مارغريت تاتشر وأرثر كونان دويل، مهاتير محمد والشيخ د. طارق سويدان، لي أيكوكا...
يبدو أن ما حدث مع هؤلاء هو ما نمارسه اليوم مع أبنائنا، فعندما نريد أن نشيد بطفل نناديه "يا دكتور" أو "يا مهندس"، وذلك تبعاً لتفوقه الدراسي، فإذا ما حصَّل الطفل المعدلات العالية والعلامات بدأنا تواً بزرع هذه القيم الخاطئة فيه، فيتولد عنده شعور بأن النجاح هو "الطب والهندسة"، وأن الفشل ما سواهما.
وهذا يتعدى الأسرة إلى المجتمع والمؤسسات التعليمية التي تسارع في تكريم المتفوقين دراسياً والذي يطلق عليهم خطأ وبحُسنِ نية: "الموهوبين"، بينما يتم تهميش باقي الطلاب على اعتبار أنهم غير موهوبين، وأعتبر تسمية المتفوقين دراسياً بالموهوبين خطأً؛ لأن التفوق الدراسي -بمعناه الحالي- هو تفوقٌ بالحفظ وقوة الذاكرة لا بملَكات العقل وإبداعاته، فكمٌّ كبير من العظماء لديهم ماضٍ دراسي يشوبه الفشل فـ"ألبرت أينشتاين".
لا يتوقف تدخل المجتمعات في خيارات أفراده وهم أطفال، بل يتعداه إلى مرحلة الشباب فعندما يتخرج الشباب من الثانوية بنسب مرتفعة يسارع المجتمع بدفعهم للتقديم لكليات "الطب والهندسة" دون مراعاة شعورهم الداخلي الذي لم تؤثر فيه رغبات المجتمع وأراؤه، فنجد المئات ممَّن يدخلون كليات قوية "كالطب والهندسة والحاسب" يعانون من تصارع نفسي بين رغباتهم ورغبات المجتمع، بينما تمتلئ الكليات الأخرى بألوف من الطلاب ممن تنازعهم أنفسهم للدخول لكليات "الطب والهندسة"، إلا أن حكم "النسبة الثانوية" و"الواسطة" كان يقضي بأن هؤلاء ليسوا مؤهلين لدخول تلك الكليات.
بينما إذا عدنا للواقع الحقيقي غير المزيف لوجدنا أن (ياما في الحبس مظاليم)، وأن الكليات التي تقبل نسباً متدنيةً تزخر بطلاب هم أحق من غيرهم بدخول تلك الكليات "القوية".
هذا لا يعني -بالتأكيد- خُلُّو كليات الطب والهندسة والحاسب وغيرها من الكليات التي لا تقبل إلا نسبًا عالية ممن هم أهل لها، وهذا الواقع مشاهد ومطلوب، ولكن المشكلة تكمن في أن هؤلاء وحدهم من يقدم إبداعات تتجاوز مسمى وظائفهم، بينما يظل الآخرون يبرحون أماكنهم دون إبداعات تذكر.
"فما هي الحال بالنسبة لبلد "شديدة التخلف" كأغلب الدول العربية؟ " سؤالٌ طرحناه في مقال سابق.
صديقي -أعزّك الله- إياك أن تُنكِّر أن للمدرسة دوراً عظيماً في محو الأمية!
انظر معي!.. منذ أن عرفت (بريطانيا) هذه الحقيقة -مبكراً شيء ما- في الربع الأخير من القرن العشرين؛ لذلك سارع البريطانيون للتوصل إلى حل هذه المشكلة، وتوصلوا إلى أن تطوير التعليم هو الحل السحري لهذا الخلل، وقام الباحثون والتربويون بوضع منهج دراسي تطويرية لكافة المدارس في (بريطانيا)، وتتلخص أسس هذا المنهج بالتركيز على تعليم القراءة والكتابة بشكل مكثف في جميع المدارس الابتدائية، وإلغاء مواد أخرى -لا أدري في الحقيقة هل اعتبروا أن هذا كل مقدور المدرسة الابتدائية أم أن ما سواهما من الفنون والعلوم الإنسانية هي أقل أهمية- بل زِد على ذلك كله كان التركيز في البرامج الدراسية على المواد التكنولوجية والعلمية، ربما ذلك استجابة لرغبة الاقتصاد ونداءاته الاستغاثية بدافع حاجته إلى المزيد من العلماء والأخصائيين في هذا المجال، فكان فرض هذه المواد بشكل إجباري على جميع البرامج التعليمية في المدارس، إلا أن النتيجة كانت مخالفة تماماً للتوقعات، فبعد مرور عشر سنواتٍ من التطبيق المكثف لهذا المنهج اتضح ما يلي:
- أن 20 بالمائة من البالغين في بريطانيا، ويتجاوز عددهم سبعة ملايين، لديهم مشكلات حقيقية في القراءة والكتابة والتعامل مع الأرقام.
- أن 26 بالمائة من البالغين لم يتلقوا تعليماً منذ ثلاث سنوات، و22 بالمائة منهم لم يتلقوا أي تعليم منذ عشر سنوات، أي منذ أن تركوا الدراسة الرسمية.
- أن 5.7 مليون شخص ممن هم في سن العمل لا يملكون أي مؤهلات.
- لا تزال مؤسسات التعليم من مدارس وجامعات تتبع أنظمة الحد من قدرة المدرسين على تطوير الطاقات الإبداعية لدى طلابها.
- زادت شكاوى الشركات من أن أنظمة التعليم لا تفي بمتطلباتها ولا متطلبات أساليب العمل الجديدة.
تحت نظريتي "الفكر البشري أغنى وأكثر قدرة ونشاطاً مما جعلتنا أنظمة التعليم نعتقد" نعود لـ"كين روبنسون" عندما تحدث عن عملية رفع المستويات الدراسية في المدارس والجامعات وأورد أنه ممكن ألا تُحل المشاكل التي نواجهها بهذا الرفع، بل على العكس فهو لربما قد يؤدي إلى زيادة تعقيدها، فقال: "علينا أن نعيد تقييم الأمور بشكل جديد، بحيث نفهم المعنى الحقيقي للذكاء والإمكانات البشرية وأن نكون مفهوماً جديداً عن الإبداع".
باختصار.. ثبت في (بريطانيا) وغيرها من الدول أن تطوير التعليم ليس هو الحل، بل تغييره كلياً! فالأسس التي تقوم عليها أنظمتنا الحالية لم تواكب العصر، وإنما هي وضعت لعصر معين وظروف معينة، وإلا فلماذا طبيب الأمس لم يكن طبيباً اليوم ومهندس الأمس لم يكن مهندساً اليوم؛ لذلك لا تستطيع أنظمة اليوم التجاوب مع التقدم العلمي والمعرفي الذي أخذ ينمو باطراد، وقد وَعَتْ كبرى الشركات بهذه الحقيقة، إلى أنه ما عاد بإمكانها الانتظار لمزيد من الوقت، عسى أن تقوم هذه الحكومات والمؤسسات التعليمية بتلبية حاجاتها من الأيادي العاملة والعقول المبدعة، فأقامت هذه الشركة جامعات خاصة بها تمنح خريجيها درجات ومؤهلات علمية تلبّي حاجاتها ومتطلبات العصر، وكانت هذه الشركة هي "موتورولا" الأميركية، وتبعتها بذلك مئات الشركات حول العالم، منها شركة "ماريوت" وشركة "Lloyds TsB".
الإبداع.. هل هو كفيل بحل مشاكل البطالة والتخلف الدراسي والاقتصادي والمعرفي في وطننا العربي؟
الإجابة هي: نعم!
دعنا نرى ذلك -على سبيل المثال- في "بيل غيتس"؛ ففكرة "بيل غيتس" الإبداعية التي تكمن في ابتكاره لنظام "ويندوز" جعلت منه أثرى أثرياء العالم بثروة بلغت على أعلى مستوياتها 100 مليار دولار، وبفكرته تلك استطاع أن يُوجد وظائف 63.564 شخصاً -هم عدد العاملين لدى شركته- بينما لم تستطِع صديقتي التي التحقت بكلية الطب فعل ذلك ولا بلد عربي بل ولا بلد أجنبي بشعبه أن تضاهيه رغم نظم تعليم متقدمة لديها.
وكذلك الحال مع "انغفار كامبراد" صاحب متاجر "أيكيا"، فقد أوجد وظائف لـ84.000 شخص، وكذلك الحال بالنسبة لـ"ديل وإيريكسون، وهوندا، والراجحي، وساندرز وكروك"، فقد أوجد هؤلاء الستة -بست أفكار إبداعية من خليط الموهبة والعمل والتوفيق من الله سبحانه وتعالى- وظائف لأكثر من مليون ونصف المليون شخص -هم عدد العاملين في شركاتهم- وهو ما يساوي عدد الأيدي العاملة في عدة دول صغيرة.
هذا الواقع ما زال هو المشاهد حالياً في بريطانيا في أواخر القرن العشرين؛ فقد ارتفع عدد العاملين في المجالات الإبداعية في بريطانيا بنسبة 34 بالمائة في الوقت الذي لم يشهد فيه الاقتصاد نمواً يُذكَّر ،والوضع نفسه نجده في الإقتصاد الأمريكي ،الذي يعتبر ضمن القطاعات التي تضم المبدعين فكرياً، وأصحاب الأفكار الجديدة الخلاقة والتي تنمو بمعدل ضعف الاقتصاد العام ككل والتي تخلق وظائف جديدة أكثر بثلاث مرات من عدد الوظائف الموجودة.
خذ في اعتبارك يا صديقي -أعزك الله- أن لربما كان أحد أهم أسباب صلاح وتقويم هذه المشكلات التي تكفل بها الإبداع تكمن في استقطاب الصناعات والوظائف نفسها مختلف أنواع المهارات والاختصاصات، فهي ليست كمدرسة نظامية تلقي الضوء على الموهبة دون الأخرى فتقوّض مدى التخيل وتؤطره، وتحدّ من عبقرية الموظف لديها، ومثال ذلك:
لو اخترع شخص اختراعاً، فهو بحاجة إلى مصنع لإنتاجه بشكل تجاري، وسيحتاج المصنع إلى عاملين من تخصصات مختلفة كالمهندسين والميكانيكيين والكهربائيين ورجال الصيانة والإدارة والأمن الصناعي والاستشاريين والمطورين، ولكي يسوقه المصنع فهو بحاجة إلى مسوقين أو لشركة تسويق تعمل لصالحها من دعاية وإعلان، وبالتالي يكون بحاجة إلى مطبوعات وتطوير دعائي ومشاركة في معارض تصنيع أو إنشاء معرض جديد.. فيا له من اختراع! معذرة، بل يا لها من طاقات إبداعية كانت يوماً ما كامنة!
صديقي العزيز.. وفي الحديث -بمشيئة الله- بقية.
يبدو أن ما حدث مع هؤلاء هو ما نمارسه اليوم مع أبنائنا، فعندما نريد أن نشيد بطفل نناديه "يا دكتور" أو "يا مهندس"، وذلك تبعاً لتفوقه الدراسي، فإذا ما حصَّل الطفل المعدلات العالية والعلامات بدأنا تواً بزرع هذه القيم الخاطئة فيه، فيتولد عنده شعور بأن النجاح هو "الطب والهندسة"، وأن الفشل ما سواهما.
وهذا يتعدى الأسرة إلى المجتمع والمؤسسات التعليمية التي تسارع في تكريم المتفوقين دراسياً والذي يطلق عليهم خطأ وبحُسنِ نية: "الموهوبين"، بينما يتم تهميش باقي الطلاب على اعتبار أنهم غير موهوبين، وأعتبر تسمية المتفوقين دراسياً بالموهوبين خطأً؛ لأن التفوق الدراسي -بمعناه الحالي- هو تفوقٌ بالحفظ وقوة الذاكرة لا بملَكات العقل وإبداعاته، فكمٌّ كبير من العظماء لديهم ماضٍ دراسي يشوبه الفشل فـ"ألبرت أينشتاين".
لا يتوقف تدخل المجتمعات في خيارات أفراده وهم أطفال، بل يتعداه إلى مرحلة الشباب فعندما يتخرج الشباب من الثانوية بنسب مرتفعة يسارع المجتمع بدفعهم للتقديم لكليات "الطب والهندسة" دون مراعاة شعورهم الداخلي الذي لم تؤثر فيه رغبات المجتمع وأراؤه، فنجد المئات ممَّن يدخلون كليات قوية "كالطب والهندسة والحاسب" يعانون من تصارع نفسي بين رغباتهم ورغبات المجتمع، بينما تمتلئ الكليات الأخرى بألوف من الطلاب ممن تنازعهم أنفسهم للدخول لكليات "الطب والهندسة"، إلا أن حكم "النسبة الثانوية" و"الواسطة" كان يقضي بأن هؤلاء ليسوا مؤهلين لدخول تلك الكليات.
بينما إذا عدنا للواقع الحقيقي غير المزيف لوجدنا أن (ياما في الحبس مظاليم)، وأن الكليات التي تقبل نسباً متدنيةً تزخر بطلاب هم أحق من غيرهم بدخول تلك الكليات "القوية".
هذا لا يعني -بالتأكيد- خُلُّو كليات الطب والهندسة والحاسب وغيرها من الكليات التي لا تقبل إلا نسبًا عالية ممن هم أهل لها، وهذا الواقع مشاهد ومطلوب، ولكن المشكلة تكمن في أن هؤلاء وحدهم من يقدم إبداعات تتجاوز مسمى وظائفهم، بينما يظل الآخرون يبرحون أماكنهم دون إبداعات تذكر.
"فما هي الحال بالنسبة لبلد "شديدة التخلف" كأغلب الدول العربية؟ " سؤالٌ طرحناه في مقال سابق.
صديقي -أعزّك الله- إياك أن تُنكِّر أن للمدرسة دوراً عظيماً في محو الأمية!
انظر معي!.. منذ أن عرفت (بريطانيا) هذه الحقيقة -مبكراً شيء ما- في الربع الأخير من القرن العشرين؛ لذلك سارع البريطانيون للتوصل إلى حل هذه المشكلة، وتوصلوا إلى أن تطوير التعليم هو الحل السحري لهذا الخلل، وقام الباحثون والتربويون بوضع منهج دراسي تطويرية لكافة المدارس في (بريطانيا)، وتتلخص أسس هذا المنهج بالتركيز على تعليم القراءة والكتابة بشكل مكثف في جميع المدارس الابتدائية، وإلغاء مواد أخرى -لا أدري في الحقيقة هل اعتبروا أن هذا كل مقدور المدرسة الابتدائية أم أن ما سواهما من الفنون والعلوم الإنسانية هي أقل أهمية- بل زِد على ذلك كله كان التركيز في البرامج الدراسية على المواد التكنولوجية والعلمية، ربما ذلك استجابة لرغبة الاقتصاد ونداءاته الاستغاثية بدافع حاجته إلى المزيد من العلماء والأخصائيين في هذا المجال، فكان فرض هذه المواد بشكل إجباري على جميع البرامج التعليمية في المدارس، إلا أن النتيجة كانت مخالفة تماماً للتوقعات، فبعد مرور عشر سنواتٍ من التطبيق المكثف لهذا المنهج اتضح ما يلي:
- أن 20 بالمائة من البالغين في بريطانيا، ويتجاوز عددهم سبعة ملايين، لديهم مشكلات حقيقية في القراءة والكتابة والتعامل مع الأرقام.
- أن 26 بالمائة من البالغين لم يتلقوا تعليماً منذ ثلاث سنوات، و22 بالمائة منهم لم يتلقوا أي تعليم منذ عشر سنوات، أي منذ أن تركوا الدراسة الرسمية.
- أن 5.7 مليون شخص ممن هم في سن العمل لا يملكون أي مؤهلات.
- لا تزال مؤسسات التعليم من مدارس وجامعات تتبع أنظمة الحد من قدرة المدرسين على تطوير الطاقات الإبداعية لدى طلابها.
- زادت شكاوى الشركات من أن أنظمة التعليم لا تفي بمتطلباتها ولا متطلبات أساليب العمل الجديدة.
تحت نظريتي "الفكر البشري أغنى وأكثر قدرة ونشاطاً مما جعلتنا أنظمة التعليم نعتقد" نعود لـ"كين روبنسون" عندما تحدث عن عملية رفع المستويات الدراسية في المدارس والجامعات وأورد أنه ممكن ألا تُحل المشاكل التي نواجهها بهذا الرفع، بل على العكس فهو لربما قد يؤدي إلى زيادة تعقيدها، فقال: "علينا أن نعيد تقييم الأمور بشكل جديد، بحيث نفهم المعنى الحقيقي للذكاء والإمكانات البشرية وأن نكون مفهوماً جديداً عن الإبداع".
باختصار.. ثبت في (بريطانيا) وغيرها من الدول أن تطوير التعليم ليس هو الحل، بل تغييره كلياً! فالأسس التي تقوم عليها أنظمتنا الحالية لم تواكب العصر، وإنما هي وضعت لعصر معين وظروف معينة، وإلا فلماذا طبيب الأمس لم يكن طبيباً اليوم ومهندس الأمس لم يكن مهندساً اليوم؛ لذلك لا تستطيع أنظمة اليوم التجاوب مع التقدم العلمي والمعرفي الذي أخذ ينمو باطراد، وقد وَعَتْ كبرى الشركات بهذه الحقيقة، إلى أنه ما عاد بإمكانها الانتظار لمزيد من الوقت، عسى أن تقوم هذه الحكومات والمؤسسات التعليمية بتلبية حاجاتها من الأيادي العاملة والعقول المبدعة، فأقامت هذه الشركة جامعات خاصة بها تمنح خريجيها درجات ومؤهلات علمية تلبّي حاجاتها ومتطلبات العصر، وكانت هذه الشركة هي "موتورولا" الأميركية، وتبعتها بذلك مئات الشركات حول العالم، منها شركة "ماريوت" وشركة "Lloyds TsB".
الإبداع.. هل هو كفيل بحل مشاكل البطالة والتخلف الدراسي والاقتصادي والمعرفي في وطننا العربي؟
الإجابة هي: نعم!
دعنا نرى ذلك -على سبيل المثال- في "بيل غيتس"؛ ففكرة "بيل غيتس" الإبداعية التي تكمن في ابتكاره لنظام "ويندوز" جعلت منه أثرى أثرياء العالم بثروة بلغت على أعلى مستوياتها 100 مليار دولار، وبفكرته تلك استطاع أن يُوجد وظائف 63.564 شخصاً -هم عدد العاملين لدى شركته- بينما لم تستطِع صديقتي التي التحقت بكلية الطب فعل ذلك ولا بلد عربي بل ولا بلد أجنبي بشعبه أن تضاهيه رغم نظم تعليم متقدمة لديها.
وكذلك الحال مع "انغفار كامبراد" صاحب متاجر "أيكيا"، فقد أوجد وظائف لـ84.000 شخص، وكذلك الحال بالنسبة لـ"ديل وإيريكسون، وهوندا، والراجحي، وساندرز وكروك"، فقد أوجد هؤلاء الستة -بست أفكار إبداعية من خليط الموهبة والعمل والتوفيق من الله سبحانه وتعالى- وظائف لأكثر من مليون ونصف المليون شخص -هم عدد العاملين في شركاتهم- وهو ما يساوي عدد الأيدي العاملة في عدة دول صغيرة.
هذا الواقع ما زال هو المشاهد حالياً في بريطانيا في أواخر القرن العشرين؛ فقد ارتفع عدد العاملين في المجالات الإبداعية في بريطانيا بنسبة 34 بالمائة في الوقت الذي لم يشهد فيه الاقتصاد نمواً يُذكَّر ،والوضع نفسه نجده في الإقتصاد الأمريكي ،الذي يعتبر ضمن القطاعات التي تضم المبدعين فكرياً، وأصحاب الأفكار الجديدة الخلاقة والتي تنمو بمعدل ضعف الاقتصاد العام ككل والتي تخلق وظائف جديدة أكثر بثلاث مرات من عدد الوظائف الموجودة.
خذ في اعتبارك يا صديقي -أعزك الله- أن لربما كان أحد أهم أسباب صلاح وتقويم هذه المشكلات التي تكفل بها الإبداع تكمن في استقطاب الصناعات والوظائف نفسها مختلف أنواع المهارات والاختصاصات، فهي ليست كمدرسة نظامية تلقي الضوء على الموهبة دون الأخرى فتقوّض مدى التخيل وتؤطره، وتحدّ من عبقرية الموظف لديها، ومثال ذلك:
لو اخترع شخص اختراعاً، فهو بحاجة إلى مصنع لإنتاجه بشكل تجاري، وسيحتاج المصنع إلى عاملين من تخصصات مختلفة كالمهندسين والميكانيكيين والكهربائيين ورجال الصيانة والإدارة والأمن الصناعي والاستشاريين والمطورين، ولكي يسوقه المصنع فهو بحاجة إلى مسوقين أو لشركة تسويق تعمل لصالحها من دعاية وإعلان، وبالتالي يكون بحاجة إلى مطبوعات وتطوير دعائي ومشاركة في معارض تصنيع أو إنشاء معرض جديد.. فيا له من اختراع! معذرة، بل يا لها من طاقات إبداعية كانت يوماً ما كامنة!
صديقي العزيز.. وفي الحديث -بمشيئة الله- بقية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/hossam-ramadan-/-2-_27_b_18372192.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات