خلال السنة الماضية، أعلنت تدمامت، قرب مدينة مراكش (جنوب المغرب)، أنها أصبحت تتوفر على أول مسجد يعمل بالطاقة الشمسية في البلاد. الألواح الشمسية الفولتوضوئية، التي تنتج الطاقة، تغطي السقف ولا توفر الكهرباء للمسجد فقط؛ بل تزود منزل الإمام المجاور للمسجد بالطاقة الكهربائية وجزءاً هاماً من القرية.
المسجد الذي حقق اكتفاءه من الطاقة وفَّر فرص عمل لأهل البلدة وشجَّعهم على إنارة بيوتهم بمصابيح LED، كما يقول مدير المشروع بالمؤسسة الألمانية للتعاون الدولي (جيز)، جان-كريستوف كونتز، وهي وكالة حكومية ألمانية قدمت الدعم للمشروع: "مسجد تدمامت أول مسجد يعمل بالطاقة الشمسية في المغرب".
المسجد الأخضر
تقع قرية تدمامت على بُعد ساعة واحدة بالسيارة جنوب مدينة مراكش السياحية في المغرب الأقصى، بالضبط في جبال الأطلس الكبير، حيث يبعد سكانها، البالغ عددهم 400 ساكن، 40 كم (25 ميلاً) عن أقرب قرية ويعيشون أسلوب حياة ريفية بسيطة.
المحاصيل الزراعية، مثل الشعير والبطاطس والتفاح، هي المصدر الرئيسي لدخل سكانها، الذين لا يملكون سيارات ولا هواتف ذكية أو إنترنت، وحتى إمكانية الحصول على الكهرباء شبه مستحيلة، خاصة في أثناء فترة الشتاء البارد بالجبال.
في ظل هذه الشروط، هناك مصدر واحد غريب بعض الشيء لتلبية احتياجات السكان من الطاقة؛ هو المسجد، مكان العبادة في القرية.
تجربة مسجد تدمامت فريدة من نوعها، وتمهد الطريق لمساجد أخرى مثلها؛ إذ هي جزء من مشروع "المسجد الأخضر"، وهي مبادرة أطلقتها الحكومة المغربية منذ 3 سنوات، تهدف إلى الحد من استخدام المباني العمومية للطاقة، انطلاقاً من 51 ألف مسجد في البلاد.
وتستهلك الإضاءة في المساجد معظم الطاقة، تليها الطاقة اللازمة لإنجاز المهام اليومية الصغيرة، مثل معدات الصوت المستخدمة في الأذان وفي أثناء الصلاة وأشغال التنظيف بالمكنسة الكهربائية، كما يشرح المسؤول عن المشروع، كريستوف كونتز، "إن استهلاك الطاقة في المساجد ليس معقداً كما هو الحال في المباني الأخرى؛ لذا فهي مكان مناسب لبدء المشروع".
دين ودنيا..
وتلعب المساجد دورًا محورياً في المجتمع المغربي، فمسجد تدمامت هو المبنى العام الوحيد في القرية الذي يتم استخدامه كفضاء للتدريس بدل المدرسة الصغيرة التي تحتاج إلى أعمال ترميم، كما يشرح إبراهيم عبد السلام، رئيس جمعية محلية، "يمكن للأطفال أن يأتوا للدراسة بالمسجد في أي وقت؛ لأن هناك إنارة، في حين أن المدرسة الموجودة غير مجهزة بالكهرباء.
أما التاولي الكبيرة، التي قضت كل عمرها في القرية وتبرعت أسرتها بالأرض التي بُني عليها المسجد الجديد، فلا تزال تتذكر كيف كان يصلي الناس في ضوء الشموع، "إذا كانت هناك رياح، فإن الشمعة تنطفئ ويكمل المصلون صلاتهم في الظلام".
إضافة إلى المدرسة، فإن المسجد يوفر الطاقة لإنارة الشوارع بالليل. في السابق، كانت القرية تغرق في الظلام بعد الغروب. والآن، يتم التخطيط لاستخدام الطاقة الكهربائية الإضافية من أجل ضخ المياه من البئر للري، الأمر الذي يتم حالياً يدوياً.
كذلك، تم تجهيز مسجد تدمامت بسخان للمياه يعمل بالطاقة الشمسية يتلاءم بشكل محكم مع زاوية في السقف؛ وذلك لتوفير الماء الساخن للوضوء قبل الصلاة، كما تم تثبيت مصابيح اقتصادية في الداخل، كما يضيف مدير المشروع، "لا تتوفر المنازل العادية على الماء الساخن، فيمكن لسكان القرية أخذ حمام ساخن في غرفة الاستحمام المجاورة للمسجد".
"الكبيرة" تقول إن الطاقة الكهربائية مكلفة؛ لذلك يرغب القرويون الآخرون في استخدام الطاقة الشمسية بمنازلهم، لكن على الرغم من انخفاض أسعار الألواح الشمسية وسخانات المياه بالطاقة الشمسية، فإن التكلفة لا تزال باهظة للاستعمال الشخصي في المناطق ذات الدخل المنخفض مثل تدمامت.
ويأتي المشروع لنشر الوعي والإقبال على الطاقة الخضراء، وإظهار فوائد الطاقة الشمسية من حيث التكلفة على المدى الطويل، كما يفيد رئيس الجمعية، "فاتورة الطاقة للمسجد القديم كانت مقسمة بين أفراد القرية، الآن لا ندفع أي شيء".
الشمس هي المستقبل
ويعد كل هذا جزءاً من هدف أكبر لإنتاج انبعاثات طاقة أقل بنسبة 34٪ في المغرب بحلول سنة 2030 في إطار اتفاق باريس للمناخ. ففي السنة الماضية، تم تجهيز 100 مسجد بالطاقة الشمسية كجزء من المشروع التجريبي للمسجد الأخضر، بما في ذلك أكبر مسجدين بمراكش.
ويعتمد المغرب الآن على الوقود الأحفوري لتلبية احتياجاته المتزايدة من الطاقة، وفي السنوات العشر الماضية، تضاعف الطلب على الطاقة الكهربائية، ويرجع ذلك جزئياً إلى مشاريع البنية التحتية الجديدة؛ إذ إن نحو 97٪ من النفط والغاز والفحم التي تتطلبها يتم استيرادها.
ويطمح المغرب إلى إنتاج 52٪ من طاقته من مصادر الطاقة المتجددة بحلول سنة 2030 مع توافر أكثر من 3000 ساعة من أشعة الشمس في السنة، والظروف المثالية لتوليد الطاقة من الرياح والطاقة المائية في عدة مناطق.
المساجد الخضراء لها بُعد اقتصادي أيضاً، فبالنظر إلى تكرُّر حالات الجفاف ونقص المياه لري المحاصيل، تبقى الطاقة الشمسية هي الحل لاستغلال المياه الجوفية، حيث يقول عبد السلام: "كنا نسقي محاصيلنا مرة واحدة في الأسبوع، ولكن الآن مرة واحدة في الشهر؛ مما أدى إلى انخفاض نسبة الإنتاج الزراعي".
ويخشى عبد السلام أن يزداد الوضع سوءاً، ولكن التكنولوجيات الجديدة التي تم تركيبها في المسجد أعطته الأمل، حيث أضاف: "سيساعد استخدام الطاقة المستدامة على تحسين الأوضاع".
وفي السياق نفسه، يؤكد كونتز أنه "من المهم أن تتم توعية السكان بتكنولوجيات الطاقة المتجددة وأن نشجع الناس على أن يبدأوا باستخدامها في منازلهم، كما ينبغي للمشروع الأخضر أيضاً خلق فرص عمل جديدة، حيث يتم تكوين الأشخاص الذين يعملون في مشروع المسجد الأخضر حول كيفية إدارة عمليات تدقيق الطاقة وكيفية تثبيت وصيانة التقنيات المستخدمة".
المسجد الذي حقق اكتفاءه من الطاقة وفَّر فرص عمل لأهل البلدة وشجَّعهم على إنارة بيوتهم بمصابيح LED، كما يقول مدير المشروع بالمؤسسة الألمانية للتعاون الدولي (جيز)، جان-كريستوف كونتز، وهي وكالة حكومية ألمانية قدمت الدعم للمشروع: "مسجد تدمامت أول مسجد يعمل بالطاقة الشمسية في المغرب".
المسجد الأخضر
تقع قرية تدمامت على بُعد ساعة واحدة بالسيارة جنوب مدينة مراكش السياحية في المغرب الأقصى، بالضبط في جبال الأطلس الكبير، حيث يبعد سكانها، البالغ عددهم 400 ساكن، 40 كم (25 ميلاً) عن أقرب قرية ويعيشون أسلوب حياة ريفية بسيطة.
المحاصيل الزراعية، مثل الشعير والبطاطس والتفاح، هي المصدر الرئيسي لدخل سكانها، الذين لا يملكون سيارات ولا هواتف ذكية أو إنترنت، وحتى إمكانية الحصول على الكهرباء شبه مستحيلة، خاصة في أثناء فترة الشتاء البارد بالجبال.
في ظل هذه الشروط، هناك مصدر واحد غريب بعض الشيء لتلبية احتياجات السكان من الطاقة؛ هو المسجد، مكان العبادة في القرية.
تجربة مسجد تدمامت فريدة من نوعها، وتمهد الطريق لمساجد أخرى مثلها؛ إذ هي جزء من مشروع "المسجد الأخضر"، وهي مبادرة أطلقتها الحكومة المغربية منذ 3 سنوات، تهدف إلى الحد من استخدام المباني العمومية للطاقة، انطلاقاً من 51 ألف مسجد في البلاد.
وتستهلك الإضاءة في المساجد معظم الطاقة، تليها الطاقة اللازمة لإنجاز المهام اليومية الصغيرة، مثل معدات الصوت المستخدمة في الأذان وفي أثناء الصلاة وأشغال التنظيف بالمكنسة الكهربائية، كما يشرح المسؤول عن المشروع، كريستوف كونتز، "إن استهلاك الطاقة في المساجد ليس معقداً كما هو الحال في المباني الأخرى؛ لذا فهي مكان مناسب لبدء المشروع".
دين ودنيا..
وتلعب المساجد دورًا محورياً في المجتمع المغربي، فمسجد تدمامت هو المبنى العام الوحيد في القرية الذي يتم استخدامه كفضاء للتدريس بدل المدرسة الصغيرة التي تحتاج إلى أعمال ترميم، كما يشرح إبراهيم عبد السلام، رئيس جمعية محلية، "يمكن للأطفال أن يأتوا للدراسة بالمسجد في أي وقت؛ لأن هناك إنارة، في حين أن المدرسة الموجودة غير مجهزة بالكهرباء.
أما التاولي الكبيرة، التي قضت كل عمرها في القرية وتبرعت أسرتها بالأرض التي بُني عليها المسجد الجديد، فلا تزال تتذكر كيف كان يصلي الناس في ضوء الشموع، "إذا كانت هناك رياح، فإن الشمعة تنطفئ ويكمل المصلون صلاتهم في الظلام".
إضافة إلى المدرسة، فإن المسجد يوفر الطاقة لإنارة الشوارع بالليل. في السابق، كانت القرية تغرق في الظلام بعد الغروب. والآن، يتم التخطيط لاستخدام الطاقة الكهربائية الإضافية من أجل ضخ المياه من البئر للري، الأمر الذي يتم حالياً يدوياً.
كذلك، تم تجهيز مسجد تدمامت بسخان للمياه يعمل بالطاقة الشمسية يتلاءم بشكل محكم مع زاوية في السقف؛ وذلك لتوفير الماء الساخن للوضوء قبل الصلاة، كما تم تثبيت مصابيح اقتصادية في الداخل، كما يضيف مدير المشروع، "لا تتوفر المنازل العادية على الماء الساخن، فيمكن لسكان القرية أخذ حمام ساخن في غرفة الاستحمام المجاورة للمسجد".
"الكبيرة" تقول إن الطاقة الكهربائية مكلفة؛ لذلك يرغب القرويون الآخرون في استخدام الطاقة الشمسية بمنازلهم، لكن على الرغم من انخفاض أسعار الألواح الشمسية وسخانات المياه بالطاقة الشمسية، فإن التكلفة لا تزال باهظة للاستعمال الشخصي في المناطق ذات الدخل المنخفض مثل تدمامت.
ويأتي المشروع لنشر الوعي والإقبال على الطاقة الخضراء، وإظهار فوائد الطاقة الشمسية من حيث التكلفة على المدى الطويل، كما يفيد رئيس الجمعية، "فاتورة الطاقة للمسجد القديم كانت مقسمة بين أفراد القرية، الآن لا ندفع أي شيء".
الشمس هي المستقبل
ويعد كل هذا جزءاً من هدف أكبر لإنتاج انبعاثات طاقة أقل بنسبة 34٪ في المغرب بحلول سنة 2030 في إطار اتفاق باريس للمناخ. ففي السنة الماضية، تم تجهيز 100 مسجد بالطاقة الشمسية كجزء من المشروع التجريبي للمسجد الأخضر، بما في ذلك أكبر مسجدين بمراكش.
ويعتمد المغرب الآن على الوقود الأحفوري لتلبية احتياجاته المتزايدة من الطاقة، وفي السنوات العشر الماضية، تضاعف الطلب على الطاقة الكهربائية، ويرجع ذلك جزئياً إلى مشاريع البنية التحتية الجديدة؛ إذ إن نحو 97٪ من النفط والغاز والفحم التي تتطلبها يتم استيرادها.
ويطمح المغرب إلى إنتاج 52٪ من طاقته من مصادر الطاقة المتجددة بحلول سنة 2030 مع توافر أكثر من 3000 ساعة من أشعة الشمس في السنة، والظروف المثالية لتوليد الطاقة من الرياح والطاقة المائية في عدة مناطق.
المساجد الخضراء لها بُعد اقتصادي أيضاً، فبالنظر إلى تكرُّر حالات الجفاف ونقص المياه لري المحاصيل، تبقى الطاقة الشمسية هي الحل لاستغلال المياه الجوفية، حيث يقول عبد السلام: "كنا نسقي محاصيلنا مرة واحدة في الأسبوع، ولكن الآن مرة واحدة في الشهر؛ مما أدى إلى انخفاض نسبة الإنتاج الزراعي".
ويخشى عبد السلام أن يزداد الوضع سوءاً، ولكن التكنولوجيات الجديدة التي تم تركيبها في المسجد أعطته الأمل، حيث أضاف: "سيساعد استخدام الطاقة المستدامة على تحسين الأوضاع".
وفي السياق نفسه، يؤكد كونتز أنه "من المهم أن تتم توعية السكان بتكنولوجيات الطاقة المتجددة وأن نشجع الناس على أن يبدأوا باستخدامها في منازلهم، كما ينبغي للمشروع الأخضر أيضاً خلق فرص عمل جديدة، حيث يتم تكوين الأشخاص الذين يعملون في مشروع المسجد الأخضر حول كيفية إدارة عمليات تدقيق الطاقة وكيفية تثبيت وصيانة التقنيات المستخدمة".
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/10/02/story_n_18164150.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات