الأحد، 12 نوفمبر 2017

زُغْرُودَتِي "2"

زُغْرُودَتِي "2"

أليس من الجميل أن يحتفل الفرد الإنساني بإنسانيته؟ هذا غالٍ للغاية، خصوصاً عندما يحمل الكثير بين لوازم حياته، ويجتهد أكثر من أجل الإبلاغ بما للأيام من بواعث، جميل؛ بل أكثر من جميل بكثير عندما يلحق الإنسان بسعادته بكل ما يملكه من جلاء؛ إذ من الرحمة أن يسعى الإنسان إلى تقييد المهالك كافة لينطلق باتجاه ما هو قادر على تحقيقه فرادى. إنه التميّز؛ ذاك الذي جعل الإنسان غير مبالٍ بما له وما يكتنزه من مساعٍ لتحقيق أهدافه؛ إذ الأعمال التي يقوم بها الأفراد ما هي سوى أدلة على ما يمكنه بالفعل القيام به في ظل مستلزمات الوجود كافة دفعة واحدة.

1. مسارات من ورق:
يعلم الجميع أن الأساطير تسكن كلَّ واحد منا، تجعلنا لا نبالي بما تحمل الحياة لنا، وتدفعنا دفعاً باتجاه استحسان التراجيديا التي تجعلنا أكثر عبودية لأنفسنا من أيّ لغط آخر، هذا ما يجعلنا نسير ضمن آثار تتبدل بتغيّر المواقيت والأشجان، إنها طبيعة ورقية تسكن الإنسان، فتراه تارة يحافظ على عزائه مُكرَهاً، وتارة أخرى تشاهده يهفو في كل لحظة إلى عيش اللحظة، بعيداً عن جميع تأثيرات التغيّر الذي يحمل الفرد البشري طوعاً وبلا أعذار تُذكر؛ إنها حلقة تغتال الإنسان عنوة، تتبادل معه أمصار الاعتراف، ثم تعيد نسج أعمدة البقاء كافة؛ طمعاً في أمرٍ ما يغيّر طريق الفرد بأكمله.

2. اعتذار الأذواق:
ما من علامة تزكّي أطراف الأنهر الجبلية أكثر مما يفعل أقوى ارتماء في حضن الشمس، هناك الكثير ليُفهم وألسنة النور تلهب الأجساد بعيداً عن أغوار الأرض كافة، هذا ما يحوّل الناس بعيداً عن مستلزمات الأنهار الذهبية التي تقدّر إطعام الناس صخراً بدل الخبز، لكن شعائرهم تمنعهم من ذلك، فتصبح أحلى ما يكون، هو بالفعل ما هو يتمنى حدوثه بأقرب تصوّر للعقل والكلمات، ربما هي نجوى الأحداث متتابعة، وربما هي قوالب تدعو الأفراد إلى التغوّل على ما يمكن للإنسان فهمه قسراً، بحيث يكون الإنسان غير مبالٍ بهذه الصفة العروضية الرهيبة، وبالذات عندما يقف على حافة منصة الإعدام، فهو لا يبالي ألبتة.

3. الحياء من الحياة:
استدراك ما هو حيّ لأخطائه يجعل الفرد أكثر تنويراً لما يسكنه من رقائق الزمن وحضور الآباء، إنّ ما يحرّك الإنسان طبعاً هو غامض أكثر مما هو يبدو مفهوماً عند من يدّعون ذلك، ما أجمل أن يبقى الإنسان أقرب إلى زمن التوازنات العليلة! تلك التي تربط الحياة بمقاديرها وبخشوع، بحيث يصبح الفرد الإنساني أقرب إلى كل إمكانية، ربما النجوم على وسادته أحياناً، فيصل الحلم بالواقع ضمن سلسلة شعورية قائمة على التجريد، إنها تمثل "الامتداد" الذي يجعل أبهى الصور البشرية أعرق من جميع ما يقال عن الإنسان، فتظهر الإنسانية في الأثواب كافة إلا واحداً: ثوب الإنسان.

لا يصبح الإنسان إنسانياً بما لديه من ذكاء، هذه الواقعة تستعصي على العباقرة كافة؛ بل يمكن لأيّ غبيٍّ في أطراف الحياة كافة أن يصبح أغلى ما للعالم من توازن. إنّ الإنسانية تمثّل تلك العرافة العجوز التي يتجدد شبابها كل حين، هي لا تهرم ولا تشيخ، لكنها تغزل الأنسجة من أجل إقامة أفراح لا صلة لها بأقرب حدث للذهن. أيّها العالَم لعلك تستحيي مما لديك، الإنسان هو أغلى ما لديك فعطفاً عليه أرجوك، هو يحتاج إلى الحنان الذي يجب أن يسود، هو محتاج إلى المودة التي ستصبح تاج كل عاطفة تمتد إلى الروح رغداً، إلى العمق تمجيداً وتعظيماً، إنها الحياة (жизнь).



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/mezouar-mohammed-said/-2_94_b_18345574.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات