تدقيق: رزق
لماذا يفشل استخدام الدين في دعوات الحرب والعنف بينما تنجح السياسة؟
في 27 ديسمبر/كانون الأول عام 1979، دخل مائة ألف من الجنود السوفييت الأراضي الأفغانية، وأعلنت الحركات المتمردة الحربَ على السوفييت لتحرير الأرض بما سمّوه " الجهاد".
هذا التاريخ يُعد من أسوأ أيام العصر الحالي، فيه تمت ولادة مجموعات مسلحة تستخدم العنف والدين لأغراض سياسية، وسيتغير اسمها إلى "جماعات إرهابية" فيما بعد، وهذا مصطلح سيُقتل بسببه آلاف من البشر، ويضع بصمته في تغيير السياسة العالمية، وستندلع حروب من أجله في الآن القريب.
الجنة هي منال كل مَن يحارب باسم الدين، وتكفير الآخر هو حجر الأساس في رفع سقف العنف في أي مكان، حتى يَطال المدنيين والأطفال والنساء.
فالدين أداة فعالة للحشد، وأسهل طريقة لإيجاد جنود متوحشين لا يهابون الموت، فالموت بالنسبة لهم يعني دخول الجنة.
على الجانب الآخر يصطفّ السياسيون ويدينون أعمال العنف، ويُتخذ ذلك ذريعة لمواجهته بكل بطش، فدخلت القوات الأميركية العراق وأفغانستان، ثم ابتلعت روسيا الشيشان، وصولاً إلى استمرار النظام السوري حتى الآن بسبب مواجهة الإرهاب.
لم ينجح العنف ذو الطابع الديني في أي حرب طيلة حياته، واقتصرت انتصاراته القصيرة في ميادين المعارك فقط لفترة محدودة؛ لأن جميع المعارك تُخاض في ميدان السياسة، فالساسة هم مَن يقررون في النهاية مواجهة هذا العنف بالدبابات والطيران على نطاق واسع، وبالتأكيد تضيع آلاف الأرواح من الأبرياء، ويبقى القليل من المسلحين في نهاية المعركة يسكنون بلداً خرباً، ممزقاً، قصيري اليدين، لا يملكون أي دعم خارجي أو محلي للاستمرار في المعارضة، أو لتحقيق أهدافهم السياسية على الأقل.
لا يوجد مكان في مقاليد الحكم من نصيب المجاهدين في أي دولة حاربوا فيها، فقد حارب المجاهدون في الشيشان وأفغانستان والعراق وليبيا والجزائر وحالياً في مصر وسوريا، ولم يحصلوا على أي نصر سياسي.
قبل أسابيع رأينا النظام السوري وهو يشرعن هجومه الوحشي على الغوطة، تماماً كما حدث في حلب، وهو بالإشارة للحركات المسلحة ذات الطابع الديني بـ"الإرهاب" ومن ثَمّ تحريك الجيش وإبادة الجميع، وسط صمت دولي على انتهاكات كل حقوق الشعب السوري في معارضة نظامه.
أما عن مصر، فجماعة الإخوان المسلمين استمرت في وجودها من خلال النزعة الدينية وواجهت العديد من حملات الاعتقال والإعدام، منذ عهد الملك فاروق حتى الآن، وكان السبب الرئيسي في بقائها هو الدين، ولولا هذه النزعة الدينية لاندثر الحزب واختفى نشاطه.
استخدام الدين والعنف في حشد الجماهير وسيلة فاشلة في تحقيق أي مكسب سياسي ويشار إليها بالإرهاب والتطرف دائماً، مهما كبرت أعداد الجماهير فمصير هذه الحركات هو الموت والخراب، انتهت الدولة العثمانية وكل الإمبراطوريات الدينية بلا رجعة، وأيضاً أشرس ما جاء من حراك متطرف كان تنظيم الدولة الإسلامية، وأيضاً خسر الحرب في سوريا والعراق.
العصر الحالي تنصب الانتصارات أولاً في ميادين السياسة، في المحاكم الدولية والأمم المتحدة، فقط في إطار القانون وليس بسلطان قوة السلاح، فأي حرب تحتاج إلى غطاء سياسي لشرعنتها وللدفاع عنها تماماً مثل سوريا، فالنظام السوري يرتكب المجازر يومياً دون تدخُّل أي من دول العالم في شأنه من خلال غطائه السياسي المنيع المتمركز في محاربة "الإرهاب"، وأخوه النظام المصري بداية من فض اعتصام رابعة بالقوة الدامية وصولاً إلى إعدام المدنيين من خلال محاكمات عسكرية والقبض على الصحفيين، من نفس الستار وهو مكافحة الإرهاب.
رأينا جميعاً خالد علي وهو يبارز النظام المصري في الميادين السياسية في قضية تيران وصنافير، وأيضاً كيف كان يوجِّه ضربات للنظام المصري في الانتخابات الرئاسية، فهذه الضربات لم تغيّر الواقع، ولكن توّجت بانتصار سياسي أمام الرأي العام المحلي والدولي، فنحن نرى الآن النظام المصري وهو يستعين بمرشح رئاسي غريب الأطوار فقط لحفظ ماء وجهه أمام الرأي العام الدولي، فإن دل ذلك فإنه يدل على انتصار خالد علي من خلال الحرب السياسية ضد النظام.
تغيير الأنظمة الديكتاتورية لن ينجح بالعنف حتى ولو مزج العنف بالطابع الديني ستنتهي في نهاية المطاف؛ لضعف جبهته السياسية، وعلى الجميع أن يعي ذلك بأن العنف لا يناسب هذا العصر، ولن يُتوّج بأي انتصار مهما بلغت قوته.
لماذا يفشل استخدام الدين في دعوات الحرب والعنف بينما تنجح السياسة؟
في 27 ديسمبر/كانون الأول عام 1979، دخل مائة ألف من الجنود السوفييت الأراضي الأفغانية، وأعلنت الحركات المتمردة الحربَ على السوفييت لتحرير الأرض بما سمّوه " الجهاد".
هذا التاريخ يُعد من أسوأ أيام العصر الحالي، فيه تمت ولادة مجموعات مسلحة تستخدم العنف والدين لأغراض سياسية، وسيتغير اسمها إلى "جماعات إرهابية" فيما بعد، وهذا مصطلح سيُقتل بسببه آلاف من البشر، ويضع بصمته في تغيير السياسة العالمية، وستندلع حروب من أجله في الآن القريب.
الجنة هي منال كل مَن يحارب باسم الدين، وتكفير الآخر هو حجر الأساس في رفع سقف العنف في أي مكان، حتى يَطال المدنيين والأطفال والنساء.
فالدين أداة فعالة للحشد، وأسهل طريقة لإيجاد جنود متوحشين لا يهابون الموت، فالموت بالنسبة لهم يعني دخول الجنة.
على الجانب الآخر يصطفّ السياسيون ويدينون أعمال العنف، ويُتخذ ذلك ذريعة لمواجهته بكل بطش، فدخلت القوات الأميركية العراق وأفغانستان، ثم ابتلعت روسيا الشيشان، وصولاً إلى استمرار النظام السوري حتى الآن بسبب مواجهة الإرهاب.
لم ينجح العنف ذو الطابع الديني في أي حرب طيلة حياته، واقتصرت انتصاراته القصيرة في ميادين المعارك فقط لفترة محدودة؛ لأن جميع المعارك تُخاض في ميدان السياسة، فالساسة هم مَن يقررون في النهاية مواجهة هذا العنف بالدبابات والطيران على نطاق واسع، وبالتأكيد تضيع آلاف الأرواح من الأبرياء، ويبقى القليل من المسلحين في نهاية المعركة يسكنون بلداً خرباً، ممزقاً، قصيري اليدين، لا يملكون أي دعم خارجي أو محلي للاستمرار في المعارضة، أو لتحقيق أهدافهم السياسية على الأقل.
لا يوجد مكان في مقاليد الحكم من نصيب المجاهدين في أي دولة حاربوا فيها، فقد حارب المجاهدون في الشيشان وأفغانستان والعراق وليبيا والجزائر وحالياً في مصر وسوريا، ولم يحصلوا على أي نصر سياسي.
قبل أسابيع رأينا النظام السوري وهو يشرعن هجومه الوحشي على الغوطة، تماماً كما حدث في حلب، وهو بالإشارة للحركات المسلحة ذات الطابع الديني بـ"الإرهاب" ومن ثَمّ تحريك الجيش وإبادة الجميع، وسط صمت دولي على انتهاكات كل حقوق الشعب السوري في معارضة نظامه.
أما عن مصر، فجماعة الإخوان المسلمين استمرت في وجودها من خلال النزعة الدينية وواجهت العديد من حملات الاعتقال والإعدام، منذ عهد الملك فاروق حتى الآن، وكان السبب الرئيسي في بقائها هو الدين، ولولا هذه النزعة الدينية لاندثر الحزب واختفى نشاطه.
استخدام الدين والعنف في حشد الجماهير وسيلة فاشلة في تحقيق أي مكسب سياسي ويشار إليها بالإرهاب والتطرف دائماً، مهما كبرت أعداد الجماهير فمصير هذه الحركات هو الموت والخراب، انتهت الدولة العثمانية وكل الإمبراطوريات الدينية بلا رجعة، وأيضاً أشرس ما جاء من حراك متطرف كان تنظيم الدولة الإسلامية، وأيضاً خسر الحرب في سوريا والعراق.
العصر الحالي تنصب الانتصارات أولاً في ميادين السياسة، في المحاكم الدولية والأمم المتحدة، فقط في إطار القانون وليس بسلطان قوة السلاح، فأي حرب تحتاج إلى غطاء سياسي لشرعنتها وللدفاع عنها تماماً مثل سوريا، فالنظام السوري يرتكب المجازر يومياً دون تدخُّل أي من دول العالم في شأنه من خلال غطائه السياسي المنيع المتمركز في محاربة "الإرهاب"، وأخوه النظام المصري بداية من فض اعتصام رابعة بالقوة الدامية وصولاً إلى إعدام المدنيين من خلال محاكمات عسكرية والقبض على الصحفيين، من نفس الستار وهو مكافحة الإرهاب.
رأينا جميعاً خالد علي وهو يبارز النظام المصري في الميادين السياسية في قضية تيران وصنافير، وأيضاً كيف كان يوجِّه ضربات للنظام المصري في الانتخابات الرئاسية، فهذه الضربات لم تغيّر الواقع، ولكن توّجت بانتصار سياسي أمام الرأي العام المحلي والدولي، فنحن نرى الآن النظام المصري وهو يستعين بمرشح رئاسي غريب الأطوار فقط لحفظ ماء وجهه أمام الرأي العام الدولي، فإن دل ذلك فإنه يدل على انتصار خالد علي من خلال الحرب السياسية ضد النظام.
تغيير الأنظمة الديكتاتورية لن ينجح بالعنف حتى ولو مزج العنف بالطابع الديني ستنتهي في نهاية المطاف؛ لضعف جبهته السياسية، وعلى الجميع أن يعي ذلك بأن العنف لا يناسب هذا العصر، ولن يُتوّج بأي انتصار مهما بلغت قوته.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست عربي لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/mazen-abdelhalim/post_17114_b_19372406.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات