السبت، 11 نوفمبر 2017

البيعة السوداء

البيعة السوداء

استخدمت كل الوسائل الإعلامية؛ لكي تمحو الحقيقة عن الشعب المصري، حتى لا يعلم الشعب المناضل أن هنالك مدرسة أسست أولاد مصر تربية صحيحة وسليمة، ولكن كما هو معروف وسائد ليس كل من يدخل المدرسة يتخرج فيها بقبول وبدرجة عليا، فهنالك مَن يدخل ويفشل ويخرج؛ ليفسد المجتمع ويصبح عالةً على المجتمع.

المدرسة هنا هى مدرسة الإخوان المسلمين التي أسست جيلاً كاملاً خرج من بطن الشارع المصري المُحتل في ذلك الوقت من عدو إنكليزي عمل على نشر البغاء والفساد في بلد الألف مئذنة.

ممن تخرج في هذه المدرسة وبايع مُدرسها على مبدأ السمع والطاعة هو الضابط الشاب جمال عبدالناصر.

البيعة السوداء

بايع عبدالناصر جماعة الإخوان المسلمين عام 1945، وقِيل عام 1944 بعد أن جنده الضابط عبدالمنعم عبدالرؤوف في جماعة الإخوان، وقيل أيضاً إن عبدالناصر بايع التنظيم الخاص داخل شقة في حي الصليبة بالسيدة زينب بصحبة خالد محيي الدين، وهذا ما شهد عليه خالد محيي الدين في لقاء مع يسري فودة بأن عبدالناصر بايع الإخوان على يد صالح عشماوي.

بداية الخيانة

يؤمن الكثيرون من الناس أن العسكر تجري في دمائهم الخيانة، ويستشهدون بكلامهم على ما حدث من محمد علي في مذبحة القلعة، وخيانة السادات للفريق الشاذلي، ولكن مما لا يذكره التاريخ هو التنظيم الخاص الذي جاهد ضد الإنكليز بقيادة الإمام البنا والصاغ محمود لبيب، فقد استطاع عبدالناصر أن يدرب عناصر التنظيم على الضرب بالنار، وأن يجعلهم جنوداً متماسكين، وهذا ما حدث فعلاً في معركة الفلوجة عام 1948 التي أبلى فيها الإخوان المسلمون بلاء حسناً.

بعد أن تغلغل عبدالناصر داخل التنظيم الخاص استطاع أن يجنّد الضباط إلى حسابه الشخصي، فبعد وفاة الصاغ محمود لبيب والإمام البنا تولى الضابط (زغلول) عبدالناصر قيادة الضباط الأحرار، أما عن اسم زغلول فقد كان هذا الاسم الحركي لعبدالناصر، وقف الضابط عبدالمنعم عبدالرؤوف ذو التوجه الإخواني في وجه عبدالناصر، بعد أن علم أن عبدالناصر يُجنّد الضباط من أجل مصالحه وأهدافه الشخصية، ولكن استطاع عبدالناصر أن يُخرج عبدالمنعم عبدالرؤوف من جهاز الضباط الأحرار؛ لينفرد به هو تماماً.

كان يؤمن عبدالناصر أنه لا فائدة من تعليم الضباط للقرآن والأحاديث، وأن هذا لن يكون سبباً أبداً في النصر ويؤخر النصر.

الحظ يضرب في مصلحة الجماعة ضد زغلول

عندما اعتقلت السلطات المصرية جميع أفراد الإخوان المقربين من الإمام البنا، أيقن الإمام البنا أن النهاية قد اقتربت، وأنه لا بد من أن يوصي لأحد بتولّي زمام الأمور بعده، كتب الإمام البنا أن المسؤول عن التنظيم الخاص هو عبدالرحمن السندي، وفى حالة حدث له شيء يكون المسؤول بعده جمال عبدالناصر!

لم يكن يعلم الإمام البنا أن المدعو عبدالناصر سيعمل على القضاء على الدعوة ويقتل أفرادها في السجون دون وجه حق؛ حتى يفشل ويفنى عبدالناصر وتبقى جماعة الإخوان المسلمين.

زغلول وخيانته لأصدقائه

كان أقرب أصدقاء عبدالناصر داخل الإخوان هو حسن عشماوي، وكان عبدالناصر يحكي كل شيء يحدث في مصر والسلطة لصديقه حسن عشماوي، حتى في حريق القاهرة عام 1952، طلب عبدالناصر من حسن عشماوي أن يُخبئ الأسلحة في بيت حسن عشماوي، وبالفعل أخذ حسن عشماوي أولاده في سيارته وذهب إلى مزرعة العائلة في الشرقية، وكانت نفس السيارة التي أخذ فيها حسن عشماوي الأسلحة هي نفس السيارة التي يجلس عليها أولاده، فقد خاطر حسن عشماوي الإخواني بحياة أولاده في سبيل القضية المصرية وطاعة لصديقه المقرب عبدالناصر؛ ليخبئ عبدالناصر الأسلحة بنفسه في المزرعة، وعندما أراد عبدالناصر أن يضرب الإخوان المسلمين في مقتل، أرشد البوليس السياسي على مكان السلاح في مزرعة الشرقية، في حركة خسيسة، وعندما عُرض حسن عشماوي على النيابة وفي أول سؤال وجّه له عن الأسلحة طلب حضور عبدالناصر شخصياً؛ ليقول هو بنفسه ما هي مصادر السلاح؟ وانتهى الأمر ونُسي أمر الأسلحة بأمر من عبدالناصر بعد أن علم أنه قد ورَّط نفسه في مشكلة!

لماذا الإعدامات في حق محمود عبداللطيف وعبدالقادر عودة؟

محمود عبداللطيف أُعدم على يد عبدالناصر بعد أن اتّهم أنه قد أطلق 6 طلقات على عبدالناصر في الحادثة المشهورة بالمنشية، ولكن الحقيقة أنه ثأر قديم لم ينسَه عبدالناصر، ففي عام 1951 طلب عبدالناصر من حسن عشماوي أن يرسل له أخاً من الإخوان في مهمة خاصة، وهي أن يدس السم في الطعام الخاص بالجنود الإنكليز في معسكر خاص في بورسعيد، لم يكن الإخوان على علم بموضوع السم، وأرسلوا له عبداللطيف نظراً لموقفه الجهادي في فلسطين وشجاعته، وعندما رفض الإخوان موضوع السم، ورفضه محمود عبداللطيف لم ينسَ له عبدالناصر هذه الإهانة وأعدمه عام 1954.

تكرر الأمر مع عبدالقادر عودة، فعندما خرج الشعب المصري أمام قصر عابدين يطالب اللواء محمد نجيب بالرجوع عن الاستقالة، ورفض الشعب الرجوع إلى منزله بعد أن ألح عليهم اللواء نجيب وعبدالناصر بالعودة؛ لينادي اللواء نجيب على المستشار عبدالقادر عودة ليأمر الشعب بأن يرجع إلى بيته، ويستجيب له الناس، ويعودون أدراجهم، وهنا أدرك عبدالناصر الخطر القادم من هذا المستشار القادر على أن يتحكم في الآلاف بكلمة واحدة منه، وهذا الدرس الذي طالما أراد عبدالناصر أن يكتسبه؛ ليتحكم في الإخوان المسلمين، ورفض الإخوان أن ينصاعوا لأوامره، وفشل عبدالناصر في السيطرة على الإخوان، وفي ذلك التوقيت كانت قيادات الإخوان في السجون، وكان المستشار عبدالقادر عودة في خلافات مع مكتب الإرشاد، ويقف في صف عبدالناصر لتثبت الأيام للمستشار أن مكتب الإرشاد كان على حق، وأن عبدالناصر كان يحمل الشر للجماعة!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* المصادر:
- مذكرات عبداللطيف البغدادي.
- الآن أتكلم، خالد محيي الدين.
- حصاد الأيام، حسن عشماوي.
- حقيقة الخلاف بين الإخوان المسلمين وعبدالناصر.



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/omar-gomaa-ahmed/-_13967_b_18472678.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات