يقول المثل الإنكليزي: "خطأ الطبيب يدفن في باطن الأرض، وخطأ المهندس يقع على الأرض، بينما يمشي خطأ المعلم على الأرض".
حضرت الأسبوع الماضي مناسبة وثيقة الصلة باللغة العربية، وجاء في مقدمة الحفل خطأ لا يغتفر.
الأخطاء اللغوية لا حصر لها في عصرنا هذا، لكن ما يُفاقم الذنب ويُضاعف الجريرة أن يأتي الخطأ في محفلٍ يتصل باللغة، وراعي الشاة يحمي الذئب عنها فكيف إذا الرعاة لها الذئاب؟!
جاءت كلمة "اللجوح" في غير موضعها، وقد وردت ضمن أبيات شعرية للإمام الشافعي، ورجعت إلى كتب أهل اللغة فلم أقف لها على أصل.
بحثت عن الكلمة على الشبكة العنكبوتية؛ فوجدتها في عددٍ كبير من المواقع التي نقلتها دون تثبتٍ أو وعي لمعنى اللفظة.
قال الشافعي رحمه الله: (وإياك اللجوج ومن يرائي بأني قد غلبتُ ومن يفاخر)، وفي هذا البيت فائدة جليلة تتلخص في اجتناب الشخص الملحاح؛ كثير الإلحاح في الجدل والخصومة، وهي صيغة مبالغة من الفعل لجَّ، وقد اتصف اليهود بهذه الصفة الذميمة. ويمكن استعمال كلمة اللحوح مكان اللجوج لتقارب المعنى، لكن اللجوح لا تؤدي المعنى؛ إذ إنها ليست من وضع العرب.
هنا الجرم أكبر من مجرد نطق مقدم الحفل للكلمة؛ فالكل يخطئ ولا معصوم من الخطأ والسهو بشرٌ مهما ارتفع شأنه.
المشكلة أن تتناقل المواقع الإلكترونية بما فيها بعض المواقع المهتمة بالأدب والشعر العربي للكلمة دون أن يقف أحدهم ليتساءل عن المراد من تلك اللفظة.
وقد يكون الأصلُ فيها سهواً كتابياً محتملاً، ولكن النقل دون قراءة للنص وفهمه أدى لذيوع كلمة لا أصل لها في لغة العرب.
الأخطاء الكتابية قد تقتل، ولا أبالغ في هذا الطرح؛ فقد قتلت نقطة "توما الحكيم" الذي قرأ الحية السوداء شفاء كلِّ داء. قرأ الحية مكان الحبة؛ فالتمس حية سوداء فلدغته فمات.
وهناك أمثلة كثيرة للأخطاء الكتابية، ولم يسلم منها كبار العلماء والأدباء، وليس المقصود من طرحنا أن نتهم الناس بالجهل، لا سمح الله بذلك، بل هي دعوة للتثبت قبل النقل. العلم هو مبتدأنا وخبرنا وحوله ندندن ومنه نستقي.
لأن الشيء بالشيء يُذكَر فقد تناول الدكتور فاروق مواسي تصحيح خطأ كتابي وقع فيه شيخنا الشعراوي، وهو الإمام العلم، نقلاً عن كتاب أسواق الذهب لأمير الشعراء أحمد شوقي.
فقد نقل الشعراوي عن أسواق الذهب: "لا يزال الشعر عاقلاً -أي لا زينة له- ولا تزال الحكمة شاردة حتى يؤويها بيت من الشعر يُحفظ ويُتداول على مرِّ العصور". كلمة (عاطلاً) هي الصحيحة؛ فالعاطل هي المرأة التي لا زينة لها، وقد وردت كلمة (عاطلاً) في أسواق الذهب طبعة الاستقامة 1951 صفحة 134 بما يعني أن كتابتها (عاقلاً) خطأ مطبعي.
الأخطاء واردة ولا ينكر ذلك العقلاء، ولكن التثبت يبقى سمة هامة تقلل من تلك الأخطاء؛ فعلى كل متذوقٍ للغة أن يجتهد في تشذيب ما ينقله، وتدقيقه لغوياً وبذلك يؤدي خدمة عظيمة للغة ولمحبيها.
يذكر التاريخ الرحلة الشاقة التي قطعها ابن غطوس ليصحح كلمةً واحدة! قطع ابن غطوس رحلة استمرت أربعين يوماً؛ لأنه توهَّم خطأ في حرفٍ من حروف مصحفٍ باعه، ووصل لدار الرجل وعمد إلى "ضمة" في آيةٍ من سورة الزخرف؛ فأحالها إلى "سكون"، وقال: الحمد لله! لقد برئت ذمّتي.
انتشار الأخطاء الإملائية لا يغريك بأن تزيدها، بل يجدر بك أن تبذل نكيثتك في تقليل تلك الأخطاء، وأن تكون مثالاً يحتذى به في الكتابة والنقل على نحوٍ صحيح، ورفقاً بالضاد.
حضرت الأسبوع الماضي مناسبة وثيقة الصلة باللغة العربية، وجاء في مقدمة الحفل خطأ لا يغتفر.
الأخطاء اللغوية لا حصر لها في عصرنا هذا، لكن ما يُفاقم الذنب ويُضاعف الجريرة أن يأتي الخطأ في محفلٍ يتصل باللغة، وراعي الشاة يحمي الذئب عنها فكيف إذا الرعاة لها الذئاب؟!
جاءت كلمة "اللجوح" في غير موضعها، وقد وردت ضمن أبيات شعرية للإمام الشافعي، ورجعت إلى كتب أهل اللغة فلم أقف لها على أصل.
بحثت عن الكلمة على الشبكة العنكبوتية؛ فوجدتها في عددٍ كبير من المواقع التي نقلتها دون تثبتٍ أو وعي لمعنى اللفظة.
قال الشافعي رحمه الله: (وإياك اللجوج ومن يرائي بأني قد غلبتُ ومن يفاخر)، وفي هذا البيت فائدة جليلة تتلخص في اجتناب الشخص الملحاح؛ كثير الإلحاح في الجدل والخصومة، وهي صيغة مبالغة من الفعل لجَّ، وقد اتصف اليهود بهذه الصفة الذميمة. ويمكن استعمال كلمة اللحوح مكان اللجوج لتقارب المعنى، لكن اللجوح لا تؤدي المعنى؛ إذ إنها ليست من وضع العرب.
هنا الجرم أكبر من مجرد نطق مقدم الحفل للكلمة؛ فالكل يخطئ ولا معصوم من الخطأ والسهو بشرٌ مهما ارتفع شأنه.
المشكلة أن تتناقل المواقع الإلكترونية بما فيها بعض المواقع المهتمة بالأدب والشعر العربي للكلمة دون أن يقف أحدهم ليتساءل عن المراد من تلك اللفظة.
وقد يكون الأصلُ فيها سهواً كتابياً محتملاً، ولكن النقل دون قراءة للنص وفهمه أدى لذيوع كلمة لا أصل لها في لغة العرب.
الأخطاء الكتابية قد تقتل، ولا أبالغ في هذا الطرح؛ فقد قتلت نقطة "توما الحكيم" الذي قرأ الحية السوداء شفاء كلِّ داء. قرأ الحية مكان الحبة؛ فالتمس حية سوداء فلدغته فمات.
وهناك أمثلة كثيرة للأخطاء الكتابية، ولم يسلم منها كبار العلماء والأدباء، وليس المقصود من طرحنا أن نتهم الناس بالجهل، لا سمح الله بذلك، بل هي دعوة للتثبت قبل النقل. العلم هو مبتدأنا وخبرنا وحوله ندندن ومنه نستقي.
لأن الشيء بالشيء يُذكَر فقد تناول الدكتور فاروق مواسي تصحيح خطأ كتابي وقع فيه شيخنا الشعراوي، وهو الإمام العلم، نقلاً عن كتاب أسواق الذهب لأمير الشعراء أحمد شوقي.
فقد نقل الشعراوي عن أسواق الذهب: "لا يزال الشعر عاقلاً -أي لا زينة له- ولا تزال الحكمة شاردة حتى يؤويها بيت من الشعر يُحفظ ويُتداول على مرِّ العصور". كلمة (عاطلاً) هي الصحيحة؛ فالعاطل هي المرأة التي لا زينة لها، وقد وردت كلمة (عاطلاً) في أسواق الذهب طبعة الاستقامة 1951 صفحة 134 بما يعني أن كتابتها (عاقلاً) خطأ مطبعي.
الأخطاء واردة ولا ينكر ذلك العقلاء، ولكن التثبت يبقى سمة هامة تقلل من تلك الأخطاء؛ فعلى كل متذوقٍ للغة أن يجتهد في تشذيب ما ينقله، وتدقيقه لغوياً وبذلك يؤدي خدمة عظيمة للغة ولمحبيها.
يذكر التاريخ الرحلة الشاقة التي قطعها ابن غطوس ليصحح كلمةً واحدة! قطع ابن غطوس رحلة استمرت أربعين يوماً؛ لأنه توهَّم خطأ في حرفٍ من حروف مصحفٍ باعه، ووصل لدار الرجل وعمد إلى "ضمة" في آيةٍ من سورة الزخرف؛ فأحالها إلى "سكون"، وقال: الحمد لله! لقد برئت ذمّتي.
انتشار الأخطاء الإملائية لا يغريك بأن تزيدها، بل يجدر بك أن تبذل نكيثتك في تقليل تلك الأخطاء، وأن تكون مثالاً يحتذى به في الكتابة والنقل على نحوٍ صحيح، ورفقاً بالضاد.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/mohamed-mohamed-shabrawi/-_15189_b_19368200.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات