بعد أن دمرته الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وخربت مدنه، وحول ملايين من مواطنيه إلى لاجئين، يطلب العراق من حلفائه الأغنياء بزعامة الولايات المتحدة تقديم 88 مليار دولار لإعادة إعماره، ولكن الحلفاء يرفضون.
أخفق مؤتمر جمع التبرعات من أجل العراق، الذي انعقد في الكويت بحضور عشرات الجهات المانحة المحتملة، الثلاثاء 13 فبراير/شباط 2018، حيث أسفر عن التعهد بسداد أربعة مليارات دولار فقط، ولم تتعهد الولايات المتحدة بتوفير أي منها. ورغم أن المؤتمر لم ينته حتى يوم الأربعاء 14 فبراير/شباط، فإن الرسالة كانت واضحة: فالرئيس ترامب يترك عملية إعمار العراق للجهات الأخرى، ولا تكاد تلك الجهات تستجيب، وفق ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
فبعد ساعات قليلة من افتتاح اليوم الثالث والختامي لمؤتمر إعادة إعمار العراق، وصلت تعهدات الدول إلى نحو 25 مليار دولار من أصل 88 مليار كان أمل العراق أن يحصل على تعهدات بها.
ضربة مخزية للعراق
كانت ضربة مخزية للحكومة العراقية، التي لا تستطيع توفير أي نسبة ضئيلة من تكاليف إعادة الإعمار، جراء الحرب التي نجمت، بوسيلة أو أخرى، عن الاحتلال الأميركي للعراق فيما بين عامي 2003-2011.
ويؤدي ذلك الإخفاق أيضاً إلى تهديد المستقبل السياسي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وتقويض الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة وغيرها من الدول على مدار سنوات لتحقيق الاستقرار في العراق والقضاء على التطرف هناك.
وقد أثارت المبالغ المالية الضئيلة نسبياً، التي تم التعهد بسدادها إلى العراق تساؤلات حول ما إذا كان من الممكن الاعتماد على الولايات المتحدة في تقديم المساعدات وغيرها من الموارد إلى الحلفاء، رغم عدم قدرتها على حشد المزيد من المساعدات لأحد أهم شركائها بالحرب ضد تنظيم داعش.
فقد تحولت العديد من المدن العراقية إلى أنقاض خلال الحرب، وخاصة مدينة الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية. ومع ذلك، بينما بلغت تقديرات إعادة إعمار العراق 88 مليار دولار، فقد كان من المتوقع أن يصل حجم التعهدات بنهاية المؤتمر إلى 4 مليارات دولار فقط.
ومن المزمع أن يأتي معظم ذلك المبلغ من الجهات المانحة العربية بمنطقة الخليج العربي، حيث تعهدت كل من السعودية والإمارات والكويت وقطر بتقديم مليار دولار.
التعهدات لم تتجاوز الـ5%
وكانت هناك مجموعة من ضمانات القروض، أحدها من الولايات المتحدة. ومع ذلك، لم تتجاوز كل التعهدات 5% مما ذكر العراق أنه يحتاج إليه لعملية إعادة الإعمار.
وأكدت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة قد قدمت إلى العراق منذ عام 2014 بالفعل مساعدات إنسانية قيمتها 1.7 مليار دولار ومساعدات اقتصادية وأمنية بقيمة 6 مليارات دولار، ومعظمها تم التعهد بها خلال إدارة أوباما. وخلال كلمة مسائية بالمؤتمر، دعا وزير الخارجية ريكس تيلرسون الدول الأخرى إلى الاضطلاع بدورها تجاه العراق.
وقال: "كل من يتواجد في هذه القاعة يحظى بفرصة تقديم المساعدات إلى العراق من أجل المساهمة في تنميته على المدى الطويل"، رغم أنه اعترف أن "ممارسة الأعمال في العراق يمكن أن تكون معقدة".
وقد انعقد المؤتمر على خلفية تأكيد الرئيس ترامب على تزايد الإنفاق العسكري. فقد اقترحت الموازنة الصادرة عن الإدارة الأميركية للعام 2019، التي تم الكشف عنها يوم الإثنين، إلغاء جزء كبير من المساعدات الأجنبية التي تقدمها البلاد، والحد من إنفاق وزارة الخارجية بنسبة الثلث، مع زيادة موازنة وزارة الدفاع بقيمة 195 مليار دولار خلال العامين القادمين.
ومن البرامج التي اقترحت الإدارة إلغاءها صندوق الدعم الاقتصادي، الذي تبلغ ميزانيته 4.6 مليار دولار، وموازنة المساعدات التنموية الدولية البالغة ثلاثة مليارات دولار، وصندوق دعم المؤسسات الديمقراطية، والذي تبلغ موازنته 211 مليون دولار.
واشنطن تسحب يدها
وفي العراق، يبدو أن هذه الأولويات تعني أن الولايات المتحدة، بعد أن اعتمدت بشدة على الجيش العراقي الذي تكبد خسائر فادحة في قتاله ضد تنظيم داعش، تترك مهمة إعادة إعمار المدن العراقية المدمرة للدول الأخرى والقطاع الخاص.
وقد سارع عدد قليل من الدول الأخرى لتقديم المساعدات، حيث قدم معظم وزراء الخارجية الذين وصلوا إلى الكويت لحضور مؤتمر المانحين أمنياتهم الطيبة، ولم يقدموا أي أموال.
وأعربت المملكة العربية السعودية في بيان صدر من سفارتها في واشنطن عن عزمها "مواصلة دعم العراق لتحقيق الأمن والاستقرار والوحدة، والحد من النزاع الطائفي بالبلاد". وأكد المسؤولون الأميركيون أن حملة التعهدات هي مجرد بداية.
وأعرب تيلرسون وغيره من الدبلوماسيين عن أملهم في تعويض النقص من خلال دعوة القطاع الخاص للاستثمار، على غرار ما فعله الرئيس ترامب خلال برنامجه الخاص بالبنية التحتية في الولايات المتحدة. وأدى حضور ممثلين عن نحو 2000 شركة، جلبت معظمها كل من الولايات المتحدة وإيران وألمانيا وغيرها من الحكومات، إلى خلق مناخ استثماري داخل المؤتمر.
ومع ذلك، ذكر سامي العراجي، رئيس لجنة الاستثمار الوطني بالعراق، أن الشركات المشاركة لم تقدم أي استثمارات حتى الآن. وقال مساء الإثنين "لا أتوقع توقيع أي عقود".
وأشار بعض المحللين إلى أن معظم، إن لم يكن جميع، المدن العراقية التي تعرضت للدمار خلال الحرب ضد تنظيم داعش تقع في المناطق ذات الأغلبية السنية. وتلك هي المناطق التي نشأت بها المعارضة السنية بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، ما أدى إلى ظهور الحركات التابعة لتنظيم القاعدة وقيادات تنظيم داعش في وقت لاحق. ويخشى الدبلوماسيون في حالة عدم إعادة إعمار تلك المدن أن يتحول سكانها مرة أخرى إلى التطرف، وهي المخاطر التي سلط تيلرسون الضوء عليها خلال كلمته الصباحية أمام مجموعة تحالف الدول الـ74 من أجل هزيمة تنظيم داعش، وفق الصحيفة الأميركية.
وقال: "إن انتهاء العمليات القتالية الرئيسية لا يعني أننا حققنا الانتصار على تنظيم داعش. فلا يزال تنظيم داعش يمثل خطراً كبيراً على استقرار المنطقة وعلى بلادنا وأجزاء أخرى من العالم. وبدون مواصلة الاهتمام من جانب أعضاء التحالف، فإننا نخاطر بعودة الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم داعش، إلى المناطق التي تم تحريرها في العراق وسوريا وانتشارها في مواقع جديدة".
ويظل نحو 2.5 مليون مواطن عراقي نازحين بعد أن تم تدمير منازلهم وتفجير المرافق والمدارس. ولا يزال نصف مدينة الموصل غير مأهول بالسكان.
وقامت إدارة ترامب بخفض المساعدات الأميركية إلى اللاجئين وعمليات إعادة التوطين، وذكرت أن مساعدة النازحين على العودة إلى المناطق التي مزقتها الحروب أفضل من إعادة توطينهم بالولايات المتحدة أو غيرها من البلدان. ومع ذلك، لا يستطيع أحد العودة دون جهود مكثفة لإعادة إعمار تلك المناطق.
وشكا ترامب، يوم الإثنين، أن الولايات المتحدة قد أنفقت 7 تريليونات دولار في الشرق الأوسط على مدار الـ17 عاماً الماضية دون أي عائد.
خفض برنامج المساعدات
وقال خلال حديثه عن خطته المحلية لتطوير البنية التحتية "سبعة تريليون دولار. ياله من خطأ. ولكن هذا هو الواقع".
وتضمَّنت حسابات ترامب التكاليف المباشرة لحربي العراق وأفغانستان، بالإضافة إلى تقديرات تكاليف رعاية المحاربين القدماء. وأياً كان إجمالي المبلغ، فإن وزارة الدفاع أغلبيته، وليس وزارة الخارجية.
وأرسل يوم الأحد مجموعة تتألف من 151 قائداً عسكرياً متقاعداً، من بينهم رؤساء أركان سابقون للجيش والبحرية وقوات المارينز والعمليات الخاصة والقوات الجوية، رسالةً إلى زعماء الكونغرس فحواها أن خفض برامج المساعدات سوف يؤدي إلى المخاطرة بالمكاسب العسكرية التي تم تحقيقها في الحرب ضد تنظيم داعش.
وينص الخطاب على ما يلي: "بينما شهدنا تقدماً عسكرياً ضد تنظيم داعش، يتمثل التساؤل الذي يلوح في الأفق حالياً فيما إذا كنا مستعدين لحماية تلك المكاسب العسكرية ومنع الأطراف الفاسدة من التدخل".
وأعربت الجهات المانحة عن قلقها إزاء ما يعتبره البعض بمثابة تضييع الأموال في مستنقع العراق، الذي تصنفه منظمة الشفافية الدولية، وهي إحدى المنظمات البحثية لمكافحة الفساد، ضمن أكثر 10 بلدان في العالم من حيث معدلات الفساد. ومن بين 61 مليار دولار أنفقتها الولايات المتحدة على المساعدات التنموية في العراق فيما بين عامي 2003 و2012، هناك 6 مليارات اختفت، بالإضافة إلى ضياع مليار دولار أخرى، بحسب ما أورده المراجعون الأميركيون.
ووضع العبادي مكافحة الفساد ضمن أولوياته، وأصدر وزراؤه بياناً يتألف من 300 صفحة في شأن الاستثمار، يقر بالإخفاقات الماضية ويتعهد بفرض رقابة أفضل وإدارة مالية أمثل لصناديق إعادة إعمار العراق.
ويمكن أن يؤدي القصور في حجم التعهدات، خلال الثلاثاء الماضي، إلى الإضرار بالوضع السياسي للعبادي، الذي يواجه معركة انتخابية أشد قسوةً، في 12 مايو/أيار، ضد التكتلات السياسية الموالية لإيران. وقد حذر الدبلوماسيون الغربيون من إمكانية أن تؤدي هزيمة العبادي إلى غرق البلاد في صراع طائفي قد ينجم عنه تمزقها.
وانتقد المسؤولون العراقيون من المناطق السنية ذات الأهمية السياسية وزعماء الأقليات الذي كان العبادي يأمل في اكتسابهم في صفه خلال الانتخابات القادمة قائمة مشروعات إعادة الإعمار التي سلط وزراؤه الضوءَ عليها بالمؤتمر، بسبب تجاهلها لمجتمعاتهم واحتياجاتهم. وكان غضبهم شديداً، رغم إخفاق العبادي في تأمين أي نوع من أنواع الدعم لأي من تلك المشروعات.
وذكر مروان الجبارة، المتحدث باسم مجلس شيوخ القبائل في إقليم صلاح الدين، وهو أحد المناطق ذات الأغلبية السنية التي خرج منها زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، قائلا "يؤسفنا أننا لا يتم تمثيلنا بالصورة المناسبة".
يمكن أن يؤدي إخفاق مؤتمر المانحين أيضاً إلى فتور العلاقات الدافئة بين إدارة ترامب والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي بلغت ذروتها خلال رحلة الرئيس ترامب إلى الرياض، في مايو/أيار الماضي. وكانت الولايات المتحدة تتوقع أن تصل تعهدات الدول إلى أضعاف ما تم إعلانه.
أخفق مؤتمر جمع التبرعات من أجل العراق، الذي انعقد في الكويت بحضور عشرات الجهات المانحة المحتملة، الثلاثاء 13 فبراير/شباط 2018، حيث أسفر عن التعهد بسداد أربعة مليارات دولار فقط، ولم تتعهد الولايات المتحدة بتوفير أي منها. ورغم أن المؤتمر لم ينته حتى يوم الأربعاء 14 فبراير/شباط، فإن الرسالة كانت واضحة: فالرئيس ترامب يترك عملية إعمار العراق للجهات الأخرى، ولا تكاد تلك الجهات تستجيب، وفق ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
فبعد ساعات قليلة من افتتاح اليوم الثالث والختامي لمؤتمر إعادة إعمار العراق، وصلت تعهدات الدول إلى نحو 25 مليار دولار من أصل 88 مليار كان أمل العراق أن يحصل على تعهدات بها.
ضربة مخزية للعراق
كانت ضربة مخزية للحكومة العراقية، التي لا تستطيع توفير أي نسبة ضئيلة من تكاليف إعادة الإعمار، جراء الحرب التي نجمت، بوسيلة أو أخرى، عن الاحتلال الأميركي للعراق فيما بين عامي 2003-2011.
ويؤدي ذلك الإخفاق أيضاً إلى تهديد المستقبل السياسي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وتقويض الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة وغيرها من الدول على مدار سنوات لتحقيق الاستقرار في العراق والقضاء على التطرف هناك.
وقد أثارت المبالغ المالية الضئيلة نسبياً، التي تم التعهد بسدادها إلى العراق تساؤلات حول ما إذا كان من الممكن الاعتماد على الولايات المتحدة في تقديم المساعدات وغيرها من الموارد إلى الحلفاء، رغم عدم قدرتها على حشد المزيد من المساعدات لأحد أهم شركائها بالحرب ضد تنظيم داعش.
فقد تحولت العديد من المدن العراقية إلى أنقاض خلال الحرب، وخاصة مدينة الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية. ومع ذلك، بينما بلغت تقديرات إعادة إعمار العراق 88 مليار دولار، فقد كان من المتوقع أن يصل حجم التعهدات بنهاية المؤتمر إلى 4 مليارات دولار فقط.
ومن المزمع أن يأتي معظم ذلك المبلغ من الجهات المانحة العربية بمنطقة الخليج العربي، حيث تعهدت كل من السعودية والإمارات والكويت وقطر بتقديم مليار دولار.
التعهدات لم تتجاوز الـ5%
وكانت هناك مجموعة من ضمانات القروض، أحدها من الولايات المتحدة. ومع ذلك، لم تتجاوز كل التعهدات 5% مما ذكر العراق أنه يحتاج إليه لعملية إعادة الإعمار.
وأكدت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة قد قدمت إلى العراق منذ عام 2014 بالفعل مساعدات إنسانية قيمتها 1.7 مليار دولار ومساعدات اقتصادية وأمنية بقيمة 6 مليارات دولار، ومعظمها تم التعهد بها خلال إدارة أوباما. وخلال كلمة مسائية بالمؤتمر، دعا وزير الخارجية ريكس تيلرسون الدول الأخرى إلى الاضطلاع بدورها تجاه العراق.
وقال: "كل من يتواجد في هذه القاعة يحظى بفرصة تقديم المساعدات إلى العراق من أجل المساهمة في تنميته على المدى الطويل"، رغم أنه اعترف أن "ممارسة الأعمال في العراق يمكن أن تكون معقدة".
وقد انعقد المؤتمر على خلفية تأكيد الرئيس ترامب على تزايد الإنفاق العسكري. فقد اقترحت الموازنة الصادرة عن الإدارة الأميركية للعام 2019، التي تم الكشف عنها يوم الإثنين، إلغاء جزء كبير من المساعدات الأجنبية التي تقدمها البلاد، والحد من إنفاق وزارة الخارجية بنسبة الثلث، مع زيادة موازنة وزارة الدفاع بقيمة 195 مليار دولار خلال العامين القادمين.
ومن البرامج التي اقترحت الإدارة إلغاءها صندوق الدعم الاقتصادي، الذي تبلغ ميزانيته 4.6 مليار دولار، وموازنة المساعدات التنموية الدولية البالغة ثلاثة مليارات دولار، وصندوق دعم المؤسسات الديمقراطية، والذي تبلغ موازنته 211 مليون دولار.
واشنطن تسحب يدها
وفي العراق، يبدو أن هذه الأولويات تعني أن الولايات المتحدة، بعد أن اعتمدت بشدة على الجيش العراقي الذي تكبد خسائر فادحة في قتاله ضد تنظيم داعش، تترك مهمة إعادة إعمار المدن العراقية المدمرة للدول الأخرى والقطاع الخاص.
وقد سارع عدد قليل من الدول الأخرى لتقديم المساعدات، حيث قدم معظم وزراء الخارجية الذين وصلوا إلى الكويت لحضور مؤتمر المانحين أمنياتهم الطيبة، ولم يقدموا أي أموال.
وأعربت المملكة العربية السعودية في بيان صدر من سفارتها في واشنطن عن عزمها "مواصلة دعم العراق لتحقيق الأمن والاستقرار والوحدة، والحد من النزاع الطائفي بالبلاد". وأكد المسؤولون الأميركيون أن حملة التعهدات هي مجرد بداية.
وأعرب تيلرسون وغيره من الدبلوماسيين عن أملهم في تعويض النقص من خلال دعوة القطاع الخاص للاستثمار، على غرار ما فعله الرئيس ترامب خلال برنامجه الخاص بالبنية التحتية في الولايات المتحدة. وأدى حضور ممثلين عن نحو 2000 شركة، جلبت معظمها كل من الولايات المتحدة وإيران وألمانيا وغيرها من الحكومات، إلى خلق مناخ استثماري داخل المؤتمر.
ومع ذلك، ذكر سامي العراجي، رئيس لجنة الاستثمار الوطني بالعراق، أن الشركات المشاركة لم تقدم أي استثمارات حتى الآن. وقال مساء الإثنين "لا أتوقع توقيع أي عقود".
وأشار بعض المحللين إلى أن معظم، إن لم يكن جميع، المدن العراقية التي تعرضت للدمار خلال الحرب ضد تنظيم داعش تقع في المناطق ذات الأغلبية السنية. وتلك هي المناطق التي نشأت بها المعارضة السنية بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، ما أدى إلى ظهور الحركات التابعة لتنظيم القاعدة وقيادات تنظيم داعش في وقت لاحق. ويخشى الدبلوماسيون في حالة عدم إعادة إعمار تلك المدن أن يتحول سكانها مرة أخرى إلى التطرف، وهي المخاطر التي سلط تيلرسون الضوء عليها خلال كلمته الصباحية أمام مجموعة تحالف الدول الـ74 من أجل هزيمة تنظيم داعش، وفق الصحيفة الأميركية.
وقال: "إن انتهاء العمليات القتالية الرئيسية لا يعني أننا حققنا الانتصار على تنظيم داعش. فلا يزال تنظيم داعش يمثل خطراً كبيراً على استقرار المنطقة وعلى بلادنا وأجزاء أخرى من العالم. وبدون مواصلة الاهتمام من جانب أعضاء التحالف، فإننا نخاطر بعودة الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم داعش، إلى المناطق التي تم تحريرها في العراق وسوريا وانتشارها في مواقع جديدة".
ويظل نحو 2.5 مليون مواطن عراقي نازحين بعد أن تم تدمير منازلهم وتفجير المرافق والمدارس. ولا يزال نصف مدينة الموصل غير مأهول بالسكان.
وقامت إدارة ترامب بخفض المساعدات الأميركية إلى اللاجئين وعمليات إعادة التوطين، وذكرت أن مساعدة النازحين على العودة إلى المناطق التي مزقتها الحروب أفضل من إعادة توطينهم بالولايات المتحدة أو غيرها من البلدان. ومع ذلك، لا يستطيع أحد العودة دون جهود مكثفة لإعادة إعمار تلك المناطق.
وشكا ترامب، يوم الإثنين، أن الولايات المتحدة قد أنفقت 7 تريليونات دولار في الشرق الأوسط على مدار الـ17 عاماً الماضية دون أي عائد.
خفض برنامج المساعدات
وقال خلال حديثه عن خطته المحلية لتطوير البنية التحتية "سبعة تريليون دولار. ياله من خطأ. ولكن هذا هو الواقع".
وتضمَّنت حسابات ترامب التكاليف المباشرة لحربي العراق وأفغانستان، بالإضافة إلى تقديرات تكاليف رعاية المحاربين القدماء. وأياً كان إجمالي المبلغ، فإن وزارة الدفاع أغلبيته، وليس وزارة الخارجية.
وأرسل يوم الأحد مجموعة تتألف من 151 قائداً عسكرياً متقاعداً، من بينهم رؤساء أركان سابقون للجيش والبحرية وقوات المارينز والعمليات الخاصة والقوات الجوية، رسالةً إلى زعماء الكونغرس فحواها أن خفض برامج المساعدات سوف يؤدي إلى المخاطرة بالمكاسب العسكرية التي تم تحقيقها في الحرب ضد تنظيم داعش.
وينص الخطاب على ما يلي: "بينما شهدنا تقدماً عسكرياً ضد تنظيم داعش، يتمثل التساؤل الذي يلوح في الأفق حالياً فيما إذا كنا مستعدين لحماية تلك المكاسب العسكرية ومنع الأطراف الفاسدة من التدخل".
وأعربت الجهات المانحة عن قلقها إزاء ما يعتبره البعض بمثابة تضييع الأموال في مستنقع العراق، الذي تصنفه منظمة الشفافية الدولية، وهي إحدى المنظمات البحثية لمكافحة الفساد، ضمن أكثر 10 بلدان في العالم من حيث معدلات الفساد. ومن بين 61 مليار دولار أنفقتها الولايات المتحدة على المساعدات التنموية في العراق فيما بين عامي 2003 و2012، هناك 6 مليارات اختفت، بالإضافة إلى ضياع مليار دولار أخرى، بحسب ما أورده المراجعون الأميركيون.
ووضع العبادي مكافحة الفساد ضمن أولوياته، وأصدر وزراؤه بياناً يتألف من 300 صفحة في شأن الاستثمار، يقر بالإخفاقات الماضية ويتعهد بفرض رقابة أفضل وإدارة مالية أمثل لصناديق إعادة إعمار العراق.
ويمكن أن يؤدي القصور في حجم التعهدات، خلال الثلاثاء الماضي، إلى الإضرار بالوضع السياسي للعبادي، الذي يواجه معركة انتخابية أشد قسوةً، في 12 مايو/أيار، ضد التكتلات السياسية الموالية لإيران. وقد حذر الدبلوماسيون الغربيون من إمكانية أن تؤدي هزيمة العبادي إلى غرق البلاد في صراع طائفي قد ينجم عنه تمزقها.
وانتقد المسؤولون العراقيون من المناطق السنية ذات الأهمية السياسية وزعماء الأقليات الذي كان العبادي يأمل في اكتسابهم في صفه خلال الانتخابات القادمة قائمة مشروعات إعادة الإعمار التي سلط وزراؤه الضوءَ عليها بالمؤتمر، بسبب تجاهلها لمجتمعاتهم واحتياجاتهم. وكان غضبهم شديداً، رغم إخفاق العبادي في تأمين أي نوع من أنواع الدعم لأي من تلك المشروعات.
وذكر مروان الجبارة، المتحدث باسم مجلس شيوخ القبائل في إقليم صلاح الدين، وهو أحد المناطق ذات الأغلبية السنية التي خرج منها زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، قائلا "يؤسفنا أننا لا يتم تمثيلنا بالصورة المناسبة".
يمكن أن يؤدي إخفاق مؤتمر المانحين أيضاً إلى فتور العلاقات الدافئة بين إدارة ترامب والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي بلغت ذروتها خلال رحلة الرئيس ترامب إلى الرياض، في مايو/أيار الماضي. وكانت الولايات المتحدة تتوقع أن تصل تعهدات الدول إلى أضعاف ما تم إعلانه.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2018/02/14/story_n_19229980.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات