استياء هوليوود من Netflix يخفي رعباً وجودياً.. الأرفف مصير الأفلام التي لا تنتجها!
إذا كنت من عشاق السينما فعليك أن تقلق من هذا الكيان الذي يهدد بالقضاء على الفن السابع.
إذ يبدو أَن استياء هوليوود من Netflix ما هو إلا رد فعل يظهر خوفاً وجودياً من هذه الشركة التي تغرق المشاهدين بأفلامها عبر الإنترنت.
الكاتب والناقد الفني الإسكتلندي جيريمي فيرتشو، ناقش في مقالة له في صحيفة Guardian البريطانية لغضب الهوليوودي من الشبكة وسبب اتجاه الشركة للتوسع للإنتاج في مواجهة هذا العداء.
ويقول فيرتشو: لطالما كانت الأفلام جزءاً من تكوين شركة Netflix. فقد بدَّلت الشركة هويتها من تأجير أقراص الـ"دي في دي" عبر الطرود البريدية إلى تقديم نفسها باعتبارها شركة بث عبر الإنترنت.
من ساعي بريد لمنتج عملاق
VIDEO
فمنذ وقت ليس ببعيد، كان باستطاعة زبائن الشركة إضافة فيلم مثل Men in Black إلى قائمة رغباتهم من Netflix ، فينتظرون بضعة أيام حتى يصل قرص الفيلم بجودة Blu Rayإلى صندوق بريدهم.
ولكن في عام 2017، لم تعد الشركة توزع أفلام ويل سميث عبر البريد، بل تصنعها.
فقد بدأ يوم 22 ديسمبر/كانون الأول 2017، في جميع أنحاء العالم، عرض فيلم النجم الأسمر الجديد Bright، فيلم الفانتازيا الذي ينتمي إلى نوع أفلام الحركة والإثارة، لكن لا يحدُّه تصنيف معين.
وبلغت ميزانية الفيلم 90 مليون دولار أميركي، وهو من إخراج ديفيد أير (مخرج فيلم Suicide Squad) وبطولة ويل سميث، الذي يقوم بدور شرطي ذي نزوات غريبة في شرطة "لوس أنجليس" وشريكه في العمل الشُرَطي مخلوقٌ أسطوري.
بنجم مخضرم من نجوم الصف الأول، وحملة تسويقية ضخمة، وأغنيات تصويرية يغنيها Migos وBastille و"سنوب دوغ"، ربما تكون الشبكة قد وصلت بـ Bright إلى مصاف إنتاج فيلم هوليوودي حقيقي من الأفلام ذات الإنتاج الضخم.
لكن الفيلم مجرد إضافة رفيعة المستوى إلى مكتبة محتوى مزدحمة، أضافت إليها Netflix أكثر من 60 فيلماً هذا العام 2017، كلها يُطلق عليها وصف برَّاق هو "أفلامNetflix الأصلية"، أي أن الشركة اشترت حقوق عرضها الحصرية بعد تصويرها، أو كانت هي من كلَّف الاستوديوهات بإنتاجها من البداية.
وفي عام 2018، سيزيد هذا العدد إلى 80، وفقاً للخطة التي أعلنتها الشركة.
بذخ
إعلان طرح 80 فيلماً في عام واحد يُعد إعلاناً يتسم بالبذخ، حتى لو كان صاحبه شركة إنتاج فني تملك ميزانية ضخمة، يقوم عملها على إعادة بث إنتاج شركات الأفلام والمسلسلات الكبرى على شبكة الإنترنت.
للمقارنة فإنه تجدر معرفة أنه العام نفسه أي، 2018، ستطرح "ديزني" 12 فيلماً، من بينها جزآن جديدان في سلسلة أبطال Marvel (مارفل) وStar Wars (حرب النجوم).
أما شركة Warner Bros فستطرح نحو 20 فيلماً، وحتَّى شركة Blumhouse، التي تتلقى ثناءً لقدرتها على إنتاج أفلام جيدة الصناعة بميزانيات ضئيلة، تطرح في المتوسط 10 أفلام في العام الواحد.
سبب هذه الهرولة
إذاً لماذا تطمح Netflix إلى طرح فيلمين كل أسبوع؟
السبب أَن اعتماد شركات البث عبر الإنترنت مثل Netflix على اتفاقات طويلة المدة لإعادة بث محتوًى لم تنتجه لم يعُد استراتيجية حكيمة؛ إذ إنَّ شركات الإنتاج الفني بدأت تدرك أنَّ حماية ملكياتها الفكرية بكل ما أوتيت من قوة له قيمة أكبر من منح حقوق إعادة عرضها لشبكات البث عبر الإنترنت.
وربَّما لا يجب أن نندهش من أنَّ مديري Netflix أدركوا أهمية تحويل شركتهم إلى شبكة متكاملة رأسياً: تتحكم في كافة مراحل إنتاج محتواها، وتعديله، وتوزيعه، فطريقة التفكير هذه وقفت وراء إنتاج مسلسل Narcos الشهير.
حين تحوَّلت Netflix إلى صناعة مسلسلاتها التلفزيونية الأصلية في عام 2012، كان يحق لها ادعاء إحداث ثورة حقيقية في السوق؛ فقد أسَّس مسلسلا الشبكة الشهيرين House of Cards و Orange Is the New Black لنموذج جديد مبهر يقوم على نمط المشاهدة التتابعية لمواسم كاملة حين تُطرح كل الحلقات في اليوم نفسه.
تبنَّت مؤسسات عريقة أخرى مثل BBC و Sky هذا النموذج في أعمالٍ معينة.
وقد شقَّت Netflix أيضاً طريقها إلى حصد الجوائز الفنية الرفيعة في مجال التلفزيون في وقتٍ قصيرٍ جداً، فقد فازت هذا العام 2017 بـ20 من جوائز الإيمي من بين 92 ترشيحاً، ولم يتفوَّق عليها في عدد الجوائز والترشيحات إلا شبكة HBO.
ممانعة هوليوودية
لكنَّ مجتمع صناعة الأفلام في هوليوود أظهر ممانعةً أكبر في منح أفلام Netflix أي جوائز، والسبب الرئيس في هذا هو أنّّ الشبكة لا تكترث إطلاقاً للنموذج التقليدي للتوزيع السينمائي، مع أنَّه ربَّما يكون الأكثر راحةً بالنسبة للمشاهدين.
هذا النموذج، يطرح الأفلام التي كان مكانها التقليدي هو السينما إلى جانب مسلسلات الـ"سيت كوم" العائلية، أزعج مخرجين مخضرمين مثل جيمس كاميرون وكريستوفر نولان، وقال الأخير إن هذه الاستراتيجية "تحط من قدر الأفلام".
وعلى عكس Netflix، تبنَّى قسم إنتاج الأفلام في أمازون، الذي يقدِّم إنتاجاً أقل بكثير من نتفليكس، استراتيجية مختلفة تجعله وكأنَّه ذراع توزيعية لاستوديو هوليوودي كبير؛ فأفلام أمازون تُعرض في السينمات لمدة قصيرة، ثم تُتاح على الإنترنت بعد العرض في السينما بمدة طويلة نسبياً.
هذه الاستراتيجية مكَّنت أمازون من الفوز بمعركة الجوائز السينمائية؛ فقد رُشِّح Manchester By the Sea لـ6 جوائز أوسكار وفاز باثنتين منها، إحداهما جائزة أفضل ممثل.
ويحاول منافسون محتملون آخرون الدخول إلى حلبة الصراع؛ فديزني، التي تملك مكتبة ضخمة من أفلام Pixar وMarvel وStar Wars وغيرها الكثير، ستطلق خدمتها الخاصة للبث عبر الإنترنت في عام 2019.
Netflix ستحتاج إلى ضمان احتواء مكتبتها على عدد كبير من الأفلام والمسلسلات الأصلية إذا كانت تريد تشجيع مشتركيها في جميع أنحاء العالم، الذين يبلغ عددهم 110 ملايين، إلى الاستمرار في دفع الاشتراك الشهري.
ولكن مقال Guardian يلفت إلى أن التدفُّق الكبير لـ"أفلام Netflix الاصلية"، والطرق المختلفة التي اتَّبعتها الشركة في الحصول على الحقوق الحصرية لعرض الأفلام أو في تكليف شركات الإنتاج بتصويرها، يعنيان أنَّه لا توجد سمة مميزة تجمع الأفلام التي تنتجها نتفليكس.
فهذا العام 2017 على سبيل المثال، قدَّمت لنا الشركة أفلاماً متنوعةً، من الفيلم الذي كان نجم مهرجان Sundance لهذا العام I Don’t Feel at Home in This World Anymore إلى Naked، الفيلم الكوميدي من بطولة مارلون وايانز، وقدَّمت لمحبي السينما Okja وThe Meyerowitz Stories (New and Selected)، وأثارت حقد الكثيرين في مهرجان كان السينمائي.
وجرَّبت Netflix أيضاً حظها مع المانغا اليابانية بفيلم Death Note، وقدَّمت أفلام إثارة لم تحظ بكثير من التقدير، مثل Wheelman الذي قام ببطولته فرانك غريلو، ومدَّت Netflix أيضاً عقدها الحصري مع آدم ساندلر لتصوير 4 أعمال جديدة.
يمكن القول هذا العام أن الشركة جلبت لنا كل شيء، إذاً ما السمة المميزة لفيلم تنتجه نتفليكس؟، يرد فيرتشو على هذا السؤال الذي طرحه قائلاً "أي شيء سيُعرض في مخطط عرض لا يتوقف".
فهذا الأسبوع سيكون Bright، وفي وقتٍ ما من عام 2019 سيكون فيلم The Irishman، من إخراج "مارتن سكورسيزي" وبطولة "روبرت دي نيرو".
ويعلق الناقد الإسكتلندي على هذه الاستراتيجية قاىلاً: قد لا يُرضي عالم هوليوود القائم على تمجيد الذات ورسم هالةٍ من الأسطورية بالوجودُ في أحد أرفف مكتبة محتوى Netflix بين عددٍ هائلٍ من العناوين الأخرى، لكن بالنسبة إلى منتج أفلام غير هوليوود، ربَّما يكون هذا كافياً جداً.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/12/25/story_n_18907256.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات