السبت، 10 يونيو 2017

كيف نعلم الطفل التصدي للتحرش؟

كيف نعلم الطفل التصدي للتحرش؟


يجب ألا تكون المعلومات السابقة مصدراً للقلق وسبباً للذعر من موضوع التحرش؛ فالخطر وإن كان محدقاً يمكن الاحتراز منه وتفاديه؛ بل يمكن محاربته والتعاون للقضاء عليه تماماً ونبذه من مجمعاتنا.

ومن ثم، فإن حمايتنا لأطفالنا متاحة وليست مستحيلة إذا التزمنا بقواعد الحماية التي تتضمن مجموعة من الإجراءات تشمل:

الإجراء الأول:
الالتزام بالقواعد الأساسية للوقاية، وهذه القواعد تتمثل في:

1. التثقيف الموجه والمعلومة الصحيحة، وكلاهما لن يتم إلا في جو حميم من الصداقة مع الطفل/الطفلة منذ أيامه الأولى ومنحه الثقة بنفسه وبوالديه وإشعاره بالأمان في أن يسأل ويعرف ويتطرق إلى كل الموضوعات مع والديه، وهذه الموضوعات تشمل التربية الجنسية الصحيحة، وتعريف الأطفال بحيل المعتدين وأساليبهم، وتعليمهم كيفية التصرف في مواقف الخطر المختلفة، مع تسليحهم بمعرفة أساليب الاعتداء المختلفة؛ ليتمكنوا من تفسير ما يتعرضون له، وكيفية التصرف حياله وطلب المساعدة، وهو ما سنعرض له بالتفصيل في باقي هذا الفصل.

2. توعية الطفل/الطفلة بضرورة أن يروي للوالدين كل غريب يتعرض له، مع تعويده مسألة رواية أحداث يومه لأسرته بانتظام وبصورة يومية في مرح وسعادة على مائدة الطعام، هذا بخلاف الأوقات الخاصة التي يجب أن يخصصها كل من الأب والأم -كل على حدة- لكل طفل منفرداً؛ ليتحدث كل منهما معه عن آماله وأحلامه ومخاوفه ومشاكله دون حواجز، وذلك إن لم يكن بصورة يومية فعلى الأقل كل يومين أو ثلاثة.

3. إشعار الطفل/الطفلة بالأمان التام عندما يروي تفاصيل أي موقف دون عقاب أو زجر.

4. محاولة إيجاد فرص متنوعة لأنشطة وهوايات ورياضات يمارسها الطفل من سن صغيرة ويتطور فيها ويضيف إليها مع كل يوم يمر في حياته.

5. ملاحظة الطفل باستمرار، دون إشعاره بالرقابة الخانقة، ومتابعة ميوله في اللعب وطريقة وأنواع لعبه، مع عدم السماح للخدم والسائقين بالانفراد به مطلقاً والسماح لهم بالتعامل معه تحت نظر الوالدين بعيداً عن الأماكن المغلقة، وحماية الطفل من مشاهدة قنوات فضائية أو مجلات أو أي مواد إعلامية غير مناسبة، مع غرس وازع رفض كل ما لا يحبه الله، واستخدام نعمه -كالعين مثلاً- فيما يرضيه سبحانه وتعالى فقط.

6. مشاركة الطفل/الطفلة في اختيار أصدقائه بشكل سليم والتعرف على أسر أصدقائهم؛ للتأكد من التقارب في أسلوب تنشئة الأطفال وللمزيد من رعاية الأبناء والحفاظ عليهم.

7. توعية الطفل/الطفلة بمواصفات الشخصية السوية السليمة، وتتمثل في الصدق والحياء والكرم والاجتهاد والأدب واحترام الكبير والأمانة والشجاعة في الحق... إلخ، مع دعم ذلك بالقصص؛ لتقريب معنى كل صفة، بحيث تكون تلك المواصفات نصب أعينهم ليتحلوا بها، وليكن التطبيق العملي لكل قصة هو محاولة الاتصاف بالأخلاق الطيبة التي تدعو لها، بحيث تكون المحصلة أن يصبح الوازع نابعاً من داخلهم فيفارقون من لا يتصف بتلك الصفات أو من يرفضها ويصر على الخطأ.

8. يجب أن يتعلم الطفل خصوصية كل جزء من جسمه، وذلك من خلال حوارات موظفة لهذا الغرض، لا يشعر فيها الطفل/الطفلة بالافتعال أو النصح بالصيغ الإرشادية.

9. لابد من تحرّي عدم مشاهدة الطفل/الطفلة أي مواد إعلامية غير مناسبة قد يسعى لمحاكاتها.

10. الالتزام الشديد بأحكام الشرع التي فصلنا فيها القول سابقاً، ومنها: مراعاة حدود العورة بين الجنسين، والتفريق في المضاجع، وحفظ عورة الصغير وتعليمه كيفية صيانة جسده وحواسه من النظر أو لمس المحرم أو اقترابه، والالتزام بأحكام الخلوة بأجنبي.

الإجراء الثاني: عرف طفلك حيل المعتدين
هناك طرق عديدة يستخدمها المعتدي لإغراء الطفل/الطفلة والاعتداء عليه؛ ومن ثم يجب توعية الطفل وإفهامه؛ حتى يتجنب المخاطر. ويمكننا أن ننبه الطفل مثلاً إلى ما يلي:
· كن يقظاً وحذراً.
· أن تكون ذكياً أفضل من أن تكون قوياً.

هناك العديد من الحيل التي يلجأ إليها المعتدي ويجب أن نوجه حديثنا إلى الطفل بهدوء وحكمة وروية؛ ومن هذه الحيل:

1. استغلال براءة الطفل
عادة ما يستخدم المعتدي براءة الطفل بوصفها سلاحاً ليمارس به الاعتداء عليه، ويجب إفهام الطفل أن المعتدي قد يلجأ إلى تخويفك أو تهديدك بأنه لا أحد سوف يصدِّقك إذا ما قلت ما حدث.

قد يوهمك المعتدي بأن هذا الفعل "عادي"، أو أن يوهمك بأن الاعتداء هو غلطتك (الطفل)، أو أن الاعتداء ما كان ليحدث لو لم تكن سيئاً أو تافهاً، فلا تصدقه؛ لأن الاعتداء لا يكون أبداً خطأ الطفل.

2. طلب المساعدة
· قد يطلب منك المعتدي المساعدة، فيحاول أن يظهر بصورة المتأزم والمحتاج للمساعدة ويطلب منك مساعدته، وعادة ما تتطلب هذه المساعدة أن تذهب معه إلى مكان آخر، وهذه الطرق في التحايل غالباً ما تُستخدم من شخص لا تعرفه جيداً، فاحذر منها وتذكر أن الأشخاص المحترمين لا يطلبون هذا النوع من المساعدة من الأطفال؛ بل يطلبونه من الكبار.

· لا توجد مشكلة إذا طلب منك أحد من أفراد الأسرة مساعدته، فهذا شيء عادي ومطلوب في المنزل، ولكن عليك الحذر من الغرباء الذين يطلبون ذلك منك، هذا لا يعني أن كل من يطلب منك مساعدة من الغرباء هو شخص يريد أن يعتدي عليك، ولكن يجب أن تكون حذراً.

· إذا طلب منك شخص لا تعرفه المساعدة فلا تتنافس معه، وقل له: "لا"، أو "لا أستطيع"، أو لا تقل له شيئاً أصلاً وانصرف.

وهذه أمثلة على مساعدة قد يطلبها منك المعتدي:
· لقد فقدت قطتي، ساعدني في العثور عليها، سوف تموت جوعاً إذا لم أعثر عليها الآن.
· الأكياس التي أحملها ثقيلة، ساعدني في توصيلها إلى المنزل... منزلي ليس بعيداً من هنا.
· سوف أعطيك نقوداً إذا ساعدتني في ترتيب مكتبتي.
· سوف أدفع ثمن ألعاب الكمبيوتر إذا علمتني كيف ألعبها.

3. إثارة تعاطفك (يشعرونك بأنهم وحيدون أو خائفون وأنت تستطيع مساعدتهم)
قد يحاول البعض جعلك تعتاد فكرة اللمسات المشبوهة والمزعجة، بأن يحاول شخص ما أن يكون لطيفاً جداً معك ويعيرك اهتماماً واسعاً ويقدم لك بعض الهدايا والحلوى، أو أن يأخذك إلى أماكن جميلة تحبها وتلعب فيها؛ لكي تحبه وتشعر بالارتياح معه، بعد ذلك يفتح مواضيع تتعلق من بعيد أو قريب بالجنس.

قد يسألك عن أمور جنسية أو يطرح بعض الكلمات التي تتضمن مفاهيم جنسية، وقد يتضمن ذلك أن يعرض عليك الشخص مشاهدة أفلام أو صور غير أخلاقية، وعندما تبدأ في تعود مشاهدة هذه الأمور يكثر الاتصال الجسدي؛ كأن يلمسك أو يدلكك، أو يطلب منك أن تفعل ذلك له. بعد فترة، تتحول اللمسات إلى لمسات ذات طابع جنسي أكثر؛ بمعنى أن يلمس أو يطلب منك أن تلمس الأعضاء التي عادة ما تغطى بالملابس الداخلية، قد يقول لك بعد ذلك إنه آسف أو إنه يشعر بالوحدة أو الخوف، أو أي تعبير آخر؛ لكي يجبرك على السكوت عما حدث أو يحدث.

من الممكن أن يقول لك إنها غلطتك، أو إنك أنت من ابتدأت ذلك، أو إن ثمة مشكلة فيك وأنت سيئ أو تافه، وإنك أنت الذي طلبت ذلك، أو إنه لا أحد سوف يصدقك، أو إنه سوف يقول لأصدقائك أو أبويك إنك أنت الذي طلبت ذلك، أو أي أكاذيب أخرى يخوفك بها؛ لتطيع أوامره.

الإجراء الثالث: علِّم طفلك كيف يتصرف في مواقف الاعتداء
علِّم الطفل أن يقوم بالأمور التالية إذا تعرض له أحد في أي مكان، موجهاً إليه الإرشادات التالية:

o أعلِن رفضك إذا طلب منك أحد الكبار فعل أي شيء لا تريده، وهذا ليس معناه إساءة الأدب.

o أنت تملك أداة قوية وفعالة للدفاع عن نفسك في مواقف الخطر؛ وهي الصراخ وطلب النجدة.

o عندما تفلت من قبضة الشخص المسيء، تقهقر 3 خطوات إلى الخلف ثم انطلق كالريح ولا تنظر وراءك أو تتوقف حتى تشعر بتوقف الخطر.

O إذا اعتدى عليك أحد أو حاول الاعتداء حتى لو قريباً فاختر شخصاً تثق به واحكِ له الحكاية، وأول من تحكي لهم الحكاية هم "بابا" و"ماما" أو إخوتك، ولا تيأس إذا لم يصدقك هذا الشخص وابحث عن غيره.

الإجراء الرابع: عرِّف طفلك ببعض المفاهيم الضرورية عن الاعتداء
الاعتداء على الطفل هو أي عمل يسيء إلى صحة الطفل النفسية والجسدية، ويشمل ذلك أي أذىً متعمد يصل إلى الطفل، ويمكن تقسيم الاعتداء إلى 4 أقسام رئيسة:
1. الاعتداء الجسدي.
2. الاعتداء الجنسي.
3. الاعتداء العاطفي.
4. الإهمال.

الاعتداء الجسدي
الاعتداء الجسدي هو أي أذى جسدي مقصود يمارَس على الطفل، ويشمل الضرب والرفس والترويع وجرّ الشعر والعضّ والخنق، أو أن تلقي عليه شيئاً، أو غيره من الاعتداءات، سواء أتركت آثاراً على جسم الطفل أم لم تترك.

الاعتداء الجنسي
o إن جسمك شيء خاص بك، وخصوصاً الأجزاء التي تغطى بالملابس الداخلية، سواء أكنت ولداً أم بنتاً؛ فإذا طلب منك أحد أو تحايل عليك ليجعلك ترضى بأن يلمس أو يرى أو يصور هذه الأجزاء من جسدك- فإنه يعتدي عليك، وإذا طلب منك أحد أن تلمس أنت أو ترى هذه الأجزاء أو صورها، فهذا أيضاً يعني أنه يعتدي عليك.

o أحياناً، يحتاج طبيبك إلى أن يلمس أعضاءك الخاصة لغرض الكشف الطبي، فهذا لا يعتبر اعتداء.

o عندما يحتاج الأطفال الصغار للاستحمام والتنظيف وهم لا يستطيعون القيام بذلك بأنفسهم، هذه الأنواع من اللمسات لا تعتبر اعتداءً جنسياً؛ فهذه اللمسات العارضة لا تجعل الطفل يخاف أو يشعر بعدم الارتياح.

الاعتداء العاطفي
الاعتداء العاطفي هو أي تصرف ينتج عنه تشويه لنفسية الطفل أو نموه الاجتماعي، هذا النوع من الاعتداء لا يستلزم اللمس، ولكنه يمارس عبر تصرفات أو كلمات جارحة تقال للطفل، ويشمل الآتي:

الصراخ، والشتم، وإطلاق الأسماء المكروهة على الطفل، والمقارنة السلبية بالغير، والتفوه بجمل تحط من شخصية الطفل؛ كالقول "أنت سيئ"، أو "أنت لا تساوى شيئاً"، أو "أنت غلطة".

الإهمال
يقع الإهمال عندما لا يوفر لك ولى أمرك أو من هو مسئول عنك الأساسيات التي تحتاجها للحياة، كالغذاء واللباس والسكن المناسب، فإذا كان المسؤول عنك يحاول أن يوفر لك هذه الأشياء ولكنه لا يستطيع، فهذا لا يعتبر إهمالاً، ولكنه يعتبر إهمالاً إذا كان يمتلك نقوداً ولا ينفقها على الأساسيات الضرورية؛ بل يبخل بها أو ينفقها في أمور أخرى غير أساسية أو محرمة وممنوعة، مثل الكحول أو المخدرات مثلاً.

ولا يعتبر إهمالاً أيضاً، إذا طلبت من والديك أن يشتريا لك لعبة مثلاً أو سيارة ولم يستطيعا أن يلبّيا طلبك؛ لأن الإهمال يقع في عدم تلبية أساسيات الحياة فقط، وقد يقع الإهمال على طفل واحد في العائلة أو قد يقع على جميع أطفال العائلة الواحدة.


ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/amr-abu-khalil/-_12015_b_17027338.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات