نوال الصوفي و600 ألف لاجئ
لو أنك واحد من الذين حملتهم قوارب اللجوء عبر البحر للدخول إلى أوروبا هرباً من إجرام النظام السوري - الروسي المشترك، فلا بد أنك سمعت عن ماما نوال الصوفي.. الفتاة المغربية التي قضت حوالي عشر سنوات في إيطاليا، مثلها مثل أي عربي يحيا في أوروبا، لكنها أنقذت حوالي 600 ألف لاجئ سوري من الموت غرقاً في السواحل الإيطالية، في الحقيقة هي لم تفعل ذلك بواسطة منظمة حقوقية أو تمويل مالي من مؤسسة عظيمة، بل فعلته بهاتفها الجوال، الأمر لم يتطلب سوى أن يتصل بها أحد المتواجدين على القارب، ويخبرها عن مكان وجودهم في البحر، فتتصل هي بخفر السواحل لإنقاذهم من الغرق.
ما مر على خاطري يومها أن الله أراد للسوريين المهاجرين من أراضيهم أن يتعرضوا للظلم والطغيان من بشار وجنده تارة، ومن إجرام روسيا تارة، ومن إجرام ميليشيات داعش تارة أخرى حتى تحملهم في النهاية قوارب الهرب؛ لتكون فرصة نوال الصوفي أن تظهر إنسانيتها وأخلاقها، فتجد نفسها سبباً في إعطاء حق الحياة لأصحابه، تلك هي دائرة القدر والتسلسل الذي لا يستوعبه الكثيرون، والذي وضع تلك الفتاة بمجرد هاتف محمول كممر للنجاة.
كثيراً ما كنت أتساءل عن السبب الذي جعل بلاء المسلمين بهذه الشدة، وهذا البأس، كانت هناك بعض الإجابات المقنعة: "التمحيص، ضريبة الحرية، المخاض العسير الذي مرت به أوروبا من قبلنا حتى وصلت لما هي عليه الآن"، الإجابات كثيرة، وكل منها لها موضعه، لكن هناك إجابة ربما لم يرَها بعضنا، وهي أن الله أراد أن يخرج من بين الأحياء الذين عاصروا المأساة أصحاب نفوس صادقة تفعل الخير من أجل الله وحسب، وينتهي المطاف حينما تكون النتيجة بسمة اطمئنان وامتنان على وجه ملهوف مستغيث، صار يقيني أن هناك مكاناً في الجنة لأولئك الذين استجابوا لقول الله: " ومَن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً"، حتى نتأكد أن الجنة ليست فقط بالصلاة والصوم والزكاة، وإنما بإحياء السنن الربانية في الأرض.
أعتقد أن هناك متسعاً في الجنة لمن أراد أن يسعى إلى ذلك، حتى لو كان السبيل هاتفك المحمول، ليس هناك من يمتلك صك الجنة، أو من يستطيع أن يعطيه لأحد، لكن الله لا يضيع أجر مَن أحسن عملاً.
بتتبع الأرقام والإحصاءات، بإمكاننا معرفة أن عدد ضحايا المعارك في سوريا بلغ تقريباً 600 ألف ويزيد، إذن نحن بصدد الحديث عن واحدة من أكبر عمليات الإنقاذ تتم بأبسط الوسائل، لست في العادة من محبي التحدث عن أشخاص بعينهم، لكن معرفتي بتفاصيل هذه القصة أعادت لي فكرة كنت قد تخليت عنها منذ بعض الوقت، وهي أن الإنجازات الكبيرة تحتاج إلى إمكانيات كبيرة وقدرة مالية وغيرها، لكن المفاجأة أن الإنقاذ هذه المرة كان لأرواح البشر ولم يتكلف الأمر سوى بعض المكالمات الهاتفية، هناك الكثير يمكن تقديمه لإنقاذ البشر؛ التوثيق والتدوين، توفير الملاجئ الآمنة والاستضافة، أو حتى رسم البسمة على وجوه الأطفال الهاربين من واحدة من أبشع قصص الرعب الحقيقية.
هناك أطباء ومسعفون ومراسلون وكثير ممن يستخرجون الضحايا من تحت الأنقاض قبل أن يفترسهم شبح الموت المنبعث من الغارات، كل هؤلاء أبطال مجهولون لا يعرفهم أحد، ولا تسلط عدسات كاميرات الفضائيات الضوء عليهم، هم يفعلون كل ما ينقذ الحياة حتى تنتصر نفوسهم على خوف الحرب، على ذلك الألم الذي ينهش القلوب حينما يعرف مَن يعيشون داخل الملحمة أن الأمر ما زال في غمرته، وأنه لا حل قريباً يلوح في الأفق، وأن الغارات لن تتوقف في مناطق الهدنة المزعومة، ذلك الشعور المؤلم لن ينتهي الآن.
أشعر أنني أرغب في تقديم الشكر لكل الذين يدافعون عن الحق في الحياة، والحق في التعبير، وغيرها من الحقوق التي صار الحصول عليها أمنيات.. شكراً نوال الصوفي، شكراً يا كل من كنت سبباً في تجديد الأمل بين جنبات الكابوس الحقيقي.
ما مر على خاطري يومها أن الله أراد للسوريين المهاجرين من أراضيهم أن يتعرضوا للظلم والطغيان من بشار وجنده تارة، ومن إجرام روسيا تارة، ومن إجرام ميليشيات داعش تارة أخرى حتى تحملهم في النهاية قوارب الهرب؛ لتكون فرصة نوال الصوفي أن تظهر إنسانيتها وأخلاقها، فتجد نفسها سبباً في إعطاء حق الحياة لأصحابه، تلك هي دائرة القدر والتسلسل الذي لا يستوعبه الكثيرون، والذي وضع تلك الفتاة بمجرد هاتف محمول كممر للنجاة.
كثيراً ما كنت أتساءل عن السبب الذي جعل بلاء المسلمين بهذه الشدة، وهذا البأس، كانت هناك بعض الإجابات المقنعة: "التمحيص، ضريبة الحرية، المخاض العسير الذي مرت به أوروبا من قبلنا حتى وصلت لما هي عليه الآن"، الإجابات كثيرة، وكل منها لها موضعه، لكن هناك إجابة ربما لم يرَها بعضنا، وهي أن الله أراد أن يخرج من بين الأحياء الذين عاصروا المأساة أصحاب نفوس صادقة تفعل الخير من أجل الله وحسب، وينتهي المطاف حينما تكون النتيجة بسمة اطمئنان وامتنان على وجه ملهوف مستغيث، صار يقيني أن هناك مكاناً في الجنة لأولئك الذين استجابوا لقول الله: " ومَن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً"، حتى نتأكد أن الجنة ليست فقط بالصلاة والصوم والزكاة، وإنما بإحياء السنن الربانية في الأرض.
أعتقد أن هناك متسعاً في الجنة لمن أراد أن يسعى إلى ذلك، حتى لو كان السبيل هاتفك المحمول، ليس هناك من يمتلك صك الجنة، أو من يستطيع أن يعطيه لأحد، لكن الله لا يضيع أجر مَن أحسن عملاً.
بتتبع الأرقام والإحصاءات، بإمكاننا معرفة أن عدد ضحايا المعارك في سوريا بلغ تقريباً 600 ألف ويزيد، إذن نحن بصدد الحديث عن واحدة من أكبر عمليات الإنقاذ تتم بأبسط الوسائل، لست في العادة من محبي التحدث عن أشخاص بعينهم، لكن معرفتي بتفاصيل هذه القصة أعادت لي فكرة كنت قد تخليت عنها منذ بعض الوقت، وهي أن الإنجازات الكبيرة تحتاج إلى إمكانيات كبيرة وقدرة مالية وغيرها، لكن المفاجأة أن الإنقاذ هذه المرة كان لأرواح البشر ولم يتكلف الأمر سوى بعض المكالمات الهاتفية، هناك الكثير يمكن تقديمه لإنقاذ البشر؛ التوثيق والتدوين، توفير الملاجئ الآمنة والاستضافة، أو حتى رسم البسمة على وجوه الأطفال الهاربين من واحدة من أبشع قصص الرعب الحقيقية.
هناك أطباء ومسعفون ومراسلون وكثير ممن يستخرجون الضحايا من تحت الأنقاض قبل أن يفترسهم شبح الموت المنبعث من الغارات، كل هؤلاء أبطال مجهولون لا يعرفهم أحد، ولا تسلط عدسات كاميرات الفضائيات الضوء عليهم، هم يفعلون كل ما ينقذ الحياة حتى تنتصر نفوسهم على خوف الحرب، على ذلك الألم الذي ينهش القلوب حينما يعرف مَن يعيشون داخل الملحمة أن الأمر ما زال في غمرته، وأنه لا حل قريباً يلوح في الأفق، وأن الغارات لن تتوقف في مناطق الهدنة المزعومة، ذلك الشعور المؤلم لن ينتهي الآن.
أشعر أنني أرغب في تقديم الشكر لكل الذين يدافعون عن الحق في الحياة، والحق في التعبير، وغيرها من الحقوق التي صار الحصول عليها أمنيات.. شكراً نوال الصوفي، شكراً يا كل من كنت سبباً في تجديد الأمل بين جنبات الكابوس الحقيقي.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/islam-abo-albaraa/-_11917_b_16924096.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات