رَسَم البحر. كنتُ أرى بعض هذه الرسومات خليطاً من الأمل والألم؛ إذ يُمثل البحر معنى الحرية التي لا يستطيع أحد التحكم فيها أو امتلاكها، الحرية للجميع".
وقالت إيرين تومسون، أستاذة جرائم الفن في كلية جون جاي والقائمة على المعرض: "كان الفن وسيلتهم لتخيُّل أنفسهم خارج غوانتانامو".
وتقول إيرين إنَّ الهدف الأصلي للمعرض هو: "إعطاء الآخرين طريقةً مختلفة للتفكير في هؤلاء الرجال، فضلاً عن توفير فرصةٍ لهم للتفكير في أنفسهم بطريقةٍ مختلفة"، لكنَّ هدفها تغيَّر بعد الانتخابات الرئاسة الأميركية التي جرت في العام الماضي (2016). وقالت عن ذلك: "في عهد ترامب، الذي يقول إنَّه يريد توسيع غوانتانامو، أصبح للمعرض الآن غرض أكثر فاعلية، وهو توضيح أنَّ احتجاز الأفراد لأجلٍ غير مُسمَّى يضر بالمعتقلين، وكذا الأفراد العاملين في السجن"، بحسب الصحيفة البريطانية.
أول الأعمال
أول الأعمال الفنية التي صُنِعَت في غوانتانامو، هي ربما التصاميم الزهرية التي حُفرت على أكواب "الفوم" التي كان يُقدَّم فيها الشاي للمعتقلين، وهو تقليد بدأ منذ افتتاح المعتقل في عام 2002. ووفقاً لحارسٍ سابق، كثيراً ما كانت تُؤخَذ التصاميم وتُرسل إلى وحدات الاستخبارات العسكرية للفحص والتفتيش.
وجاءت الدورات الفنية في وقتٍ لاحق، عام 2009، بعد أن أصبح باراك أوباما رئيساً؛ إذ جاء في بيانٍ صحفي لأفرادٍ بالجيش الأميركي: "يوفر البرنامج الفني التحفيز الذهني للمحتجزين، ويسمح لهم بالتعبير عن إبداعهم".
ويقول عبود إنَّه كان حريصاً على أن يصنع فناً، وأن يستفد من الدروس باللغتين الإنكليزية والإسبانية. وقال: "أردتُ أن أتعلَّم لأستغل وقتي في أشياءٍ جيدة. طلبتُ منهم تسجيل اسمي".
هذا التعبير عن الإبداع يأتي مصحوباً ببعض القيود في السجن؛ إذ يُحظَر بشدةٍ استخدام أقلام الرصاص، وأقلام الحبر، وكل ما هو حاد، تماماً كاستخدام الخامات المصنوعة من المعدن، مثل معظم فُرَش الطلاء.
وقال عبود: "كان أمراً صعباً جداً؛ لأنَّهم عندما نقلونا من زنزاناتنا إلى غرفة التدريس، قاموا بتقييدنا وتفتيشنا. وعندما وصلنا إلى الصف فتشونا مرةً أخرى. أزالوا القيود من أيادينا، لكنَّ سيقاننا كانت لا تزال مُقيدة".
صُنِعَت العديد من الأعمال الفنية التي قُدِّمَت في المعرض بعد عام 2015؛ إذ صودِرَت العديد من القطع الفنية السابقة في أثناء المداهمات، أو فترات الاضطرابات والإضرابات الجماعية عن الطعام.
حصل عبود في النهاية على مكافأةٍ على سلوكه الحسن، وسُمح له بالرسم في زنزانته. وقال: "أحياناً كنتُ آخذ لوحتي، وألواني، وأرسم، وأنسى. وساعدني هذا كثيراً".
يتخذ بعض المعتقلين الفن أيضاً وسيلة للاتصال بالعالم من حولهم. فأحد الأعمال الفنية، التي رسمها مُحمَّد الأنسي، كانت رسمةً للصورة الشهيرة للطفل آلان الكردي، الطفل السوري البالغ من العمر 3 سنوات الذي جرفه الشاطئ في سبتمبر/أيلول عام 2015 بينما كانت تحاول أسرته الفرار من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
يُذكر أنَّ الأنسي ومعه 9 رجال آخرين نُقِلُوا خارج غوانتانامو قبل 4 أيامٍ من تنصيب دونالد ترامب رئيساً لأميركا. وعلى الرغم من نية أوباما المُعلَنة بإغلاق السجن، لا يزال 41 رجلاً محتجزين هناك.
أُحضِر المعتقل الجزائري جمال أمزيان إلى غوانتانامو في عام 2002، وعلى الرغم من إعلان الإفراج عنه في عام 2008، فإنه لم يُطلَق سراحه حتى عام 2013، بحسب الصحيفة البريطانية.
ووفقاً لدليل المعرض: "قال أمزيان لمحاميه إنَّه شعر وهو في (أسوأ لحظاته) وكأنَّه قاربٌ في البحر، خارت قواه من جرَّاء العواصف المتعاقبة في أثناء رحلته نحو جهةٍ مجهولة...".
أخبر أمزيان أيضاً محاميه بأنَّه وقبل البدء في الدورات الفنية بالمعتقل، لم يكن يُسمح للمعتقلين حتى برسم أي شيءٍ في خطاباتهم إلى عائلاتهم وأحبائهم. وإذا ما فعلوا ذلك، فستنهال عليهم سلطات المعتقل وتمنعهم من التواصل مع الآخرين.
وبينما تستمر القواعد بغوانتانامو في التغير، يُسمح أحياناً للمعتقلين "المُطيعين" بالعمل على مشاريعهم الفنية في زنزاناتهم.
وقال العلوي، المواطن اليمني الذي لا يزال محتجزاً في السجن، إنَّه يبدأ العمل على قطعه الفنية "قبل الفجر بقليل"، ويستمر 7 أو 8 ساعات.
وأخبر محاميته بيث جاكوب: "عندما أبدأ عملاً فنياً، أنسى أنِّي في السجن. عندما أبدأ عملاً فنياً، أنسى نفسي. وعلى الرغم من كوني داخل السجن، أحاول قدر استطاعتي تحرير روحي منه. أعيش حياةً مختلفة حين أصنع فناً".
وبحسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية الإثنين 2 أكتوبرتشرين الأول 2017، كانت الأعمال الفنية التي ظهرت في معرض "Ode to the Sea" أو "قصيدة إلى البحر"، بكلية جون جاي للعدالة الجنائية في نيويورك، تتكون من 36 عملاً، منها مُجسَّمٌ عملاق لسفينة مُكوَّنة من 4 صواري، مُجهزة بزخارف أنيقة، ومنافذ تُفتح نوافذها للكشف عن مدن القدس، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة. يعيش مُبتكر هذه السفينة، معاذ العلوي، على مرمى المحيط، لكن ليس بمقدوره رؤية الأمواج، ولا حتى النزول إلى الماء.
ومن بين المعتقلين الذي عرضوا أعمالهم معاذ العلوي، وكانت عبارة عن سفينة مصنوعة من الكرتون المقوَّى، وأغطية الزجاجات البلاستيكية، وخيوط سجادة الصلاة، وحبّات السبحة خاصته، في نيويورك، خلال هذا الأسبوع، في معرضٍ فني يعرض لوحاتٍ صنعها سُجناء المعتقل الشهير السابقون والحاليون، بحسب الصحيفة البريطانية.
وقال عبد المالك عبود عبر محادثةٍ بالفيديو مع "الغارديان": "في غوانتانامو، نحن على مقربةٍ من البحر، لكنَّنا لا نستطيع الذهاب إليه".
ووصل عبود إلى معسكر السجن في اليوم الذي فُتِحَت فيه أبوابه، أُفرِجَ عنه دون توجيه تهمةٍ إليه في الصيف الماضي، وأُرسلَ إلى دولة الجبل الأسود في البلقان. ووصف معاناته قائلاً: "بالنسبة لي، البحر يعني الهدوء. وتعني السفينة، في بعض الأحيان، أنَّك ستصل إلى الشاطئ. أحياناً أقوم بوضع نفسي في البحر (من خلال الرسم). تأخذك الأمواج هناك، وهناك، وهناك، ولكنَّك في النهاية ستصل إلى اليابسة. نفكر دائماً في أنَّ قارباً سيأخذنا بعيداً... وفي النهاية، جاء القارب وأخذني إلى الجبل الأسود"، بحسب "الغارديان".
وفي عام 2014، أُزيل القماش المشمَّع لمدة 4 أيام بسبب الإعصار؛ ما تسبب في ظهور فيضانٍ من الأعمال الفنية المُستلهمة من البحر. وكتب السجين السابق منصور الضيفي، في مقالةٍ ضمن دليل المعرض: "كل من استطاع الرسم رَسَم البحر. كنتُ أرى بعض هذه الرسومات خليطاً من الأمل والألم؛ إذ يُمثل البحر معنى الحرية التي لا يستطيع أحد التحكم فيها أو امتلاكها، الحرية للجميع".
وقالت إيرين تومسون، أستاذة جرائم الفن في كلية جون جاي والقائمة على المعرض: "كان الفن وسيلتهم لتخيُّل أنفسهم خارج غوانتانامو".
وتقول إيرين إنَّ الهدف الأصلي للمعرض هو: "إعطاء الآخرين طريقةً مختلفة للتفكير في هؤلاء الرجال، فضلاً عن توفير فرصةٍ لهم للتفكير في أنفسهم بطريقةٍ مختلفة"، لكنَّ هدفها تغيَّر بعد الانتخابات الرئاسة الأميركية التي جرت في العام الماضي (2016). وقالت عن ذلك: "في عهد ترامب، الذي يقول إنَّه يريد توسيع غوانتانامو، أصبح للمعرض الآن غرض أكثر فاعلية، وهو توضيح أنَّ احتجاز الأفراد لأجلٍ غير مُسمَّى يضر بالمعتقلين، وكذا الأفراد العاملين في السجن"، بحسب الصحيفة البريطانية.
أول الأعمال
أول الأعمال الفنية التي صُنِعَت في غوانتانامو، هي ربما التصاميم الزهرية التي حُفرت على أكواب "الفوم" التي كان يُقدَّم فيها الشاي للمعتقلين، وهو تقليد بدأ منذ افتتاح المعتقل في عام 2002. ووفقاً لحارسٍ سابق، كثيراً ما كانت تُؤخَذ التصاميم وتُرسل إلى وحدات الاستخبارات العسكرية للفحص والتفتيش.
وجاءت الدورات الفنية في وقتٍ لاحق، عام 2009، بعد أن أصبح باراك أوباما رئيساً؛ إذ جاء في بيانٍ صحفي لأفرادٍ بالجيش الأميركي: "يوفر البرنامج الفني التحفيز الذهني للمحتجزين، ويسمح لهم بالتعبير عن إبداعهم".
ويقول عبود إنَّه كان حريصاً على أن يصنع فناً، وأن يستفد من الدروس باللغتين الإنكليزية والإسبانية. وقال: "أردتُ أن أتعلَّم لأستغل وقتي في أشياءٍ جيدة. طلبتُ منهم تسجيل اسمي".
هذا التعبير عن الإبداع يأتي مصحوباً ببعض القيود في السجن؛ إذ يُحظَر بشدةٍ استخدام أقلام الرصاص، وأقلام الحبر، وكل ما هو حاد، تماماً كاستخدام الخامات المصنوعة من المعدن، مثل معظم فُرَش الطلاء.
وقال عبود: "كان أمراً صعباً جداً؛ لأنَّهم عندما نقلونا من زنزاناتنا إلى غرفة التدريس، قاموا بتقييدنا وتفتيشنا. وعندما وصلنا إلى الصف فتشونا مرةً أخرى. أزالوا القيود من أيادينا، لكنَّ سيقاننا كانت لا تزال مُقيدة".
صُنِعَت العديد من الأعمال الفنية التي قُدِّمَت في المعرض بعد عام 2015؛ إذ صودِرَت العديد من القطع الفنية السابقة في أثناء المداهمات، أو فترات الاضطرابات والإضرابات الجماعية عن الطعام.
حصل عبود في النهاية على مكافأةٍ على سلوكه الحسن، وسُمح له بالرسم في زنزانته. وقال: "أحياناً كنتُ آخذ لوحتي، وألواني، وأرسم، وأنسى. وساعدني هذا كثيراً".
يتخذ بعض المعتقلين الفن أيضاً وسيلة للاتصال بالعالم من حولهم. فأحد الأعمال الفنية، التي رسمها مُحمَّد الأنسي، كانت رسمةً للصورة الشهيرة للطفل آلان الكردي، الطفل السوري البالغ من العمر 3 سنوات الذي جرفه الشاطئ في سبتمبر/أيلول عام 2015 بينما كانت تحاول أسرته الفرار من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
يُذكر أنَّ الأنسي ومعه 9 رجال آخرين نُقِلُوا خارج غوانتانامو قبل 4 أيامٍ من تنصيب دونالد ترامب رئيساً لأميركا. وعلى الرغم من نية أوباما المُعلَنة بإغلاق السجن، لا يزال 41 رجلاً محتجزين هناك.
أُحضِر المعتقل الجزائري جمال أمزيان إلى غوانتانامو في عام 2002، وعلى الرغم من إعلان الإفراج عنه في عام 2008، فإنه لم يُطلَق سراحه حتى عام 2013، بحسب الصحيفة البريطانية.
ووفقاً لدليل المعرض: "قال أمزيان لمحاميه إنَّه شعر وهو في (أسوأ لحظاته) وكأنَّه قاربٌ في البحر، خارت قواه من جرَّاء العواصف المتعاقبة في أثناء رحلته نحو جهةٍ مجهولة...".
أخبر أمزيان أيضاً محاميه بأنَّه وقبل البدء في الدورات الفنية بالمعتقل، لم يكن يُسمح للمعتقلين حتى برسم أي شيءٍ في خطاباتهم إلى عائلاتهم وأحبائهم. وإذا ما فعلوا ذلك، فستنهال عليهم سلطات المعتقل وتمنعهم من التواصل مع الآخرين.
وبينما تستمر القواعد بغوانتانامو في التغير، يُسمح أحياناً للمعتقلين "المُطيعين" بالعمل على مشاريعهم الفنية في زنزاناتهم.
وقال العلوي، المواطن اليمني الذي لا يزال محتجزاً في السجن، إنَّه يبدأ العمل على قطعه الفنية "قبل الفجر بقليل"، ويستمر 7 أو 8 ساعات.
وأخبر محاميته بيث جاكوب: "عندما أبدأ عملاً فنياً، أنسى أنِّي في السجن. عندما أبدأ عملاً فنياً، أنسى نفسي. وعلى الرغم من كوني داخل السجن، أحاول قدر استطاعتي تحرير روحي منه. أعيش حياةً مختلفة حين أصنع فناً".
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/10/02/story_n_18167766.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات