وأنا أتصفَّح العدد 450 من مجلة عالم المعرفة "ملف جوجل" للمؤلفَين تورستن فريكه وأولريش نوفاك، انتابني شعور بالرهبة من الحقائق الواردة في هذا الكتاب.
تبدو الحكاية مسلية وجميلة في بدايتها، وتختصر قصة نجاح لاري بيغ وسيرغي برين مؤسسي شركة جوجل، التي استطاعت منذ تأسيسها السير بثبات؛ لتصبح من أقوى الشركات العالمية، وقد لا نستغرب أن تصبح الأولى عالمياً في السنوات القليلة القادمة.
جوجل الذي أصبح قريباً منا لدرجة لا تصدق، للبحث والدراسة والقراءة والمتعة وأغراض مختلفة أخرى.. مخيف.
كيف ذلك؟
1- مجرد بيانات:
إذا بحثنا عن المكانة التي يضعنا فيها جوجل فلن نجد أننا زبناء؛ بل منتجات.
لقد تحوّلنا إلى بيانات يتاجر بها جوجل ويقدمها للمؤسسات التي تحتاجها، سواء كانت هذه المؤسسات دولاً أو هيئات، أو مؤسسات تجارية تحتاج لمعرفة الكثير عن هذا المستهلك: ميوله، رغباته، احتياجاته، اهتماماته، أذواقه، أفكاره.. لقد أصبحت مكشوفاً أيها الإنسان.. الأخ الأكبر يراقبك.
2- مسألة البحث:
فيما يخص البحث، تصوّروا معي أننا اتفقنا على مناقشة أحد المواضيع، واعتمدنا جميعاً في بحثنا على جوجل، فماذا ستكون النتيجة؟
النتيجة واضحة ستكون أفكارنا متشابهة، إن لم نقُل متطابقة، لعلنا في زمن التنميط الثقافي والنمذجة، ولعل جوجل لا يقترح علينا ما نريد أن نعرف؛ بل ما يريدنا هو أن نعرف.
والأدهى من ذلك أنك لو عاودت البحث فستحصل على نفس النتيجة، لا جديد؛ بل معلومات مكرورة وربما مقصودة.
بالإضافة إلى ما سبق، يمكنك، أيها الإنسان المعاصر، العثور على بحث تريده، ويكفي أن تزيل اسم صاحبه وتضع اسمك عليه ليصير في ملكيتك ومن بنات أفكارك.
الطريقة فعالة وسريعة ومربحة: نسخ وإلصاق.
3- أسئلة مشروعة:
أسئلة كثيرة يمكننا طرحها في هذا السياق:
- ألا يؤثر محرك البحث جوجل في المشهد السياسي والثقافي والتجاري وفي الحركات الاحتجاجية عبر العالم؟
- ألم يعد اليد الطولى للعولمة والهيمنة المتعددة الملامح؟
- أليس بإمكانه توجيه الرأي العام العالمي لقضايا معينة أو حجبها عنه والتقليل من شأنها؟
- إلى أي حد يساهم جوجل في التنميط الثقافي والاجترار وتعطيل العمل الفكري الجاد؟
ليست هناك مبالغة في الأمر، وليست نظرية المؤامرة من جديد، فالمعلومة صارت بدون منازع عُملة العصر الصعبة والأداة الفعالة من أدوات التنمية أو التخلف.
ألم نعد نستهلك أشياء كثيرة لا نحتاجها؟ لقد سقطنا في فخ ثقافة الاستهلاك، ونسينا وصية سقراط حينما كان يتجول في الأسواق ويقول: ما أكثر الأشياء التي لا أحتاجها!
إننا بصدد نوع جديد من الاحتكار الشامل الذي يطال الكوكب بأسره.
يوتيوب هو الآخر، الذي هو بالمناسبة في ملكية جوجل، يقترح عليك ما يشبه أو يطابق ما تشاهده كل يوم، ما هو مستهلك في العالم أو في منطقتك، وذلك بغاية جعلك سجيناً لذوقك وحشرك في زاوية محددة، على الرغم من أن الدراسات تثبت أن ما ينعش الدماغ هو الجديد والملغز وغير المألوف والذي فيه مسحة من إبداع.
ختاماً، يمكن القول: إن جوجل ورغم الخدمات المتنوعة، غير المجانية بتاتاً، التي يقدمها للإنسانية يخفي أشياء كثيرة بدأت تتكشف تدريجيا.. وها نحن ننتظر.
جملتان من الكتاب:
- إن الإنترنت أكبر تجربة فوضوية عرفها التاريخ.
- فالإنترنت ستكون حلبة صراعات دولية، وصيغة جديدة لإدارة حروب فعلية.. وثورات جديدة.
دُمتم يقظين..
تبدو الحكاية مسلية وجميلة في بدايتها، وتختصر قصة نجاح لاري بيغ وسيرغي برين مؤسسي شركة جوجل، التي استطاعت منذ تأسيسها السير بثبات؛ لتصبح من أقوى الشركات العالمية، وقد لا نستغرب أن تصبح الأولى عالمياً في السنوات القليلة القادمة.
جوجل الذي أصبح قريباً منا لدرجة لا تصدق، للبحث والدراسة والقراءة والمتعة وأغراض مختلفة أخرى.. مخيف.
كيف ذلك؟
1- مجرد بيانات:
إذا بحثنا عن المكانة التي يضعنا فيها جوجل فلن نجد أننا زبناء؛ بل منتجات.
لقد تحوّلنا إلى بيانات يتاجر بها جوجل ويقدمها للمؤسسات التي تحتاجها، سواء كانت هذه المؤسسات دولاً أو هيئات، أو مؤسسات تجارية تحتاج لمعرفة الكثير عن هذا المستهلك: ميوله، رغباته، احتياجاته، اهتماماته، أذواقه، أفكاره.. لقد أصبحت مكشوفاً أيها الإنسان.. الأخ الأكبر يراقبك.
2- مسألة البحث:
فيما يخص البحث، تصوّروا معي أننا اتفقنا على مناقشة أحد المواضيع، واعتمدنا جميعاً في بحثنا على جوجل، فماذا ستكون النتيجة؟
النتيجة واضحة ستكون أفكارنا متشابهة، إن لم نقُل متطابقة، لعلنا في زمن التنميط الثقافي والنمذجة، ولعل جوجل لا يقترح علينا ما نريد أن نعرف؛ بل ما يريدنا هو أن نعرف.
والأدهى من ذلك أنك لو عاودت البحث فستحصل على نفس النتيجة، لا جديد؛ بل معلومات مكرورة وربما مقصودة.
بالإضافة إلى ما سبق، يمكنك، أيها الإنسان المعاصر، العثور على بحث تريده، ويكفي أن تزيل اسم صاحبه وتضع اسمك عليه ليصير في ملكيتك ومن بنات أفكارك.
الطريقة فعالة وسريعة ومربحة: نسخ وإلصاق.
3- أسئلة مشروعة:
أسئلة كثيرة يمكننا طرحها في هذا السياق:
- ألا يؤثر محرك البحث جوجل في المشهد السياسي والثقافي والتجاري وفي الحركات الاحتجاجية عبر العالم؟
- ألم يعد اليد الطولى للعولمة والهيمنة المتعددة الملامح؟
- أليس بإمكانه توجيه الرأي العام العالمي لقضايا معينة أو حجبها عنه والتقليل من شأنها؟
- إلى أي حد يساهم جوجل في التنميط الثقافي والاجترار وتعطيل العمل الفكري الجاد؟
ليست هناك مبالغة في الأمر، وليست نظرية المؤامرة من جديد، فالمعلومة صارت بدون منازع عُملة العصر الصعبة والأداة الفعالة من أدوات التنمية أو التخلف.
ألم نعد نستهلك أشياء كثيرة لا نحتاجها؟ لقد سقطنا في فخ ثقافة الاستهلاك، ونسينا وصية سقراط حينما كان يتجول في الأسواق ويقول: ما أكثر الأشياء التي لا أحتاجها!
إننا بصدد نوع جديد من الاحتكار الشامل الذي يطال الكوكب بأسره.
يوتيوب هو الآخر، الذي هو بالمناسبة في ملكية جوجل، يقترح عليك ما يشبه أو يطابق ما تشاهده كل يوم، ما هو مستهلك في العالم أو في منطقتك، وذلك بغاية جعلك سجيناً لذوقك وحشرك في زاوية محددة، على الرغم من أن الدراسات تثبت أن ما ينعش الدماغ هو الجديد والملغز وغير المألوف والذي فيه مسحة من إبداع.
ختاماً، يمكن القول: إن جوجل ورغم الخدمات المتنوعة، غير المجانية بتاتاً، التي يقدمها للإنسانية يخفي أشياء كثيرة بدأت تتكشف تدريجيا.. وها نحن ننتظر.
جملتان من الكتاب:
- إن الإنترنت أكبر تجربة فوضوية عرفها التاريخ.
- فالإنترنت ستكون حلبة صراعات دولية، وصيغة جديدة لإدارة حروب فعلية.. وثورات جديدة.
دُمتم يقظين..
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/zarrouk-redouane/-_13948_b_18461990.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات