تقع المملكة العربية السعودية في قلب مشكلتين كبيرتين يتعرَّض لهما حاليَّاً رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري: مستقبله السياسي، والانهيار الوشيك لإمبراطورية الإنشاءات خاصته، التي بُنِيَت اعتماداً على دعم العائلة السعودية المالكة المُستمِر منذ عقود.
أوقفت شركة سعودي أوجيه للإنشاءات في الرياض، المملوكة بالكامل لأسرة الحريري أعمالَها في المملكة هذا الصيف وفق صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، بعد أن خفضت السعودية الإنفاق على مشاريع البناء الفخمة. وذكر موظفون سابقون أنَّ الشركة تعتمد الآن على الحكومة السعودية، عميلها الرئيس لدفع ملايين الدولارات من المستحقات للموظفين السابقين. وقال مسؤولٌ كبير سابق في الشركة، إنَّ مسؤولين سعوديين يحققون أيضاً في ملفات الشركة المالية.
ولم يستجب لطلبات التعليق كلٌّ من المتحدث باسم الحريري والحكومة السعودية، بالإضافة إلى شركة سعودي أوجيه.
تُعد مشكلات سعودي أوجيه مقياساً لمدى تأثير الرياض على الحريري، وعلامة على علاقته الآخذة في التداعي مع الحكومة السعودية، وهو التحول الذي له تداعياتٌ على لبنان أيضاً.
وفقاً للمحللين، فإنَّ عائلة الحريري قد ساعدت السعودية منذ عقود على التأثير في سياسات لبنان، وذلك بدءاً من رفيق الحريري والد سعد الحريري، الذي أسس شركة سعودي أوجيه، وكان رئيساً للوزراء.
وقال هانز باومان، المتخصص في سياسات الشرق الأوسط بجامعة ليفربول، الذي كتب سيرةً ذاتية عن حياة رفيق الحريري: "لم يكتسب السعوديون نفوذاً داخل المجتمع السني فحسب، بل نفوذاً في توجيه البلاد أيضاً".
وقال المصرفيون الذين عملوا مع الشركة، إنَّ المشكلات التي تواجه أعمال الحريري بدأت منذ ما يقرب من 3 سنوات، عندما بدأت المملكة في التعامل مع تأثير انخفاض أسعار النفط على الموارد المالية العامة.
وبعد تعرّض الشركة لعجزٍ ماليٍّ، توقفت عن دفع الرواتب ابتداءً من عام 2015. ووفقاً لما ذكره مصرفيون وموظفون سابقون، فإنَّ استمرار تأخر الرواتب أدى إلى ترك آلاف العمال المهاجرين -معظمهم من جنوب آسيا- لوظائفهم، والعودة إلى ديارهم. وقالوا إنَّ القوى العاملة التي كان يصل عددها إلى 50 ألف شخصٍ قد تقلّصت إلى الصفر تقريباً، بنهاية يوليو/تموز.
وقال المهندسون الفرنسيون الذين انتقلوا إلى المملكة للعمل في هذه المشاريع، إنَّهم لم يتقاضوا رواتبهم لأكثر من عام، خلال الفترة من 2015 إلى 2016.
وقال الفرنسي فينسينت ليساج، الذي عمل لمدة 7 سنوات في الرياض لصالح شركة سعودي أوجيه، وغادر البلاد لعدم تقاضيه راتبه: "لقد أخلصنا للشركة، ولكنَّها بخست حقنا".
ووفقاً لرسائل اطلعت عليها صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، أدت مشكلات الرواتب إلى تزايد شكاوى الحكومة الفرنسية الموجَّهة إلى سعد الحريري.
وكان السفير الفرنسي في السعودية قد وجَّه إلى الحريري خطاباً، في يونيو/حزيران 2016، جاء فيه أنَّ "دفع الرواتب المتأخرة أصبح أمراً ملحاً، وتشعر السلطات لدينا بالقلق إزاء عدم الوفاء بالوعود التي قطعتها لنا منذ بضعة أسابيع". وتُظهِر الرسائل أنَّ الحريري قال مراراً للدبلوماسيين الفرنسيين، إنَّ شركته تعمل على دفع الرواتب المتأخرة.
وبحسب موظفين ومسؤولين فرنسيين، تدخلت الحكومة السعودية، في سبتمبر/أيلول الماضي، لاحتواء الأزمة الدبلوماسية بسبب مشكلات سعودي أوجيه، ودفعت للموظفين الفرنسيين في الشركة رواتب ما يعادل 9 أشهر، وهو ما كلف المملكة الملايين من اليوروهات.
وقالت كارولين واسرمان، المحامية الباريسية المُوكَّلة عن حوالي 80 موظفاً سابقاً بالشركة، إنَّ سعودي أوجيه لا تزال مدانة بما يقرب من 20 مليون يورو (23.5 مليون دولار)، نظير الرواتب المتأخرة وضرائب الضمان الاجتماعي لموكيلها. وخلال محادثاتٍ مع مسؤولين فرنسيين حول هذا الموضوع، قالت السلطات السعودية إنَّ الحكومة تستعد لدفع ما تبقَّى من أجور الموظفين المتأخرة، وذلك وفقاً لما ذكره مسؤولون فرنسيون حسب ماجاء في تقريري صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.
في الوقت نفسه، وبحسب هوبير باباي، الذي كان يترأس قسم مراقبة التكاليف في سعودي أوجيه آنذاك، طالبت وزارة المالية السعودية الشركة عام 2016 بتقديم عدد كبير من الوثائق حول ممارسات إنفاقها، واستأجرت شركة برايس ووترهاوس كوبرز للمساعدة في مراجعة الحسابات. ولم تَرُد شركة برايس ووترهاوس كوبرز على طلب التعليق.
ويقول المصرفيون الذين عملوا مع الشركة وفق وول ستريت جورنال إنَّهم طرحوا سيناريوهاتٍ مختلفة لإنقاذ المؤسسة، تنوعت ما بين إعادة هيكلة الديون وحصول المملكة على حصة أقلية في الشركة أو تأميمها. وباعت سعودي أوجيه حصتها في بنكٍ أردني مقابل نحو مليار دولار أميركي لجمع الأموال. ولكن يرى المصرفيون أنَّ فرص الشركة لاستعادة أعمالها قد أصبحت ضئيلة الآن. وقد وضعت المحاكم الفرنسية شركة أوجيه الدولية، وهي فرع الشركة في باريس التابع للمجموعة الدولية، تحت الإدارة القضائية، في سبتمبر/أيلول 2016.
بدأت شركة سعودي أوجيه مع جهود رفيق الحريري بعد انتقاله إلى السعودية من لبنان في سن المراهقة. نمت الشركة بسرعة، وعززت موقعها من خلال عقود بناء تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وفَّرتها الأسرة المالكة السعودية. مما سمح لها أن تصبح شركة إنشاءات عملاقة متعددة الجنسيات في ثمانينيات القرن الماضي.
عاد رفيق الحريري إلى لبنان رجلاً غنياً، ودخل المجال السياسي وأصبح رئيساً للوزراء لأول مرة في عام 1992. واستخدم ثروته لتمويل حملته الانتخابية، في حين ساعدته السعودية في بناء شبكة دعم بين الطائفة السُّنِّية اللبنانية.
وتولَّى سعد الحريري إدارة الشركة بعد اغتيال والده بسيارةٍ مفخخة في عام 2005. ومع ارتفاع أسعار النفط في ذلك الوقت، شرعت الحكومة السعودية في إقامة عددٍ كبير من مشروعات البناء، وقدمت للشركة مجموعة جديدة من العقود القيمة. تشمل هذه المشاريع جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن للنساء، ومدينة الملك فهد الطبية، وفندق ريتز كارلتون بالرياض.
أوقفت شركة سعودي أوجيه للإنشاءات في الرياض، المملوكة بالكامل لأسرة الحريري أعمالَها في المملكة هذا الصيف وفق صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، بعد أن خفضت السعودية الإنفاق على مشاريع البناء الفخمة. وذكر موظفون سابقون أنَّ الشركة تعتمد الآن على الحكومة السعودية، عميلها الرئيس لدفع ملايين الدولارات من المستحقات للموظفين السابقين. وقال مسؤولٌ كبير سابق في الشركة، إنَّ مسؤولين سعوديين يحققون أيضاً في ملفات الشركة المالية.
ولم يستجب لطلبات التعليق كلٌّ من المتحدث باسم الحريري والحكومة السعودية، بالإضافة إلى شركة سعودي أوجيه.
سعودي أوجيه مرتبطة بعلاقة الحريري بالرياض
تُعد مشكلات سعودي أوجيه مقياساً لمدى تأثير الرياض على الحريري، وعلامة على علاقته الآخذة في التداعي مع الحكومة السعودية، وهو التحول الذي له تداعياتٌ على لبنان أيضاً.
وفقاً للمحللين، فإنَّ عائلة الحريري قد ساعدت السعودية منذ عقود على التأثير في سياسات لبنان، وذلك بدءاً من رفيق الحريري والد سعد الحريري، الذي أسس شركة سعودي أوجيه، وكان رئيساً للوزراء.
وقال هانز باومان، المتخصص في سياسات الشرق الأوسط بجامعة ليفربول، الذي كتب سيرةً ذاتية عن حياة رفيق الحريري: "لم يكتسب السعوديون نفوذاً داخل المجتمع السني فحسب، بل نفوذاً في توجيه البلاد أيضاً".
وقال المصرفيون الذين عملوا مع الشركة، إنَّ المشكلات التي تواجه أعمال الحريري بدأت منذ ما يقرب من 3 سنوات، عندما بدأت المملكة في التعامل مع تأثير انخفاض أسعار النفط على الموارد المالية العامة.
وبعد تعرّض الشركة لعجزٍ ماليٍّ، توقفت عن دفع الرواتب ابتداءً من عام 2015. ووفقاً لما ذكره مصرفيون وموظفون سابقون، فإنَّ استمرار تأخر الرواتب أدى إلى ترك آلاف العمال المهاجرين -معظمهم من جنوب آسيا- لوظائفهم، والعودة إلى ديارهم. وقالوا إنَّ القوى العاملة التي كان يصل عددها إلى 50 ألف شخصٍ قد تقلّصت إلى الصفر تقريباً، بنهاية يوليو/تموز.
وقال المهندسون الفرنسيون الذين انتقلوا إلى المملكة للعمل في هذه المشاريع، إنَّهم لم يتقاضوا رواتبهم لأكثر من عام، خلال الفترة من 2015 إلى 2016.
وقال الفرنسي فينسينت ليساج، الذي عمل لمدة 7 سنوات في الرياض لصالح شركة سعودي أوجيه، وغادر البلاد لعدم تقاضيه راتبه: "لقد أخلصنا للشركة، ولكنَّها بخست حقنا".
ووفقاً لرسائل اطلعت عليها صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، أدت مشكلات الرواتب إلى تزايد شكاوى الحكومة الفرنسية الموجَّهة إلى سعد الحريري.
مشكلة رواتب الشركة طالبت بها فرنسا أيضاً
وكان السفير الفرنسي في السعودية قد وجَّه إلى الحريري خطاباً، في يونيو/حزيران 2016، جاء فيه أنَّ "دفع الرواتب المتأخرة أصبح أمراً ملحاً، وتشعر السلطات لدينا بالقلق إزاء عدم الوفاء بالوعود التي قطعتها لنا منذ بضعة أسابيع". وتُظهِر الرسائل أنَّ الحريري قال مراراً للدبلوماسيين الفرنسيين، إنَّ شركته تعمل على دفع الرواتب المتأخرة.
وبحسب موظفين ومسؤولين فرنسيين، تدخلت الحكومة السعودية، في سبتمبر/أيلول الماضي، لاحتواء الأزمة الدبلوماسية بسبب مشكلات سعودي أوجيه، ودفعت للموظفين الفرنسيين في الشركة رواتب ما يعادل 9 أشهر، وهو ما كلف المملكة الملايين من اليوروهات.
السعودية دفعت بعد عجز أوجيه
وقالت كارولين واسرمان، المحامية الباريسية المُوكَّلة عن حوالي 80 موظفاً سابقاً بالشركة، إنَّ سعودي أوجيه لا تزال مدانة بما يقرب من 20 مليون يورو (23.5 مليون دولار)، نظير الرواتب المتأخرة وضرائب الضمان الاجتماعي لموكيلها. وخلال محادثاتٍ مع مسؤولين فرنسيين حول هذا الموضوع، قالت السلطات السعودية إنَّ الحكومة تستعد لدفع ما تبقَّى من أجور الموظفين المتأخرة، وذلك وفقاً لما ذكره مسؤولون فرنسيون حسب ماجاء في تقريري صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.
في الوقت نفسه، وبحسب هوبير باباي، الذي كان يترأس قسم مراقبة التكاليف في سعودي أوجيه آنذاك، طالبت وزارة المالية السعودية الشركة عام 2016 بتقديم عدد كبير من الوثائق حول ممارسات إنفاقها، واستأجرت شركة برايس ووترهاوس كوبرز للمساعدة في مراجعة الحسابات. ولم تَرُد شركة برايس ووترهاوس كوبرز على طلب التعليق.
ويقول المصرفيون الذين عملوا مع الشركة وفق وول ستريت جورنال إنَّهم طرحوا سيناريوهاتٍ مختلفة لإنقاذ المؤسسة، تنوعت ما بين إعادة هيكلة الديون وحصول المملكة على حصة أقلية في الشركة أو تأميمها. وباعت سعودي أوجيه حصتها في بنكٍ أردني مقابل نحو مليار دولار أميركي لجمع الأموال. ولكن يرى المصرفيون أنَّ فرص الشركة لاستعادة أعمالها قد أصبحت ضئيلة الآن. وقد وضعت المحاكم الفرنسية شركة أوجيه الدولية، وهي فرع الشركة في باريس التابع للمجموعة الدولية، تحت الإدارة القضائية، في سبتمبر/أيلول 2016.
أوجيه والسعودية أوصلتا الحريري للقمة
بدأت شركة سعودي أوجيه مع جهود رفيق الحريري بعد انتقاله إلى السعودية من لبنان في سن المراهقة. نمت الشركة بسرعة، وعززت موقعها من خلال عقود بناء تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وفَّرتها الأسرة المالكة السعودية. مما سمح لها أن تصبح شركة إنشاءات عملاقة متعددة الجنسيات في ثمانينيات القرن الماضي.
عاد رفيق الحريري إلى لبنان رجلاً غنياً، ودخل المجال السياسي وأصبح رئيساً للوزراء لأول مرة في عام 1992. واستخدم ثروته لتمويل حملته الانتخابية، في حين ساعدته السعودية في بناء شبكة دعم بين الطائفة السُّنِّية اللبنانية.
وتولَّى سعد الحريري إدارة الشركة بعد اغتيال والده بسيارةٍ مفخخة في عام 2005. ومع ارتفاع أسعار النفط في ذلك الوقت، شرعت الحكومة السعودية في إقامة عددٍ كبير من مشروعات البناء، وقدمت للشركة مجموعة جديدة من العقود القيمة. تشمل هذه المشاريع جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن للنساء، ومدينة الملك فهد الطبية، وفندق ريتز كارلتون بالرياض.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/11/25/story_n_18651340.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات