يُقتَضَمُ العراق اليوم، كما اُقتُضِمَ السودان من قبل، عندما نشأت دولة جنوب السودان على حساب الوطن العربي الذي تصغر خارطته رويداً رويداً، واليوم يصرّ أكراد العراق الإصرار كله على الانفصال عن العراق وإنشاء دولة صغيرة متاخمة لدولة أشقائهم العراقيين العرب.
يتوه العراق اليوم، وتتوه معه المنطقة بكاملها، فبينَ مؤيّدٍ لحق الأكراد في دولتهم المستقلة بعد عقودٍ من التهميش والاضطهاد وضياع الحقوق، ومعارضٍ لعملية الانفصال هذه، تسعى إسرائيل إلى لعبِ دورٍ خبيثٍ تعمّق من خلاله الشرخ الذي حالَ بين العرب والكُرد، فما هي مصلحة إسرائيل من التسرّع الملحوظ إلى الاعتراف بدولة الأكراد، وبناء علاقات طيبة معها بذريعة أنها تصطفّ مع الأقليات المضطهدة؛ لكي تقدّم نفسها على أنها رائدة الإنسانية في هذا الكوكب، في حين يُقتَل ويشرّد أبناء الأقلية المسلمة في بورما بالسلاح الصهيوني، ناهيك عن سنوات الاحتلال الدامية التي اجتازتها إسرائيل فوق تراب فلسطين المحتلة والجولان السوري المحتل، والمجازر المروعة التي ارتكبتها بحق أبناء الشعب الفلسطيني، فمجزرة تلو المجزرة، وحمّام دمٍ يعقبه حمّامٌ آخر.
علمت إسرائيل أنّ دولة الأكراد الوليدة ستلاقي اعتراضاً شديداً من قِبل دول الجوار، ولذلك سارعت إلى المُضيّ عكس التيار، لتوهم الأشقّاء الكُرد أنها الحَمَل الوديع الوحيد في المنطقة الذي يحمل لهم بشائر الدولة الجديدة، وبالتالي تكون هي قد ضربت عصفورين بحجر كما هو وارد في المثل الشائع، فتكون من جهة قد اكتسبت ودّ الأكراد الذي أحِيطوا بالخصوم من كل حدبٍ وصوب، فوجدوا في إسرائيل شاطئ الأمان الذي يقودهم إلى حلم الاعتراف بدولتهم، ومن جهةٍ أخرى تكون قد تماشت ضد بعض الدول التي سترفض بالفطرة الاعتراف بالدولة الكردية الجديدة، فهذا هو المنطق الإسرائيلي القائم على مناهضة جميع التطلعات العربية والإسلامية، وهذا ما حدث فعلاً.. ألم يُرفَع العلم الصهيوني في سماء كردستان العراق علناً وفي وضح النهار؟ ألا توجد علاقات مباشرة بين تل أبيب والقيادات الكردية في العراق؟ كيف يمكن للمواطن الفلسطيني الذي عانى ما عاناه من ويلات الاحتلال الصهيوني ولا يزال، كيف يمكن له أن يقف مُهنّئاً أو مباركاً للأكراد دولتهم وقد رأى بأمّ عينه النجمة الصهيونية تحلّق وتُقبّل في ساحات كردستان العراق؟ إذاً إسرائيل نجحت فيما سعت إليه، وتمكّنت من وضعِ خيوط الخلاف الأوّلي بين الكرد والفلسطينيين، بل بين الكرد والعرب الذين لا يزالون يعتبرون أنّ إسرائيل دولة عدوّة ومحتلة.
وهنا لا بد من التعريج على نقطة ضرورية جداً، وهي أنّ بعض القياديين الأكراد ردّوا على الانتقادات الموجهة لهم بسبب رفعهم العلم الإسرائيلي متسلّحين بتصريحٍ واضحٍ لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو قبل أسابيع، والذي قال فيه نتنياهو بأن التنسيق الأمني في أعلى مستوياته بين إسرائيل ودول عربية سنّيّة في المنطقة، في إشارة واضحة إلى بعض الحكومات العربية التي طبّعت، أو تسعى للتطبيع مع دولة الاحتلال، وبالتالي ليس محرّماً على الأكراد كذلك إقامة قنوات اتصال مباشر مع إسرائيل طالما أنّ المنطقة بكاملها تحت الإمرةِ الإسرائيلية، كما يقول هذا القيادي الكردي.. ويضيف أحد القياديين الأكراد قائلاً: لماذا هذه الحملة الشرسة علينا بسبب رايةٍ واحدة، بينما ترفرف رايات عديدة تابعة للسفارات الإسرائيلية في عدة عواصم عربية، وكذلك هناك عمليات اتصال سريّ كُشِفَت في الآونة الأخيرة بين بعض العواصم العربية وتل أبيب؟
وبناءً على هذا التعليق فإنّ الرد يكون بالشكل التالي: أيّة حكومة سواء كانت عربية أم كردية أم غير ذلك، تساند إسرائيل ولو بالرأي على حساب القضية الفلسطينية والدم الفلسطيني النازف منذ عقود، والأراضي العربية المحتلة في فلسطين وسوريا، هي حكومة غير مرحّب بها لا على الصعيد الفلسطيني ولا على الصعيد العربي والإسلامي، فإسرائيل تبقى العدو الأول الذي شرّدَ ولا يزال يشرد الشعب الفلسطيني، وأبناء الجولان السوري المحتل الذين أخرجهم من ديارهم بغير حقّ إلا أن يقولوا ربّنا الله.
هذا وإن الحكومة التركية كانت الأولى في الاعتراض على انفصال كردستان العراق، وربما يكون اعتراضُها طبيعيّاً بِحُكم العداء العميق بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية، فالمعارك في أشدّها هناك، وقد أغلقت أنقرة وطهران وبغداد جميع المنافذ البرية المؤدية إلى إقليم كردستان في تصعيدٍ واضحٍ علَت فيه نبرةُ التهديدِ بالمقاطعة تارةً، وبالعمل العسكري المشترك تاراتٍ أخرى.
يتوه العراق اليوم، وتتوه معه المنطقة بكاملها، فبينَ مؤيّدٍ لحق الأكراد في دولتهم المستقلة بعد عقودٍ من التهميش والاضطهاد وضياع الحقوق، ومعارضٍ لعملية الانفصال هذه، تسعى إسرائيل إلى لعبِ دورٍ خبيثٍ تعمّق من خلاله الشرخ الذي حالَ بين العرب والكُرد، فما هي مصلحة إسرائيل من التسرّع الملحوظ إلى الاعتراف بدولة الأكراد، وبناء علاقات طيبة معها بذريعة أنها تصطفّ مع الأقليات المضطهدة؛ لكي تقدّم نفسها على أنها رائدة الإنسانية في هذا الكوكب، في حين يُقتَل ويشرّد أبناء الأقلية المسلمة في بورما بالسلاح الصهيوني، ناهيك عن سنوات الاحتلال الدامية التي اجتازتها إسرائيل فوق تراب فلسطين المحتلة والجولان السوري المحتل، والمجازر المروعة التي ارتكبتها بحق أبناء الشعب الفلسطيني، فمجزرة تلو المجزرة، وحمّام دمٍ يعقبه حمّامٌ آخر.
علمت إسرائيل أنّ دولة الأكراد الوليدة ستلاقي اعتراضاً شديداً من قِبل دول الجوار، ولذلك سارعت إلى المُضيّ عكس التيار، لتوهم الأشقّاء الكُرد أنها الحَمَل الوديع الوحيد في المنطقة الذي يحمل لهم بشائر الدولة الجديدة، وبالتالي تكون هي قد ضربت عصفورين بحجر كما هو وارد في المثل الشائع، فتكون من جهة قد اكتسبت ودّ الأكراد الذي أحِيطوا بالخصوم من كل حدبٍ وصوب، فوجدوا في إسرائيل شاطئ الأمان الذي يقودهم إلى حلم الاعتراف بدولتهم، ومن جهةٍ أخرى تكون قد تماشت ضد بعض الدول التي سترفض بالفطرة الاعتراف بالدولة الكردية الجديدة، فهذا هو المنطق الإسرائيلي القائم على مناهضة جميع التطلعات العربية والإسلامية، وهذا ما حدث فعلاً.. ألم يُرفَع العلم الصهيوني في سماء كردستان العراق علناً وفي وضح النهار؟ ألا توجد علاقات مباشرة بين تل أبيب والقيادات الكردية في العراق؟ كيف يمكن للمواطن الفلسطيني الذي عانى ما عاناه من ويلات الاحتلال الصهيوني ولا يزال، كيف يمكن له أن يقف مُهنّئاً أو مباركاً للأكراد دولتهم وقد رأى بأمّ عينه النجمة الصهيونية تحلّق وتُقبّل في ساحات كردستان العراق؟ إذاً إسرائيل نجحت فيما سعت إليه، وتمكّنت من وضعِ خيوط الخلاف الأوّلي بين الكرد والفلسطينيين، بل بين الكرد والعرب الذين لا يزالون يعتبرون أنّ إسرائيل دولة عدوّة ومحتلة.
وهنا لا بد من التعريج على نقطة ضرورية جداً، وهي أنّ بعض القياديين الأكراد ردّوا على الانتقادات الموجهة لهم بسبب رفعهم العلم الإسرائيلي متسلّحين بتصريحٍ واضحٍ لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو قبل أسابيع، والذي قال فيه نتنياهو بأن التنسيق الأمني في أعلى مستوياته بين إسرائيل ودول عربية سنّيّة في المنطقة، في إشارة واضحة إلى بعض الحكومات العربية التي طبّعت، أو تسعى للتطبيع مع دولة الاحتلال، وبالتالي ليس محرّماً على الأكراد كذلك إقامة قنوات اتصال مباشر مع إسرائيل طالما أنّ المنطقة بكاملها تحت الإمرةِ الإسرائيلية، كما يقول هذا القيادي الكردي.. ويضيف أحد القياديين الأكراد قائلاً: لماذا هذه الحملة الشرسة علينا بسبب رايةٍ واحدة، بينما ترفرف رايات عديدة تابعة للسفارات الإسرائيلية في عدة عواصم عربية، وكذلك هناك عمليات اتصال سريّ كُشِفَت في الآونة الأخيرة بين بعض العواصم العربية وتل أبيب؟
وبناءً على هذا التعليق فإنّ الرد يكون بالشكل التالي: أيّة حكومة سواء كانت عربية أم كردية أم غير ذلك، تساند إسرائيل ولو بالرأي على حساب القضية الفلسطينية والدم الفلسطيني النازف منذ عقود، والأراضي العربية المحتلة في فلسطين وسوريا، هي حكومة غير مرحّب بها لا على الصعيد الفلسطيني ولا على الصعيد العربي والإسلامي، فإسرائيل تبقى العدو الأول الذي شرّدَ ولا يزال يشرد الشعب الفلسطيني، وأبناء الجولان السوري المحتل الذين أخرجهم من ديارهم بغير حقّ إلا أن يقولوا ربّنا الله.
هذا وإن الحكومة التركية كانت الأولى في الاعتراض على انفصال كردستان العراق، وربما يكون اعتراضُها طبيعيّاً بِحُكم العداء العميق بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية، فالمعارك في أشدّها هناك، وقد أغلقت أنقرة وطهران وبغداد جميع المنافذ البرية المؤدية إلى إقليم كردستان في تصعيدٍ واضحٍ علَت فيه نبرةُ التهديدِ بالمقاطعة تارةً، وبالعمل العسكري المشترك تاراتٍ أخرى.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/abd-el-salam-fathy-fayez/-_13417_b_18106952.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات