الأربعاء، 28 فبراير 2018

أردوغان يعود إلى إفريقيا مجدداً.. ماذا يريد الرئيس التركي من هذه الزيارات؟

أردوغان يعود إلى إفريقيا مجدداً.. ماذا يريد الرئيس التركي من هذه الزيارات؟

انطلقت جولة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الجديدة إلى إفريقيا، التي ستقوده إلى المغرب والغرب الإفريقي. منذ الإثنين 26 فبراير/شباط 2018، وستمتد إلى 2 مارس/ آذار 2018، من أجل عودة تركيا مرة أخرى إلى القارة السمراء.

ومن المقرر أن يزور الرئيس التركي الجزائر وموريتانيا والسنغال ومالي. ويندرج ضمن قائمة مهامه، تعزيز الشراكات الاقتصادية بما يتماشى مع طموح تركيا لتصبح شريكاً رئيسياً في القارة، وهي استراتيجية يأخذها رئيس الدولة التركية على محمل الجد، بعد أن أصبحت البلاد تحت قيادته شريكاً استراتيجياً لإفريقيا.

وقالت صحيفة "لتربيون" الفرنسية، إن الرئيس التركي يعود إلى إفريقيا في جولة جديدة تستغرق 5 أيام، بداية من الجزائر، ليتوجه بعدها إلى موريتانيا والسنغال ومالي. ووفقاً لبيان الرئاسة التركية، فإن الرئيس التركي يصطحب معه وفداً كبيراً من المسؤولين، وخاصةً من رجال الأعمال الأتراك، سيبحثون مع نظرائه الذين سيزورهم، "القضايا الاقتصادية بالأساس".

وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإن قائمة مهام الرئيس التركي تتضمن زيارات يجتمع فيها مع نظرائه، بالإضافة إلى القيام بمبادلات مع الجهات الفاعلة الاقتصادية والمستثمرين بمناسبة عقد منتدى الأعمال، فضلاً عن توقيع العديد من اتفاقات الشراكة وعقود للشركات التركية.

وتهدف هذه الجولة الإفريقية إلى تعزيز وجود الشركات التركية التي تنشط في القارة، والتي شهد نفوذها خلال السنوات الأخيرة تطوراً غير مسبوق في جميع المجالات تقريباً، من بناء وبنية تحتية، وأعمال تجارية زراعية، وصناعة وطاقة وخدمات وتربية. وحسب الأرقام الصادرة عن وزارة الاقتصاد التركية، تمثل قارة إفريقيا ما يقرب من 21% من رقم أعمال الشركات التركية في الخارج، حيث يستأثر شمال إفريقيا بنسبة 19%، بحسب الصحيفة الفرنسية.




غرب إفريقيا أولوية تركيا الجديدة في القارة السمراء





وترى الصحيفة الفرنسية أنه في غرب إفريقيا، ولا سيما في السنغال ومالي، تكتسي زيارة الرئيس التركي قيمة رمزية كبيرة. وعلى الرغم من أن نفوذ تركيا لا يتناقص؛ نظراً إلى وجود شركاتها واستثماراتها، فإن هذه هي المرة الأولى التي يتوجه فيها رئيس دولة لهذه الدول، كما هو الحال في موريتانيا. ويؤكد ذلك، المكانة التي تشغلها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في استراتيجية التوسع التركية. وقد سبق أن كان الرئيس أردوغان بغرب إفريقيا، في زيارة لساحل العاج وغانا ونيجيريا وغينيا، سنة 2016.

وتأتى هذه الجولة الجديدة لإفريقيا، مباشرة، بعد المنتدى الاقتصادي الأول بين تركيا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، والذي عُقد يومي 22 و23 فبراير/شباط 2018، في إسطنبول.




أردوغان الإفريقي





وتواصل تركيا توسيع نفوذها الاقتصادي في القارة السمراء، ويبدو أن الرئيس أردوغان لا ينوي وقف أشرعة سفنه. ففي 12 فبراير/شباط 2018، استضافت إسطنبول المؤتمر الوزاري الثاني بشأن التعاون بين تركيا وإفريقيا، والذي نظمه الاتحاد الإفريقي ووزارة الخارجية التركية. ومن المفترض أن يُعِد لعقد قمة الشراكة الثالثة بين تركيا والاتحاد الإفريقي، المقررة سنة 2019، بالإضافة إلى دراسة حالة التعاون الحالي، بحسب الصحيفة الفرنسية.

وتعمل تركيا على معالجة علاقاتها مع القارة، حيث يهدف أردوغان إلى جعل بلاده أحد الفاعلين الرئيسيين، وهو التزام اتخذه منذ مطلع العقد الأول من القرن الحالي، عندما كان رئيساً للوزراء. وتحت قيادته، عرف النفوذ التركي في إفريقيا نشاطاً مستمراً منذ ذلك الوقت. ومنذ سنة 2005 إلى حد الآن، شهد عدد السفارات التركية في إفريقيا زيادة من 12 إلى 41 سفارة، فضلاً عن وجود أكثر من 1000 شركة تركية بالقارة، من بينها الشركات الكبرى على غرار: الخطوط الجوية التركية، سوما، ليماك القابضة، أيكا للنسيج، أرسيليك، وأغروماستر.

وبحسب الصحيفة الفرنسية، يرافق هذه الدينامية توسيع الاستثمارات التركية في إفريقيا، مع ارتفاع المبادلات التجارية مع تركيا بعد أن كانت أقل من 100 مليون دولار سنة 2000، لتتجاوز 20 مليار دولار في الوقت الحالي. كما تهدف إسطنبول إلى زيادة قيمة مبادلاتها التجارية لتبلغ 100 مليار خلال السنوات الخمس المقبلة، أي بحلول سنة 2022. ولتحقيق هدفها، لا تنوي إسطنبول التراخي في استخدام الوسائل المتاحة أمامها.

لتأييد هذه الطموحات، تكررت زيارات الرئيس التركي إلى إفريقيا. ومنذ 3 سنوات من وصوله للرئاسة، أدى أردوغان أكثر من 20 زيارة رسمية إلى العديد من بلدان القارة؛ على غرار زيارته في ديسمبر/كانون الأول 2017 إلى السودان وتشاد وتونس. ولا يُخفي أردوغان طموحاته تجاه القارة الإفريقية عشية رحلته الجديدة، ولم ينسَ أن يذكّر بالسياق العام لهذه الجولات، من خلال إعادة تأكيد رغبته في تعزيز شراكته مع بلدان القارة.

وحيال هذا الشأن، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بحسب الصحيفة الفرنسية:

"على الرغم من أن تاريخنا مع القارة يعود إلى أكثر من 1000 سنة، فإننا أهملنا إفريقيا في القرن الماضي. لم تتح لنا فرصة الانفتاح على القارة؛ لأننا كنا مشغولين في حل مشاكلنا الداخلية. ولقد عملنا على مدى السنوات الـ15 الماضية على وضع حد لهذا الإهمال".

وتابع: "وفي هذا الإطار، عملنا على تسريع تنفيذ العملية التي بدأت في سنة 2005، تحت مسمى (سنة إفريقيا)، ومع الزيارات والتبادلات المشتركة، عالجنا علاقاتنا مع أشقائنا الأفارقة. واليوم، ترحب إفريقيا بالمستثمرين والتعاونيين والمنظمات الإنسانية والمتطوعين في جميع أنحاء القارة. ويدرس الطلاب الأفارقة أيضاً في بلدنا، حيث يأتي رجال الأعمال من القارة للقيام بأعمال تجارية أيضاً. إن شراكتنا الاقتصادية قوية، وسنعمل على تعميقها في مجالات مثل السياحة والثقافة والتجارة والدفاع والتعليم. وآمل أن نستمر في الاتجاه نفسه بالمستقبل".


وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإنه في إطار استراتيجيتها التوسعية، تحرص إسطنبول بشكل خاص على تسليط الضوء على الشراكة الاقتصادية. ومع تزايد نفوذها في القارة، تحاول تركيا توسيع نطاق موقعها الجيوستراتيجي، في الوقت الذي تؤكد نفسها أكثر فأكثر كقوة إقليمية على الساحة الدولية. ووراء عملية الإغواء التي يقوم بها أردوغان، تتعرض المصالح الجيوسياسية للخطر؛ لأن مجالات أخرى مهددة أيضاً في التحالف الذي تطوره البلاد حالياً في إفريقيا.

بالإضافة إلى الاستثمارات والتبرعات الأخرى، فضلاً عن شبكتها الدبلوماسية المتنامية، تَشغل تركيا أيضاً قضايا الدفاع، بوجود قاعدة عسكرية في الصومال ومخطط لبناء قاعدة أخرى بالسودان. وتعتزم تركيا، من الآن فصاعداً، لعب دور حاسم في مكافحة الإرهاب، من خلال الاستفادة من خبرتها في خدمة بعض البلدان التي تواجه البلاء نفسه. وتأتي مالي ضمن هذا المشروع، بعد أن ناقش أردوغان مع نظيره إبراهيم أبو بكر كيتا هذه المسألة.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2018/02/28/story_n_19342936.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات