الأحد، 25 يونيو 2017

كشف انقسام إدارته.. حصار قطر أظهر عشوائية في المواقف وانقسامات واسعة داخل إدارة ترامب

كشف انقسام إدارته.. حصار قطر أظهر عشوائية في المواقف وانقسامات واسعة داخل إدارة ترامب



منذ لحظة إعلان كل من السعودية والإمارات والبحرين مقاطعتها قطر وفرض الحصار عليها، كانت الأنظار تتجه إلى البيت الأبيض؛ لرصد ردّ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إزاء هذه الخطوة.

وجاء إعلان ترامب، في تغريدة له في اليوم التالي، دعمه الكامل لهذا الحصار، أشبه بشرارة كشفت مع اشتعالها الانقسامات والتباينات في المواقف بين الإدارة الأميركية والبيت الأبيض.










فبعد مباركة ترامب تلك الخطوة، انتقدت وزارتا الخارجية والدفاع الأميركيتان مقاطعة قطر بحدّةٍ سراً وعلناً، وفق ما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية.

وهرع وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، إلى تأكيد الدعم الأميركي المستمر للدوحة؛ وذلك لإدراكه أنَّ الهجمات الجوية الأميركية في سوريا، والعراق، واليمن، وأفغانستان تنطلق من قاعدة العديد العسكرية القريبة من العاصمة القطرية.

وبعد 6 أيام من إعلان ترامب انضمامه إلى الرياض في إدانتها لقطر كـ"مُموِّلةٍ للإرهاب على مستوى مرتفع للغاية"، وقَّع ماتيس صفقة بيع أسلحة للقطريين بقيمة 12 مليار دولار أميركي.

وأصدرت كذلك وزارة الخارجية الأميركية، بياناً وبَّخت فيه بشدةٍ، السعوديين وحلفاءهم في الإمارات، ومصر، والبحرين، وحذَّر وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، التحالف الخليجي، مُشدِّداً على ضرورة أن تكون مطالب التحالف المُقدمَّة إلى قطر "معقولة وقابلة للتنفيذ".

أما الآن وبعد تقديم قائمة تتضمن 13 مطلباً لقطر، وتحديد مهلة قدرها 10 أيام للامتثال لتلك المطالب، يعتمد الكثيرون على المعايير التي سيُحكَم بها على مدى عقلانية تلك المطالب وقابليتها للتنفيذ.

ولم تسمح المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، الخميس 22 يونيو/حزيران، لوسائل الإعلام باستدراجها للإجابة عن ذلك السؤال، وردت قائلةً: "أعتقد أنَّهم (زعماء الخليج) يعلمون جيداً معنى العقلانية وقابلية التنفيذ".




رسائل متباينة وعشوائية






ونادراً ما كانت واشنطن بهذا القدر من الغموض في سياستها؛ بل كانت الإدارة التنفيذية الأميركية تنتهج مقارباتٍ مختلفة تجاه قضايا السياسة الخارجية، ومثالٌ على ذلك موقف إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، تجاه الأزمة السورية، التي كان البيت الأبيض فيها يحاول تجنب المخاطر والتدخل المباشر بخلاف وزارتي الدفاع والخارجية.

إلا أنَّه نادراً ما كانت الخلافات داخل الإدارة الأميركية واضحةً وعلنية بهذا الشكل، ونادراً ما كان يصدر عن الإدارة الأميركية هذا القدر من الرسائل المتباينة والعشوائية. ووضعٌ كهذا أدى إلى زيادة مخاطر سوء تقدير الوضع في أزمةٍ وخلافٍ متفاقم وخطير بالفعل.

يمكن تتبُّع الأزمة الحالية في الإدارة الأميركية مباشرةً إلى أولى رحلات ترامب الخارجية كرئيسٍ للولايات المتحدة الأميركية، وهي رحلته إلى الرياض في 20 مايو/أيار الماضي، حين استقبلته السلطات السعودية بحفاوةٍ شديدة وأمطرته بالمديح.

وبالغ ترامب كذلك في مدح القيادة السعودية، وانحاز بشكلٍ حاسم إلى دول الخليج السُّنية ضد إيران. أمَّا خلف الكواليس، فيبدو أنَّ ترامب قد أعطى الضوء الأخضر ضمنياً أو صراحةً للسعوديين لبدء حملتهم ضد قطر.

وعندما أعلن التحالف الخليجي الذي تقوده السعودية عن حصار قطر، انطلق ترامب على تويتر معلناً تأييده الكامل للأمر؛ ما استثار البنتاغون ووزارة الخارجية الأميركية ودفعهما إلى القيام بعدة إجراءات لتدارك الموقف.

وقال مصدرٌ من معسكر ترامب في الإدارة الأميركية مُطَّلِع على السياسة الأمنية والخارجية: "المناخ العام في البيت الأبيض هو الانحياز إلى جانب السعودية والإمارات والآخرين. هم لا يريدون قيادة هذه الحمل؛، فهي شأنٌ عربي خليجي، لكنَّهم يدعمونها".

وأضاف قائلاً: "ثم وُقِّعَت الاتفاقية بين قطر ووزارة الدفاع الأميركية. وهذه كانت الإشارة الأولى على اختلاف الأمور عن توقعاتنا".

وتابع: "يبدو أنَّ الخلاف كبير للغاية بين موقف البيت الأبيض وبيان الإدارة الأميركية الضبابي وغير الواضح. يجعل هذا الأمر يبدو كأنَّ هناك سياسة خارجية، لكن هناك معارضة لهذه السياسة. وهذا أمرٌ غريب، وغير متوقع".

ويشبه ذلك أيضاً الخلاف في السياسة الأميركية تجاه روسيا والأزمة الأوكرانية، والذي اتضح بشدة خلال زيارة الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو.




مشاكل حقيقية






وقال أيفو دالدار، السفير الأميركي السابق لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو) والرئيس الحالي لمجلس شيكاغو للشؤون العالمية، إنَّ "عدم اتفاق البنتاغون و/أو وزارة الخارجية الأميركية مع البيت الأبيض- أمرٌ سمعنا عنه من قبل".

وأضاف: "لكن الجديد هو وجود رئيس يعبر عن موقفه علانيةً. كانت البيانات في الماضي تخضع للتنسيق بين الوكالات وتوافق عليها جميعاً، ولكن هذا لا يحدث هنا. هذا هو الجديد في الأمر".

وقال دانيال دريزنر، أستاذ السياسة الدولية بكلية فليتشر للقانون والدبلوماسية في جامعة تافتس، إنَّه من المعتاد أن تلعب الأجهزة المختلفة داخل الإدارة الأميركية لعبة "الشرطي الطيب والشرطي الشرير" مع حلفاء أميركا وخصومها كذلك.

وأضاف قائلاً: "ولكن في هذه الحالة، لا يبدو أنَّ هناك عملية رشيدة لصناعة السياسة الأميركية، أو حتى لو كانت هناك عملية رشيدة، فيبدو أنَّها لا تتضمن الرئيس الأميركي".

وحاليّاً، يتولى تيلرسون قيادة الجهود للتوسط في الأزمة القطرية، ولم ينشر ترامب أي تغريداتٍ مثيرة أو تصريحاتٍ عن الأزمة طوال الأسبوعين الماضيين.

ولكن، بخلاف ماتيس الذي فوَّضه ترامب بشكلٍ غير مسبوق في نشر الجنود الأميركيين حول العالم وتشكيل الاستراتيجية العسكرية الأميركية، فتيلرسون يُعَدُّ شخصيةً ضعيفةً نسبياً في الإدارة الأميركية، ورجلاً صدم موظفيه وأشعرهم بالنفور بعد دعمه لتخفيض ميزانية وزارة الخارجية الأميركية بنحو الثلث.

وأضاف دريزنر: "هذه وصفةٌ ستسبب مشاكل حقيقية إن رأى الفاعلون في المنطقة أنَّ وزارة الخارجية الأميركية ليس لها رأيٌ في الأمر، وتوجهوا فقط إلى البيت الأبيض. والرئيس الأميركي ما زالت لديه سلطةٌ هائلة في السياسة الخارجية".






المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/06/25/story_n_17289174.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات