هُناكَ رَيْب في الدينِ الإسلامي بنُكرانه لحقوق المرأة وأنه يدعو لمجتمع ذكوري خالص، وذلك لما يتردد على مسامع الكثيرين من أن الرجال قوامون على النساءِ، وبأن للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك الخوض في موضوع تعدد الزوجات، وأن النساء ناقصات عقل ودين دون تفسير واضح لهذه المسائل والعقبات، وغيرها من النصوصِ التشريعية الأخرى التي يدار حولها جدلٌ وصراعٌ عقيم مِن قِبل القلوب المريضة.
ولكن كل هذه الأفكار الغوغائية المنتشرة التي تُثِير الجدل كثيراً حول مَن يعتريهُم الفضيلة وتغيب عن أعينهم حقيقة السؤال، والعجب أنهم لا يبحثون عن أسباب فهُم فقط يعُجِبهُم هذا الفِكر السفسطي.
وخلال بحوث عديدة أدركت أن الدين الإسلامي هو الدين الوحيد الذي يضع حقوقاً صارمة ومجزية للمرأة، وأنه الدين الوحيد فِي بقاع الأرض الذي يحترم المرأة ويُكرِمُها ويضعها خير مكانة عالية ومرموقة.
لذلك وددتُ لو تُرِكت لي المساحة للتحدث عن بعض مظاهر تكريم الإسلام للمرأة، فلعلي أكون سبباً في تغيير المنظور تجاه نساء العالمين.
تساءلتُ لِمَ الله أعطى للرجال رخصة الزواج مِن أربع؟ وجدت أن الله قال في كتابه العزيز: (مَثْنَى وثُلاثَ ورُبَاعَ فَإْن خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوْ فَوَاحِدةً)، أيقنت تماماً أن الله لم يعطِها عبثاً ولكنه أعطاها لذوي الشهوات من الرجال الذين لا تكفيهم زيجة واحدة وهم كثيرون جداً فينظرون لما حرّم الله، فأعطاهم الله هذه الرخصة حتى يغضّوا أبصارهم عن المحارم، ثم أجد في آية أخرى قوله تعالى: (وَلن تَسْتَطِيعوا أن تَعدِلوا بين النِسّاءِ وَلو حَرِصتُم)، حسناً فالتعدد له شروط، وليس الأمر هباء منثوراً كما يعتقد البعض، وهذا مؤكد بقول الله في كتابه العزيز بأنه لن يستطيع أحد أن يعدل بين زوجاته، وقوله هو الحق سبحانه.
ولا يُقلّل من مكانة المرأة في الإسلام إباحته لتعدد الزوجات، وذلك لأن الهدف من تعدد الزوجات هو ضمان حماية المرأة لتتزوج بكرامة، وتنجو بنفسها من استغلالها كأداة للشهوة عند الرجال.
إنّ المرأة المسلمة تتمتع بحقّ الوراثة مثل إخوتها، ولو بنسبة أصغر وحتى إن كان للذكر مثل حظ الأنثيين، فقد أمر الله بصلة الرحم والبر وهذا كفيل بالمساواة، كما أن المرأة ترث بالفرض، أما الذكور فيرثون بالتعصيب.
جعل الله سورة باسم النساء، ولا توجد سورة باسم الرجال، فأي عظمة هذه؟!
لا أريد مقارنة الإسلام بغيره من الأديان؛ لأنه لا يقارن، وإن كانت واجبة فسأترك لكم المقارنة، ولكن في الخطيئة الأولى لآدم -عليه السلام- نجد أن الأديان الأخرى تحتوي على نصوص تذم المرأة، وتجعلها هي سبب الخطيئة، والدين الإسلامي جعل سيدنا آدم هو المسؤول عن الخروج من الجنة وعن الخطيئة: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى).
تكريم الله للمرأة جعلها في الإنجاب رغم رؤية الأديان الأخرى لهذه المظاهر بأنها كائن نجس، وهذا عقاب من الله لها بأنها سوف تتألم من الولادة بسبب الخطيئة الأولى، فحاشا لله أي تفكير هذا؟!
وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن)، فقيل: يا رسول الله، ما نقصان عقلها؟ قال: (أليست شهادة المرأتين بشهادة رجل)؟ قيل: يا رسول الله، ما نقصان دينها؟ قال: (أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصُم)، بيَّن عليه الصلاة والسلام أن نقصان عقلها من أن المرأة تغلب عاطفتها على عقلها، وهذا شرف والله، فالنساء مرهفات الحس عاطفيات؛ لذلك هنَّ أمهات وحاضنات، وكذلك من جهة ضعف حفظها كما قال سبحانه: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى).
وأما نقصان دينها؛ فلأنها في حال الحيض والنفاس تدع الصلاة وتدع الصوم ولا تقضي الصلاة، فهذا من نقصان الدين، ولكن هذا النقص ليست مؤاخذة عليه، وإنما هو نقص حاصل بشرع الله عز وجل، هو الذي شرعه عز وجل رفقاً بها وتيسيراً عليها؛ لأنها إذا صامت مع وجود الحيض والنفاس يضرها ذلك، فمن رحمة الله شرع لها ترك الصيام وقت الحيض والنفاس.
وفي آية أخرى يقول الله تعالى: (الرجال قوَّامون على النساء بما فضَّل الله بعضهم على بعض).
حتى في القِوَامة هي ليست قِوَامة أفضلية في الشأن كما يزعمون، بل هي قوامة توجيه وإعالة ورعاية، وكذلك بما أعطوهن من النفقات والمهور، وبأن الله فضّل الرجال على النساء في الدين والعقل والولاية، وهذا ليس تنقيصاً للمرأة كما ذكرنا من قبل في شرح (النساء ناقصات عقل ودين).
كما يحقّ لها ألا تُزفّ إلى أحد إلا بموافقتها الحُرّة، ومن حقّها ألا يسيء زوجها معاملتها، حتى حينما أمر الله بضرب النساء لم يترك الباب مفتوحاً، ولكنه أمر بالضرب غير المبرح الذي لا يشجُ الرأس ولا يترك أي أثر.
كما تتمتع أيضاً بحقّ الحصول على مهر من الزوج، ولها أنْ يُعيلها ولو كانت ثريّة من الأصل، ولها الحق في إدارة ممتلكاتها الشخصية، إن الله ضرب المثل بالنساء في التقوى والطاعة كمريم بنت عمران وامرأة فرعون (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا)، (وامرأة فرعون إذ قالت ربّ ابنِ لي عندك بيتاً في الجنة)؛ حيث ضرب بهما المثل في الصبر والطاعة وقوة التحمل.
لقد وصلت مكانة المرأة في الإسلام إلى درجة أنّ الله قد سمع شكواها من فوق سبع سماوات، قال تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ التي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِى إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)، وقرأ عليها جبريل عليه السلام، السلام من الله تعالى: (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت، معها إناءٌ فيه إدامٌ أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومنّي، وبشِّرْها بِبَيْتٍ في الجنّة من قَصَبٍ لا صَخَبَ فيه ولا نَصَبَ".
من أراد أن يعرف قيمة المرأة حقاً فليستمع إلى السيرة النبوية لخير الأنام وعلاقاته مع زوجاته رضي الله عنهم أجمعين، وحبه لزوجاته.
كرم الله تعالى المرأة وجعل منهن سيدات أهل الجنة، كالسيدة خديجة رضي الله عنها، ومريم ابنة عمران، وفاطمة بنت محمد، وآسية زوجة فرعون؛ حيث شكك بعض علماء الإسلام في نبوتهن لمدى عظمتهن.
يكمُن زهوي بسيدات الإسلام ترديد جملة lady is first على غرار أخذها من الغرب وكأن الغرب هو سيدها.
إن هذا المصطلح هو لنا دون غيرنا وهم أخذوه وقاموا بترجمته بلغتهم، ثم ذهبت سيداتنا لترتجلهُ كي تزعم بأنها عصرية فهي لم تقرأ القرآن ولا السنة، لا تعرف التاريخ ،لا تعرف لمَ قامت الثورة الفرنسية، فكانت المرأة قبل الثورة تعامل كالحيوان وكانت تقام مؤتمرات لتصنيف هل المرأة إنسان أم لا؟ وهل هي جسد بلا روح أم بها روح؟ قمة المهزلة وقمة الانحلال الأخلاقي مَن هم لتصنيف أمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم؟
وبعد الثورة الفرنسية وإلى اليوم لا يُسْمَح للمتزوجة بالتصرفات المالية إلا بإذن زوجها، ولا يزال أجر المرأة على عملها إلى اليوم أقلّ من أجر الرجل، كما تفقد اسمها وحريتها بمجرد الزواج.
تقول المستشرقة الألمانية زيجريد هونكه: "إِنّ الرجل والمرأة في الإسلام يتمتّعان بالحقوق نفسها من حيث النوعيّة، وإن لم تكن تلك الحقوق هي ذاتها في كلّ المجالات؛ لذلك فعلى المرأة العربية أن تتحرر من النفوذ الأجنبي.. فينبغي عليه ألا تتخذ المرأة الأوروبيّة أو الأميركيّة أو الروسيّة قدوة تحتذى، أو أن تهتدى بفكر عقائدي مهما كان مصدره؛ لأنّ في ذلك تمكيناً جديداً للفكر الدخيل المؤدي إلى فقدها مقومات شخصيتها، وإنّما عليها أن تتمسك بهدي الإسلام الأصيل".
فهم يرتجلون أخلاقنا وأسسنا التشريعية وإسلامنا ثم نذهب نحن نأخذ أسوأ ما لديهم لنمحي خطانا السابقة هؤلاء ينطبق عليهم قوله تعالى: (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى).
في ديننا جعل الله المرأة هي توأم الرجل ومصيرهما مرتبط ببعض في قوله تعالى: (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى. إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى).
كما جعل الإسلام النساء شقائق الرجال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما النِّساءُ شَقائِقُ الرِّجَالِ".
وفي حديث آخر حقَّ الأمّ في البرّ أكثر من حقّ الأب، وقد بيَّنَ الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، حين قال له رجل: يا رسول الله، مَنْ أحقّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أُمُّك". قال: ثُمَّ مَنْ؟ قال: "ثُمَّ أُمُّك". قال: ثُمَّ مَنْ؟ قال: "ثُمَّ أُمُّك". قال: ثم مَنْ؟ قال: "أبوك".
كذلك لم يُفَاضِل بين الرجال والنساء في الأجر؛ إذ بيَّن الله تعالى أنه لا يضيع جهد مَنْ عَمِلَ عملاً صالحاً ذكراً كان أو أنثى، قال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
وقال جلّ ثَنَاؤُهُ: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ في سَبِيلِى وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ).
وقال تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيراً).
ويُخاطب الرِّجال والنِّساء على السواء، ويعاملهم بطريقة شبه متساوية، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ في ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
وأخيراً وليس آخِراً.. المرأة المسلمة لا تحتاج إلى مجلس قومي للمرأة، ولا تحتاج إلى يوم عالمي للمرأة؛ لتثبت ذاتها وقدرها، فالله حافظ القدر والمقامات لقيام الساعة، أنتم فقط تحتاجون إلى تطبيق سُنة الله في الأرض وتشريعاته حتى ترجع القدر إلى مكانه الصحيح.
ولكن كل هذه الأفكار الغوغائية المنتشرة التي تُثِير الجدل كثيراً حول مَن يعتريهُم الفضيلة وتغيب عن أعينهم حقيقة السؤال، والعجب أنهم لا يبحثون عن أسباب فهُم فقط يعُجِبهُم هذا الفِكر السفسطي.
وخلال بحوث عديدة أدركت أن الدين الإسلامي هو الدين الوحيد الذي يضع حقوقاً صارمة ومجزية للمرأة، وأنه الدين الوحيد فِي بقاع الأرض الذي يحترم المرأة ويُكرِمُها ويضعها خير مكانة عالية ومرموقة.
لذلك وددتُ لو تُرِكت لي المساحة للتحدث عن بعض مظاهر تكريم الإسلام للمرأة، فلعلي أكون سبباً في تغيير المنظور تجاه نساء العالمين.
تساءلتُ لِمَ الله أعطى للرجال رخصة الزواج مِن أربع؟ وجدت أن الله قال في كتابه العزيز: (مَثْنَى وثُلاثَ ورُبَاعَ فَإْن خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوْ فَوَاحِدةً)، أيقنت تماماً أن الله لم يعطِها عبثاً ولكنه أعطاها لذوي الشهوات من الرجال الذين لا تكفيهم زيجة واحدة وهم كثيرون جداً فينظرون لما حرّم الله، فأعطاهم الله هذه الرخصة حتى يغضّوا أبصارهم عن المحارم، ثم أجد في آية أخرى قوله تعالى: (وَلن تَسْتَطِيعوا أن تَعدِلوا بين النِسّاءِ وَلو حَرِصتُم)، حسناً فالتعدد له شروط، وليس الأمر هباء منثوراً كما يعتقد البعض، وهذا مؤكد بقول الله في كتابه العزيز بأنه لن يستطيع أحد أن يعدل بين زوجاته، وقوله هو الحق سبحانه.
ولا يُقلّل من مكانة المرأة في الإسلام إباحته لتعدد الزوجات، وذلك لأن الهدف من تعدد الزوجات هو ضمان حماية المرأة لتتزوج بكرامة، وتنجو بنفسها من استغلالها كأداة للشهوة عند الرجال.
إنّ المرأة المسلمة تتمتع بحقّ الوراثة مثل إخوتها، ولو بنسبة أصغر وحتى إن كان للذكر مثل حظ الأنثيين، فقد أمر الله بصلة الرحم والبر وهذا كفيل بالمساواة، كما أن المرأة ترث بالفرض، أما الذكور فيرثون بالتعصيب.
جعل الله سورة باسم النساء، ولا توجد سورة باسم الرجال، فأي عظمة هذه؟!
لا أريد مقارنة الإسلام بغيره من الأديان؛ لأنه لا يقارن، وإن كانت واجبة فسأترك لكم المقارنة، ولكن في الخطيئة الأولى لآدم -عليه السلام- نجد أن الأديان الأخرى تحتوي على نصوص تذم المرأة، وتجعلها هي سبب الخطيئة، والدين الإسلامي جعل سيدنا آدم هو المسؤول عن الخروج من الجنة وعن الخطيئة: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى).
تكريم الله للمرأة جعلها في الإنجاب رغم رؤية الأديان الأخرى لهذه المظاهر بأنها كائن نجس، وهذا عقاب من الله لها بأنها سوف تتألم من الولادة بسبب الخطيئة الأولى، فحاشا لله أي تفكير هذا؟!
وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن)، فقيل: يا رسول الله، ما نقصان عقلها؟ قال: (أليست شهادة المرأتين بشهادة رجل)؟ قيل: يا رسول الله، ما نقصان دينها؟ قال: (أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصُم)، بيَّن عليه الصلاة والسلام أن نقصان عقلها من أن المرأة تغلب عاطفتها على عقلها، وهذا شرف والله، فالنساء مرهفات الحس عاطفيات؛ لذلك هنَّ أمهات وحاضنات، وكذلك من جهة ضعف حفظها كما قال سبحانه: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى).
وأما نقصان دينها؛ فلأنها في حال الحيض والنفاس تدع الصلاة وتدع الصوم ولا تقضي الصلاة، فهذا من نقصان الدين، ولكن هذا النقص ليست مؤاخذة عليه، وإنما هو نقص حاصل بشرع الله عز وجل، هو الذي شرعه عز وجل رفقاً بها وتيسيراً عليها؛ لأنها إذا صامت مع وجود الحيض والنفاس يضرها ذلك، فمن رحمة الله شرع لها ترك الصيام وقت الحيض والنفاس.
وفي آية أخرى يقول الله تعالى: (الرجال قوَّامون على النساء بما فضَّل الله بعضهم على بعض).
حتى في القِوَامة هي ليست قِوَامة أفضلية في الشأن كما يزعمون، بل هي قوامة توجيه وإعالة ورعاية، وكذلك بما أعطوهن من النفقات والمهور، وبأن الله فضّل الرجال على النساء في الدين والعقل والولاية، وهذا ليس تنقيصاً للمرأة كما ذكرنا من قبل في شرح (النساء ناقصات عقل ودين).
كما يحقّ لها ألا تُزفّ إلى أحد إلا بموافقتها الحُرّة، ومن حقّها ألا يسيء زوجها معاملتها، حتى حينما أمر الله بضرب النساء لم يترك الباب مفتوحاً، ولكنه أمر بالضرب غير المبرح الذي لا يشجُ الرأس ولا يترك أي أثر.
كما تتمتع أيضاً بحقّ الحصول على مهر من الزوج، ولها أنْ يُعيلها ولو كانت ثريّة من الأصل، ولها الحق في إدارة ممتلكاتها الشخصية، إن الله ضرب المثل بالنساء في التقوى والطاعة كمريم بنت عمران وامرأة فرعون (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا)، (وامرأة فرعون إذ قالت ربّ ابنِ لي عندك بيتاً في الجنة)؛ حيث ضرب بهما المثل في الصبر والطاعة وقوة التحمل.
لقد وصلت مكانة المرأة في الإسلام إلى درجة أنّ الله قد سمع شكواها من فوق سبع سماوات، قال تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ التي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِى إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)، وقرأ عليها جبريل عليه السلام، السلام من الله تعالى: (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت، معها إناءٌ فيه إدامٌ أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومنّي، وبشِّرْها بِبَيْتٍ في الجنّة من قَصَبٍ لا صَخَبَ فيه ولا نَصَبَ".
من أراد أن يعرف قيمة المرأة حقاً فليستمع إلى السيرة النبوية لخير الأنام وعلاقاته مع زوجاته رضي الله عنهم أجمعين، وحبه لزوجاته.
كرم الله تعالى المرأة وجعل منهن سيدات أهل الجنة، كالسيدة خديجة رضي الله عنها، ومريم ابنة عمران، وفاطمة بنت محمد، وآسية زوجة فرعون؛ حيث شكك بعض علماء الإسلام في نبوتهن لمدى عظمتهن.
يكمُن زهوي بسيدات الإسلام ترديد جملة lady is first على غرار أخذها من الغرب وكأن الغرب هو سيدها.
إن هذا المصطلح هو لنا دون غيرنا وهم أخذوه وقاموا بترجمته بلغتهم، ثم ذهبت سيداتنا لترتجلهُ كي تزعم بأنها عصرية فهي لم تقرأ القرآن ولا السنة، لا تعرف التاريخ ،لا تعرف لمَ قامت الثورة الفرنسية، فكانت المرأة قبل الثورة تعامل كالحيوان وكانت تقام مؤتمرات لتصنيف هل المرأة إنسان أم لا؟ وهل هي جسد بلا روح أم بها روح؟ قمة المهزلة وقمة الانحلال الأخلاقي مَن هم لتصنيف أمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم؟
وبعد الثورة الفرنسية وإلى اليوم لا يُسْمَح للمتزوجة بالتصرفات المالية إلا بإذن زوجها، ولا يزال أجر المرأة على عملها إلى اليوم أقلّ من أجر الرجل، كما تفقد اسمها وحريتها بمجرد الزواج.
تقول المستشرقة الألمانية زيجريد هونكه: "إِنّ الرجل والمرأة في الإسلام يتمتّعان بالحقوق نفسها من حيث النوعيّة، وإن لم تكن تلك الحقوق هي ذاتها في كلّ المجالات؛ لذلك فعلى المرأة العربية أن تتحرر من النفوذ الأجنبي.. فينبغي عليه ألا تتخذ المرأة الأوروبيّة أو الأميركيّة أو الروسيّة قدوة تحتذى، أو أن تهتدى بفكر عقائدي مهما كان مصدره؛ لأنّ في ذلك تمكيناً جديداً للفكر الدخيل المؤدي إلى فقدها مقومات شخصيتها، وإنّما عليها أن تتمسك بهدي الإسلام الأصيل".
فهم يرتجلون أخلاقنا وأسسنا التشريعية وإسلامنا ثم نذهب نحن نأخذ أسوأ ما لديهم لنمحي خطانا السابقة هؤلاء ينطبق عليهم قوله تعالى: (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى).
في ديننا جعل الله المرأة هي توأم الرجل ومصيرهما مرتبط ببعض في قوله تعالى: (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى. إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى).
كما جعل الإسلام النساء شقائق الرجال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما النِّساءُ شَقائِقُ الرِّجَالِ".
وفي حديث آخر حقَّ الأمّ في البرّ أكثر من حقّ الأب، وقد بيَّنَ الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، حين قال له رجل: يا رسول الله، مَنْ أحقّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أُمُّك". قال: ثُمَّ مَنْ؟ قال: "ثُمَّ أُمُّك". قال: ثُمَّ مَنْ؟ قال: "ثُمَّ أُمُّك". قال: ثم مَنْ؟ قال: "أبوك".
كذلك لم يُفَاضِل بين الرجال والنساء في الأجر؛ إذ بيَّن الله تعالى أنه لا يضيع جهد مَنْ عَمِلَ عملاً صالحاً ذكراً كان أو أنثى، قال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
وقال جلّ ثَنَاؤُهُ: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ في سَبِيلِى وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ).
وقال تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيراً).
ويُخاطب الرِّجال والنِّساء على السواء، ويعاملهم بطريقة شبه متساوية، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ في ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
وأخيراً وليس آخِراً.. المرأة المسلمة لا تحتاج إلى مجلس قومي للمرأة، ولا تحتاج إلى يوم عالمي للمرأة؛ لتثبت ذاتها وقدرها، فالله حافظ القدر والمقامات لقيام الساعة، أنتم فقط تحتاجون إلى تطبيق سُنة الله في الأرض وتشريعاته حتى ترجع القدر إلى مكانه الصحيح.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/walaa-kamel-abdelkareem/post_16483_b_18671118.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات