أين تنعدم أدنى شروط الحياة، وتختفي أبسط مقومات الحضارة، في قرية عزلاء منسيّة على حد تعبير محمود درويش، أضف لها صحراوية قاحلة إذا أردت، وُلد يتيم الأب، فقير الحال، لا تحيط به غير كثبان الرمال، وحرارة لا تطاق، كل ما يملكه نسب جليل يمتد لإبراهيم الخليل، وحكمة وصدق وأمانة عرف بها منذ صباه.
أربعة عشر قرناً وتسع وأربعون سنة، مرت على تلك الهجرة التي غيَّرت مسار تاريخ البشرية، خرج من بلده مُكرَها، لينشئ دولة وأمة وينشر ديناً، سيمتد إلى أقصى بقاع المعمورة.
عام آخر وذكرى أخرى، تمر على هجرة محمد بن عبد الله من مكة إلى المدينة، حيث زرع النواة الأولى للإسلام، الدين الوحيد الذي لا يخص طائفة بعينها، وليس حكراً على جنس بشري دون غيره.
عام آخر يمر على تلك الرحلة التي قطعها محمد رفقة أعز صحابته من مسقط رأسه الذي خذله إلى يثرب التي احتضنته، بأمر رباني، لا يمكن مخالفته، ليجعل كتب التاريخ والسير تعدد وتحصي خطواته في سبيل وضع آخر حجر في الصرح الذي بدأ بناءه مذ وضع آدم قدمه على سطح الأرض.
محمد لم تكن غايته في رحلته لإبلاغ رسالته، لا سلطة ترجى ولا قصوراً يورثها لأهله؛ بل كانت غايته الأولى إدراك الإنسان ذاته وحقيقة وجوده والهدف الذي خلق من أجله في هذه الحياة، لهذا صنفه الفلكي والفيزيائي الأميركي مايكل هارت أعظم عظماء التاريخ، أو الشخصية الأكثر تأثير على البشرية على مر العصور، معتمداً في تصنيفه على عامل البيئة.
إذ يرى هارت أن البيئة التي نشأ فيها محمد، احتمال أن تنشأ حضارة بها معدوم، أضف إلى ذلك أن ما جاء به يتنافى بكل الأشكال مع البيئة التي نشأ بها، فالأسماء الـ99 الأخرى التي احتوتها قائمة كتاب "الخالدون المائة"، عظمتهم كان مبعثها البيئة والمناخ العام الذي نشأوا في ظله، فمنذ لحظتهم الأولى بالحياة احتوتهم مجتمعات متحضرة فكرياً وسياسياً.
أما أولهم وأعظمهم النبي محمد الكريم، فكان على النقيض من ذلك تماماً، فقد كان مولده في مكة المكرمة وسط أرض الجزيرة العربية، ونشأ وسط مجتمع قبلي قاسٍ، بعيد كل البعد عن التحضر والفن ولا يوجد به ما يمكن أن يُشار إليه بالثقافة أو الحضارة؛ بل إن مجتمعه كانت تحكمه عصبية الجاهلية وعبثيتها المقيتة.
أضف إلى ذلك، أن تلك المنطقة وسكانها لم يعرفوا إلا التجارة وقول الشعر، في غياب تام للعلماء والمفكرين، وكان تفسير الظواهر الطبيعية فيها يعتمد على إنشاء الأساطير والخرافات، فمن أين لفتىً يتيم لا معلِّمَ له أن يأتي بهذا العلم الكثيف، إلا أن يكون خُلق ليكون عظيماً، وعظمته ليست دنيوية كباقي العظما؛ بل عظمته سماوية ربانية، منحه إياها شديد القوى، ولعل أكبر دليل على عظمة محمد وما جاء ، تسلسل التاريخ والحقب التي عرفها الإسلام بعد وفاته.
فلا اغتيال خلفائه ولا ردة البعض عن دينه، وانتشار الطوائف والفرق واختلاف تسمياتهم، ولا أنهار الدماء التي سالت إثر الفتنة الكبرى، زعزعت هذا الدين أو أزاحته عن مساره شعرة واحدة؛ بل تواصلت الحروب ضد هذا الدين عبر جميع الحقب والأزمان، سواء في العصر الأموي أو العباسي بأقسامه أو عصر المماليك أو العصر العثماني، من أعداء شتى وحاقدين كثر، سعوا بجهودهم كاملةً إلى محو الإرث المحمدي من الوجود لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل.
وحتى المغول والتتار، تلك الوحوش التي كانت تأتي على الأخضر واليابس، رغم كل الدمار الذي خلفوه ببغداد، استطاعت عين جالوت وضع حد لطغيانهم.
ما أردت تلخيصه في هذه الأسطر، هو أن الحرب على الإسلام كانت وستظل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فحتى أصحاب التغريب الفكري الذين يختبئون خلف وهْم الحداثة، والذين يدّعون أنهم لا يحاربون الدين بقدر ما هم يقدمون قراءتهم الخاصة للنص القرآني- لن تفلح مساعيهم؛ لأن الله كتب على هذا الدين الخلود، والانتشار الشامل على وجه الأرض.
وهذا ما يحدث رغم الحروب والأزمات التي طالت العالم الإسلامي، فها نحن نشهد يومياً إسلام العشرات من الأعاجم، لندرك أن هذا الدين لن تقف لا اللغة ولا اللون في سبيل انتشاره، وكل الحسابات والتوقعات تدرك جيداً أن هذا الدين سيحكم العالم عاجلاً أم آجلاً، وهذا بشهادة العدو قبل الصديق.
ولعل قول برنارد شو أصدق ما قيل عن الإسلام؛ إذ يرى أنه لو حكم شخص مثل محمد العالم، فالأكيد أنه سينعم في السعادة والهناء. والأكيد أن برنارد شو لا يقصد الشخص بعينه بقدر ما يقصد الفكر والعلم النافع الذي أتى به، فمهما تكالبت الأزمات، وحيكت ضد الإسلام المؤامرات علِّموا أبناءكم دائماً أن يتذكروا أنه في لوح محفوظ.
أربعة عشر قرناً وتسع وأربعون سنة، مرت على تلك الهجرة التي غيَّرت مسار تاريخ البشرية، خرج من بلده مُكرَها، لينشئ دولة وأمة وينشر ديناً، سيمتد إلى أقصى بقاع المعمورة.
عام آخر وذكرى أخرى، تمر على هجرة محمد بن عبد الله من مكة إلى المدينة، حيث زرع النواة الأولى للإسلام، الدين الوحيد الذي لا يخص طائفة بعينها، وليس حكراً على جنس بشري دون غيره.
عام آخر يمر على تلك الرحلة التي قطعها محمد رفقة أعز صحابته من مسقط رأسه الذي خذله إلى يثرب التي احتضنته، بأمر رباني، لا يمكن مخالفته، ليجعل كتب التاريخ والسير تعدد وتحصي خطواته في سبيل وضع آخر حجر في الصرح الذي بدأ بناءه مذ وضع آدم قدمه على سطح الأرض.
محمد لم تكن غايته في رحلته لإبلاغ رسالته، لا سلطة ترجى ولا قصوراً يورثها لأهله؛ بل كانت غايته الأولى إدراك الإنسان ذاته وحقيقة وجوده والهدف الذي خلق من أجله في هذه الحياة، لهذا صنفه الفلكي والفيزيائي الأميركي مايكل هارت أعظم عظماء التاريخ، أو الشخصية الأكثر تأثير على البشرية على مر العصور، معتمداً في تصنيفه على عامل البيئة.
إذ يرى هارت أن البيئة التي نشأ فيها محمد، احتمال أن تنشأ حضارة بها معدوم، أضف إلى ذلك أن ما جاء به يتنافى بكل الأشكال مع البيئة التي نشأ بها، فالأسماء الـ99 الأخرى التي احتوتها قائمة كتاب "الخالدون المائة"، عظمتهم كان مبعثها البيئة والمناخ العام الذي نشأوا في ظله، فمنذ لحظتهم الأولى بالحياة احتوتهم مجتمعات متحضرة فكرياً وسياسياً.
أما أولهم وأعظمهم النبي محمد الكريم، فكان على النقيض من ذلك تماماً، فقد كان مولده في مكة المكرمة وسط أرض الجزيرة العربية، ونشأ وسط مجتمع قبلي قاسٍ، بعيد كل البعد عن التحضر والفن ولا يوجد به ما يمكن أن يُشار إليه بالثقافة أو الحضارة؛ بل إن مجتمعه كانت تحكمه عصبية الجاهلية وعبثيتها المقيتة.
أضف إلى ذلك، أن تلك المنطقة وسكانها لم يعرفوا إلا التجارة وقول الشعر، في غياب تام للعلماء والمفكرين، وكان تفسير الظواهر الطبيعية فيها يعتمد على إنشاء الأساطير والخرافات، فمن أين لفتىً يتيم لا معلِّمَ له أن يأتي بهذا العلم الكثيف، إلا أن يكون خُلق ليكون عظيماً، وعظمته ليست دنيوية كباقي العظما؛ بل عظمته سماوية ربانية، منحه إياها شديد القوى، ولعل أكبر دليل على عظمة محمد وما جاء ، تسلسل التاريخ والحقب التي عرفها الإسلام بعد وفاته.
فلا اغتيال خلفائه ولا ردة البعض عن دينه، وانتشار الطوائف والفرق واختلاف تسمياتهم، ولا أنهار الدماء التي سالت إثر الفتنة الكبرى، زعزعت هذا الدين أو أزاحته عن مساره شعرة واحدة؛ بل تواصلت الحروب ضد هذا الدين عبر جميع الحقب والأزمان، سواء في العصر الأموي أو العباسي بأقسامه أو عصر المماليك أو العصر العثماني، من أعداء شتى وحاقدين كثر، سعوا بجهودهم كاملةً إلى محو الإرث المحمدي من الوجود لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل.
وحتى المغول والتتار، تلك الوحوش التي كانت تأتي على الأخضر واليابس، رغم كل الدمار الذي خلفوه ببغداد، استطاعت عين جالوت وضع حد لطغيانهم.
ما أردت تلخيصه في هذه الأسطر، هو أن الحرب على الإسلام كانت وستظل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فحتى أصحاب التغريب الفكري الذين يختبئون خلف وهْم الحداثة، والذين يدّعون أنهم لا يحاربون الدين بقدر ما هم يقدمون قراءتهم الخاصة للنص القرآني- لن تفلح مساعيهم؛ لأن الله كتب على هذا الدين الخلود، والانتشار الشامل على وجه الأرض.
وهذا ما يحدث رغم الحروب والأزمات التي طالت العالم الإسلامي، فها نحن نشهد يومياً إسلام العشرات من الأعاجم، لندرك أن هذا الدين لن تقف لا اللغة ولا اللون في سبيل انتشاره، وكل الحسابات والتوقعات تدرك جيداً أن هذا الدين سيحكم العالم عاجلاً أم آجلاً، وهذا بشهادة العدو قبل الصديق.
ولعل قول برنارد شو أصدق ما قيل عن الإسلام؛ إذ يرى أنه لو حكم شخص مثل محمد العالم، فالأكيد أنه سينعم في السعادة والهناء. والأكيد أن برنارد شو لا يقصد الشخص بعينه بقدر ما يقصد الفكر والعلم النافع الذي أتى به، فمهما تكالبت الأزمات، وحيكت ضد الإسلام المؤامرات علِّموا أبناءكم دائماً أن يتذكروا أنه في لوح محفوظ.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/youcef-djamel-bekakira-/-_13454_b_18085780.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات