كتاب يشكل قصيدة نثرية فائقة العذوبة كتبها الابن الأسير في سجون الصهاينة محمد ناجي عن والده الأستاذ ناجي صبحة، ويبدو أن الابن ضالع في التأليف فهذا هو كتابه التاسع، من الواضح أن الأب قد ورث أبناءه حمل عبء تحرير فلسطين وإعداد أهلها لمنازلة الصهاينة، وعلى أن يكونوا جميعاً في مقدمة الصفوف المجاهدة.
جمع المؤلف نسبة كبيرة مما كتبه عن والده من شهادة الرفاق الذين تمكن من التواصل معهم رغم كل القيود التي تعيق الأسرى عن أعمال كالتأليف، فالصهاينة يعادون الورقة والقلم كما يعادون السلاح، وكم أعدموا مذكرات ومقالات عثر عليها سجانوهم مع الأسرى، وقد أعاق التعسف الصهيوني الأب والابن عن تسجيل الكثير من محطات حياتهما الحافلة والتي تشكل حكاية جهاد وبطولة، ولذا فقد قضى الأب حياته إما سجيناً أو ممنوعاً من السفر، وخلال حياته منذ الاحتلال الصهيوني عام 1967 وحتى وفاته في أخريات عام 2004، لم تسمح له السلطات العبرية بالسفر خارج الوطن إلا في المرة الوحيدة التي أدى فيها فريضة الحج.
وقد استمر هذا المنع رغم إصابته بسرطان الدم الذي لم يكن ممكناً علاجه في الضفة الغربية واحتاج معه للسفر إلى الأردن فمُنع، وهكذا قضى صابراً شامخاً، ومسألة منع ناجي صبحة من السفر غريبة في استمرارها ولم تنطبق على غيره من القادة في الحركة الإسلامية الذين كان معظمهم يسافرون بسهولة، خاصة قبل إعلان حركة حماس، وقد تداولت مع صديق سبب انفراد الأستاذ ناجي بعقوبة كهذه، فلم نجد مبرراً إلا ما قرأناه عن قضية الأسلحة التي حُقق معه فيها، والتي كان يخبئها منذ أوائل السبعينيات، والتي أصر الأستاذ ناجي على الإنكار فيها رغم أن كل من في هذه القضية قد اعترف عليه، لكن الطود الشامخ لم يعترف بشيء، وعندما احتاجت حركة حماس في بدايتها لتأسيس جهاز عسكري لحماية الحركة يتخصص في الأمن والحماية واحتاج المجاهدون سلاحاً أخرج الأستاذ ناجي ما في عهدته من بضع قطع رشاشة، كان لها الدور الأساسي في حماية الحركة وتأمين وجودها عندما كان وجودها غضاً، ويفخر الابن بأن هذا السلاح لم يتسبب في إراقة نقطة دم فلسطينية واحدة، وهذا ما يشعرك بالفهم العميق للمسؤولية المترتبة على حمل السلاح.
حياة الأستاذ ناجي صبحة
الأستاذ ناجي من عنبتا القرية التي تتبع مدينة طولكرم، وقد تفتح وعيه المبكر على ذكريات ثورة 1936، حيث كان المجاهد عبد الرحيم الحاج محمد أبرز قادتها من وجوه منطقة طولكرم، كما أن بيت العائلة في عنبتا كان مجاوراً لبيت الشهيد الشاعر الفلسطيني عبد الرحيم محمود الذي اشتهر قبل استشهاده بمجموعة من القصائد، تحفظ منها الأجيال الفلسطينية قصيدة: سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى.
وذاعت أيضاً قصيدته التي ألقاها في حضور الأمير سعود بن عبد العزيز (الملك) وقد جاء لزيارة الأقصى (لمسجد الأقصى أجئت تزوره أم جئت من قبل الوداع تودعه؟)، وبالتأكيد فقد أثر هذا في بناء الأستاذ ناجي، وقد تعرف على حركة الإخوان المسلمين مبكراً وأهَّله مجهوده ليكون من قادتها، وبفضل ذلك كان للحركة مركز في عنبتا زاره قادة الإخوان الكبار أمثال القاضي حسن الهضيبي....
وكعادة الإخوان عمل الأستاذ ناجي مبكراً في التدريس والمكتبات وعُني بالتأليف، وتقلب أستاذاً في مجموعة من مدارس الضفة، وشارك في تأسيس بعض المدارس الخاصة، ثم أنشأ مكتبة دار الفكر في نابلس وعمل بعد تخرجه في جامعة دمشق التي كان منتسباً إليها أميناً لمكتبة جامعة النجاح ومحاضراً فيها بعد حصوله علي الماجستير، وقد لفت نظري أنه ألَّف كتاباً بعنوان مفكرة الأيام الإسلامية، ويعرض الكتاب أيام العام الهجري بالترتيب وفي كل يوم تفصيل عن أحداثه في التاريخ وطبع الكتاب ثلاث طبعات فيما يزيد على أربعمائة صفحة.
قضى الأستاذ حياته متنقلاً بين مكتبة جامعة النجاح ومكتبة دار الفكر التي يملكها، وبيته الذي يحوي غرفة خاصة بالكتب التي تكاثرت فأخذت جزءاً من غرفة نومه ومجلسه، ولعل هذا سبب رئيسي في أن ابنه الأسير محمد مؤلف الكتاب الذي نعرضه قد ألَّف حوالي عشرة كتب رغم سجنه المتكرر وعمله الجهادي الدائم.
إلى ذلك فالأستاذ ناجي شاعر ويحوي الكتاب مجموعة من أشعاره وقد صدر له ديوان شعر بعنوان جراحات، وربما يصدر له غيره، وفيما قرأت من أشعاره ما يكفي صدقه وحرارة عاطفته نحو فلسطين والأقصى والجهاد لإشعال ثورة ضد الصهاينة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وهناك الكثير مما تناثر بين قصائده من الأبيات ما يحفل بدرجة رفيعة من الفن، وربما لو أعطى الأستاذ ناجي مزيداً من الوقت لموهبته الشعرية لرأيْناه يتصدر لزعامة قبيلة شعراء فلسطين.
إلى ذلك فإنك تشعر مما نقله الابن عن أبيه كيف كان ناجي مربياً في بيته بنفس كفاءته وهو يربي في مجتمعه، ولعله قد جمع في هذا ما صعب جمعه على الكثير ممن عرفنا من قادة الحركة الإسلامية.
الأب في السجون الإسرائيلية
قضى الأب كما الابن في سجون الصهاينة فترات كثيرة من حياته وتفنن المعتدي في إيقاع العذاب بناجي، حتى إنه أصيب في إحدى المرات بشلل نصفي مؤقت وهو الصامد، كما كان يحتجز في ممرات للمجاري للتأثير على معنوياته، وجاء الاحتلال مرة بزوجته وأخرى بابنيه الصغيرين عندما كانا في سن السابعة ليعذب كل أفراد الأسرة آملين أن يحطموا شموخ الأب فما نالوا منه شيئاً، قال لزوجته في المرة التي أتوا له بها في السجن ليبتزوه بتعذيبها أمامه: إنهم يسألونني عما لا أعرف له جواباً، ومهما فعلوا فإنني سأبقى لا أجيب على ما لا أعرف، موقف رائع يشجع فيه زوجته على الصمود.
ورغم التعذيب يبدو لي أن الأستاذ ناجي كان صاحب طرفة لا تخونه حتى وهو في أحلك الظروف، أُتي به مرة ليشهد أمام ما يُعرف بجهاز كشف الكذب فقال أمامه إن اسم أمه حليمة رغم أن اسم أمه مريم؛ ليختبر جهاز كشف الكذب فأخفق الجهاز في اكتشاف الكذبة، ورغم دلالة ذلك على روحه الفكهة، فإنه يدل على شموخه، فجهاز كشف الكذب يكشف ما يطرأ على علامات الجسم الحيوية من تغير حين تتعرض للحرج، لكن ناجينا كان أكثر بطولة من أن يدع لجسمه أي فرصة للضعف، ثم قام هو بتفتيت معنويات المحقق، ففي نهاية التحقيق قال هو للمحقق: لو كان جهازك يكتشف الكذب حقاً لاكتشفني حين لم أذكر له اسم أمي الصحيح، وهكذا فإن المحقق هو الذي انهار!
أدواره التنظيمية وتأسيس حماس:
تقلب الأستاذ ناجي في كافة المناصب القيادية لحركة الإخوان، وكان من الذين أسسوا للحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر الذي جاء نتاج غرسه الشيوخ رائد صلاح وكمال الخطيب وغيرهم، وكان له دور في بناء الجهاز الأمني لحركة حماس، كما أنه من مؤسسي جمعية علماء فلسطين، لكن أهم أدواره هو في تأسيس حماس، الرواية المشهورة هي اجتماع قياديي حماس في غزة وليس بينهم أحد من الضفة الغربية واتخاذهم قراراً بتأسيس جسم جهادي يتفرغ لتحرير فلسطين، بعد أن ملّ الناس الانتظار وصاروا يعّرضون بمن تقاعس من الإخوان في ذلك.
لكن هذا الكتاب يعزز رواية الدكتور عدنان مسودي الذي يؤكد أن الجلسة التأسيسية لبناء حماس كانت في شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 1987 وهو تاريخ سابق على التاريخ المعلن عن الرواية التي أشرنا إليها، وحضرها من غزه الأستاذ إبراهيم اليازوري والشيخ عبد الفتاح دخان وكان الباقي من الضفة مثل: عدنان مسودي والشيخ ناجي صبحة والمهندس حسن القيق، وجاء الاقتراح من الأستاذ ناجي بتأسيس حركة لتحرير فلسطين وقد تمت الموافقة عليه، وبعد ذلك اقترحت تسمية حماس من قبل المهندس القيق، وهكذا استعاد الإخوان دورهم في الجهاد على أراضي فلسطين، وهو الدور الذي يرى البعض أنه اقتصر على التربية غير القتالية زمناً طال أكثر مما ينبغي، بعد تجرية معسكرات الشيوخ في الأردن التي انتهت عام 1970.
وأخيراً.. من الصعب أن أخلص من سحر الأستاذ ناجي بعد قراءتي لهذا الكتاب، الذي كنت أتمنى لو أتيح للابن أن يفصل فيه أكثر، لكنني لا أمل شكر الابن الأسير محمد ناجي على هذا الكتاب الذي أسر قلبي عن أبيه.
الكتاب صدر في عام 2013 ولا يحوي أية تفاصيل عن دار النشر، ولا أملك إلا الاعتذار إن لم أتمكن من إيفاء الأستاذ ناجي والأسير محمد ناجي بعض ما يستحقانه منا من الوفاء.
جمع المؤلف نسبة كبيرة مما كتبه عن والده من شهادة الرفاق الذين تمكن من التواصل معهم رغم كل القيود التي تعيق الأسرى عن أعمال كالتأليف، فالصهاينة يعادون الورقة والقلم كما يعادون السلاح، وكم أعدموا مذكرات ومقالات عثر عليها سجانوهم مع الأسرى، وقد أعاق التعسف الصهيوني الأب والابن عن تسجيل الكثير من محطات حياتهما الحافلة والتي تشكل حكاية جهاد وبطولة، ولذا فقد قضى الأب حياته إما سجيناً أو ممنوعاً من السفر، وخلال حياته منذ الاحتلال الصهيوني عام 1967 وحتى وفاته في أخريات عام 2004، لم تسمح له السلطات العبرية بالسفر خارج الوطن إلا في المرة الوحيدة التي أدى فيها فريضة الحج.
وقد استمر هذا المنع رغم إصابته بسرطان الدم الذي لم يكن ممكناً علاجه في الضفة الغربية واحتاج معه للسفر إلى الأردن فمُنع، وهكذا قضى صابراً شامخاً، ومسألة منع ناجي صبحة من السفر غريبة في استمرارها ولم تنطبق على غيره من القادة في الحركة الإسلامية الذين كان معظمهم يسافرون بسهولة، خاصة قبل إعلان حركة حماس، وقد تداولت مع صديق سبب انفراد الأستاذ ناجي بعقوبة كهذه، فلم نجد مبرراً إلا ما قرأناه عن قضية الأسلحة التي حُقق معه فيها، والتي كان يخبئها منذ أوائل السبعينيات، والتي أصر الأستاذ ناجي على الإنكار فيها رغم أن كل من في هذه القضية قد اعترف عليه، لكن الطود الشامخ لم يعترف بشيء، وعندما احتاجت حركة حماس في بدايتها لتأسيس جهاز عسكري لحماية الحركة يتخصص في الأمن والحماية واحتاج المجاهدون سلاحاً أخرج الأستاذ ناجي ما في عهدته من بضع قطع رشاشة، كان لها الدور الأساسي في حماية الحركة وتأمين وجودها عندما كان وجودها غضاً، ويفخر الابن بأن هذا السلاح لم يتسبب في إراقة نقطة دم فلسطينية واحدة، وهذا ما يشعرك بالفهم العميق للمسؤولية المترتبة على حمل السلاح.
حياة الأستاذ ناجي صبحة
الأستاذ ناجي من عنبتا القرية التي تتبع مدينة طولكرم، وقد تفتح وعيه المبكر على ذكريات ثورة 1936، حيث كان المجاهد عبد الرحيم الحاج محمد أبرز قادتها من وجوه منطقة طولكرم، كما أن بيت العائلة في عنبتا كان مجاوراً لبيت الشهيد الشاعر الفلسطيني عبد الرحيم محمود الذي اشتهر قبل استشهاده بمجموعة من القصائد، تحفظ منها الأجيال الفلسطينية قصيدة: سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى.
وذاعت أيضاً قصيدته التي ألقاها في حضور الأمير سعود بن عبد العزيز (الملك) وقد جاء لزيارة الأقصى (لمسجد الأقصى أجئت تزوره أم جئت من قبل الوداع تودعه؟)، وبالتأكيد فقد أثر هذا في بناء الأستاذ ناجي، وقد تعرف على حركة الإخوان المسلمين مبكراً وأهَّله مجهوده ليكون من قادتها، وبفضل ذلك كان للحركة مركز في عنبتا زاره قادة الإخوان الكبار أمثال القاضي حسن الهضيبي....
وكعادة الإخوان عمل الأستاذ ناجي مبكراً في التدريس والمكتبات وعُني بالتأليف، وتقلب أستاذاً في مجموعة من مدارس الضفة، وشارك في تأسيس بعض المدارس الخاصة، ثم أنشأ مكتبة دار الفكر في نابلس وعمل بعد تخرجه في جامعة دمشق التي كان منتسباً إليها أميناً لمكتبة جامعة النجاح ومحاضراً فيها بعد حصوله علي الماجستير، وقد لفت نظري أنه ألَّف كتاباً بعنوان مفكرة الأيام الإسلامية، ويعرض الكتاب أيام العام الهجري بالترتيب وفي كل يوم تفصيل عن أحداثه في التاريخ وطبع الكتاب ثلاث طبعات فيما يزيد على أربعمائة صفحة.
قضى الأستاذ حياته متنقلاً بين مكتبة جامعة النجاح ومكتبة دار الفكر التي يملكها، وبيته الذي يحوي غرفة خاصة بالكتب التي تكاثرت فأخذت جزءاً من غرفة نومه ومجلسه، ولعل هذا سبب رئيسي في أن ابنه الأسير محمد مؤلف الكتاب الذي نعرضه قد ألَّف حوالي عشرة كتب رغم سجنه المتكرر وعمله الجهادي الدائم.
إلى ذلك فالأستاذ ناجي شاعر ويحوي الكتاب مجموعة من أشعاره وقد صدر له ديوان شعر بعنوان جراحات، وربما يصدر له غيره، وفيما قرأت من أشعاره ما يكفي صدقه وحرارة عاطفته نحو فلسطين والأقصى والجهاد لإشعال ثورة ضد الصهاينة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وهناك الكثير مما تناثر بين قصائده من الأبيات ما يحفل بدرجة رفيعة من الفن، وربما لو أعطى الأستاذ ناجي مزيداً من الوقت لموهبته الشعرية لرأيْناه يتصدر لزعامة قبيلة شعراء فلسطين.
إلى ذلك فإنك تشعر مما نقله الابن عن أبيه كيف كان ناجي مربياً في بيته بنفس كفاءته وهو يربي في مجتمعه، ولعله قد جمع في هذا ما صعب جمعه على الكثير ممن عرفنا من قادة الحركة الإسلامية.
الأب في السجون الإسرائيلية
قضى الأب كما الابن في سجون الصهاينة فترات كثيرة من حياته وتفنن المعتدي في إيقاع العذاب بناجي، حتى إنه أصيب في إحدى المرات بشلل نصفي مؤقت وهو الصامد، كما كان يحتجز في ممرات للمجاري للتأثير على معنوياته، وجاء الاحتلال مرة بزوجته وأخرى بابنيه الصغيرين عندما كانا في سن السابعة ليعذب كل أفراد الأسرة آملين أن يحطموا شموخ الأب فما نالوا منه شيئاً، قال لزوجته في المرة التي أتوا له بها في السجن ليبتزوه بتعذيبها أمامه: إنهم يسألونني عما لا أعرف له جواباً، ومهما فعلوا فإنني سأبقى لا أجيب على ما لا أعرف، موقف رائع يشجع فيه زوجته على الصمود.
ورغم التعذيب يبدو لي أن الأستاذ ناجي كان صاحب طرفة لا تخونه حتى وهو في أحلك الظروف، أُتي به مرة ليشهد أمام ما يُعرف بجهاز كشف الكذب فقال أمامه إن اسم أمه حليمة رغم أن اسم أمه مريم؛ ليختبر جهاز كشف الكذب فأخفق الجهاز في اكتشاف الكذبة، ورغم دلالة ذلك على روحه الفكهة، فإنه يدل على شموخه، فجهاز كشف الكذب يكشف ما يطرأ على علامات الجسم الحيوية من تغير حين تتعرض للحرج، لكن ناجينا كان أكثر بطولة من أن يدع لجسمه أي فرصة للضعف، ثم قام هو بتفتيت معنويات المحقق، ففي نهاية التحقيق قال هو للمحقق: لو كان جهازك يكتشف الكذب حقاً لاكتشفني حين لم أذكر له اسم أمي الصحيح، وهكذا فإن المحقق هو الذي انهار!
أدواره التنظيمية وتأسيس حماس:
تقلب الأستاذ ناجي في كافة المناصب القيادية لحركة الإخوان، وكان من الذين أسسوا للحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر الذي جاء نتاج غرسه الشيوخ رائد صلاح وكمال الخطيب وغيرهم، وكان له دور في بناء الجهاز الأمني لحركة حماس، كما أنه من مؤسسي جمعية علماء فلسطين، لكن أهم أدواره هو في تأسيس حماس، الرواية المشهورة هي اجتماع قياديي حماس في غزة وليس بينهم أحد من الضفة الغربية واتخاذهم قراراً بتأسيس جسم جهادي يتفرغ لتحرير فلسطين، بعد أن ملّ الناس الانتظار وصاروا يعّرضون بمن تقاعس من الإخوان في ذلك.
لكن هذا الكتاب يعزز رواية الدكتور عدنان مسودي الذي يؤكد أن الجلسة التأسيسية لبناء حماس كانت في شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 1987 وهو تاريخ سابق على التاريخ المعلن عن الرواية التي أشرنا إليها، وحضرها من غزه الأستاذ إبراهيم اليازوري والشيخ عبد الفتاح دخان وكان الباقي من الضفة مثل: عدنان مسودي والشيخ ناجي صبحة والمهندس حسن القيق، وجاء الاقتراح من الأستاذ ناجي بتأسيس حركة لتحرير فلسطين وقد تمت الموافقة عليه، وبعد ذلك اقترحت تسمية حماس من قبل المهندس القيق، وهكذا استعاد الإخوان دورهم في الجهاد على أراضي فلسطين، وهو الدور الذي يرى البعض أنه اقتصر على التربية غير القتالية زمناً طال أكثر مما ينبغي، بعد تجرية معسكرات الشيوخ في الأردن التي انتهت عام 1970.
وأخيراً.. من الصعب أن أخلص من سحر الأستاذ ناجي بعد قراءتي لهذا الكتاب، الذي كنت أتمنى لو أتيح للابن أن يفصل فيه أكثر، لكنني لا أمل شكر الابن الأسير محمد ناجي على هذا الكتاب الذي أسر قلبي عن أبيه.
الكتاب صدر في عام 2013 ولا يحوي أية تفاصيل عن دار النشر، ولا أملك إلا الاعتذار إن لم أتمكن من إيفاء الأستاذ ناجي والأسير محمد ناجي بعض ما يستحقانه منا من الوفاء.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/saleh-alshahri/-_14731_b_19038170.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات