الاثنين، 6 نوفمبر 2017

الأفضل أن تذهب أنت ورأيك إلى الجحيم

الأفضل أن تذهب أنت ورأيك إلى الجحيم

رأيك جميل، ولكن الأفضل أن تذهب أنت ورأيك إلى الجحيم.

لم يعد أحد مستعداً لَأن يستمع إلى أي رأي آخر يخالفه، بمعنى أن رأيك صحيح طالما يتماشى مع فكري حتى لو خاطئ.

حتى في الديمقراطية، كل رئيس جمهورية يعد بالحكم الصالح، لكنه لا يأبه بأي رأي آخر، ولا يريد أن يحكم إلا كما حكم من قبله من رؤساء، وربما أسوأ!

هناك عبارة مشهورة نُسبت بشكل خاطئ إلى فولتير تقول: "قد أختلف معك في الرأي، ولكنني على استعداد أن أموت دفاعاً عن رأيك".

ولم يكن فولتير هو من قال هذه الكلمات، ولكن قائلتها هي إيفلين بياتريس هول، التي كانت تكتب تحت اسم مستعار وهو S. G. Tallentyre وذلك في عام 1906 في كتاب السيرة الذاتية الذي قامت بإصداره تحت عنوان The Friends of Voltaire.

لكن مشكلتنا ليست فيمَن قالها، ولكن في معناها الذي لم يعد موجوداً.

اختلاف الرأي أصبح يفسد للود قضية، وسبباً في السبّ وربما القذف بأقبح الشتائم والوصف، ومهاجمة شخص القائل بما ليس له صلة بما قاله، واتهامه بما ليس فيه أو عليه، كاتهام أحدهم بأنه إخواني لمجرد أن له لحية، مع أن كارل ماركس كان له لحية، أكان ماركس إخوانياً؟ وما أكبر من لحية تيودر هرتزل!

لقد منّ الله علينا بثلاث في هذا البلد: حرية التعبير، وحرية التفكير، والمقدرة على عدم تطبيق أي منهما، كما قال مارك توين.

يوسف زيدان منذ مدة تحدث عن رأيه في شخصية أحمد عرابي، ومن المعلوم لدى بعض الناس أن يوسف زيدان باحث من العيار الثقيل لن يتحدث جزافاً.

لكن نجد مهاجميه اتهموه بالجهل، وأنه ساقط تاريخ، ولم يقرأ من قبل في كتب التاريخ.

وتمادى البعض من أجل الشو الإعلامي بأن شهاداته مشكوك فيها، وأنه يحاول تشويه تاريخنا، مع أن تاريخنا أغلبه تم تدوينه فى فترات قريبة، وأي باحث سيجد فيه أخطاء تاريخية قاتلة، وذلك بغض النظر عن أن التاريخ يُكتب بيد المنتصرين.


على الجانب الآخر، ردّ كاتب مبتدئ أحمد سعد الدين، فهاجمه من يأخذ صف زيدان بأنه مجرد خريج تجارة وليس له ثقل.

عباس محمود العقاد حاصل على الابتدائية، وأغلب الظن أنه لم يحصل عليها من الأساس، فهل نلقي بآرائه وكتبه وأفكاره في القمامة؛ لأنه لم يحصل على شهادة.

كذلك الحكومات تحاسب وتقيد كل مَن يخالفها في الرأي، أو يحاول انتقادها.

رغم أن الحق في حرية الرأي والتعبير حق أساسي يظهر في عدد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية.

وتعتبر المادة 19 في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الإطار الدولي الأساسي الذي يقنن هذا الحق، وتنص المادة 19 على ما يلي:

1. لكل إنسان حق في اعتناق الآراء دون مضايقة.
2. لكل إنسان حق في حرية التعبير.

ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها، ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.

3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة.

وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود، ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون، وأن تكون ضرورية:
(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم.
(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.

ولقد دعا الإسلام أيضاً إلى حرية التعبير عن الرأي، ابتداء أو نقداً بنّاء؛ فقد دعا الإسلام في مصدريه الأساسيين (القرآن والسنة) إلى استعمال الفكر والعقل في جميع أمور الدنيا والدين، للتحرر من ربقة التقليد الأعمى للآباء والأجداد في بناء العقيدة، والاهتداء على الحق الذي لا يقبل الله سواه، وإثبات استقلال الذات أو الشخصية، ولتحمّل مسؤولية الإنسان قراره في اختيار الطريق السوي أو المعوج، ومن أجل بناء الحياة الإنسانية وتقدمها، وعمران الكون، وبقاء النوع البشري القوي، وذلك في نصوص قرآنية كثيرة تدعو إلى إعمال الفكر والعقل وتفعيل دور العلم في نواحي الكون.

وقد تستعمل في القرآن بدلاً من لفظ الحضارة تعابير القلب، والبصيرة، والبصر، والسمع، والفؤاد ونحوها من مفاتيح المعرفة، مثل قول الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190]، وقوله سبحانه وتعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46].

وإعمال الفكر والعقل ظاهرة شائعة في نهايات كثيرة من آيات القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: من الآية 24]، وقوله عز وجل: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الروم: من الآية 28]، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [النحل: من الآية 12].

حتى فى الأعمال الأدبية لم يعد هناك نقد للرواية أو المقال، لكن هناك نقد لصاحب الرواية أو المقال.. ما وزنه؟ من هذا؟

لم يعد أحد حتى يكمل قراءة ما فى يده حتى يبدأ فى تكوين رأي سلبي والهجوم والقذف على صاحب الرأي والكتاب.. لا على ما يقرأ.

أذكركم.. إذا سلبنا حرية التعبير عن الرأي، فسنصير مثل الدابة البكماء التي تقاد إلى المسلخ. - جورج واشنطن.

حرية التعبير حقك في قول ما يعجبك وحق الآخرين في قول ما لا يعجبك - بسام البغدادي.




ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/muhammed-kamel-muhammed/-_13904_b_18415352.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات