يُشكل تصورنا مدخلاً مهماً لنبني مفهوماً وسطياً للثقافة، يقع بين التصور الأنثروبولوجي البالغ الشمول وبين المفهوم العامي البالغ السطحية؛ حيث سيكون بالإمكان تحديد طبيعة الوظائف المرتبطة بالثقافة كما يمكن تصورها داخل الفضاء العام، ممثلاً في وسائل الإعلام، من هنا يبدو مفهوم "مُثقف الإعلام" ذا خصوصية أخرى، فالأمر لا يتعلق بطبقة اجتماعية ولا بامتداد اجتماعي معين.
لذلك، فإن مقدار استيعاب أهمية الثقافة الإعلامية، واستثمارها بشكلها الصحيح، صار وسيلة لهيمنة مقبولية على أخرى، أو الإقرار بثقافة سامية وأخرى متدنية، وثقافة كونية وأخرى محلية، هو من صنع سياسة التدخلات الخارجية الهدامة، التي تحاول إقامة الحواجز بين الشعوب والحيلولة دون التقارب بينها.
مُثقف الإعلام ليس نظرية قدر كونه سلوكاً في الإنسان، بغض النظر عن الحدود الجغرافية، وعن العرق والدين واللون، ذلك أن الإنسان يعرف كيف يتعرّف على الإنسان شبيهه وصنوه، بعيداً عن فوارقنا المشروعة واختلاف عاداتنا وتباين أزيائنا، بالتالي هو قادر على طرح مقبوليته وفرضها على الآخرين.
وعلى ذلك، لا ينبغي للهوية السلوكية أن تتقوقع داخل خصوصية ضيقة تحول دون انطلاقها إلى فضاء الكونية الواسع والرحب، كونها ستنطلق رغماً عنا؛ لأنها بعيدة عن أن تكون شيئاً جامداً، وإنما هي ديناميكية متطورة، تتناغم مع المنظومة المجتمعية للإنسان في بعدها الأُسَري أو المناطقي، لتُصبح مُترجماً عن مدى المقبولية، التي صدّرتها المنظومة الإعلامية للفرد أمام المحيط.
"زيد" على المستوى الأُسَري ذو مقبولية عالية، حيث يحظى بحب والديه وإخوته؛ لأنه عطوف عليهم، كما أنه له نفس القدر من المقبولية في الشارع الذي يسكن فيه، يسلم على جيرانه، يزور مريضهم، يشاركهم أحزانهم، على عكس عمرو الذي لا يحظى بمقبولية أسرية أو مناطقية، قد يكون البعد الرابع للحقيقة أن عَمرو أفضل من زيد، إنما الفارق بينهما أن زيد مُثقف إعلام عكس زيد ذي الثقافة الإعلامية المحدودة.
شرائح "مثقفي الإعلام" ربما هي الأوسع؛ لأنها تضم مثقفي الأيديولوجيات الدنيوية والدينية وأصحاب النظريات الخلاصية المطلقة الذين يقودهم يقين راسخ بأن ما يحملونه من "رؤية" و"مشروع" يجب أن يُصدر من خلال منظومتهم الإعلامية الشخصية، في سلوكهم، وتصرفاتهم، وحركاتهم، بل وحتى أنفاسهم، ثم الانطلاق للعالم الأوسع، ربما ليس فقط لمجتمعاتهم بل وللعالم والإنسانية جمعاء، هنا هو المفهوم المفتاحي لإدراك الجوهر التفكيري لمثقفي الإعلام.
إنّ هذه الحميمية التي يحتاجها الإنسان في عالم اليوم المضطرب المفتوح، الذي يتصل فيها مع العالم، وفرص التقارب التي يصنعها بينه وبين ذاته من جهة، وبينه وبين المجتمع من جهة أُخرى، يجب أن تولد حالة من حالات التناغم، قُطباها منظومته الإعلامية الشخصية والمنظومة الإعلامية العامة؛ لتمتزج البرامج والمشروعات والخطط والطموحات مع مشاعر الإنسان وفكره وأولوياته وأمنه واستقراره؛ لصناعة شخصية ذات مقبولية عالية، كفيلة بتحقيق طموحاتها على مُختلف الأصعدة والمجالات، ذات شعور عالٍ بالمسؤولية، قادرة على القيادة ومواجهة حالات التغريب وحملات التشويه وسياسة الأمر الواقع.
البحث في هوية الإنسان كمشروع حضاري بشكل يخرجها من إطار التفكير الضيق نحوه، والأساليب التقليدية والأنماط الفكرية والأيديولوجية التي تعتمدها في تربيته وإعداده وإنتاجه، وإعادة هندسة بنائه الفكري حول الثقافة الإعلامية، واستغلال ما أنتجته القناعات المُجتمعية حول مفاهيم الفساد والانحراف الفكري والنزعة الذاتية نحو المصالح الشخصية، وفقدان روح المسؤولية الجماعية، ونواتج سلبية أخرى كالسلام الداخلي مع النفس والآخر، ورابط الحميمية إلى الأرض والشجر والحجر والموروث والثقافة، وهاجس الخوف والقلق والاضطراب من المستقبل، جميعها عوامل يجب أن يُدركها "مُثقف الإعلام"، وأن تكون هي النقطة المحورية في انطلاقه نحو التغيير، وما يتناسب مع تطلعات المجتمع؛ لتنمو المقبولية التي حصل عليها في بداية مشواره وتصل به إلى قيادة المجتمع.
لذلك، فإن مقدار استيعاب أهمية الثقافة الإعلامية، واستثمارها بشكلها الصحيح، صار وسيلة لهيمنة مقبولية على أخرى، أو الإقرار بثقافة سامية وأخرى متدنية، وثقافة كونية وأخرى محلية، هو من صنع سياسة التدخلات الخارجية الهدامة، التي تحاول إقامة الحواجز بين الشعوب والحيلولة دون التقارب بينها.
مُثقف الإعلام ليس نظرية قدر كونه سلوكاً في الإنسان، بغض النظر عن الحدود الجغرافية، وعن العرق والدين واللون، ذلك أن الإنسان يعرف كيف يتعرّف على الإنسان شبيهه وصنوه، بعيداً عن فوارقنا المشروعة واختلاف عاداتنا وتباين أزيائنا، بالتالي هو قادر على طرح مقبوليته وفرضها على الآخرين.
وعلى ذلك، لا ينبغي للهوية السلوكية أن تتقوقع داخل خصوصية ضيقة تحول دون انطلاقها إلى فضاء الكونية الواسع والرحب، كونها ستنطلق رغماً عنا؛ لأنها بعيدة عن أن تكون شيئاً جامداً، وإنما هي ديناميكية متطورة، تتناغم مع المنظومة المجتمعية للإنسان في بعدها الأُسَري أو المناطقي، لتُصبح مُترجماً عن مدى المقبولية، التي صدّرتها المنظومة الإعلامية للفرد أمام المحيط.
"زيد" على المستوى الأُسَري ذو مقبولية عالية، حيث يحظى بحب والديه وإخوته؛ لأنه عطوف عليهم، كما أنه له نفس القدر من المقبولية في الشارع الذي يسكن فيه، يسلم على جيرانه، يزور مريضهم، يشاركهم أحزانهم، على عكس عمرو الذي لا يحظى بمقبولية أسرية أو مناطقية، قد يكون البعد الرابع للحقيقة أن عَمرو أفضل من زيد، إنما الفارق بينهما أن زيد مُثقف إعلام عكس زيد ذي الثقافة الإعلامية المحدودة.
شرائح "مثقفي الإعلام" ربما هي الأوسع؛ لأنها تضم مثقفي الأيديولوجيات الدنيوية والدينية وأصحاب النظريات الخلاصية المطلقة الذين يقودهم يقين راسخ بأن ما يحملونه من "رؤية" و"مشروع" يجب أن يُصدر من خلال منظومتهم الإعلامية الشخصية، في سلوكهم، وتصرفاتهم، وحركاتهم، بل وحتى أنفاسهم، ثم الانطلاق للعالم الأوسع، ربما ليس فقط لمجتمعاتهم بل وللعالم والإنسانية جمعاء، هنا هو المفهوم المفتاحي لإدراك الجوهر التفكيري لمثقفي الإعلام.
إنّ هذه الحميمية التي يحتاجها الإنسان في عالم اليوم المضطرب المفتوح، الذي يتصل فيها مع العالم، وفرص التقارب التي يصنعها بينه وبين ذاته من جهة، وبينه وبين المجتمع من جهة أُخرى، يجب أن تولد حالة من حالات التناغم، قُطباها منظومته الإعلامية الشخصية والمنظومة الإعلامية العامة؛ لتمتزج البرامج والمشروعات والخطط والطموحات مع مشاعر الإنسان وفكره وأولوياته وأمنه واستقراره؛ لصناعة شخصية ذات مقبولية عالية، كفيلة بتحقيق طموحاتها على مُختلف الأصعدة والمجالات، ذات شعور عالٍ بالمسؤولية، قادرة على القيادة ومواجهة حالات التغريب وحملات التشويه وسياسة الأمر الواقع.
البحث في هوية الإنسان كمشروع حضاري بشكل يخرجها من إطار التفكير الضيق نحوه، والأساليب التقليدية والأنماط الفكرية والأيديولوجية التي تعتمدها في تربيته وإعداده وإنتاجه، وإعادة هندسة بنائه الفكري حول الثقافة الإعلامية، واستغلال ما أنتجته القناعات المُجتمعية حول مفاهيم الفساد والانحراف الفكري والنزعة الذاتية نحو المصالح الشخصية، وفقدان روح المسؤولية الجماعية، ونواتج سلبية أخرى كالسلام الداخلي مع النفس والآخر، ورابط الحميمية إلى الأرض والشجر والحجر والموروث والثقافة، وهاجس الخوف والقلق والاضطراب من المستقبل، جميعها عوامل يجب أن يُدركها "مُثقف الإعلام"، وأن تكون هي النقطة المحورية في انطلاقه نحو التغيير، وما يتناسب مع تطلعات المجتمع؛ لتنمو المقبولية التي حصل عليها في بداية مشواره وتصل به إلى قيادة المجتمع.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/saad-abdul-azez-shaker/post_16872_b_19172914.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات