الأحد، 24 ديسمبر 2017

اللص والطفل وعسكر هولم ‎

اللص والطفل وعسكر هولم ‎

أسمعتم من قبلُ عن متلازمة ستوكهولم؟!

يعرّف علماء النفس ظاهرة ستوكهولم بأنها ظاهرة تصيب الضحية عندما يتعاطف أو يتعاون مع من أساء إليه أو يُظهر الولاء له بأي شكل من الأشكال!

فالأيام الماضية حملت بين ثناياها معالم تلك الظاهرة، وسرعان ما أصبحت عدوى بين قطاع كبير من النخبه المحسوبة على معسكر الشرعية، ومع الوقت أصبحت تلك العدوى أشبه بقصة الملك الذي عندما أصابه مرض في أنفه وأمر الطبيب بقطعها، فما كان منه إلا أن يأمر بقطع أنوف عامة الشعب؛ لئلا يسخروا منه!
فسرعان ما أصبحت عادةً يتباهى بها العامة، حتى لو جاءهم من لم يصبه ساطور الطبيب، تعالت ضحكات هؤلاء البؤساء سخريةً من ذلك الشيء المتدلى من وجهه!

فما أشبه هذه بتلك.. فاليوم رأينا بعض المحسوبين على معسكر رافضي الانقلاب وهم يسارعون بقطع أنوفهم أسوة بفلول النظام البائد ويقدمون فروض الولاء والتعاطف مع مهندسي الانقلاب، بدايةً من "الفريق شفيق" بمجرد أن نال جزاء سنمار؛ حيث رحلته السلطات الإماراتية إلى مصر، مروراً بـ"العقيد أحمد قنصوه"، وأخيراً بالمرشح السابق "خالد علي"!

ولم تتوقف المهزلة، فرأيناهم يزيدون الطين بلّة، ويكيلون السخرية والاتهامات لمن رفضوا التنازل عن شرعية رئيسهم المختطف!

تلك المهزلة التي من الممكن أن نسميها مجازا بـ"متلازمة عسكر هولم"!

أعلم أنه من الطبيعي أن نتعاطف مع شفيق كمواطن مظلوم (على فرض صحة أنه مظلوم!)، ولكن هذا لا يعطيك الحق في أن تتناسى الدماء التي سالت في عهده بموقعة الجمل، وتعطي ظهرك لتفويضه للانقلاب بأن يقتلك ويستبيح عرضك ويتفاخر بذلك، وتتجاهل تصريحاته بشأن التآمر على الرئيس مرسي ومقابلته لمسؤولين أميركان؛ لإقناعهم بضرورة الانقلاب على أول تجربة ديمقراطية في تاريخ البلاد كما قال هو بلسانه، وأن تضرب بعرض الحائط قضايا الفساد التي أخرجها النائب المعتقل عصام سلطان والتي يشيب لها الجنين في بطن أمه.

ولا يمكن بأي حال من الأحوال، أن تغض الطرف عن خطاياه التي انغمس فيها بإرادته خلال مسيرته المهنية والسياسية، والتي من الممكن على أي باحث أن يزنها بالكيلوغرامات!

شفيق الذي خرج بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية التي شهد العالم كله بنزاهتها؛ ليؤكد أنه هو الفائز الحقيقي وأن الانتخابات تم تزويرها. وعندما سأله المذيع: لِم لم تلجأ إلى القضاء؟! قال له نصً: "زمان كانوا بيعلمونا وإحنا أطفال، لو حرامي دخل عليك البيت وانت نايم... اعمل نفسك نايم وسيبه يسرق، إوعى تصحى تواجهه عشان ما يقتلكش".

أجل، تلك هي سياسة شفيق في المواجهات: "سيبه يسرق عشان ما يقتلكش"، طبعاً مع تحفظي على اتهام الإخوان بتزوير الانتخابات.

وعلى الجانب الآخر من مولد الانتخابات الذي غاب عنه صاحبه، حيث ابتلعته أحد الزنازين، يقف المرشح المدني خالد علي، ذلك المرشح الذي تميز بالرقص في المناطق الرمادية.. فلا تدرى أهو مع النظام كما تؤكد الشواهد، أم ضده كما يروج بعض مقطوعي الأنف!

رأيناه واقفاً على كتف أحد المتظاهرين في "جمعة الأرض" يتباهي ويتبختر. وما إن انتهى من رقصته حتى أمر الشباب بالعودة إلى منازلهم، فكانت النتيجة هي أن وصلت "تيران وصنافير" إلى أحضان السعودية بسلام وفوق ذلك جمهور عريض من المعتقلين الذين اختفوا في شربة ماء!، فحالة كهذه لا تستطيع إلا أن تقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله"!

وفي الركن الأخير للمولد، يقف شبحُ جنرالٍ، ما إن أعلن نيته الترشح حتى ابتلعته البزة العسكرية إلى حيث لا نعلم!

وبين هذا وذاك، يقف المعسكر الرافض للانقلاب في نقطة التمركز، الكل يريد الاقتراب فقط لينال أكبر عدد من المؤيدين، ويكأنهم سيخوضون التحدي في انتخابات حقيقية! ويكأنهم لا يعلمون النتيجة مسبقاً! ولسوء الحظ ويساعده في ذلك بعض النخبة التي قفزت وغردت خارج عباءة الشرعية.

يسألني المذيع في لقاء تلفزيوني: ما خطتك للخروج من الأزمة؟ أعجز عن الرد، بالطبع لا أعلم، وكيف أعلم إذا كان أعتى القيادات نفسها على مدار 4 سنوات لا تعلم!

عصيان مدني؟! وكيف يكون للانقطاع عن العمل مكان وسط شعب يصوم لأجل توفير الجنيه!

مقاطعة منتجات الانقلاب ومؤيديه؟! وكيف تكون للمقاطعة مكان وسط لفيف آخر من الشعب يعيش ليأكل، لا يأكل ليعيش!

اصطفاف؟! مع من نصطف؟! وجميعهم قطعوا أنوفهم لأحد المرشحين!

لا أدري حقاً.. وإن كان منكم من يدرى فليخبرني، ولكن ما أعلمه هو أننا يجب أن نقف مع الرئيس المختطف في محنته التي يواجه فيها الظلم والغدر والبرد والمرض بصدرٍ عارٍ، وأن نتضامن مع المعتقلين وذويهم وأن نساعدهم مادياً ومنعوياً، وأن نفضح جرائم الانقلاب محلياً ودولياً بكل الطرق الممكنة وألا نتعجل الخطى.


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/shrouk-ezzeldeen-ahmed-/post_16621_b_18905986.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات