الأحد، 31 ديسمبر 2017

شيعة وصوفية وسلفيون

شيعة وصوفية وسلفيون

يعتبر التصنيف الأدق والأحد للمسلمين هو أنهم على ثلاثة أوجه شيعة وصوفية وسلفيين؛ حيث إن التصنيف الأعم السابق كان يحتوي على مجموعتين بين شيعة وسنة، إلا أن الأكثر دقة وتحديداً، لا بد أن يصنف الصوفية كمجموعة ليست من كلا الاثنين.

وليس هنا بمجال أو مقام لتحرير نشأة كل من الثلاثة، أو تأصيل وجود كل فرقة، ولا حتى محاولة ترجيح كفة أو تأييد رأي، وإنما نحاول أن نعرض وندقق فيما بينهم من اختلافات قد تبدو ظاهرية أو سطحية، ولكنها تمس جوهر العبادة وحقيقة العقيدة.

أول ما نستطيع الولوج إليه هو عقيدة كل من الثلاث فرق، ففي حين أنهم حقاً يؤمنون بإله واحد يعبدون، وبرسالة كان الرسول محمد هو مبلغها، إلا أنهم بعد ذلك يختلفون، فالأمر لدى السلفيين واضح جلي أن محمد كان حاملاً لرسالة ومؤدياً لأمانة، وشرفه وقدره ينبعان ويرتبطان بالرسالة ولا يزيدان عنها شيئاً.

أما الصوفية فتراهم يستزيدون من فضل محمد ويصلون بين محمد وبين رسالته ويرون أنه أصل الأنوار، ومنبع الأسرار، ويزيد الشيعة على ذلك حتى يصلوا بالنور والفضل إلى كل آل البيت، ويخصون منهم البعض بالتبجيل والاحترام، وما يزيد عن ذلك بما قد يتجاوز الرسالة ومبلغها.

وتظهر أدبيات كل مجموع عن حقيقة توجهاته، فعند الصوفية تجد الغوث والمدد: يا محمد، في حين عند الشيعة نجد أن آل البيت هم الملجأ والمنقذ.

أما السلفيون فالأمر مقتصر تماماً فلا وسيلة للزلفى لله إلا الله، وما ثبت من فرائضه، ولا تقرب للخالق بمخلوق أياً كان بل يعدون ذلك شركاً وخروجاً عن الملة.

أيضاً تجد في الأدبيات مفارق أخرى مثلاً عند الصوفية، تجد مليء الحديث حلاوة الإيمان، ومن ذاق عرف، وكثير الكرامات عن الأولياء والصالحين، فهناك بهجة تعم حديث الصوفية واضحة، وأمن وسلام روحاني، بينما عند الشيعة تضج مجالسهم بالبكائيات على الحسين وأولاده، وبالتعلق بالإمام الغائب، وتؤمن أغلب فرقهم بحتمية عودته، والكرامات والمعجزات عندهم قصراً على آل البيت.

أما السلفيون فتقتصر أدبياتهم على قرآن وحديث نبوي، وينكرون تماماً أي نوع من الكرامات أو الأعمال الخارقة أو كشف الغيب.

وتأتي السياسة لتزيد الفرقة والاختلاف، فبينما تجد الصوفية يبتعدون تماماً صادقين عن دروب السياسة، بل يعدونها من الشرور والابتلاءات، فهم في نقاء بالغ يرون أن ذكرهم لله وحبهم لرسوله لهو الفوز العظيم دنيا وآخرة، ولا يجب أن يشغلهم عن ذلك شاغل.

أما السلفيون فهم يرونه فرضاً وطريق فرض لإقامة حكم الله، وتطبيق شرعه وتنفيذ أمره بأن الحاكمية لله، وطريقاً لإقامة دولة إسلامية هي المبتغى، ويعدون الجهاد فريضة غائبة، ومن مات في سبيل إقامة الحكم فهو شهيد، وعليه فهم يعتبرون السياسة هي ميدان جهادهم، ومحراب تعبدهم.

ويليهم في ذلك أهل الشيعة الذين لا يفرقون البتة بين الإمام في الصلاة والحاكم في الدولة ،فيؤمنون بولاية الإمام، ويطبقونها تطبيقاً مصمتاً، وأيضاً لا يدخرون روحاً أو جهداً أو مالاً في سبيل إقامة دولة شيعية تضرب في أركانها العتبات المقدسة والمجالس الحسينية.

السلفيون لا يتبركون ولا يقصدون إلا الكعبة، بيت الله، ويجزمون بضلال ما عدا ذلك حتى زيارة قبر الرسول محمد لا تتعدى عندهم المرور على الباب، وذلك على حين تجد الشيعة يكاد يحجون إلى عتباتهم المقدسة، فقبر كل جسد من نسل الحسين هو مقدس، ومحل طلب شفاعة، ومكان توسل، وبالطبع تندرج في قائمة العتبات المقدسة قبور كثير من الأئمة؛ إذ إنهم ينتسبون لذرية الحسين الحفيد المبارك لمحمد الرسول.

وللصوفية أيضاً أضرحتهم، وكلّ وطريقته، ولكل طريقة إمام، ولكل إمام ولد، ولكل ضريح ومقام واجب الزيارة، ومأمول الشفاعة، وأيضاً لا تراهم ينسوْن آل البيت في هذا الترتيب، ولكن يعمون آل البيت ولا يخصون أو يفردون أحداً منهم.

وعلى الخريطة نجد ثلاثتهم يتقاربون ويتجاورون ولكن غير مندمجين، فعلى حين تتركز الشيعة في بلاد العراق وإيران التي كانت فيما سبق بلاد الفرس، وأيضاً البحرين ثم يليهم في الخليج السلفيون بمذهبهم الوهابي، الذي يعد بوتقة أفكارهم ومعتقداتهم، تراهم في السعودية وقطر وبقية بلدان الخليج، وصولاً غرباً إلى القاهرة التي يغلب عليها الطابع السلفي، ويبدأ عندها الوجود الصوفي؛ ليتجلى في بلاد المغرب.

وأجد في الأمر طرفة واجبة التسجيل؛ إذ أجدني أنظر إلى ثلاثة من أصدقائي المقربين، فهذا الشيعي يقول لي في أحد حواراتنا وهل يرضيك ما حدث يوم السقيفة؟ بينما لا يترك صديقي الصوفي فرصة إلا ويقص على مسامعي كرامة مجذوب أو خارقة ولي، أما صديقي السلفي ففي حدة لا تفارقه يصف كليهما بالعقيدة الفاسدة



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/mostafa-sorour/story_b_18880814.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات