يواصل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إثارة الرأي العام العالمي، باتخاذ قرارات ارتجالية تتسم بقدر كبير من المفاجأة، وهو ما نشهده في دول العالم الثالث، حيث دون إبداء أي مبررات وأسباب، تمت إقالة وزير خارجيته ريكس تيلرسون، وعَيّن رئيس مخابراته مايك بومبيو خليفةً له، ويرجح الكثيرون أن تباين الرؤى، واختلاف وجهات النظر بين الرجلين، أديا إلى هذه النتيجة، مع العلم أن الصحف الأميركية كانت قد تناولت مراراً وتكراراً، الخلافات المتصاعدة بينهما، خاصة فيما يتعلق بالأزمة الخليجية، والاتفاق النووي الإيراني وغيرهما من الملفات.
ولكن، من المعلوم أن اختلاف الرؤى تجاه مسائل معينة في السياسات الداخلية والخارجية، أمر طبيعي في أي دولة، ومن هذا المنطق علينا التساؤل: لماذا يُقيل الرئيس الأميركي ثالث رجل في إدارته؟ وإذا ما افترضنا هذا الأمر على أنه تصرُّف فردي يرجع لشخصية ترامب المرتجلة، وعليه فإن المقولة التي تشير إلى أن الولايات المتحدة الأميركية هي دولة مؤسسات خاطئة.
وإذا ما اعتبرنا أن المؤسسات "اللوبيات" تستحسن تصرفات ترامب، وهذا وارد جداً، فعلينا أن نعتبر كل قراءات المحللين السياسيين والمنظرين الذين يقيّمون من خلالها، تصرفات وقرارات ترامب تُجانب الصواب؛ ومن ثم نعتبر كل هذه السلوكيات التي تقوم بها إدارة البيت الأبيض، مجرد مناورات تهدف بها خطف الأضواء، أو محاولة خاصة بترامب، يسعى من خلالها صرف أنظار الشعب الأميركي عن المشاكل الداخلية التي يواجهها.
وأما عن إقالة "رجل الأعمال" ريكس تيلرسون، وتعيين رجل المخابرات الشهير، مايك بومبيو، بديلاً عنه، فتأتي في إطار سعي الولايات المتحدة الأميركية إلى اتباع سياسة تصعيدية حيال أزمات المنطقة، وعلى رأسها الأزمة الخليجية-القطرية، بعد أن استخدمتها في فترة تيلرسون الوزارية لصالح إنعاش اقتصادها، حيث عقد صفقات اقتصادية ضخمة، بفضل علاقات تيلرسون مع الدول الخليجية، أي بمعنى: بعد أن ملأت خزانتها بمليارات الدولارات العربية، جاء الآن دور فرض مواقفها تجاه هذه الأزمة بتعيين مايك بومبيو، المعروف بتصلُّبه في مواقفه.
وبعبارة أكثر وضوحاً: يمكن القول إن إدارة ترامب تريد فرض مواقفها في أزمات المنطقة، بعد أن استغلتها خير استغلال كما وضحنا آنفاً. وأما بالنسبة لمستقبل الأزمة القطرية الخليجية، وأزمة الملف النووي الإيراني بعد تعيين مايك بومبيو، فيمكن قراءتهما كما يأتي:
الأزمة الخليجية - القطرية
يروّج أن من الأسباب التي أدت إلى إقالة ريكس تيلرسون، اختلافه في الرأي مع ترامب حول الأزمة القطرية-الخليجية، أي بمعنى، أنه في الوقت الذي يبارك ترامب حصار قطر، كان تيلرسون يدعو الأطراف للجلوس حول طاولة المفاوضات، من أجل إيجاد حل للمشكلة، فلنفترض جدلاً أن الخلاف بين الرجلين أدى الى إقالة تيلرسون، ولكن النتيجة النهائية هي أن أميركا استغلتها لصالحها اقتصادياً، بعقدها صفقات تسليح مع كلا الطرفين المختلفين.
وأما بالنسبة لمستقبل الأزمة القطرية - الخليجية، فيمكن القول -بحكم الانسجام بين بومبيو والرئيس ترامب- قد تصعب فرص حل الأزمة، وقد يطول أمدها، مما سيؤثر على دول الخليج العربي من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن أن أميركا تعلم أن أمنها ومصالحها في الخليج لن تتضرر إن طال أمدها.
أزمة الاتفاق النووي الإيراني
قد يكون تباين الرؤى بين ترامب وتيلرسون بشأن الملف النووي الإيراني، من أكثر المبررات قبولاً لإقالة تيلرسون، مع العلم أن من يخالف ترامب في هذا الملف ليس تيلرسون وحده، إنما قيادات البنتاغون، وعلى رأسهم جيمس ماتيس، يختلفون معه في هذا الملف. ورغم الخلاف الحاصل، فإن الجميع على توافق بأن إيران تمثل تهديداً لأمن ومصالح أميركا في المنطقة، وإذا ما امتلكت سلاحاً نووياً فإن المصالح الأميركية والغربية عموماً معرَّضة للخطر الإيراني.
ومن ثم، يمكن القول إن اختلاف الجميع لا يكمن في البرنامج النووي الإيراني، إنما في كيفية التعاطي معه، حيث كان يرى تيلرسون أن على الولايات المتحدة الأميركية ممارسة الضغوط بدلاً من الانسحاب من الاتفاق النووي الموقَّع في عام 2015، والمعروفة باتفاقية "5+1"، ولكن رأى ترامب أن إلغاءها سيكون مجدياً مع النظام الإيراني؛ ولذلك عيَّن مايك بومبيو، الذي يشاطره الرأي بخصوص الاتفاقية المعنيّة.
وتأسيساً على ما تقدم، يمكننا توقُّع مستقبل الاتفاق النووي الإيراني، بأنه سيكون سبباً لتأزيم العلاقات الإيرانية-الغربية مجدداً، علما أن تحركات الطرفين -إيران والغرب- توحي بأن الاتفاق أصبح ملغىً مع نهاية مهلة ترامب؛ لذلك فإن إيران تسعى إلى نسج علاقات وتحالفات مع حلفاء شرقيين، وقراءة الزيارات الرسمية التي تقوم بها القيادات الإيرانية لدول شرق وجنوب آسيا في هذا السياق، قد تصب في هذا الاتجاه.
يمكن القول إن الخلافات الظاهرة في إدارة ترامب، قد تكون تسببت في تغيرات كبيرة بالإدارة، ولكن نتائج هذه التغيرات صبَّت في مصالح أميركا، فضلاً عن إلهاء الشعب الأميركي عن بعض المشاكل التي تواجهها إدارة البيت الأبيض.
وأما عن مستقبل أزمات المنطقة، وعلى رأسها الأزمة القطرية-الخليجية وأزمة الاتفاق النووي الإيراني، فسنشهد مواقف أميركية تصعيدية، تفرض من خلالها مواقفها ومقاربتها وفق ما يخدم مصالحها وأمنها القومي في المنطقة.
ولكنّ قراءة إقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون وتعيين مايك بومبيو، من خلال هاتين الأزمتين، قد لا تكون صحيحة، فهذا التعديل يمكن قراءته في إطار استراتيجية عالمية جديدة للولايات المتحدة، تسعى من خلالها لتشكيل عالم جديد، يتكون من قطبين؛ قطب شرقي تحت قيادة روسيا والصين، بجانب قطب غربي تحت قيادتها والاتحاد الأوروبي؛ ومن ثم الاصطفاف الأميركي الأوروبي الذي حصل بعد محاولة اغتيال الجاسوس الروسي في لندن، هو بداية توحيد الرؤى الغربية حيال أزمات المنطقة، وملفات عالمية أخرى.
ويمكن القول أيضاً إنه في الفترة القادمة سيكون هناك تحرُّك غربي متوافق حيال الأزمة الخليجية-القطرية، وأزمة الاتفاق النووي الإيراني، وفقاً لما يخدم المصالح الدول الغربية بالكامل.
ولكن، من المعلوم أن اختلاف الرؤى تجاه مسائل معينة في السياسات الداخلية والخارجية، أمر طبيعي في أي دولة، ومن هذا المنطق علينا التساؤل: لماذا يُقيل الرئيس الأميركي ثالث رجل في إدارته؟ وإذا ما افترضنا هذا الأمر على أنه تصرُّف فردي يرجع لشخصية ترامب المرتجلة، وعليه فإن المقولة التي تشير إلى أن الولايات المتحدة الأميركية هي دولة مؤسسات خاطئة.
وإذا ما اعتبرنا أن المؤسسات "اللوبيات" تستحسن تصرفات ترامب، وهذا وارد جداً، فعلينا أن نعتبر كل قراءات المحللين السياسيين والمنظرين الذين يقيّمون من خلالها، تصرفات وقرارات ترامب تُجانب الصواب؛ ومن ثم نعتبر كل هذه السلوكيات التي تقوم بها إدارة البيت الأبيض، مجرد مناورات تهدف بها خطف الأضواء، أو محاولة خاصة بترامب، يسعى من خلالها صرف أنظار الشعب الأميركي عن المشاكل الداخلية التي يواجهها.
وأما عن إقالة "رجل الأعمال" ريكس تيلرسون، وتعيين رجل المخابرات الشهير، مايك بومبيو، بديلاً عنه، فتأتي في إطار سعي الولايات المتحدة الأميركية إلى اتباع سياسة تصعيدية حيال أزمات المنطقة، وعلى رأسها الأزمة الخليجية-القطرية، بعد أن استخدمتها في فترة تيلرسون الوزارية لصالح إنعاش اقتصادها، حيث عقد صفقات اقتصادية ضخمة، بفضل علاقات تيلرسون مع الدول الخليجية، أي بمعنى: بعد أن ملأت خزانتها بمليارات الدولارات العربية، جاء الآن دور فرض مواقفها تجاه هذه الأزمة بتعيين مايك بومبيو، المعروف بتصلُّبه في مواقفه.
وبعبارة أكثر وضوحاً: يمكن القول إن إدارة ترامب تريد فرض مواقفها في أزمات المنطقة، بعد أن استغلتها خير استغلال كما وضحنا آنفاً. وأما بالنسبة لمستقبل الأزمة القطرية الخليجية، وأزمة الملف النووي الإيراني بعد تعيين مايك بومبيو، فيمكن قراءتهما كما يأتي:
الأزمة الخليجية - القطرية
يروّج أن من الأسباب التي أدت إلى إقالة ريكس تيلرسون، اختلافه في الرأي مع ترامب حول الأزمة القطرية-الخليجية، أي بمعنى، أنه في الوقت الذي يبارك ترامب حصار قطر، كان تيلرسون يدعو الأطراف للجلوس حول طاولة المفاوضات، من أجل إيجاد حل للمشكلة، فلنفترض جدلاً أن الخلاف بين الرجلين أدى الى إقالة تيلرسون، ولكن النتيجة النهائية هي أن أميركا استغلتها لصالحها اقتصادياً، بعقدها صفقات تسليح مع كلا الطرفين المختلفين.
وأما بالنسبة لمستقبل الأزمة القطرية - الخليجية، فيمكن القول -بحكم الانسجام بين بومبيو والرئيس ترامب- قد تصعب فرص حل الأزمة، وقد يطول أمدها، مما سيؤثر على دول الخليج العربي من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن أن أميركا تعلم أن أمنها ومصالحها في الخليج لن تتضرر إن طال أمدها.
أزمة الاتفاق النووي الإيراني
قد يكون تباين الرؤى بين ترامب وتيلرسون بشأن الملف النووي الإيراني، من أكثر المبررات قبولاً لإقالة تيلرسون، مع العلم أن من يخالف ترامب في هذا الملف ليس تيلرسون وحده، إنما قيادات البنتاغون، وعلى رأسهم جيمس ماتيس، يختلفون معه في هذا الملف. ورغم الخلاف الحاصل، فإن الجميع على توافق بأن إيران تمثل تهديداً لأمن ومصالح أميركا في المنطقة، وإذا ما امتلكت سلاحاً نووياً فإن المصالح الأميركية والغربية عموماً معرَّضة للخطر الإيراني.
ومن ثم، يمكن القول إن اختلاف الجميع لا يكمن في البرنامج النووي الإيراني، إنما في كيفية التعاطي معه، حيث كان يرى تيلرسون أن على الولايات المتحدة الأميركية ممارسة الضغوط بدلاً من الانسحاب من الاتفاق النووي الموقَّع في عام 2015، والمعروفة باتفاقية "5+1"، ولكن رأى ترامب أن إلغاءها سيكون مجدياً مع النظام الإيراني؛ ولذلك عيَّن مايك بومبيو، الذي يشاطره الرأي بخصوص الاتفاقية المعنيّة.
وتأسيساً على ما تقدم، يمكننا توقُّع مستقبل الاتفاق النووي الإيراني، بأنه سيكون سبباً لتأزيم العلاقات الإيرانية-الغربية مجدداً، علما أن تحركات الطرفين -إيران والغرب- توحي بأن الاتفاق أصبح ملغىً مع نهاية مهلة ترامب؛ لذلك فإن إيران تسعى إلى نسج علاقات وتحالفات مع حلفاء شرقيين، وقراءة الزيارات الرسمية التي تقوم بها القيادات الإيرانية لدول شرق وجنوب آسيا في هذا السياق، قد تصب في هذا الاتجاه.
يمكن القول إن الخلافات الظاهرة في إدارة ترامب، قد تكون تسببت في تغيرات كبيرة بالإدارة، ولكن نتائج هذه التغيرات صبَّت في مصالح أميركا، فضلاً عن إلهاء الشعب الأميركي عن بعض المشاكل التي تواجهها إدارة البيت الأبيض.
وأما عن مستقبل أزمات المنطقة، وعلى رأسها الأزمة القطرية-الخليجية وأزمة الاتفاق النووي الإيراني، فسنشهد مواقف أميركية تصعيدية، تفرض من خلالها مواقفها ومقاربتها وفق ما يخدم مصالحها وأمنها القومي في المنطقة.
ولكنّ قراءة إقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون وتعيين مايك بومبيو، من خلال هاتين الأزمتين، قد لا تكون صحيحة، فهذا التعديل يمكن قراءته في إطار استراتيجية عالمية جديدة للولايات المتحدة، تسعى من خلالها لتشكيل عالم جديد، يتكون من قطبين؛ قطب شرقي تحت قيادة روسيا والصين، بجانب قطب غربي تحت قيادتها والاتحاد الأوروبي؛ ومن ثم الاصطفاف الأميركي الأوروبي الذي حصل بعد محاولة اغتيال الجاسوس الروسي في لندن، هو بداية توحيد الرؤى الغربية حيال أزمات المنطقة، وملفات عالمية أخرى.
ويمكن القول أيضاً إنه في الفترة القادمة سيكون هناك تحرُّك غربي متوافق حيال الأزمة الخليجية-القطرية، وأزمة الاتفاق النووي الإيراني، وفقاً لما يخدم المصالح الدول الغربية بالكامل.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/ibrahim-mohamed-elhag-nassir/-_15230_b_19371610.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات