الثلاثاء، 24 أكتوبر 2017

قومية أم وطنية؟!

قومية أم وطنية؟!

ارتبط مصطلح "قومية" في الأذهان بالتعصب والصراعات العِرقية والشوفينية واليمين المتطرف، خاصة في أوروبا، التي انتقلت دولها فيما بعد وبفعل فداحة الصراعات الدموية إلى الدولة الوطنية.

الدولة الوطنية التي تتعامل مع مواطنيها وفق المواطنة المتساوية بتنوعهم العِرقي واللغوي والديني.

بمعنى أن الدولة القومية كانت مرحلة تاريخية معينة احتاجت إليها شعوب كانت تعاني من التمزق والتشتت ومن الاحتلال والسيطرة الخارجية، لكن عندما أصبحت مجرد تعصب عرقي لم تجلب غير الصراعات والحروب والدمار.

لنأخذ ألمانيا على سبيل المثال، ألمانيا كانت ممزقة إلى دويلات وإمارات ومدن حرة، وبسبب هذا كانت غالباً ما تخضع للإمبراطوريات من خارجها كروما أو فرنسا أو النمسا.

بعد الإعلان رسمياً عن نهاية الإمبراطورية الرومانية المقدسة في عام 1806 اشتدت الصراعات في ألمانيا وأوروبا ككل، وبلغ التمزق ذروته، ترافق هذا مع ظهور الحس القومي الألماني من أجل تأسيس دولة قومية موحدة.

في 1870 أعلن نابليون، إمبراطور فرنسا، الحرب على بروسيا الألمانية، الأمر الذي دفع ولايات جنوب ألمانيا للوقوف مع بروسيا، وتم هزيمة فرنسا، وفي نفس العام تم الإعلان عن تأسيس الرايخ الألماني.

لكن هذه القومية الألمانية التي كان هدفها التخلص من السطوة الخارجية وتأسيس دولة قومية موحدة، تختلف تماماً عن قومية هتلر النازية الشوفينية العنصرية، التي حولت ألمانيا من دولة ديمقراطية إلى ديكتاتورية، ومن دولة وطنية إلى دولة عِرقية.

بمعنى أن قومية هتلر لم تكن تأسيسية بل رجعية، عادت بألمانيا قرون إلى الوراء.

الأمر أيضاً يسري علينا كعرب، فالنزعة القومية كانت ضرورة لنا من أجل إحياء الهوية العربية والشعور بالانتماء في سبيل القدرة على دحر الاستعمار والاستغلال والتسلط الخارجي، كخطوة نذهب بعدها إلى الدولة الوطنية.

في اليمن ما نحتاجه هي الدولة الوطنية، دولة المواطنة المتساوية، وفي سبيل ذلك نحتاج لإحياء الهوية الوطنية اليمنية.

فيما يخص "حركة القومية اليمنية"، فيمكن تقييمها وفق ما تحمله من معانٍ ووفق ما يقصد بها.

يمكن أن يقصد بها وطنية، وتعرف بشعب يتشارك أرضاً واحدة وثقافة وتاريخاً ولغة مشتركة، وهذا إيجابي وحاجة لنا في سبيل تأسيس دولة بهوية وطنية تقوم على المواطنة المتساوية.

أو المعنى المرتبط بالعرقية، بما تحمله من تعصّب وعنصرية واستعلاء عِرقي، وهذا من وجهة نظري سلبي، ونحن في غنى عنه.



ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/salah-mohammed-esmail/story_b_18304994.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات