"عالم واحد ونحن جميعاً نحب أولادنا، أرجوكم ساعدوا الروهينغا" بهذه الكلمات نال اللاعب البرتغالي إعجاب ذوات الإنسانية حول العالم عبر تغريدة له على موقع تويتر، كانت التغريدة ترافقها صورتان الأولى له وهو يحمل أطفاله والثانية لروهينغي لاجئ يحمل صغيره.
إنسانية الأفراد لا المؤسسات
والسؤال هنا.. هل الإنسانية لدينا تتجزأ أو يرادفها عنصرية تختفي بداخلنا؟
نتعاطف مع الإنسان لأنه إنسان أم لأنه إنسان يُشبهُنا لوناً وعرقاً ولغةً!
في آخر سبع سنوات من عامنا هذا وهي عجاف أم العجاف هي ما سيأتي لا أعرف، كثُرت القضايا الإنسانية وزاد عدد اللاجئين والنازحين من دمار بلدان وفشل ثورة وانقسام فصائلي وتدخلات طائفية وهنا أتحدثُ عن "سوريا" أما عن الانفصالات والتحالفات الخارجية والانقلابات العسكرية فتعرض نحو ثلثي شعبٍ بأكمله لخطر المجاعة والفناء وتعرض حوالي ٥٠ ألف طفل لخطر الموت على إثر الأمراض والإهمال الطبي والجوع منذ ثلاثة أشهر والمقصود هنا "اليمن"، أما عن المأساة المُتجددة التي لا تنتهي مأساة العرق والدين هُناك في ميانمار"بورما" البعيدة التي لا أحد يعرفُ مكانها، مأساة عرقية تتجددُ كل حين، يُكتب على مسلمي الروهينغا القتل أو اللجوء في دولٍ مجاورة ك"بنغلاديش"
وما اللجوء في أغلبه عبودية أو استغلال جنسي أو سُخرة لعملٍ شاق.
فهل المُنظمات المعنية بأمر الإنسانية تقف مرتصة على بعدٍ واحد مع تلك القضايا أم تستبق خطوة أمامية عند قضية وأخرى تتأخر للوراء لا مبالية بما يحدُث.
والحديث عن تبني تلك القضايا للمنظمات يطول، فكل منظمة لها مشروعها وأهدافها وتمويلها وشركاؤها وسياساتها التي تتفق وتختلف مع سياسات دولية وإقليمية فالنظرة إليها لا تقترب من البعد الإنساني مباشرةً ولكن تقترب من أهداف أخرى.
أما عن الإنسان.. الفرد الذي يعيش هنا وهناك الذي يتفاعل بين حدثٍ قريب وآخر بعيد.. الذي يكتبُ مقالاً أو تقريراً مفصلاً عن تدهور أحوال الإنسانية في قضية بعينها.. الذي ينشرُ على فيسبوك ويغرد على تويتر.. فعندما تتساوى القضية في مأساتها تتساوى عند الفرد في أهميتها أم تتدخل أشياء كاللون والعرق والهوية والدين في المسألة فتعطي أهمية لقضية عن أُختها.
لنتكلم عن قضية وأخرى، لا شك أن المأساة السورية هي الأهم طرحاً والأكثر تساؤلاً وتفاعلاً عن المأساة اليمنية والروهينغية.
كان يرتدي شورتاً أزرق قصير وتيشيرتاً أحمر ينبطح مبللاً على بطنه يحضن البحر آلامه من الوطن الذي قتله أو قُتل هو لأجله " إيلان كردي" الطفل السوري الذي استثار مشاعر عشرات ملايين العرب والمسلمين وغير المسلمين حول العالم، صورة هزت جدران الإنسانية داخل ضمير الوجدان بأكمله عندما عُثر عليه غريقاً على أحد شواطئ تركيا، وسرعان ما انتشرت هذه الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي. وأصبحت حديث تلك الأيام صباحاً ومساءً.
فلماذا مع الأسود الأعداد تتناقص؟
ليس هذا الطفل وحده، بل 720 ألف طفل حسب بيان منظمة اليونسيف الذي صُدر في 23 فبراير\شباط الماضي (١) حيث قالت إن أكثر من العدد المذكور أعلاه مُعرض للخطر من جراء موسم الأعاصير في بنغلاديش أو العنف المستمر أو الحرمان من الحقوق الأساسية في "ميانمار" ووفقًا للتقرير أيضًا يوجد 185 ألف طفل روهينغي ماكثين في ولاية أراكان تحت وطأة الخوف والعنف التي يتعرض لها مسلمو الروهينغا منذ ستة أشهر على أساس اختلافهم العرقي والديني مع الحكومة والطائفة
البوذية مما أدى إلى فرار مئات الآلاف عبر نهر "ناف" إلى دولة "بنغلاديش"
اللون واللغة والهوية
ومع ازدياد الأزمات الإنسانية، هل اللون والعرق والجغرافيا تكون عوامل مساعدة لإظهار الإنسانية وتبني القضايا وتحمل الضمير المسؤولية أم هي عوامل عنصرية لا نراها أو تختفي هي في لباس الإنسانية.
أي تعاطف المصري مع السوري يعود إلى اللون الأبيض المشترك والقومية العربية المشتركة والمساحة الجغرافية المتقاربة أم تعود إلى تعاطف الإنسان مع أخيه الإنسان، أي تعاطف الروهينغي يقل عن اليمني يقل عن السوري يقل عن المصري عند المصري ذاته، ربما.. والعوامل تلك فطرية عند الإنسان أم اكتساب وتهيئة بشرية لا دخل للفطرة بها؟
ولكن إن اتخذنا البعد الجغرافي واللغة والدين عاملين مساعدين في زيادة تبني قضية عن أخرى، فربما يكون من العدل، فالمسلم يحب المسلم ويدافع عنه والسعودي يقف بجانب أخيه السعودي والذي يتحدث الفرنسية يفضل الحديث مع المتحدث بلغته. فالعاملان يرجعان إلى خلفية المنطق، ولكن أما عن اللون..
اللون هنا ليس من صنع الإنسان فلماذا يقف الأبيض مع قضايا الأبيض بينما يقل التفاعل مع الأسود. فهل العامل الثالث عنصري؟ ويبعد كل البعد عن الضمير والإنسانية.
ومثال آخر هل تفاعل العرب والعالم بأجمع مع قضية اعتقال الشابة الصغيرة الفلسطينية عن غيرها من الفتيات المعتقلات؟
الإجابة: نعم بالتأكيد.
هل تدخل لون الشعر وجمال تلك الطفلة في ازدياد أهمية قضيتها؟
الإجابة: ربما ليس العامل المباشر ولكنه كان عاملاً مساعداً أساسياً خفياً لا يراه أحد حتى الإنسان الإنساني الذي يتفاعل لا يراه.
الإنسانية لا تتجزأ
عليَّ أن آخُذ حذري جيداً لأن تلك الأشياء تدريجياً تُجزئ الإنسانية إلى إنسانية تابعة للهوى لمن أحب ولمن أريد التعاطف معه وليس لِمن ظُلم ، فأطفال سوريا والروهينغا قضية واحدة ومعاناة مسلمي إفريقيا الوسطى تُشبه معاناة الأكراد في العراق في عهد الراحل صدام، وأطفال اليمن الجائعون هم أنفسهم أطفال الصومال الذين يهربون من الجفاف كل يومٍ ولا محالة من الهرب والعنصرية في أمريكا تُشبه الطائفية في إيران..
فحتى نحن المتعاطفين لا يجب علينا تجزئة عاطفتنا إلى إنسانية تهتم وأخرى متجاهلة.
المصادر.
إنسانية الأفراد لا المؤسسات
والسؤال هنا.. هل الإنسانية لدينا تتجزأ أو يرادفها عنصرية تختفي بداخلنا؟
نتعاطف مع الإنسان لأنه إنسان أم لأنه إنسان يُشبهُنا لوناً وعرقاً ولغةً!
في آخر سبع سنوات من عامنا هذا وهي عجاف أم العجاف هي ما سيأتي لا أعرف، كثُرت القضايا الإنسانية وزاد عدد اللاجئين والنازحين من دمار بلدان وفشل ثورة وانقسام فصائلي وتدخلات طائفية وهنا أتحدثُ عن "سوريا" أما عن الانفصالات والتحالفات الخارجية والانقلابات العسكرية فتعرض نحو ثلثي شعبٍ بأكمله لخطر المجاعة والفناء وتعرض حوالي ٥٠ ألف طفل لخطر الموت على إثر الأمراض والإهمال الطبي والجوع منذ ثلاثة أشهر والمقصود هنا "اليمن"، أما عن المأساة المُتجددة التي لا تنتهي مأساة العرق والدين هُناك في ميانمار"بورما" البعيدة التي لا أحد يعرفُ مكانها، مأساة عرقية تتجددُ كل حين، يُكتب على مسلمي الروهينغا القتل أو اللجوء في دولٍ مجاورة ك"بنغلاديش"
وما اللجوء في أغلبه عبودية أو استغلال جنسي أو سُخرة لعملٍ شاق.
فهل المُنظمات المعنية بأمر الإنسانية تقف مرتصة على بعدٍ واحد مع تلك القضايا أم تستبق خطوة أمامية عند قضية وأخرى تتأخر للوراء لا مبالية بما يحدُث.
والحديث عن تبني تلك القضايا للمنظمات يطول، فكل منظمة لها مشروعها وأهدافها وتمويلها وشركاؤها وسياساتها التي تتفق وتختلف مع سياسات دولية وإقليمية فالنظرة إليها لا تقترب من البعد الإنساني مباشرةً ولكن تقترب من أهداف أخرى.
أما عن الإنسان.. الفرد الذي يعيش هنا وهناك الذي يتفاعل بين حدثٍ قريب وآخر بعيد.. الذي يكتبُ مقالاً أو تقريراً مفصلاً عن تدهور أحوال الإنسانية في قضية بعينها.. الذي ينشرُ على فيسبوك ويغرد على تويتر.. فعندما تتساوى القضية في مأساتها تتساوى عند الفرد في أهميتها أم تتدخل أشياء كاللون والعرق والهوية والدين في المسألة فتعطي أهمية لقضية عن أُختها.
لنتكلم عن قضية وأخرى، لا شك أن المأساة السورية هي الأهم طرحاً والأكثر تساؤلاً وتفاعلاً عن المأساة اليمنية والروهينغية.
كان يرتدي شورتاً أزرق قصير وتيشيرتاً أحمر ينبطح مبللاً على بطنه يحضن البحر آلامه من الوطن الذي قتله أو قُتل هو لأجله " إيلان كردي" الطفل السوري الذي استثار مشاعر عشرات ملايين العرب والمسلمين وغير المسلمين حول العالم، صورة هزت جدران الإنسانية داخل ضمير الوجدان بأكمله عندما عُثر عليه غريقاً على أحد شواطئ تركيا، وسرعان ما انتشرت هذه الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي. وأصبحت حديث تلك الأيام صباحاً ومساءً.
فلماذا مع الأسود الأعداد تتناقص؟
ليس هذا الطفل وحده، بل 720 ألف طفل حسب بيان منظمة اليونسيف الذي صُدر في 23 فبراير\شباط الماضي (١) حيث قالت إن أكثر من العدد المذكور أعلاه مُعرض للخطر من جراء موسم الأعاصير في بنغلاديش أو العنف المستمر أو الحرمان من الحقوق الأساسية في "ميانمار" ووفقًا للتقرير أيضًا يوجد 185 ألف طفل روهينغي ماكثين في ولاية أراكان تحت وطأة الخوف والعنف التي يتعرض لها مسلمو الروهينغا منذ ستة أشهر على أساس اختلافهم العرقي والديني مع الحكومة والطائفة
البوذية مما أدى إلى فرار مئات الآلاف عبر نهر "ناف" إلى دولة "بنغلاديش"
اللون واللغة والهوية
ومع ازدياد الأزمات الإنسانية، هل اللون والعرق والجغرافيا تكون عوامل مساعدة لإظهار الإنسانية وتبني القضايا وتحمل الضمير المسؤولية أم هي عوامل عنصرية لا نراها أو تختفي هي في لباس الإنسانية.
أي تعاطف المصري مع السوري يعود إلى اللون الأبيض المشترك والقومية العربية المشتركة والمساحة الجغرافية المتقاربة أم تعود إلى تعاطف الإنسان مع أخيه الإنسان، أي تعاطف الروهينغي يقل عن اليمني يقل عن السوري يقل عن المصري عند المصري ذاته، ربما.. والعوامل تلك فطرية عند الإنسان أم اكتساب وتهيئة بشرية لا دخل للفطرة بها؟
ولكن إن اتخذنا البعد الجغرافي واللغة والدين عاملين مساعدين في زيادة تبني قضية عن أخرى، فربما يكون من العدل، فالمسلم يحب المسلم ويدافع عنه والسعودي يقف بجانب أخيه السعودي والذي يتحدث الفرنسية يفضل الحديث مع المتحدث بلغته. فالعاملان يرجعان إلى خلفية المنطق، ولكن أما عن اللون..
اللون هنا ليس من صنع الإنسان فلماذا يقف الأبيض مع قضايا الأبيض بينما يقل التفاعل مع الأسود. فهل العامل الثالث عنصري؟ ويبعد كل البعد عن الضمير والإنسانية.
ومثال آخر هل تفاعل العرب والعالم بأجمع مع قضية اعتقال الشابة الصغيرة الفلسطينية عن غيرها من الفتيات المعتقلات؟
الإجابة: نعم بالتأكيد.
هل تدخل لون الشعر وجمال تلك الطفلة في ازدياد أهمية قضيتها؟
الإجابة: ربما ليس العامل المباشر ولكنه كان عاملاً مساعداً أساسياً خفياً لا يراه أحد حتى الإنسان الإنساني الذي يتفاعل لا يراه.
الإنسانية لا تتجزأ
عليَّ أن آخُذ حذري جيداً لأن تلك الأشياء تدريجياً تُجزئ الإنسانية إلى إنسانية تابعة للهوى لمن أحب ولمن أريد التعاطف معه وليس لِمن ظُلم ، فأطفال سوريا والروهينغا قضية واحدة ومعاناة مسلمي إفريقيا الوسطى تُشبه معاناة الأكراد في العراق في عهد الراحل صدام، وأطفال اليمن الجائعون هم أنفسهم أطفال الصومال الذين يهربون من الجفاف كل يومٍ ولا محالة من الهرب والعنصرية في أمريكا تُشبه الطائفية في إيران..
فحتى نحن المتعاطفين لا يجب علينا تجزئة عاطفتنا إلى إنسانية تهتم وأخرى متجاهلة.
المصادر.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/ahmed-mohamed-elazhary/story_b_19369464.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات