أبهرت مسرحية "كشرودة" بالجزائر جمهور المهرجان الوطني للمسرح المحترف في طبعته الثانية عشرة. فكان الحضور قياسياً، تجلَّى في امتلاء المسرح الوطني عن آخره. آثر فيه البعض مشاهدة العرض واقفين مدة تقارب ساعة ونصف الساعة من الزمن. كما لم تسمح الفرصة لآخرين بدخول أبواب "محيي الدين بشطارزي". والدليل على رضى الجمهور أن التصفيقات والضحك صاحب العرض منذ بدايته إلى إسدال الستار.
هذه المسرحية تعود للمؤلف والمخرج أحمد رزاق، الذي يثبت كل مرة استحقاق أعماله الشهرة التي تلقاه وحب الجمهور لها. فكانت "كشرودة" التي هي من إنتاج مسرح سوق أهراس بنفَس جديد وسياق يُظهر من جديدٍ عبقرية كاتب "طرشاقة" المتميز بجرأة وتبصُّر، قلَّ نظيرهما.
كما أن إبداع فريق العمل من ممثلين (لبنى نوي، وصبرينة قوريشي، ورياض جفافلية، وقراح هشام، وعتروس زهير، وعلي عشّي، وطارق بوروينة، ولعربي بهلول، ومحمد حاوس) على الركح وانسلاخهم من ذواتهم يُدخلان المُشاهد في انسجام تام مع العرض؛ إذ للحظة يُخيّل لك أن الممثلين لا يتصنَّعون إنما على طبيعتهم. ما يبيّن الإمكانات الفنية التي يحظون بها من أداء وحركات لا تدل إلا على احترافية وثقة على الخشبة.
"كشرودة" تتنبأ بجزائر ما بعد البترول والغاز، في وسط ديكور ينمُّ على البؤس والفقر؛ إذ بعد نضوب آخر بئر للبترول ستمر الجزائر بسنوات عجاف تبعث على الحسرة؛ لما كان من فرصة ضاعت في زمن البحبوحة المالية. لتُصور حياة عائلة "كشرودة" الوضع المزري والحالة الكارثية التي سيؤول إليها المجتمع. فالضريبة ستصبح عنوان طارق الباب الذي يحضر لاقتطاع "ضريبة الكلام والتنفس" في كل شهر، ليبلغ الأمر إلى تنازل رب العائلة "أحمد" عن سرواله لتسديدها!
من علاج الأم "يمينة" التي لا تبصر ما يَفرض على العائلة بيع المنزل، إلى قصة الحب التي تجمع "سوسة" البنت بالقهوجي، ورضوخ الأب "أحمد" بعد تعنُّته للأمر الواقع من أجل المصلحة للعيش عند الصهر. وما تتخللها من أحداث كتسلُّط الجدة أم يمينة واسترجاع الذكريات معها، عودة الابن الإطفائي الخاضع لزوجته الغنية التي طلَّقته والذي يُخفق في إطفاء حريق ينشب في بيتهم، والحديث في الجرائد عن إرسال قوارب من الحجارة نصرة لفلسطين، وغيرها- ليست إلا رسائل اجتماعية وسياسية مُرِّرت بطريقة ذكية، لا يسع إلا لمتبصرٍ اكتشافها.
تُختتم المسرحية بعبارة قوية "... خذوا كل شيء واتركوا لنا التاريخ". هذا ما سيجعل الجميع، سواء كمسؤول أو مواطن، على كفة واحدة أمام مسؤولية تاريخية. ربما لا يعيرها أحد الاهتمام أو يتجاهلها الأغلبية، لكنها ستكون واقعاً. فما الحال الذي وصلنا إليه أو ما سنكون عليه مستقبلاً إلا صنيع نحصد حتماً ثماره.
"كشرودة" ليست سوى ناقوس خطر يدقُّ آذان الصم الذين يسمعون وحقيقة لعميان ينظرون إلى جزائر الغد ما دامت الفرص ضاعت وتُضيَّع بأيدي أبنائها.
هذه المسرحية تعود للمؤلف والمخرج أحمد رزاق، الذي يثبت كل مرة استحقاق أعماله الشهرة التي تلقاه وحب الجمهور لها. فكانت "كشرودة" التي هي من إنتاج مسرح سوق أهراس بنفَس جديد وسياق يُظهر من جديدٍ عبقرية كاتب "طرشاقة" المتميز بجرأة وتبصُّر، قلَّ نظيرهما.
كما أن إبداع فريق العمل من ممثلين (لبنى نوي، وصبرينة قوريشي، ورياض جفافلية، وقراح هشام، وعتروس زهير، وعلي عشّي، وطارق بوروينة، ولعربي بهلول، ومحمد حاوس) على الركح وانسلاخهم من ذواتهم يُدخلان المُشاهد في انسجام تام مع العرض؛ إذ للحظة يُخيّل لك أن الممثلين لا يتصنَّعون إنما على طبيعتهم. ما يبيّن الإمكانات الفنية التي يحظون بها من أداء وحركات لا تدل إلا على احترافية وثقة على الخشبة.
"كشرودة" تتنبأ بجزائر ما بعد البترول والغاز، في وسط ديكور ينمُّ على البؤس والفقر؛ إذ بعد نضوب آخر بئر للبترول ستمر الجزائر بسنوات عجاف تبعث على الحسرة؛ لما كان من فرصة ضاعت في زمن البحبوحة المالية. لتُصور حياة عائلة "كشرودة" الوضع المزري والحالة الكارثية التي سيؤول إليها المجتمع. فالضريبة ستصبح عنوان طارق الباب الذي يحضر لاقتطاع "ضريبة الكلام والتنفس" في كل شهر، ليبلغ الأمر إلى تنازل رب العائلة "أحمد" عن سرواله لتسديدها!
من علاج الأم "يمينة" التي لا تبصر ما يَفرض على العائلة بيع المنزل، إلى قصة الحب التي تجمع "سوسة" البنت بالقهوجي، ورضوخ الأب "أحمد" بعد تعنُّته للأمر الواقع من أجل المصلحة للعيش عند الصهر. وما تتخللها من أحداث كتسلُّط الجدة أم يمينة واسترجاع الذكريات معها، عودة الابن الإطفائي الخاضع لزوجته الغنية التي طلَّقته والذي يُخفق في إطفاء حريق ينشب في بيتهم، والحديث في الجرائد عن إرسال قوارب من الحجارة نصرة لفلسطين، وغيرها- ليست إلا رسائل اجتماعية وسياسية مُرِّرت بطريقة ذكية، لا يسع إلا لمتبصرٍ اكتشافها.
تُختتم المسرحية بعبارة قوية "... خذوا كل شيء واتركوا لنا التاريخ". هذا ما سيجعل الجميع، سواء كمسؤول أو مواطن، على كفة واحدة أمام مسؤولية تاريخية. ربما لا يعيرها أحد الاهتمام أو يتجاهلها الأغلبية، لكنها ستكون واقعاً. فما الحال الذي وصلنا إليه أو ما سنكون عليه مستقبلاً إلا صنيع نحصد حتماً ثماره.
"كشرودة" ليست سوى ناقوس خطر يدقُّ آذان الصم الذين يسمعون وحقيقة لعميان ينظرون إلى جزائر الغد ما دامت الفرص ضاعت وتُضيَّع بأيدي أبنائها.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/kouidri-mohamed-amine/-_14529_b_18914032.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات