على المستوى الشخصي والأخلاقي، كانت عودة أبوالفتوح من لندن، بعد اعتقال القصاص، وبعدما تحدث بحرية في الجزيرة وفي العربي وفي BBC، كعادته في التعبير عن وجهة نظره من دون وجل، أقول: كانت تلك العودة شجاعة وإقداماً، وقلة اكتراث بالعواقب، وهكذا عرفت الرجل على المستوى الشخصي.
هو فيما يخص الجرأة، يتحرك ثم يفكر، ولست أنسى أسلوبه البسيط في رواية وقفته أمام السادات، واستصغاره شأنه بإزاء طالب آخر مثل حمدين، كان يراه تكلم بصورة أفضل منه، وكان لا يزال، في 2011، متعجباً من هجوم السادات عليه، وحتى من احتفاء الناس بوقفته، وهو الذي لم يقل شيئاً ولم يمهله الرئيس ليكمل وجهة نظره، حسب رأيه!
وفي موقف حادث سرقة سيارته على الدائري، لدى عودته من الحدث الانتخابي في المنوفية، كان يحكي لي بالبراءة ذاتها، كيف أنه وجد السيارة توقفت فجأة، فنظر إلى سائقه مصطفى فوجد مدفعاً آلياً في أذنه، والسيارة قد أحاط بها المسلحون (وهو في رأيي مشهد يخلع القلب بلا مبالغة!) فما كان من الرجل إلا أن نزل مسرعاً وفي يده ipad فماذا فعل؟
"نزلت يا دكتور علي، لفّيت ووصلت للراجل اللي مثبت مصطفى قمت ضاربه برجلي، ورزعته بالأيباد على راسه!! والظاهر كان عندهم أوامر واضحة محدش يقتلني؛ لأنه لما اتفاجئ إيده ما جاتش على الزناد، لكن اداني بالدبشك على دماغي فما حسيتش بحاجة بعدها، ولما فقت ما لقيناش العربية!.
أنا برضو ما فكرتش (يكمل صاحب القلب الميت) لو كنت فكرت ما كنتش عملت كده! محدش يهاجم واحد مسلح بمدفع آلي أبداً يا دكتور علي!".
هكذا عرفت الرجل، على المستوى الشخصي والأخلاقي، بطلاً لا يأبه بالعواقب، وقلباً لا يعرف الخوف أو التردد، حقيقة لا مجازاً.
كان أبوالعلا ماضي يقول مقالة الصحابة في وصف شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم، ويصف بها أبوالفتوح: (كنا إذا حمي وطيس القتال، احتمينا بأبوالفتوح!).
أما على المستوى السياسي، فلم يكن أمام الرجل سوى العودة، وملاقاة مصيره.
هو ليس "ناشطاً" مثلنا، ممن يسعهم البقاء في تركيا أو قطر، ولا هو يملك ترف "قرار اللجوء السياسي" في لندن أو واشنطن مثلاً؛ لأنه رئيس حزب سياسي، ولا يزال مؤمناً بدوره في مستقبل تغيير سلمي سياسي ما، بغض النظر عن مدى جنون الفكرة ولا منطقيتها، بالنسبة لي ولغالبيتنا.
ومن هنا، كان علينا التفرقة بين ما في "قراره الشخصي" من شجاعة ومسؤولية يحمد عليها، وبين ما في "قراره السياسي" من ضرورة واختيار مسبق واعٍ بدلالاته وتبعاته، ربما لا يحمد عليه، ولكن ينبغي تحيّته على تمسّكه به في أحلك الظروف، وهنا النقطة التي يتلاقى عندها الشخصي بالسياسي، فينتجان ذلك المشهد له محولاً إلى النيابة، منتظراً دفع الثمن من حريته وراحته، وإن كنت موقناً أن لن يدفع من كرامته شيئاً، فالرجل بالفعل يصعب انتهاكه، ولعل سجانيه يخشون غضبته.
أما الكلام الذي يبدو منطقياً عقلانياً، والذي نفذته شخصياً وإن كنت أرفض الترويج له، وهو ما يدعو "الجميع" لترك البلد يخرب على من فيه وما فيه، فإنه كلام "لا منطقي" هو الآخر!
فلا بد أن تظل طائفة تناضل وتحاول، طالما كان هناك ثقب إبرة سياسي، فمن لم يستطِع ذلك، فليصمت وليتركهم يحاولون، فما الفائدة من هروب الجميع؟ وما الفائدة من تثبيط من ما زال يحاول، وما زال عنده بصيص أمل؟!
وصدق السيسي وهو كذوب، حين قال لياسر رزق، في الحوار المسرب منذ أربع سنوات: "عبدالمنعم؟ عبدالمنعم حايعلقنا كلنا على المشانق!".
هو فيما يخص الجرأة، يتحرك ثم يفكر، ولست أنسى أسلوبه البسيط في رواية وقفته أمام السادات، واستصغاره شأنه بإزاء طالب آخر مثل حمدين، كان يراه تكلم بصورة أفضل منه، وكان لا يزال، في 2011، متعجباً من هجوم السادات عليه، وحتى من احتفاء الناس بوقفته، وهو الذي لم يقل شيئاً ولم يمهله الرئيس ليكمل وجهة نظره، حسب رأيه!
وفي موقف حادث سرقة سيارته على الدائري، لدى عودته من الحدث الانتخابي في المنوفية، كان يحكي لي بالبراءة ذاتها، كيف أنه وجد السيارة توقفت فجأة، فنظر إلى سائقه مصطفى فوجد مدفعاً آلياً في أذنه، والسيارة قد أحاط بها المسلحون (وهو في رأيي مشهد يخلع القلب بلا مبالغة!) فما كان من الرجل إلا أن نزل مسرعاً وفي يده ipad فماذا فعل؟
"نزلت يا دكتور علي، لفّيت ووصلت للراجل اللي مثبت مصطفى قمت ضاربه برجلي، ورزعته بالأيباد على راسه!! والظاهر كان عندهم أوامر واضحة محدش يقتلني؛ لأنه لما اتفاجئ إيده ما جاتش على الزناد، لكن اداني بالدبشك على دماغي فما حسيتش بحاجة بعدها، ولما فقت ما لقيناش العربية!.
أنا برضو ما فكرتش (يكمل صاحب القلب الميت) لو كنت فكرت ما كنتش عملت كده! محدش يهاجم واحد مسلح بمدفع آلي أبداً يا دكتور علي!".
هكذا عرفت الرجل، على المستوى الشخصي والأخلاقي، بطلاً لا يأبه بالعواقب، وقلباً لا يعرف الخوف أو التردد، حقيقة لا مجازاً.
كان أبوالعلا ماضي يقول مقالة الصحابة في وصف شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم، ويصف بها أبوالفتوح: (كنا إذا حمي وطيس القتال، احتمينا بأبوالفتوح!).
أما على المستوى السياسي، فلم يكن أمام الرجل سوى العودة، وملاقاة مصيره.
هو ليس "ناشطاً" مثلنا، ممن يسعهم البقاء في تركيا أو قطر، ولا هو يملك ترف "قرار اللجوء السياسي" في لندن أو واشنطن مثلاً؛ لأنه رئيس حزب سياسي، ولا يزال مؤمناً بدوره في مستقبل تغيير سلمي سياسي ما، بغض النظر عن مدى جنون الفكرة ولا منطقيتها، بالنسبة لي ولغالبيتنا.
ومن هنا، كان علينا التفرقة بين ما في "قراره الشخصي" من شجاعة ومسؤولية يحمد عليها، وبين ما في "قراره السياسي" من ضرورة واختيار مسبق واعٍ بدلالاته وتبعاته، ربما لا يحمد عليه، ولكن ينبغي تحيّته على تمسّكه به في أحلك الظروف، وهنا النقطة التي يتلاقى عندها الشخصي بالسياسي، فينتجان ذلك المشهد له محولاً إلى النيابة، منتظراً دفع الثمن من حريته وراحته، وإن كنت موقناً أن لن يدفع من كرامته شيئاً، فالرجل بالفعل يصعب انتهاكه، ولعل سجانيه يخشون غضبته.
أما الكلام الذي يبدو منطقياً عقلانياً، والذي نفذته شخصياً وإن كنت أرفض الترويج له، وهو ما يدعو "الجميع" لترك البلد يخرب على من فيه وما فيه، فإنه كلام "لا منطقي" هو الآخر!
فلا بد أن تظل طائفة تناضل وتحاول، طالما كان هناك ثقب إبرة سياسي، فمن لم يستطِع ذلك، فليصمت وليتركهم يحاولون، فما الفائدة من هروب الجميع؟ وما الفائدة من تثبيط من ما زال يحاول، وما زال عنده بصيص أمل؟!
وصدق السيسي وهو كذوب، حين قال لياسر رزق، في الحوار المسرب منذ أربع سنوات: "عبدالمنعم؟ عبدالمنعم حايعلقنا كلنا على المشانق!".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/aly-elmashadaa-a/story_b_19239788.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات