الخميس، 1 مارس 2018

طوابير طويلة واشتباكات بين الأهالي والسبب: كيلو خضراوات.. كيف يحصل سكان سيناء على طعامهم؟

طوابير طويلة واشتباكات بين الأهالي والسبب: كيلو خضراوات.. كيف يحصل سكان سيناء على طعامهم؟

في حوالي السادسة مساء، يوم الإثنين 26 فبراير/شباط، تجمَّع أهالي حي المساعيد، أحد الأحياء الراقية بمدينة العريش المصرية، أمام محل الخضراوات الوحيد الذي ما زال يعمل بشارع دوران شبرا الرئيسي، آملين في اقتناء كيلو خضر أو فاكهة.

رفض البائع أن يبيع لهم، مؤكداً أن البضاعة نفدت، لكن الأهالي اتَّهموه بأنه يبيعها خلسة لزبائن معينين، يدفعون له أموالاً إضافية. كلمةٌ من هنا وردٌّ من هناك، تحوَّل التلاسن بين الزبائن والبائع إلى اشتباكات، ونشبت معركةٌ أصيب فيها رجال، وهشم زجاج بعض السيارات، لتأتي قوات الشرطة وتنهال على الجميع بالهراوات.

إذا كان هذا هو الوضع في أرقى أحياء المدينة، فما بالك بالأحياء الأكثر فقراً واحتياجاً. تبدو العريش الآن وسط أزمة حقيقية بين السكان، والسبب: كيلو خضراوات!

يأتي هذا بعدما أعلن الجيش المصري، في 9 فبراير/شباط الجاري، انطلاق خطة "المجابهة الشاملة"، بتكليف رئاسي، تستهدف عبر تدخل جوي وبحري وبري وشرطي، مواجهة عناصر مسلحة في شمال ووسط سيناء (شمال شرق)، ومناطق أخرى بدلتا مصر، والظهير الصحراوي غرب وادي النيل.

وتأتي العملية العسكرية قبل أيام من انتهاء مهلة 3 أشهر حدَّدها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لإعادة الاستقرار إلى سيناء، وقبل نحو شهر من انتخابات رئاسة البلاد، المقرر إجراؤها في مارس/آذار الجاري، وفي ظل حالة الطوارئ التي بدأت في أبريل/نيسان 2017، وتم تجديدها للمرة الثالثة 13 يناير/كانون الثاني الماضي لمدة 3 شهور.




أزمة الخضراوات والفاكهة





"من أول يوم وفيه أزمة في الخضار"، هكذا تستدعي أم دعاء ذاكرتها القريبة خلال تصريحاتها لـ"هاف بوست عربي"، مضيفة أنه مع بداية العمليات العسكرية للجيش المصري في سيناء لم تكن هناك خضر بشكل نهائي في المدينة.

وأوضحت "كان اعتمادنا على الخبز والنواشف، لكن بعد 5 أيام أو 6 من بدء الحصار، بدأ الجيش يرسل سيارات محملة بالخضر للمدينة".

وقالت المرأة العجوز في حديثها الهاتفي، إنها تعتبر نفسها محظوظة نسبياً لأنها تقيم هنا في حي المساعيد، فالجيش قرر أن تصل السيارات إلى محل الخضر في مناطق المساعيد والإداري، ليتولى صاحب المحل البيع بنفسه.




من جانبنا حاولنا التواصل مع قيادة الجيش الثاني، للوقوف على عدم الاستجابة لهذا الطلب، إلا إننا لم نتلق أيَّ إجابة أو رد.




توقف مكاتب البريد.. لا توجد أموال





ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فلم يكتفِ القدَر بالتضييق على قاطني العريش من خلال ندرة الغذاء، بل زاد طينَهم بللاً توقف ماكينات الصراف الآلي عن العمل، إضافة إلى مكتب البريد الذي يصرف منه أغلب سكان المدينة معاشاتهم، ليدخل السكان في طور آخر من العذاب.

أُم سماح موظفة على المعاش، ومن قاطني حي المساعيد، تحدثت لـ"هاف بوست عربي" قائلة، إن لديها ابناً وابنة في القاهرة، الابن يعمل بالفعل، لكن تتحمل مصاريف تعليم الابنة "الآن مكتب البريد مغلق منذ بداية شهر فبراير/شباط، فكيف يمكنني إرسال الأموال إلى ابنتي".

أم سماح ليست الوحيدة التي تعاني من أزمه السيولة، فهي تخبرنا عن جارتها التي اعتادت تلقّي تحويلات الأموال عبر البريد من ابنها مهندس البترول، الذي يعمل بمدينة السويس، وبالطبع توقفت الأموال مع توقف عمل المكتب.

"حرفياً هي لا تجد قوت يومها، ولا تستطيع مغادرة المدينة للذهاب إلى ابنها، وبالطبع لن يتمكن ابنها من الوصول إليها، في ظل هذا الحصار"، حسب ما ذكرته أم سماح.

الجهة الوحيدة التي يمكن الحصول منها على أموال هي البنوك، لكن نتيجة لأزمة نقص الوقود وتوقف المواصلات بالمدينة، يصعب بشكل كبير على غالبية سكان العريش الوصول إلى هذه البنوك.

ربما تكون الجهة الوحيدة التي استوعبت الأزمة مبكراً وتعاملت معها هي "جامعة سيناء" الخاصة، التي قرَّرت إدارتها صرف مبالغ نقدية للطلاب، يقومون بسدادها عقب زوال الأزمة.

وما بين نقص غذاء وندرة مال وقصف متواصل وتفتيش لا ينقطع وحصار تام، يعيش أهل العريش على أمل انفراجة قد تأتي من السماء قريباً.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2018/03/01/story_n_19348304.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات