فضاءان مختلفان، وبلغات مختلفة، أحدهما مترجم، والآخر متطفل في كثير من الأحيان.
أتحدث عن كوميديا الغباء (الخبل، العته، العباطة، البلادة، الجهل)، في الدراما العربية والأفلام المختصة بنوع مسيطر من أنواع الكوميديا ينتهي الغباء في تسلسل درامي فانتازي إلى قمة الذكاء والعبقرية، معطياً المواطن العربي جرعة مخدرة أنه في النهاية قادر على قلب المواقف واستدراك اللحظات المأساوية، وتحويلها إلى خامات قابلة للتكرير والفصل والتنقية في نظرة هي ما تكون أبعد عن الواقع.
الفضاء الذي أتناوله ليس (جيم كاري) وأمثاله؛ إذ لا يستنسخ الفضاء العربي نهاياته.
الفضاء الآخر هو Gumball وهو فضاء خصب لا يدّعي الذكاء في أي مكنون من مكنوناته، ولا أي نهاية من نهاياته. صانعو هذه الشخصية لا ينتظرون محاكاة أفعالها من قِبَل الأطفال، ولكن فهم خباياها، فالأطفال في الغرب يدرسون الدراما وهم في كثير من الأحيان قادرون على نقدها.
في رد أحد هؤلاء الأطفال على تعليقي بأن هذه الشخصية غبية أجاب بأنه ليس غبياً، وإنما مماطل.
ببساطة والكلام للمتابع الفاهم لمسلسلات الأطفال يستطيع أن يصنع من أيّ كان، مجرد أضحوكة، وذلك باتخاذ مسارات درامية معينة تتماشى مع الواقع.
أليست مجتمعاتنا هي مثال على الذين لا يتعلمون من أخطائهم؟
علينا أن نفرق بين "الإفّيه" الذي هو صورة للمقاربة بين الواقع والخيال ربما تكون متحركة أو صاخبة، وبين المفارقة وهي حدث وهو ما يعنينا هنا.
السؤال هنا: لماذا لا نستطيع أن نتعايش كأطفال متلقين وكأولياء أمور راصدين ومراقبين مع الكوميديا المعاصرة؟!
تابوهات الثلاثي المقدس: دين، جنس، سياسة. نحافظ عليها. أضفنا لها حديثاً بسبب المحاكاة الفجة، بعض أنواع الكوميديا. لقد أصبحت في مجتمعاتنا أشياء مرفوضة. أحياناً بسبب إيحاءاتها وأحياناً أخرى بما تحمله من مضمون.
القصور هو في مناهجنا الدراسية التي تريد أن تصنع مواطناً صالحاً مثالياً. أين في مناهجنا تستطيع قراءة كلمات خارجة وتصنيفاتها؟ هل هي مرفوضة جملةً وتفصيلاً أم هناك آراء أخرى؟ لماذا لا تدرس الدراما في المدارس الحكومية ويكون لها منهاج رسمي؟
كم تأخذ الدراما من حياتنا؟
أحيانا تقدم لنا الأنباء في نشرات الأخبار بطريقة درامية، هل أفلام هوليوود سهام تغرس في قلوبنا؟ هل نحن نسير عبر مسارات رسمت لنا؟
أسئلة كثيرة يجب أن نطرحها على أنفسنا، ولكننا لا نستطيع الإجابة بسبب جهلنا بكثير مما يمر أمام أعيننا يومياً. لماذا بعضنا يجلس ساعات أمام الشاشة، بينما لا يقرأ مقالة نقدية واحدة طوال حياته؟ إننا نعتمد على نضوج خبراتنا في الحياة الواقعية.
إذا كنا ناضجين لماذا تشدنا المسلسلات إلى نهاياتها؟
يجب أن نبدأ من مكان ما، نحن تبدأ علاقتنا مع الشاشة منذ الصغر، أولئك الأطفال الممنوعون سوى من برامج معينة وقنوات معينة، يظهر تأثيرها عليهم حتى في اللغة، ما هو الطبيعي وغير الطبيعي؟ نحن نحاكي مجتمعاً غريب الأطوار.
من هو المريض النفسي؟ هل هو ذلك الشخص الذي بدأت تظهر عليه أمور نشاز؟ أم هو ذلك الشيخ الذي يأمر الفراغ على أنه جن وشياطين. في الكوميديا العربية لا يتم تقديم (الطبيب النفسي) بصورة لائقة. في الواقع يتم التعامل مع هذه الشخصية بحذر؛ لأنه من السهل عليه أن يرسل أياً كان إلى "مستشفى الأمراض العقلية". إن ربط مواد كيميائية بأفكار محددة هو ضرب من الجنون.
إن هناك أطباء نفسيين في الغرب يُعزون نجاحهم مع مرضاهم؛ لأنهم لا يرون أعراضاً مرضية عندهم.
إن الفكاهي أو الكوميديان يظهر بخفة تقترب من خفة المريض النفسي، وبذلك يحكم عليه الكاتب بالجنون، ومن خلاله ينتهز المواقف لاستجداء الضحكات، متى ينتقل المجنون إلى هازم المستحيل؟
لماذا لا يذهب الدجال إلى الطبيب النفسي لعلاجه من هلوساته؟ هل هذا السؤال مطروح؟ هل يضحي بمصدر رزقه؟ هل هذا هو المعيار أو المحك؟ جلب الأموال، إذا كان النشاط مجدياً مالياً فلا مانع منه.
هل هذا المعيار يمكن تطبيقه على الكوميديا؟ ماذا يريد المشاهد؟ ماذا يدفع لكي يشاهد؟ أم ماذا يخسر عندما يشاهد؟
تشكيل الوعي العربي.. تشكيل الذائقة العربية.. تشكيل المستقبل العربي.. بعد تشكيل عقلية الطفل العربي.
هناك قناة عربية انتقلت إلى قناة مشفرة بعدما أثبتت نجاحها كقناة مفتوحة، إن هذا يثبت أن السعي للمال هو من الأمور التي تحرك الأشياء من حولنا وإلى الدفع نحو حالة من التهريج العام.
كيف يعيش الإنسان العربي في هذا الجو المشحون، الدراما من حوله كفيلم رعب، وهو كوميديان الواقع، هل سأل أحد نفسه في موقف ما، لو كان الممثل المشهور فلان مكاني فماذا سيفعل؟ لقد سألت نفسي مرة هذا السؤال وتصرفت كما هو مطلوب والنتيجة موقف كوميدي.
إن الكاتب والمخرج هو من يجعل من الممثل شخصية مضحكة، إن جني المال هو هدف الممثل العربي. أتذكر مسرحية للأطفال حاولت حضورها في صغري وكنت متسللاً بلا تذكرة وقد وصلت بجهد جهيد، لقد كنت آخر طفل حرص الممثل العربي على إخراجه من الباب بنفسه.
التدفق المتنامي للأفلام الأجنبية ما هو هدفه؟ قطعاً المال مأخوذ بعين الاعتبار، لا يوجد خطوط حمراء فيما يقدمه الغرب لنا، إذا أرادوا تغيير شيء فما عليهم سوى الإعلان عنه.
ما قيمة الفنان أو الممثل في حياتنا؟ ما يفعله الممثل هو شيء غير رزين أو ثقَّال؟ ما هي نظرتنا نحو الذي يقدم الكوميديا؟
هل يمكن طرح السؤال؟
أتحدث عن كوميديا الغباء (الخبل، العته، العباطة، البلادة، الجهل)، في الدراما العربية والأفلام المختصة بنوع مسيطر من أنواع الكوميديا ينتهي الغباء في تسلسل درامي فانتازي إلى قمة الذكاء والعبقرية، معطياً المواطن العربي جرعة مخدرة أنه في النهاية قادر على قلب المواقف واستدراك اللحظات المأساوية، وتحويلها إلى خامات قابلة للتكرير والفصل والتنقية في نظرة هي ما تكون أبعد عن الواقع.
الفضاء الذي أتناوله ليس (جيم كاري) وأمثاله؛ إذ لا يستنسخ الفضاء العربي نهاياته.
الفضاء الآخر هو Gumball وهو فضاء خصب لا يدّعي الذكاء في أي مكنون من مكنوناته، ولا أي نهاية من نهاياته. صانعو هذه الشخصية لا ينتظرون محاكاة أفعالها من قِبَل الأطفال، ولكن فهم خباياها، فالأطفال في الغرب يدرسون الدراما وهم في كثير من الأحيان قادرون على نقدها.
في رد أحد هؤلاء الأطفال على تعليقي بأن هذه الشخصية غبية أجاب بأنه ليس غبياً، وإنما مماطل.
ببساطة والكلام للمتابع الفاهم لمسلسلات الأطفال يستطيع أن يصنع من أيّ كان، مجرد أضحوكة، وذلك باتخاذ مسارات درامية معينة تتماشى مع الواقع.
أليست مجتمعاتنا هي مثال على الذين لا يتعلمون من أخطائهم؟
علينا أن نفرق بين "الإفّيه" الذي هو صورة للمقاربة بين الواقع والخيال ربما تكون متحركة أو صاخبة، وبين المفارقة وهي حدث وهو ما يعنينا هنا.
السؤال هنا: لماذا لا نستطيع أن نتعايش كأطفال متلقين وكأولياء أمور راصدين ومراقبين مع الكوميديا المعاصرة؟!
تابوهات الثلاثي المقدس: دين، جنس، سياسة. نحافظ عليها. أضفنا لها حديثاً بسبب المحاكاة الفجة، بعض أنواع الكوميديا. لقد أصبحت في مجتمعاتنا أشياء مرفوضة. أحياناً بسبب إيحاءاتها وأحياناً أخرى بما تحمله من مضمون.
القصور هو في مناهجنا الدراسية التي تريد أن تصنع مواطناً صالحاً مثالياً. أين في مناهجنا تستطيع قراءة كلمات خارجة وتصنيفاتها؟ هل هي مرفوضة جملةً وتفصيلاً أم هناك آراء أخرى؟ لماذا لا تدرس الدراما في المدارس الحكومية ويكون لها منهاج رسمي؟
كم تأخذ الدراما من حياتنا؟
أحيانا تقدم لنا الأنباء في نشرات الأخبار بطريقة درامية، هل أفلام هوليوود سهام تغرس في قلوبنا؟ هل نحن نسير عبر مسارات رسمت لنا؟
أسئلة كثيرة يجب أن نطرحها على أنفسنا، ولكننا لا نستطيع الإجابة بسبب جهلنا بكثير مما يمر أمام أعيننا يومياً. لماذا بعضنا يجلس ساعات أمام الشاشة، بينما لا يقرأ مقالة نقدية واحدة طوال حياته؟ إننا نعتمد على نضوج خبراتنا في الحياة الواقعية.
إذا كنا ناضجين لماذا تشدنا المسلسلات إلى نهاياتها؟
يجب أن نبدأ من مكان ما، نحن تبدأ علاقتنا مع الشاشة منذ الصغر، أولئك الأطفال الممنوعون سوى من برامج معينة وقنوات معينة، يظهر تأثيرها عليهم حتى في اللغة، ما هو الطبيعي وغير الطبيعي؟ نحن نحاكي مجتمعاً غريب الأطوار.
من هو المريض النفسي؟ هل هو ذلك الشخص الذي بدأت تظهر عليه أمور نشاز؟ أم هو ذلك الشيخ الذي يأمر الفراغ على أنه جن وشياطين. في الكوميديا العربية لا يتم تقديم (الطبيب النفسي) بصورة لائقة. في الواقع يتم التعامل مع هذه الشخصية بحذر؛ لأنه من السهل عليه أن يرسل أياً كان إلى "مستشفى الأمراض العقلية". إن ربط مواد كيميائية بأفكار محددة هو ضرب من الجنون.
إن هناك أطباء نفسيين في الغرب يُعزون نجاحهم مع مرضاهم؛ لأنهم لا يرون أعراضاً مرضية عندهم.
إن الفكاهي أو الكوميديان يظهر بخفة تقترب من خفة المريض النفسي، وبذلك يحكم عليه الكاتب بالجنون، ومن خلاله ينتهز المواقف لاستجداء الضحكات، متى ينتقل المجنون إلى هازم المستحيل؟
لماذا لا يذهب الدجال إلى الطبيب النفسي لعلاجه من هلوساته؟ هل هذا السؤال مطروح؟ هل يضحي بمصدر رزقه؟ هل هذا هو المعيار أو المحك؟ جلب الأموال، إذا كان النشاط مجدياً مالياً فلا مانع منه.
هل هذا المعيار يمكن تطبيقه على الكوميديا؟ ماذا يريد المشاهد؟ ماذا يدفع لكي يشاهد؟ أم ماذا يخسر عندما يشاهد؟
تشكيل الوعي العربي.. تشكيل الذائقة العربية.. تشكيل المستقبل العربي.. بعد تشكيل عقلية الطفل العربي.
هناك قناة عربية انتقلت إلى قناة مشفرة بعدما أثبتت نجاحها كقناة مفتوحة، إن هذا يثبت أن السعي للمال هو من الأمور التي تحرك الأشياء من حولنا وإلى الدفع نحو حالة من التهريج العام.
كيف يعيش الإنسان العربي في هذا الجو المشحون، الدراما من حوله كفيلم رعب، وهو كوميديان الواقع، هل سأل أحد نفسه في موقف ما، لو كان الممثل المشهور فلان مكاني فماذا سيفعل؟ لقد سألت نفسي مرة هذا السؤال وتصرفت كما هو مطلوب والنتيجة موقف كوميدي.
إن الكاتب والمخرج هو من يجعل من الممثل شخصية مضحكة، إن جني المال هو هدف الممثل العربي. أتذكر مسرحية للأطفال حاولت حضورها في صغري وكنت متسللاً بلا تذكرة وقد وصلت بجهد جهيد، لقد كنت آخر طفل حرص الممثل العربي على إخراجه من الباب بنفسه.
التدفق المتنامي للأفلام الأجنبية ما هو هدفه؟ قطعاً المال مأخوذ بعين الاعتبار، لا يوجد خطوط حمراء فيما يقدمه الغرب لنا، إذا أرادوا تغيير شيء فما عليهم سوى الإعلان عنه.
ما قيمة الفنان أو الممثل في حياتنا؟ ما يفعله الممثل هو شيء غير رزين أو ثقَّال؟ ما هي نظرتنا نحو الذي يقدم الكوميديا؟
هل يمكن طرح السؤال؟
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/khaled-mohamad-alnobani/story_b_19353816.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات